إبراهيم العريس باحث وكاتب
السبت 24 ديسمبر 2022م
كيف نظر ماركس لـ"ماكبث" شكسبير في نص حول ضرورة الشر وإنسانيته؟
لولا الشر لضاعت على الناس فرص عمل كثيرة وبات الإبداع لزوم ما لا يلزم
من تقديم لـ"ماكبث" مسرحية شكسبير "الشريرة" (موقع المسرحية)
هناك أعمال في تاريخ الإبداع لا تحتاج إلى مناسبة محددة كي يستعاد ذكرها. ومع ذلك لا يعدم الأمر مناسبة تفرض تلك الاستعادة فرضاً. ومن تلك الأعمال مسرحية "ماكبث" لشكسبير التي يستحيل على من يقيض له أن يستذكر تلك الدراسة المهمة إنما نصف– المجهولة لكارل ماركس والمتحدثة عن ضرورة الشر في الحياة الإنسانية، من دون أن تكون "ماكبث" أول ما يخطر في باله من أعمال إبداعية تكاد تفسر تماماً ما أراد ماركس أن يقوله. فصاحب "رأس المال" الذي يدفن وينعى مرات ومرات منذ عقود، يقول في تلك الدراسة التي كان "الماركسيون الأقحاح" أنفسهم أول من حجبها بستار سميك، إن "الشر لازم في حياة الإنسان لزوم الإنسان نفسه". وهو بعد أن يرسم صورة بالغة الدقة والطرافة لعالم لا شر فيه وكيف أن ذلك العالم سيكون مملاً وخالياً من فرص العمل التي ينتج عن وجود الشر فيه عادة، من بناء السجون وصناعة الإقفال إلى عمل المحامين والقضاة ورجال الشرطة تدرجاً حتى الوصول إلى الأعمال الإبداعية التي لن تكون مهمة لولا وجود الشر في العالم، يواصل حديثه هنا برهافة وذكاء تاركاً قارئه يتساءل: ترى لو تأملنا العدد الأكبر من الأعمال الإبداعية في تاريخ الفن وتساءلنا عن العمل الذي يمكن أن يكون من بينها جميعاً، الأكثر امتلاء بالشر، وربما أيضاً الأكثر "احتفالاً" به حتى من دون أن يكون محبذاً له، أفلن نجدنا حائرين أمام تلك المسرحية الشكسبيرية الرائعة التي لا تزال حتى اليوم بعد قرون طويلة مرت على تقديمها للمرة الأولى في حياة صاحبها، شاعر الإنجليز الأكبر، وتعتبر واحدة من أكثر المسرحيات حداثة ومعاصرة وتعبيراً، إلى درجة أن فنانين كثراً من بعد شكسبير اقتبسوها لتتماشى مع أزمانهم فاجتازت الامتحان بنجاح مذهل. مسرحية "ماكبث" تحتل هذه المكانة، بل أكثر من ذلك تحتل مكانة العمل الفني الأكثر تماشياً مع أطروحة ماركس هذه؟
تعليق