استئصال الذباب ؟ هيهات
ولقد سمعنا بأن الصين استأصلته . والسماع غير اليقين . ان الذي يبذل لهذه المشكلة من ذهنه ، ومن وقته ، يعلم أنها مسألة لا يمكن أن تحل على الورق ، ولا في الحياة بهذه السهولة التي يريدنا على تصديقها رجال الدعايات .
- الوعي
خذ مثلا عقول الناس ، لاسيما في الأمم المتخلفة ان أكثر الناس لم تر المكروب ، فهي لا تصدق بوجوده . واذن ، فصلة ما بين المكروب وبين أمراض تصيب الناس صلة بعيدة . ثم أن يحمل الذباب هذا المكروب بصنوف الداءات الى الناس ، فكرة هي على خيال الناس أعصى . ولا تقرن أنت ، يا قارئي ، أنت المثقف ، لا تقرن عقلك ، ولا تقرن فهمك ، بعقل وفهم من لم يتثقف من الناس . ان من الناس ، ممن أعرف ، من لا يزال لا يؤمن بأن هناك صاروخا وصل الى القمر . ان هذا عنده
محض افتراء .. اشاعة قوم لا يؤمنون بالله .
فهذه أول عقبة في سبيل استئصال الذباب : افتقاد الوعي ، بافتقاد التعلم والتثقف ، عند الناس .
ولقد يخطر لي ان اضع الأمم ، من حيث الوعي ، درجات ، بمقدار ما أعد على وجوه القوم ، في اليوم الصائف ، ولا سيما على وجوه أطفالهم ، من ذباب .
- المجاري
والعقبة الثانية ما يتخلف عن طبيعة الحياة ، حياة
الناس ، من أشياء .
وأول هذه فضلات الأجسام . فهذه صنعوا لها المجاري في المدن . ولكنهم صنعوها ، وأعني بلاد العرب في المدن الكبيرة فحسب . وهي لم تعم الأحياء كلها في كل هذه المدن . ومدن الريف أغفلت اغفالا . ووراء ذلك قلة المال . ووراء ذلك قرون من التخلف طويلة .
- فضلات الطعام
وثاني هذه الفضلات فضلات الطعام ، من ورق ، وخضر ، وعظم ، ولحم ، ونفايات من كل صنف فهذه ماذا صنعوا بها ؟
بعض الأمم جعل من هذه الفضلات مادة للردم ، یردمون بها منخفضات في الأرض . يفرشونها بالمترين من هذه الفضلات ، ويغطونها بالتربة ، ويتركونها حتى يختمر فيها ما يختمر ، ويسخن . فاذا برد فتلك شارة التمام. ويهيلون عليها طبقة أخرى من بعد طبقة . فاذا بلغ المنخفض مستوى معلوما ، كفوا . وجعلوا من هذه المنخفضات ملاعب وحدائق للناس .
وبعض الأمم رأى أن يصنف هذه الفضلات ، ويفرزها أنواعا : ورقا ، ومعادن ، وخضرا ، وعظاما
ولحما .. وهم من بعد فرز ينتفعون بها انتفاعا . ولقد رأيت بعيني في بعض مدن المانيا ، من سنوات بعيدة ، عند باب كل بيت ، صنوفا من غلب تلقى فيها هذه النفايات ثلاثا ، بعضا للورق ، وبعضا للمعدن ، وبعضا لغير ذلك . أنهم تركوا لأهل البيت فرز نفاياهم. ولكن هذه تحتاج من أرباب البيوت وعيا لا أحسب كثيرا من الأمم بلغ مبلغه .
- طعمة للنار
وبعض الأمم رأى ان في هذا الفرز مشقة . ورأى فيه نفقة لا تحتمل . فهم يقومون على احراقه كله ، بكل ما فيه ، حتى لا تبقى منه بقية تنتفع بها ذبابة أو ينتفع فأر . وما أكثر الفئران في المزابل .
كل هذه وسائل ناجحة ، لو قام كل بنصيبه فيها .
لو قام أرباب البيوت وقام رجال الصحة والادارة .
وننظر في البلاد العربية فكم نعد من علبة للفضلات عند أبواب المساكن فيها . وكم من البلديات قامت بتفريق هذه العلب على المساكن ، وتنظيم جمعها كل يوم ، وحملها الى حيث تقلب في المقالب خارج المدن .
نعد القليل .
ونعود نقول انه الوعي القليل ، والفقر الكثير ، وقلة ادراك بعض رجال الصحة . ان نفقة ، مهما كبرت ، لن تزيد أبدا على خسارة تصيب الأمة بمرض رجالها والعاملين فيها .
- مقالب القمامات
والمقالب خارج المدن ، كم منها يحرق ، وكم يترك بلا حرق . وكم ينتظر الحرق فلا يجيء الا بعد أن اتخدت منه ملايين الذباب مساكن . وسبب آخر ، انه حتى هؤلاء القائمون على الحريق لا يعون الذي يعملون وعيا كاملا ولا يكادون يؤمنون .
وغير المساكن ، الأسواق . أسواق خضر ، أسواق لحم . أسواق سمك . ونعود نسأل كم من القائمين عليها رأى المكروب ، وآمن به ، بل کم تعلم ؟
وهذا كله في المدن ، فما بال الريف . ما بال زرائبه ومساكن للناس كالزرائب . وان كان علم المدن قليل . وهو غير نافع ، فما بال علم الريف .
- استئصال الذباب اليوم عسير
ان استئصال الذباب ، وبالطبع استئصال أمراض تصيب الناس عن سبيله ، أمر غير جائز عقلا وحالنا هي ما نرى .
وانما الذي يجوز هو خفض أعداد الذباب ، وذلك
بنشر العلم الصحي في الناس .
والناس دائما تنعى على الحكومات أنها لا تفعل . والحق أن الحكومات تستطيع أن تصنع أكثر مما صنعت وتضبط من أمر القمامات أكثر مما ضبطت . وأن تقوم بالرقابة على تجميعها وحرقها أكثر مما راقبت وتنفق في ذلك أكثر مما أنفقت . كل هذا حق . ولكن من الحق أيضا أن الجمهور لا بد أن يعين .
انها الأجيال الماضية يجني ثمارها المرة هذا الجيل الحاضر .
مِضرب الذباب
ثم مضرب الذباب ، وهو لا ينفع الا في الحجرة التي بها ذبابات قليلة . أما في الحجرة التي بها ذبابات كثيرة ، تصبح مطاردة الذباب بالمضارب مشغلة الأسرة كلها كل الوقت . وأهل العلم بالحشر ينصحون في أمـــر المضرب ، لكي يصيب الذبابة ، أن يحرره الضارب ، لا على مقدمة الذبابة ، أو في مقدمتها بعيدا عن رأسها قليلا ، وانما نحو مؤخرتها ، وبعيدا عن هذه المؤخرة بنحو سنتيمتر . ذلك ان الذبابة ، عندما تهم بالطيران ، تتراجع أولا قليلا ، ثم تتقدم . فبهذا يقضي تركيب جسمها وأرجلها .
ولقد سمعنا بأن الصين استأصلته . والسماع غير اليقين . ان الذي يبذل لهذه المشكلة من ذهنه ، ومن وقته ، يعلم أنها مسألة لا يمكن أن تحل على الورق ، ولا في الحياة بهذه السهولة التي يريدنا على تصديقها رجال الدعايات .
- الوعي
خذ مثلا عقول الناس ، لاسيما في الأمم المتخلفة ان أكثر الناس لم تر المكروب ، فهي لا تصدق بوجوده . واذن ، فصلة ما بين المكروب وبين أمراض تصيب الناس صلة بعيدة . ثم أن يحمل الذباب هذا المكروب بصنوف الداءات الى الناس ، فكرة هي على خيال الناس أعصى . ولا تقرن أنت ، يا قارئي ، أنت المثقف ، لا تقرن عقلك ، ولا تقرن فهمك ، بعقل وفهم من لم يتثقف من الناس . ان من الناس ، ممن أعرف ، من لا يزال لا يؤمن بأن هناك صاروخا وصل الى القمر . ان هذا عنده
محض افتراء .. اشاعة قوم لا يؤمنون بالله .
فهذه أول عقبة في سبيل استئصال الذباب : افتقاد الوعي ، بافتقاد التعلم والتثقف ، عند الناس .
ولقد يخطر لي ان اضع الأمم ، من حيث الوعي ، درجات ، بمقدار ما أعد على وجوه القوم ، في اليوم الصائف ، ولا سيما على وجوه أطفالهم ، من ذباب .
- المجاري
والعقبة الثانية ما يتخلف عن طبيعة الحياة ، حياة
الناس ، من أشياء .
وأول هذه فضلات الأجسام . فهذه صنعوا لها المجاري في المدن . ولكنهم صنعوها ، وأعني بلاد العرب في المدن الكبيرة فحسب . وهي لم تعم الأحياء كلها في كل هذه المدن . ومدن الريف أغفلت اغفالا . ووراء ذلك قلة المال . ووراء ذلك قرون من التخلف طويلة .
- فضلات الطعام
وثاني هذه الفضلات فضلات الطعام ، من ورق ، وخضر ، وعظم ، ولحم ، ونفايات من كل صنف فهذه ماذا صنعوا بها ؟
بعض الأمم جعل من هذه الفضلات مادة للردم ، یردمون بها منخفضات في الأرض . يفرشونها بالمترين من هذه الفضلات ، ويغطونها بالتربة ، ويتركونها حتى يختمر فيها ما يختمر ، ويسخن . فاذا برد فتلك شارة التمام. ويهيلون عليها طبقة أخرى من بعد طبقة . فاذا بلغ المنخفض مستوى معلوما ، كفوا . وجعلوا من هذه المنخفضات ملاعب وحدائق للناس .
وبعض الأمم رأى أن يصنف هذه الفضلات ، ويفرزها أنواعا : ورقا ، ومعادن ، وخضرا ، وعظاما
ولحما .. وهم من بعد فرز ينتفعون بها انتفاعا . ولقد رأيت بعيني في بعض مدن المانيا ، من سنوات بعيدة ، عند باب كل بيت ، صنوفا من غلب تلقى فيها هذه النفايات ثلاثا ، بعضا للورق ، وبعضا للمعدن ، وبعضا لغير ذلك . أنهم تركوا لأهل البيت فرز نفاياهم. ولكن هذه تحتاج من أرباب البيوت وعيا لا أحسب كثيرا من الأمم بلغ مبلغه .
- طعمة للنار
وبعض الأمم رأى ان في هذا الفرز مشقة . ورأى فيه نفقة لا تحتمل . فهم يقومون على احراقه كله ، بكل ما فيه ، حتى لا تبقى منه بقية تنتفع بها ذبابة أو ينتفع فأر . وما أكثر الفئران في المزابل .
كل هذه وسائل ناجحة ، لو قام كل بنصيبه فيها .
لو قام أرباب البيوت وقام رجال الصحة والادارة .
وننظر في البلاد العربية فكم نعد من علبة للفضلات عند أبواب المساكن فيها . وكم من البلديات قامت بتفريق هذه العلب على المساكن ، وتنظيم جمعها كل يوم ، وحملها الى حيث تقلب في المقالب خارج المدن .
نعد القليل .
ونعود نقول انه الوعي القليل ، والفقر الكثير ، وقلة ادراك بعض رجال الصحة . ان نفقة ، مهما كبرت ، لن تزيد أبدا على خسارة تصيب الأمة بمرض رجالها والعاملين فيها .
- مقالب القمامات
والمقالب خارج المدن ، كم منها يحرق ، وكم يترك بلا حرق . وكم ينتظر الحرق فلا يجيء الا بعد أن اتخدت منه ملايين الذباب مساكن . وسبب آخر ، انه حتى هؤلاء القائمون على الحريق لا يعون الذي يعملون وعيا كاملا ولا يكادون يؤمنون .
وغير المساكن ، الأسواق . أسواق خضر ، أسواق لحم . أسواق سمك . ونعود نسأل كم من القائمين عليها رأى المكروب ، وآمن به ، بل کم تعلم ؟
وهذا كله في المدن ، فما بال الريف . ما بال زرائبه ومساكن للناس كالزرائب . وان كان علم المدن قليل . وهو غير نافع ، فما بال علم الريف .
- استئصال الذباب اليوم عسير
ان استئصال الذباب ، وبالطبع استئصال أمراض تصيب الناس عن سبيله ، أمر غير جائز عقلا وحالنا هي ما نرى .
وانما الذي يجوز هو خفض أعداد الذباب ، وذلك
بنشر العلم الصحي في الناس .
والناس دائما تنعى على الحكومات أنها لا تفعل . والحق أن الحكومات تستطيع أن تصنع أكثر مما صنعت وتضبط من أمر القمامات أكثر مما ضبطت . وأن تقوم بالرقابة على تجميعها وحرقها أكثر مما راقبت وتنفق في ذلك أكثر مما أنفقت . كل هذا حق . ولكن من الحق أيضا أن الجمهور لا بد أن يعين .
انها الأجيال الماضية يجني ثمارها المرة هذا الجيل الحاضر .
مِضرب الذباب
ثم مضرب الذباب ، وهو لا ينفع الا في الحجرة التي بها ذبابات قليلة . أما في الحجرة التي بها ذبابات كثيرة ، تصبح مطاردة الذباب بالمضارب مشغلة الأسرة كلها كل الوقت . وأهل العلم بالحشر ينصحون في أمـــر المضرب ، لكي يصيب الذبابة ، أن يحرره الضارب ، لا على مقدمة الذبابة ، أو في مقدمتها بعيدا عن رأسها قليلا ، وانما نحو مؤخرتها ، وبعيدا عن هذه المؤخرة بنحو سنتيمتر . ذلك ان الذبابة ، عندما تهم بالطيران ، تتراجع أولا قليلا ، ثم تتقدم . فبهذا يقضي تركيب جسمها وأرجلها .
تعليق