إذا كَتَبَ ابْنَكَ بِيَدِهِ اليسرَى فَلَا تَفْرِضَ عَلَيْهِ غَصْبًا أن يكتب باليمنى ..
الأيمنون والأعسرون
وانك لواجد في الكثرة الكبرى من الناس أن اليد اليمني أضخم من اليد اليسرى ، وأحسن مسكا للأشياء ، وأكثر حذقا عند الأداء . يقع هذا في ٩٦ في المائة من الناس ، وهم الأيمنون ، والبقية الباقية أعسرون .
والطفل منا يبدأ يستخدم يديه كلتيهما على السواء . ثم ما هي الا أشهر ، تزيد أو تنقص ، حتى يظهر فيه أثر الميراث الغالب ، فاذا به يميل الى استخدام يده اليمنى أكثر من اليسرى ، في الكتابة خاصة . وهو يتبع في ذلك الغالبية الكبرى من بني الانسان ، وهو لا يدري .
ويحاول الآباء عندئذ أن يثنوا ابناءهم عن استخدام يدهم اليسرى ، اذا هم استخدموها دون اليمني ، وحق لهم . على أن يكون ذلك بالتودد والاغراء . أما الغصب فيرى الكثير من أهل الاختصاص انه كثيرا ما ينتهي بالفشل ، يصحبه كسب غير مرغوب فيه من فأفأة ، تصيب اللسان عند الكلام .
وكثيرا ما صحب الميل الى استخدام اليد اليسرى عبقرية مذكورة . والتاريخ يسجل لنا أن العبقري الشهير ، ليوناردو دافنشي ، كان أعسر ، حتى أنه ترك مذكرات مكتوبة ، لا كما يكتب الناس ، ولكن كما تتراءى صورها في المرآة . والرسام المثال الخالد ، ميكل انجلو ، كان يعمل بيده اليسرى ، وآخرون مثلهما كثيرون .
- دنيا يمينية
ومع هذا فاليساري ، لمخالفته الكثرة ، لا بد يحس انه بيساريته هذه انما يعيش في عالم من الناس صيغت الأشياء فيه لليد اليمنى لا لليسرى . اكرة الأبواب والنوافذ وضعت حيث تكون اليد اليمنى . أزرة الأقمصة وسائر الألبسة وضعت وفق ما تكون لليد اليمنى . وثاقب الفلين يدور الى يمين والمكنات وسائر الآلات انما صممت و صنعت ليديرها الانسان بيده اليمنى .
والآلات الموسيقية مصنوعة لتلعب عليها اليد اليمنى .
وتعرف الأعسر عند الكتابة ، فهو يمسك القلم بيده اليسرى ، وتعطيه فنجان الشاي ، فيتلقاه باليسرى .
ومن غلبة اليمينية على اليسارية ، في حياتنا الانسانية ، دخول معناهما في اللغة ، فترمز الأولى لكل شيء طيب ، وترمز الثانية لما لا يطيب . فأهل اليمين أهل الحق ، وأهل اليسار أهل الباطل . والميمنة البركة والميسرة خلافها .
والأكواب تدار على الأضياف فيكون مجراها يمينا ، في حديث الزمان وعتيقه .
وعمرو بن كلثوم يقول في معلقته ، يعتب على صاحبة ضيافته ، وقد أدارت الكؤوس يسارا ، ليأتي هو أخيرا ، ازدراء به :
صبنت الكأس عنا أم عمرو
وكان الكأس مجراها اليمينا
وما شر الثلاثة ام عمرو
بصاحبك الذي لا تصبحينا
وصبنت معناها صرفت ، وهي صرفت الكأس ناحية اليسار . والأصباح أعطاء الخمر في الصباح .
والشاعر الأموي عبدالله بن الدمينة يقول لأميمة صاحبته :
قفي يا أميم القلب نقض لبانة
ونشك الهوى ثم افعلي ما بدا لك
أرى الناس يرجون الربيع وانما
ربيعي الذي أرجو زمان وصالك
ابيني ، أفي يمنى يديك جعلتني
فأفرح ، ام صيرتني في شمالك
ذلك أن المرء لا يجعل في يمينه الا الشيء الذي يحرص عليه .
وفي السياسة جعلوا الناس من حيث عقائدهم ، ایمن وايسر ، والعقائد نفسها يمينية ويسارية .
ويجلس الملك أو رئيس الجمهورية الى مائدة فيكون المقعد على يمينه أعلى شرفا من المقعد الذي هو الى يساره .
والناس تدعو على نفسها اذا هم لم يفعلوا كذا وكذا ، فيقول الشاعر : شلت يميني . . وما سمعناه يقول : شلت يساري : لأن يده اليمنى عنده اعز واغلى .
- وكما في اليدين ، ففي الرجلين كذلك
وكما في اليدين ، فكذلك في الرجلين ، لا يستويان شكلا وحجما ، ولا يستويان عملا .
نتنبه لذلك عند شراء حذاء جديد . لا يكفي فيه أن تلبس فردة واحدة منه تختبرها . لا بد من اختبار القدمين ، فقد يختلفان . وصانعو الأحذية كثيرا ما يدخلون هذا الاختلاف في الحساب .
وأنت تحاول أن تضرب الكرة بقدمك فتجد احدى رجليك تسبق الأخرى الى الضرب لأنها له أملك . وتضرب بها فتكون هي الأقوى . واللاعبون أيمنون ، في أرجلهم ، وأيسرون . وقد كنت في زماني لاعب كرة ، أيمن الرجل . وكان أمامي في فرقة اللعب الأخرى لاعبا أيسر . وعرفت ذلك قبل البدء ، فأفدت من هذه المعرفة كثيرا .
( رجال عصبت عيونهم ، أطلقوا في وسط الجسر ليعبروا على استقامة لم تنجح . فبعض مال يمينا ، وبعض مال شمالا ، حتى من حاجز الجسر )
وفي مشي الناس في الظلام الدامس ، أو في الضباب الثقيل ، أو بأعين معصوبة ، تظهر ظاهرة غريبة .. لا تستطيع الكثرة الكبرى من الناس أن تسير في خط مستقيم أبدا . منهم من يهدف الى يمين ، ومنهم من يهدف الى يسار .
و تجارب أجروها :
- ثلاثة أرادوا أن يعبروا واديا شاسعا ، في صباح بالضباب ثقيل ، لا ترى العين فيه شيئا . وبدأوا .
ومشوا ، ثم مشوا . واذا بهم يعودون آخر الأمر الى الجانب الذي منه بدأوا . ذلك أنه كان بأجسامهم ميل الى يمين ( أو الى يسار ) ، فمالوا ثم مالوا ، وهم لا يحسون ذلك ، حتى بلغ الميل بهم الدائرة من بعد الدائرة . وأخيرا وصلوا ، ولكن الى حيث بدأوا .
وتجربة أخرى :
وسط عشرة من الرجال ، عنصبت عيونهم ، ثم أطلقوا في وسط جسر ضيق فوق نهر . واخذوا يمشون في أوسط الطريق على استقامة لم تدم . فبعض مال يمينا حتى مس حاجز الجسر الأيمن ، وبعض مال يسارا حتى مس حاجز الجسر الأيسر •
وفي المشي تحس الرجلان ، ويحس الظهر ، وتحس الفقار . بل يُحس الجسم كله وترسل العضلات جميعا الى المخ بأحاسيس اتجاهاتها والنتيجة تقول انها أحاسيس ، من يسار الجسم ويمينه ، غير متكافئة . . غير متماثلة . ومن أجل هذا كان الميل .
- والمخ نصفان
وغلبة يمين الجسم على يساره ، أو غلبة يسار الجسم على يمينه ، في يد أو رجل أو غير ذلك ، انما تنسب آخر الأمر الى غلبة المخ ، يساره أو يمينه .
ونحن نعلم أن كل المهارات التي تكتسبها اليد ، وغير اليد ، انما مقرها المخ ، فهو بادئها ، وهو ضابطها ، وهو المضيع لها اذا ضيعت .
والشيء الذي لا بد عرفه كل انسان أن المخ نصفان ، متماثلان ، ظاهرا ، يمين ويسار وان النصف اليميني من المخ هو ضابط كل حركات الجزء الأيسر من الجسم .
فاذا اكتسبت اليد اليمنى مهارة فوق اليسرى ، فمعنى هذا أن النصف الأيسر من المخ زاد على الأيمن كفاية وحسن أداء .
ويصاب النصف الأيسر من المخ بالأذى ، فيشل من الجسم نصفه الأيمن . ويصاب النصف الأيمن من المخ بالأذى فيشل من الجسم نصفه الأيسر .
وقانا الله شر مخبات الزمان .
الأيمنون والأعسرون
وانك لواجد في الكثرة الكبرى من الناس أن اليد اليمني أضخم من اليد اليسرى ، وأحسن مسكا للأشياء ، وأكثر حذقا عند الأداء . يقع هذا في ٩٦ في المائة من الناس ، وهم الأيمنون ، والبقية الباقية أعسرون .
والطفل منا يبدأ يستخدم يديه كلتيهما على السواء . ثم ما هي الا أشهر ، تزيد أو تنقص ، حتى يظهر فيه أثر الميراث الغالب ، فاذا به يميل الى استخدام يده اليمنى أكثر من اليسرى ، في الكتابة خاصة . وهو يتبع في ذلك الغالبية الكبرى من بني الانسان ، وهو لا يدري .
ويحاول الآباء عندئذ أن يثنوا ابناءهم عن استخدام يدهم اليسرى ، اذا هم استخدموها دون اليمني ، وحق لهم . على أن يكون ذلك بالتودد والاغراء . أما الغصب فيرى الكثير من أهل الاختصاص انه كثيرا ما ينتهي بالفشل ، يصحبه كسب غير مرغوب فيه من فأفأة ، تصيب اللسان عند الكلام .
وكثيرا ما صحب الميل الى استخدام اليد اليسرى عبقرية مذكورة . والتاريخ يسجل لنا أن العبقري الشهير ، ليوناردو دافنشي ، كان أعسر ، حتى أنه ترك مذكرات مكتوبة ، لا كما يكتب الناس ، ولكن كما تتراءى صورها في المرآة . والرسام المثال الخالد ، ميكل انجلو ، كان يعمل بيده اليسرى ، وآخرون مثلهما كثيرون .
- دنيا يمينية
ومع هذا فاليساري ، لمخالفته الكثرة ، لا بد يحس انه بيساريته هذه انما يعيش في عالم من الناس صيغت الأشياء فيه لليد اليمنى لا لليسرى . اكرة الأبواب والنوافذ وضعت حيث تكون اليد اليمنى . أزرة الأقمصة وسائر الألبسة وضعت وفق ما تكون لليد اليمنى . وثاقب الفلين يدور الى يمين والمكنات وسائر الآلات انما صممت و صنعت ليديرها الانسان بيده اليمنى .
والآلات الموسيقية مصنوعة لتلعب عليها اليد اليمنى .
وتعرف الأعسر عند الكتابة ، فهو يمسك القلم بيده اليسرى ، وتعطيه فنجان الشاي ، فيتلقاه باليسرى .
ومن غلبة اليمينية على اليسارية ، في حياتنا الانسانية ، دخول معناهما في اللغة ، فترمز الأولى لكل شيء طيب ، وترمز الثانية لما لا يطيب . فأهل اليمين أهل الحق ، وأهل اليسار أهل الباطل . والميمنة البركة والميسرة خلافها .
والأكواب تدار على الأضياف فيكون مجراها يمينا ، في حديث الزمان وعتيقه .
وعمرو بن كلثوم يقول في معلقته ، يعتب على صاحبة ضيافته ، وقد أدارت الكؤوس يسارا ، ليأتي هو أخيرا ، ازدراء به :
صبنت الكأس عنا أم عمرو
وكان الكأس مجراها اليمينا
وما شر الثلاثة ام عمرو
بصاحبك الذي لا تصبحينا
وصبنت معناها صرفت ، وهي صرفت الكأس ناحية اليسار . والأصباح أعطاء الخمر في الصباح .
والشاعر الأموي عبدالله بن الدمينة يقول لأميمة صاحبته :
قفي يا أميم القلب نقض لبانة
ونشك الهوى ثم افعلي ما بدا لك
أرى الناس يرجون الربيع وانما
ربيعي الذي أرجو زمان وصالك
ابيني ، أفي يمنى يديك جعلتني
فأفرح ، ام صيرتني في شمالك
ذلك أن المرء لا يجعل في يمينه الا الشيء الذي يحرص عليه .
وفي السياسة جعلوا الناس من حيث عقائدهم ، ایمن وايسر ، والعقائد نفسها يمينية ويسارية .
ويجلس الملك أو رئيس الجمهورية الى مائدة فيكون المقعد على يمينه أعلى شرفا من المقعد الذي هو الى يساره .
والناس تدعو على نفسها اذا هم لم يفعلوا كذا وكذا ، فيقول الشاعر : شلت يميني . . وما سمعناه يقول : شلت يساري : لأن يده اليمنى عنده اعز واغلى .
- وكما في اليدين ، ففي الرجلين كذلك
وكما في اليدين ، فكذلك في الرجلين ، لا يستويان شكلا وحجما ، ولا يستويان عملا .
نتنبه لذلك عند شراء حذاء جديد . لا يكفي فيه أن تلبس فردة واحدة منه تختبرها . لا بد من اختبار القدمين ، فقد يختلفان . وصانعو الأحذية كثيرا ما يدخلون هذا الاختلاف في الحساب .
وأنت تحاول أن تضرب الكرة بقدمك فتجد احدى رجليك تسبق الأخرى الى الضرب لأنها له أملك . وتضرب بها فتكون هي الأقوى . واللاعبون أيمنون ، في أرجلهم ، وأيسرون . وقد كنت في زماني لاعب كرة ، أيمن الرجل . وكان أمامي في فرقة اللعب الأخرى لاعبا أيسر . وعرفت ذلك قبل البدء ، فأفدت من هذه المعرفة كثيرا .
( رجال عصبت عيونهم ، أطلقوا في وسط الجسر ليعبروا على استقامة لم تنجح . فبعض مال يمينا ، وبعض مال شمالا ، حتى من حاجز الجسر )
وفي مشي الناس في الظلام الدامس ، أو في الضباب الثقيل ، أو بأعين معصوبة ، تظهر ظاهرة غريبة .. لا تستطيع الكثرة الكبرى من الناس أن تسير في خط مستقيم أبدا . منهم من يهدف الى يمين ، ومنهم من يهدف الى يسار .
و تجارب أجروها :
- ثلاثة أرادوا أن يعبروا واديا شاسعا ، في صباح بالضباب ثقيل ، لا ترى العين فيه شيئا . وبدأوا .
ومشوا ، ثم مشوا . واذا بهم يعودون آخر الأمر الى الجانب الذي منه بدأوا . ذلك أنه كان بأجسامهم ميل الى يمين ( أو الى يسار ) ، فمالوا ثم مالوا ، وهم لا يحسون ذلك ، حتى بلغ الميل بهم الدائرة من بعد الدائرة . وأخيرا وصلوا ، ولكن الى حيث بدأوا .
وتجربة أخرى :
وسط عشرة من الرجال ، عنصبت عيونهم ، ثم أطلقوا في وسط جسر ضيق فوق نهر . واخذوا يمشون في أوسط الطريق على استقامة لم تدم . فبعض مال يمينا حتى مس حاجز الجسر الأيمن ، وبعض مال يسارا حتى مس حاجز الجسر الأيسر •
وفي المشي تحس الرجلان ، ويحس الظهر ، وتحس الفقار . بل يُحس الجسم كله وترسل العضلات جميعا الى المخ بأحاسيس اتجاهاتها والنتيجة تقول انها أحاسيس ، من يسار الجسم ويمينه ، غير متكافئة . . غير متماثلة . ومن أجل هذا كان الميل .
- والمخ نصفان
وغلبة يمين الجسم على يساره ، أو غلبة يسار الجسم على يمينه ، في يد أو رجل أو غير ذلك ، انما تنسب آخر الأمر الى غلبة المخ ، يساره أو يمينه .
ونحن نعلم أن كل المهارات التي تكتسبها اليد ، وغير اليد ، انما مقرها المخ ، فهو بادئها ، وهو ضابطها ، وهو المضيع لها اذا ضيعت .
والشيء الذي لا بد عرفه كل انسان أن المخ نصفان ، متماثلان ، ظاهرا ، يمين ويسار وان النصف اليميني من المخ هو ضابط كل حركات الجزء الأيسر من الجسم .
فاذا اكتسبت اليد اليمنى مهارة فوق اليسرى ، فمعنى هذا أن النصف الأيسر من المخ زاد على الأيمن كفاية وحسن أداء .
ويصاب النصف الأيسر من المخ بالأذى ، فيشل من الجسم نصفه الأيمن . ويصاب النصف الأيمن من المخ بالأذى فيشل من الجسم نصفه الأيسر .
وقانا الله شر مخبات الزمان .
تعليق