الوطواط يطير ويهتدي .. ولو قلعت عيناه اقتلاعا
انه يطير في الظلام الدامس فلا يصدم شيئا ولا يصدمه شيء .
وقد أطلقوا الوطاويط في حجرة نصبوا فيها الحبال متعامدة متصالبة ، وطارت بها الوطاويط فلم تمس حبلا منها .
وعلم الباحثون أنه لا تستطيع عين ترى أن تلاحق سرعة الطيران هذه الخارقة ، فتمكن الوطواط من تفادي العقبات .
واذا شكلوا في العين أداة للهدي . وحجبوا العينين بشرائط مصموغة ، وظلت الوطاويط رغم ذلك تطير على العهد بها . ولما سدوا آذانها اضطربت أحوالها واختلت واختلت حركاتها .
- تجارب فظيعة
وقبل ذلك ، في أواخر القرن الثامن عشر ، أجرى العالم الايطالي الكبير ، اسبلنزاني Spallanzani الشهير بخصومته لبستور في شئون مكروباته ونظرياته ، أجرى هذا العالم الايطالي تجارب على الوطاويط نسيها العلماء حتى جاء القرن العشرون ، فذكروها .
وهي تجارب ، والحق يقال ، فظيعة . تضمنت ضحايا ، ولكنها ضحايا أفادت العلم كثيرا .
جاء اسبلنزاني بوطاويطه ، وقلع أعينها . وكان مأواها برج الأجراس بمدينة بافيا بايطاليا ، ثم أطلقها . وطارت كعادتها ، لا يصدمها شيء ، ولا تصطدم بشيء . فكأن العينين ظلتا باقيتين في محجريهما . وعادت الوطاويط الى نفس مأواها ببرج الأجراس ، وحطت هناك كعادتها .
وقام اسبلنزاني اليها ، وبقر بطونها ، فوجد أنها مليئة بالحشر الذي صادته ووجد بها الحصيلة الوافرة المعتادة من الصيد .
اذن ليست هي بالعين في الظلام تسير ، ولا هي بها تتقي العقبات ، ولا هي بها تلتهم الحشرات .
- وزادوا طيران الليل هذا ، في الظلام ، دراسة
وفي هذا العصر الحديث ، العصر الالكتروني ، زادوا هذا الموضوع دراسة فخرجوا بالأعاجيب .
خرجوا بأن الوطواط يخرج أصواتا ذات ذبذبات عالية .
ان أوطأ صوت نغمة يخرجه البيان Piano ، اداة الموسيقى المعروفة ، ينشأ عن ۲۷ ذبذبة في الثانية ، وأرفع صوت نغمة يخرجه البيان ينشأ عن ٤٠٠٠ ذبذبة .
والأذن الانسانية لا تدرك النغمة التي تنقص ذبذبتها عن ١٦ في الثانية ، ولا التي تزيد على ۲۰۰۰۰ في الثانية . والوطواط يخرج أصواتا ، تمتد أمامه ، ثم تنعكس على ما تنعكس عليه أصداء تحسنها اذنه ، فتهديه الطريق .أو تكشف له موضع الطعام .
وهذه الأصوات تخرج من الوطواط نبضات . نبضة من بعد نبضة ، تأذن للصدى أن يرتد .
وهي اصوات لها ذبذبات عالية ، مائة ألف ذبذبة في الثانية مثلا . فهي فوق ما تسمعه أذن الانسان . وهي نبضة لا تستمر أكثر من نحو جزأين من ألف جزء من الثانية . وفي أذن الوطواط الحس الكافي لادراك هذه النبضات عندما ترتد صدى .
وطول الموجة الصوتية التي تخرجها الوطاويط تتراوح بين عشر البوصة والبوصة الواحدة ، وهي كأطوال الحشر الذي لا بد أن تكشفه الوطاويط في طيرانها .
ويتألف من الوطواط من مساحات كبيرة متصلة بشئون السمع هذه ، أكثر مما بها من مساحة متصلة بشئون البصر .
- تناسق
وهذا الائتلاف ، وهذا التوافق ، وهذا التناسق ، واقع بين أمور ليس من ميسور البشر العادي تفهمها تفهما سهلا هينا .
ان في كل هذا ردا قاطعا على من زعم أن الخلق نشأ هكذا طبعا . فما عرفنا أن الطبع يدخل في الأشياء كل هذا العمق ، بكل هذا العلم ، وبكل هذا الفن ، وبكل هذا التعقد والتركب ، وانه يشمل لا مخلوقا واحدا ، هو الوطواط ، ولكن مخاليق أخرى ، هي الحشرات ، ويشمل بيئة بذاتها ، بها شجر ، وبها حجر ، وبها هواء ، وبها ليل وبها نهار ، وبها عمى وبها ابصار .
- بين السونار والرادار
ان العلم الحديث اهتدى الى ما أسماه السونار sonar ، فاذا أرادت سفينة حربية أن تكشف عن غواصة في المحيط ، أرسلت عبر الماء أصواتا ذات ذبذبات عالية ، فاذا هي التقت بالفواصة ، وارتد صداها الى السفينة ، عرف القائمون على السونار كم بعدها . وذلك من المدة التي قضاها الصوت في ذهابه وايابه .
والعلم الحديث اهتدى كذلك الى الرادار . وهو موجات لاسلكية عالية التردد كذلك ( طول الموجة دون المتر ) يطلقها رجال الدفاع في السماء ، نبضات فاذا كان في السماء طائرة للأعداء ، ردت هذه الموجات صدى . والزمن الذي يمضي بين النبضة اللاسلكية وصداها ، وهي أجزاء من الثانية صغيرة جدا ، يدل على بعد الطائرة من موقع الرقابة الحربية هذا .
فالجهاز الذي يستخدمه الوطواط ليكشف عن أجسام طائرة في ظلام ليل ، شبيه بجهاز يستخدمه العلماء . في الكشف عن أجسام لا تراها العين في سماء أو في ماء .
وجهاز الوطواط أشبه بالسونار منه بالرادار .
وان يكن السونار نتيجة من انتجة الحرب العالمية هذه الماضية ، فلم يمض على استخدامه عشرات من السنين ، فسونار الوطواط مضى على استخدامه اياه من السنين ملايين .
( هذا وطواط يطير بأقصى سرعته ، وفمه مفتوح يتلقى فيه ما يجمع من حشر طائر . وترى في جناحيه ذراعيه والأصابع ، وكذلك رجليه أما الشيئان الخارجان من الجناحين فالابهامان ، والخارج من الناحية الأخرى فالذيل )
( ذراع الانسان وذراع الوطواط ، وما بهما من عظام. والشبه واضح لا يحتاج الى بيان وانظر الى ابهام الوطواط كيف برز وشذ عن سائر الأصابع . ان الوطواط يستخدم ابهاميه اذا هو مشى زحفا على الأرض )
انه يطير في الظلام الدامس فلا يصدم شيئا ولا يصدمه شيء .
وقد أطلقوا الوطاويط في حجرة نصبوا فيها الحبال متعامدة متصالبة ، وطارت بها الوطاويط فلم تمس حبلا منها .
وعلم الباحثون أنه لا تستطيع عين ترى أن تلاحق سرعة الطيران هذه الخارقة ، فتمكن الوطواط من تفادي العقبات .
واذا شكلوا في العين أداة للهدي . وحجبوا العينين بشرائط مصموغة ، وظلت الوطاويط رغم ذلك تطير على العهد بها . ولما سدوا آذانها اضطربت أحوالها واختلت واختلت حركاتها .
- تجارب فظيعة
وقبل ذلك ، في أواخر القرن الثامن عشر ، أجرى العالم الايطالي الكبير ، اسبلنزاني Spallanzani الشهير بخصومته لبستور في شئون مكروباته ونظرياته ، أجرى هذا العالم الايطالي تجارب على الوطاويط نسيها العلماء حتى جاء القرن العشرون ، فذكروها .
وهي تجارب ، والحق يقال ، فظيعة . تضمنت ضحايا ، ولكنها ضحايا أفادت العلم كثيرا .
جاء اسبلنزاني بوطاويطه ، وقلع أعينها . وكان مأواها برج الأجراس بمدينة بافيا بايطاليا ، ثم أطلقها . وطارت كعادتها ، لا يصدمها شيء ، ولا تصطدم بشيء . فكأن العينين ظلتا باقيتين في محجريهما . وعادت الوطاويط الى نفس مأواها ببرج الأجراس ، وحطت هناك كعادتها .
وقام اسبلنزاني اليها ، وبقر بطونها ، فوجد أنها مليئة بالحشر الذي صادته ووجد بها الحصيلة الوافرة المعتادة من الصيد .
اذن ليست هي بالعين في الظلام تسير ، ولا هي بها تتقي العقبات ، ولا هي بها تلتهم الحشرات .
- وزادوا طيران الليل هذا ، في الظلام ، دراسة
وفي هذا العصر الحديث ، العصر الالكتروني ، زادوا هذا الموضوع دراسة فخرجوا بالأعاجيب .
خرجوا بأن الوطواط يخرج أصواتا ذات ذبذبات عالية .
ان أوطأ صوت نغمة يخرجه البيان Piano ، اداة الموسيقى المعروفة ، ينشأ عن ۲۷ ذبذبة في الثانية ، وأرفع صوت نغمة يخرجه البيان ينشأ عن ٤٠٠٠ ذبذبة .
والأذن الانسانية لا تدرك النغمة التي تنقص ذبذبتها عن ١٦ في الثانية ، ولا التي تزيد على ۲۰۰۰۰ في الثانية . والوطواط يخرج أصواتا ، تمتد أمامه ، ثم تنعكس على ما تنعكس عليه أصداء تحسنها اذنه ، فتهديه الطريق .أو تكشف له موضع الطعام .
وهذه الأصوات تخرج من الوطواط نبضات . نبضة من بعد نبضة ، تأذن للصدى أن يرتد .
وهي اصوات لها ذبذبات عالية ، مائة ألف ذبذبة في الثانية مثلا . فهي فوق ما تسمعه أذن الانسان . وهي نبضة لا تستمر أكثر من نحو جزأين من ألف جزء من الثانية . وفي أذن الوطواط الحس الكافي لادراك هذه النبضات عندما ترتد صدى .
وطول الموجة الصوتية التي تخرجها الوطاويط تتراوح بين عشر البوصة والبوصة الواحدة ، وهي كأطوال الحشر الذي لا بد أن تكشفه الوطاويط في طيرانها .
ويتألف من الوطواط من مساحات كبيرة متصلة بشئون السمع هذه ، أكثر مما بها من مساحة متصلة بشئون البصر .
- تناسق
وهذا الائتلاف ، وهذا التوافق ، وهذا التناسق ، واقع بين أمور ليس من ميسور البشر العادي تفهمها تفهما سهلا هينا .
ان في كل هذا ردا قاطعا على من زعم أن الخلق نشأ هكذا طبعا . فما عرفنا أن الطبع يدخل في الأشياء كل هذا العمق ، بكل هذا العلم ، وبكل هذا الفن ، وبكل هذا التعقد والتركب ، وانه يشمل لا مخلوقا واحدا ، هو الوطواط ، ولكن مخاليق أخرى ، هي الحشرات ، ويشمل بيئة بذاتها ، بها شجر ، وبها حجر ، وبها هواء ، وبها ليل وبها نهار ، وبها عمى وبها ابصار .
- بين السونار والرادار
ان العلم الحديث اهتدى الى ما أسماه السونار sonar ، فاذا أرادت سفينة حربية أن تكشف عن غواصة في المحيط ، أرسلت عبر الماء أصواتا ذات ذبذبات عالية ، فاذا هي التقت بالفواصة ، وارتد صداها الى السفينة ، عرف القائمون على السونار كم بعدها . وذلك من المدة التي قضاها الصوت في ذهابه وايابه .
والعلم الحديث اهتدى كذلك الى الرادار . وهو موجات لاسلكية عالية التردد كذلك ( طول الموجة دون المتر ) يطلقها رجال الدفاع في السماء ، نبضات فاذا كان في السماء طائرة للأعداء ، ردت هذه الموجات صدى . والزمن الذي يمضي بين النبضة اللاسلكية وصداها ، وهي أجزاء من الثانية صغيرة جدا ، يدل على بعد الطائرة من موقع الرقابة الحربية هذا .
فالجهاز الذي يستخدمه الوطواط ليكشف عن أجسام طائرة في ظلام ليل ، شبيه بجهاز يستخدمه العلماء . في الكشف عن أجسام لا تراها العين في سماء أو في ماء .
وجهاز الوطواط أشبه بالسونار منه بالرادار .
وان يكن السونار نتيجة من انتجة الحرب العالمية هذه الماضية ، فلم يمض على استخدامه عشرات من السنين ، فسونار الوطواط مضى على استخدامه اياه من السنين ملايين .
( هذا وطواط يطير بأقصى سرعته ، وفمه مفتوح يتلقى فيه ما يجمع من حشر طائر . وترى في جناحيه ذراعيه والأصابع ، وكذلك رجليه أما الشيئان الخارجان من الجناحين فالابهامان ، والخارج من الناحية الأخرى فالذيل )
( ذراع الانسان وذراع الوطواط ، وما بهما من عظام. والشبه واضح لا يحتاج الى بيان وانظر الى ابهام الوطواط كيف برز وشذ عن سائر الأصابع . ان الوطواط يستخدم ابهاميه اذا هو مشى زحفا على الأرض )
تعليق