العناكب .. يد تعمل فيها ، يد تعمل في الخلق جميعا ، وعلى مثال واحد .
إذا أنا ذكرت العنكبوت ، فسوف تتصور ، یا سامع هذا اللفظ مني ، صورة العنكبوت ، ولكنك سوف تتصور معها صورة أخرى لا تكاد تنفصل عنها ، تلك صورة بيت العنكبوت ، وهو من نسیج .
ان الدارس للعناكب ، يجد فيها من أشباه ما يجد في سائر الحيوانات الشيء الكثير ، ولكن ليس كنسيج ينسجه العنكبوت ، وليس كفاية يبتغيها العنكبوت من نسجه .
ان العنكبوت ، في صنع نسيجه ، وفي غزله من قبل نسج ، وفي أدراره مادة الغزل من قبل غزل ، كما تدر الأم لبنها ، وفي الثدي أو الأثداء التي منها استدر ما استدر ، هذا العنكبوت قدم للانسان ، ذي الرأس الأكبر والعقل الأتم والفكر الأوسع ، والأقدر ، وهو المخلوق ، على فهم كيف خلق وخلقت الخلائق من حوله، قدم له انموذجا صغيرا ، قدر عقلة الأصبع الصغير ، بل أصغر ، تمثل فيه الصنع كيف يكون ، والابداع الى أي حد يصل ، وهندسة البناء ، حتى في من نبخل عليهم بالذكاء من الأحياء ، الى أي درجة تبلغ . انها تبلغ مبلغا يعجز عنه الانسان ، سيد الخلائق ، بالذي وهبه من عقل ، ودقة فكر ، وبراعة يد وكف ، ويعجز عجزا بالغا كبيرا .
انه عجز ، في نوعه وفي مقداره ، يذكرنا بالعجز الذي نبهت اليه الآية الكريمة :
يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له : « ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ، وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ، ضعف الطالب والمطلوب » .
وعجز الانسان عن مجاراة الذبابة فيما تصنع ، عجز ضخامة عن مجاراة ضالة وصفر . ولكن عجز الانسان عن محاكاة العنكبوت فيما يصنع ، عجز افتقاد جهاز يصنع خيطا ، و « فكر » ينظم بيتا ، وأعضاء تتجاوب مع حاجة البناء ، فتعطي الخيط الرطب حينا ، والجاف حينا ، وكل هذا في عالم صغير ، يحاول الانسان أن يراه فلا يستطيع الا من وراء عدسة .
ونبدأ الحديث بذكر شيء عن العناكب في ايجاز كثير : ما هي ، وأين تقع من الخلائق ، وأين من الانسان ؟
- العناكب في مملكة الحيوان
ان مملكة الحيوان تنقسم الى شعب كبيرة Phylum Plyla .
وكل شعبة من هذه تتفرع الى طوائف عدة Classes.
وكل طائفة من هذه تتفرع الى رتب كثيرة Orders.
وكل رتبة من هذه تتفرع الى فصائل Families.
وكل فصيلة تتفرع الى جنس Genus
جنس يتفرع الى نوع Sepies
والعناكب بشتى صنوفها تكون رتبة من رتب
الحيوان تعرف بالعناكب Spiders .
والعقارب رتبة من رتب الحيوان تعرف بالعقارب Scorpions .
والرتبتان تجمعهما ، مع أشباه لهما ، طائفة واحدة،
تعرف بأشباه العناكب Arachnids
ولهذه الطائفة طائفة تناظرها ، هي طائفة الحشرات Insects .
ونقول تناظرها لأنهما تجمعهما شعبة واحدة هي
شعبة ذات الأرجل المفصلية Arthropods .
فهذه علاقة ما بين العناكب والعقارب والحشرات ،
ان استعجمت عما تألف يا قارئي ، فاصرف النظر عنها .
وانما ذكرتها لغايات منها : أن أبين أن معنى الحشر في العلم غيره في العرف الشائع ، فالعنكبوت والعقرب وصنوفهما ليست بحشر ، وانما الحشر الصراصير ، والخنافس ، ونمل ، والبعوض ، والقمل ، والبراغيث وانواع بلغت فوق النصف مليون عداً ، ليس منها حسب النظام الخلقي لأبدانها ، العناكب ولا العقارب ، ولا الكثير
مما يطلق عليه عامة الناس حشرا ، فكل ما ضر عند بعضهم حشر ، حتى الثعابين .
صنفان من العناكب .
عنكبوت يلف ذبابة بخيوط من نسيجه لزجة .
- أجسام العناكب
ابرازا للوحدة الكائنة في الخلائق جميعا يحسن بنا دائما أن نرد الأجسام جميعا ودائما الى الجسم
الذي اكتمل اعضاء ، وتخصص وظائف ، وبلغ الغاية التي نعرف ، فهو قياس الحياة ، وميزان الجودة في الخلق على هذه الأرض ، ذلك جسم الانسان . تماما كما نرد الكوخ الحقير والبيت الصغير الى القصر المنيف لنبين أن هندسة البناء نشأت واحدة ، ثم تطورت ، ومع هذا بقيت أصولها وأهدافها ، التي هي أهداف العيش والوفاء بمطالبه ، واحدة .
وجسم الانسان رأس وصدر وبطن وأطراف ، ولتوكيد انفصال الصدر عن البطن كان هناك ما أسميناه بالحجاب الحاجز، وهو يحجز صدرا عن بطن ، والأطراف للحركة ، ولأداء واجبات أخرى من واجبات العيش .
والحشر ، وهو في أوطأ مدارج الحيوان ، رأس وصدر وبطن وأطراف . والأطراف هنا أيضا للحركة ، ولأداء واجبات أخرى من واجبات العيش .
والعناكب ، وهي من نظائر الحشر كما قدمنا ،
تتألف من رأس وصدر وبطن وأطراف ، فالهندسة واحدة ، سوى أن الرأس والصدر التحما فكانا شيئا واحدا ومع هذا فقد بقيت في الظهر علامة تدل على حيث كان ينفصل الرأس عن الصدر أو أنه أريد لهما انفصال .
والصدر في العناكب يصله بالبطن خصر ظاهر كأنما يريد أن يعوض عن التحام وقع بين رأس وصدر .
والأطراف ذات مفاصل ، فالعناكب كالعقارب ،
وكالحشر ، من المفصليات ، أي ذوات الأرجل المفصلية انها للحركة فهي في حاجة الى مفاصل . ضرورة واحدة في كل هذه المخلوقات وأمثالها جعلت المفصل بعض هندسة البناء . كالمفصل الذي هو ضروري للباب في البيت الصغير والبيت الكبير على السواء .
وللعناكب أربعة أزواج من الأرجل تخرج من الصدر . وكذا العقارب وذوات الأرجل المفصلية وهذا يميزها عن الحشرات ، فهذه لها ثلاثة أزواج فقط .
إذا أنا ذكرت العنكبوت ، فسوف تتصور ، یا سامع هذا اللفظ مني ، صورة العنكبوت ، ولكنك سوف تتصور معها صورة أخرى لا تكاد تنفصل عنها ، تلك صورة بيت العنكبوت ، وهو من نسیج .
ان الدارس للعناكب ، يجد فيها من أشباه ما يجد في سائر الحيوانات الشيء الكثير ، ولكن ليس كنسيج ينسجه العنكبوت ، وليس كفاية يبتغيها العنكبوت من نسجه .
ان العنكبوت ، في صنع نسيجه ، وفي غزله من قبل نسج ، وفي أدراره مادة الغزل من قبل غزل ، كما تدر الأم لبنها ، وفي الثدي أو الأثداء التي منها استدر ما استدر ، هذا العنكبوت قدم للانسان ، ذي الرأس الأكبر والعقل الأتم والفكر الأوسع ، والأقدر ، وهو المخلوق ، على فهم كيف خلق وخلقت الخلائق من حوله، قدم له انموذجا صغيرا ، قدر عقلة الأصبع الصغير ، بل أصغر ، تمثل فيه الصنع كيف يكون ، والابداع الى أي حد يصل ، وهندسة البناء ، حتى في من نبخل عليهم بالذكاء من الأحياء ، الى أي درجة تبلغ . انها تبلغ مبلغا يعجز عنه الانسان ، سيد الخلائق ، بالذي وهبه من عقل ، ودقة فكر ، وبراعة يد وكف ، ويعجز عجزا بالغا كبيرا .
انه عجز ، في نوعه وفي مقداره ، يذكرنا بالعجز الذي نبهت اليه الآية الكريمة :
يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له : « ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ، وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ، ضعف الطالب والمطلوب » .
وعجز الانسان عن مجاراة الذبابة فيما تصنع ، عجز ضخامة عن مجاراة ضالة وصفر . ولكن عجز الانسان عن محاكاة العنكبوت فيما يصنع ، عجز افتقاد جهاز يصنع خيطا ، و « فكر » ينظم بيتا ، وأعضاء تتجاوب مع حاجة البناء ، فتعطي الخيط الرطب حينا ، والجاف حينا ، وكل هذا في عالم صغير ، يحاول الانسان أن يراه فلا يستطيع الا من وراء عدسة .
ونبدأ الحديث بذكر شيء عن العناكب في ايجاز كثير : ما هي ، وأين تقع من الخلائق ، وأين من الانسان ؟
- العناكب في مملكة الحيوان
ان مملكة الحيوان تنقسم الى شعب كبيرة Phylum Plyla .
وكل شعبة من هذه تتفرع الى طوائف عدة Classes.
وكل طائفة من هذه تتفرع الى رتب كثيرة Orders.
وكل رتبة من هذه تتفرع الى فصائل Families.
وكل فصيلة تتفرع الى جنس Genus
جنس يتفرع الى نوع Sepies
والعناكب بشتى صنوفها تكون رتبة من رتب
الحيوان تعرف بالعناكب Spiders .
والعقارب رتبة من رتب الحيوان تعرف بالعقارب Scorpions .
والرتبتان تجمعهما ، مع أشباه لهما ، طائفة واحدة،
تعرف بأشباه العناكب Arachnids
ولهذه الطائفة طائفة تناظرها ، هي طائفة الحشرات Insects .
ونقول تناظرها لأنهما تجمعهما شعبة واحدة هي
شعبة ذات الأرجل المفصلية Arthropods .
فهذه علاقة ما بين العناكب والعقارب والحشرات ،
ان استعجمت عما تألف يا قارئي ، فاصرف النظر عنها .
وانما ذكرتها لغايات منها : أن أبين أن معنى الحشر في العلم غيره في العرف الشائع ، فالعنكبوت والعقرب وصنوفهما ليست بحشر ، وانما الحشر الصراصير ، والخنافس ، ونمل ، والبعوض ، والقمل ، والبراغيث وانواع بلغت فوق النصف مليون عداً ، ليس منها حسب النظام الخلقي لأبدانها ، العناكب ولا العقارب ، ولا الكثير
مما يطلق عليه عامة الناس حشرا ، فكل ما ضر عند بعضهم حشر ، حتى الثعابين .
صنفان من العناكب .
عنكبوت يلف ذبابة بخيوط من نسيجه لزجة .
- أجسام العناكب
ابرازا للوحدة الكائنة في الخلائق جميعا يحسن بنا دائما أن نرد الأجسام جميعا ودائما الى الجسم
الذي اكتمل اعضاء ، وتخصص وظائف ، وبلغ الغاية التي نعرف ، فهو قياس الحياة ، وميزان الجودة في الخلق على هذه الأرض ، ذلك جسم الانسان . تماما كما نرد الكوخ الحقير والبيت الصغير الى القصر المنيف لنبين أن هندسة البناء نشأت واحدة ، ثم تطورت ، ومع هذا بقيت أصولها وأهدافها ، التي هي أهداف العيش والوفاء بمطالبه ، واحدة .
وجسم الانسان رأس وصدر وبطن وأطراف ، ولتوكيد انفصال الصدر عن البطن كان هناك ما أسميناه بالحجاب الحاجز، وهو يحجز صدرا عن بطن ، والأطراف للحركة ، ولأداء واجبات أخرى من واجبات العيش .
والحشر ، وهو في أوطأ مدارج الحيوان ، رأس وصدر وبطن وأطراف . والأطراف هنا أيضا للحركة ، ولأداء واجبات أخرى من واجبات العيش .
والعناكب ، وهي من نظائر الحشر كما قدمنا ،
تتألف من رأس وصدر وبطن وأطراف ، فالهندسة واحدة ، سوى أن الرأس والصدر التحما فكانا شيئا واحدا ومع هذا فقد بقيت في الظهر علامة تدل على حيث كان ينفصل الرأس عن الصدر أو أنه أريد لهما انفصال .
والصدر في العناكب يصله بالبطن خصر ظاهر كأنما يريد أن يعوض عن التحام وقع بين رأس وصدر .
والأطراف ذات مفاصل ، فالعناكب كالعقارب ،
وكالحشر ، من المفصليات ، أي ذوات الأرجل المفصلية انها للحركة فهي في حاجة الى مفاصل . ضرورة واحدة في كل هذه المخلوقات وأمثالها جعلت المفصل بعض هندسة البناء . كالمفصل الذي هو ضروري للباب في البيت الصغير والبيت الكبير على السواء .
وللعناكب أربعة أزواج من الأرجل تخرج من الصدر . وكذا العقارب وذوات الأرجل المفصلية وهذا يميزها عن الحشرات ، فهذه لها ثلاثة أزواج فقط .
تعليق