مصطفى الحلاج يجرب الموت والوقوع فيه بين الوجود والعدم
فنان فلسطيني يخلق عالمه الأسطوري بينما يعيد تفكيك فكرة الوجود.
الأربعاء 2024/02/21
فنان حرر نفسه من سلطة الحدود
تقع على عاتق الفنان التشكيلي الفلسطيني مهمات أكثر تعقيدا من غيره من الفنانين. فكونه ابن جغرافيا محتلة إلى اليوم وابن مجتمع ما انفك يتعرض للقتل والتشريد تحت أنظار العالم، فإنه مطالب أكثر من غيره بأن يكون لسان الإنسان الفلسطيني، دون أن يتنازل عن مساره الجمالي والفكري والشعوري. وهذا ما برع فيه قلة من بينهم الفنان الفلسطيني مصطفى الحلاج.
لم يكن مصطفى الحلاج فنانا تشكيليا مألوفا من حيث المزاج والفكرة ومن حيث الحضور والبحث، فهو المتشرد بين الخامة واللوحة، بين المنحوتة والصورة، وبين الواقع والحضور، ناقش الفكرة وانتصر لها بالرمز، أسس وطنه المُشتهى “فلسطينه” التي بناها من أساطير وأخيلة من ملامح وطبيعة من جراح وفينيق قاهر للعدم، عايش النكبة وتعايش مع الواقع الفلسطيني الذي حمله إلى أكثر من مدينة وحطته رحال التشريد في دمشق فكانت الملجأ والملاذ والرحيل الأخير.
مصطفى الحلاج ليس مجرد اسم لفنان رائد في سماء الفن التشكيلي الفلسطيني والعربي، بل هو إنسان تلونت حياته وواقعه ومآسيه كما وطنه فعاش دراما الحضور والغياب وحمل اسمه كصوفي محلق بفنه.
الأسطوري والسريالي
فلسفة الحلاج البصرية وتكويناته الحسية لا تطيق الانشطار بين رغيفين فقد حمل قلبه في رغيف واحد فلسطين
“نحن الفلسطينيين الفنانين مثل أوركسترا، إننا جوقة موسيقية واحدة، لدينا الكثير من الأصدقاء والكثيرون رحلوا، أجسادهم دُفنت في الأرض، لكننا نحملهم في داخلنا، نحن مقبرة متحركة، تحمل كل الأشخاص الذين غادرونا.. ولكنا باقون” يقول مصطفى الحلاج.
هو رائد الفن المعاصر والفن الفطري والطباعة والرمزية الأسطورية، هو نحات احترف مصارعة الأسطورة في علاماتها البصرية كنعاني الحضور ترابي الهوى ناري التوهج عاصف ومتهاطل في لوحاته وأعماله التي خلدته فنانا ورمزا بعث من ثنايا التاريخ، عوالمه الغارقة في ضمير الإنسانية تلعق جراح الرحيل والموت قهرا على عتبات التراب الخالد أثرا، والمتصدر لجحيم الأرض.
لم تكن بيروت محطة عادية في حياة مصطفى الحلاج كانت جحيما لأكثر من 25 لوحة فنية التهمها القصف الإسرائيلي، حملها الحلاج بكل ثقة في الرمز والمعنى وفي جماليات التشويه وأبعاده الإنسانية المتخفية في أنقاضها، والمتشبثة ببعض أدواته التي كان يستعملها ليحافظ على جماليات القبح بين المعنى واللامعنى.
كان يحافظ على تفاصيل ذلك القبح من أجل تجميل صياغاته فيها، وكأنه يحاكي حضورها من جديد ونجاتها التي تجعلها سيدة فرصتها في المشهد، وهنا تكمن حرفية فنان فيلسوف وإنسان تمكن مرات ومرات وبأعماله الفنية من النجاة من الجحيم إلى تاريخه، عابرا بين الغبار والرماد في وطن بات يراه في صورة الأمنيات الضائعة، ولكنه لم يفقد أمل الاستمرار وشغف الفن الذي حلق به بين مصر ولبنان إلى دمشق حيث أكمل بقية حياته وخذلته الفرصة في النجاة من حريق اشتعل في مرسمه فأي علاقة كانت بين الحلاج والنار في مفاهيم الاشتعال حبا للأرض والاشتعال فرارا منها والفناء فيها؟
توظيفات بصرية وتوليفات أسطورية
دون أن يهدأ حركة ونشاطا بحث مصطفى الحلاج عن مكان له أهله لتطوير ذاته الفنية وتجريبه المفهومي ورموزه الحسية وتشكيله العام لفكرة الخلود من خلال الفن تأثرا وتأثيرا وعرضا وتقديما وجرأة وتمريغا للمأساة في ذلك الجحيم الذي خرج فيه وعبر منه.
من خلال رموزه الحسية وانفعالاته التعبيرية كان الحلاج يرى الفن حالة مقاومة لها أطراف أخرى وانبعاثات حياة لا تقدم صورة ماورائية الأبعاد عن الواقع، ولكنها تسمو أبعد عنه بسريالية لها تفاصيلها التي ترتقي فيه به، بتوظيفات بصرية وتوليفات أسطورية جمعت بين التكاملات الفكرية والفلسفية في ملاحم الوجود كنعانية فينيقية فرعونية صاغها أيضا في الحكايات الشعبية وما تناقلته المخيلة العربية في تفاصيل الثقافة الفلسطينية.
تميز الحلاج بأسلوب عنيد في سريالياته التي بحثت في عمق التاريخ هوية وانتماء، وظف الطباعة بالارتكاز على الحفر والرسم المباشر بقلم الرصاص لتنفيذ التصميم أولا على الورق ثم نقله نحو الحرير ليصبغ وتضاف فيه المؤثرات الملونة والفكرة المصاغة بحسب أسلوب الشاشة الحريرية.
ارتجالات الحياة
رموز حسية وانفعالات تعبيرية
دون تفاصيل الموت لم تكن للحلاج فرص إعادة حياكة فكرته عن التشرد والترحال كملحمة إنسانية أعطته ذلك الانطباع الآسر أنه دوما خارج المكان.
فقد تقمص الوجوه والأشخاص والحالات والمحن والانفعالات والتفاعلات بينها وبين المحو والصحو والتكامل والتلاشي، رصدها وجسدها في ارتجالات الحياة والجدارية التي كانت عنوانا للتغريبة الفلسطينية التي توغل فيها أبعد وأعمق، باحثا عن ذاته ومكملا نقصانه في حكاياتها، معتمدا على الكثافة والفراغ في فكرة التهميش والحضور بتحولات ضوئية تسرد الخطوط والأشكال وتمتد في عمق النفسيات والحضور والرؤى والغرابات الميتافيزيقية التي تصارع الفناء الأبدي، ذلك الذي توغل فيه الحلاج بأسطرة التجربة متخلصا من كلاسيكياتها التي عالجت الخير والشر في تفاصيل الانتصار، فقد أراد فك رموز الرحيل ومواقيته ومواعيده اللا معلنة.
الملحمة المصاغة حسب رؤية الحلاج في ارتجالاته هي استنبات آخر لفكرة الخلود والذاكرة لأنه بحث في لوحاته عن أتربة جديدة لزراعة بذور رؤاه التي تتحمل القراءات المتعددة والتآويل المختلفة، القادرة أيضا على أن تتحمل تراكماتها بين الهلع والهدوء وبين الفزع والثبات، فالجدارية بدت مثل مبحث أركيولوجي أسطوري محفور على حجر قديم معقد التشاكيل متوازن بين الثقل والخفة في تراتيب الظل والضوء، وكأنه عدلها عمدا حتى يترك للمتلقي مساحة قراءتها بتآلفات هادئة.
تشكل التنقل بين الأبيض والأسود والرماديات في تفاصيله الحسية داخل الأعمال لغة خاصة ميزته في الفكرة وعمقها البسيط المشتغل بالحكمة، فنان يتربص بواقع يحتفي بالراحلين ويزفه في مسيرتهم نحو الموت وهي جدليات وجودية وحكمة بقاء لا واعية، إنها مثل الدروايش الذين يبحثون عن الحقيقة تلك التي صاغها يوما في شكل مسرحية قصيرة عبّر فيها عن امتزاج الألم في مفهوم واحد لا يخص أحدا بعينه إنما يخص كل شخص في هذا العالم.
أسلوب عنيد في سرياليته
إن فلسفة الحلاج البصرية وتكويناته الحسية لا تطيق الانشطار بين رغيفين، لأنه حمل قلبه في رغيف واحد لكل فلسطينه، فقد حرر الحلاج نفسه من سلطة الحدود، وابتكر لحكاياته نهايات حملت قسوتها، لم يوهم المتلقي ولا الشخوص التي طمسها وأحياها بالمدينة الفاضلة، بل بالغ في تشريدها وكأن رسالته تقول للإنسانية إن المصير الأول والأخير للإنسان يبدأ من فلسطين وينتهي عندها.
إن المتأمل في أعمال مصطفى الحلاج وأسلوبه وتأثيره وتفاصيله وتراجيديا الحضور والغياب في مساره ومسيرته يدرك أنه استطاع أن يخلق جوه الأسطوري وهو يعيد تفكيك فكرة الوجود وماهية الحياة وصراعات المصير والقدر، الذي ربط بينه وبين فلسطينه، فتماهى فيها حد الإنهاك، ولكنه لم يحملها إلا كما أراد لها أن تبقى في خلود المعنى المرتب لشخوصه التي أراد لها النجاة رغم طمسها.
بشرى بن فاطمة
كاتبة باحثة تونسية اختصاص فنون بصرية
فنان فلسطيني يخلق عالمه الأسطوري بينما يعيد تفكيك فكرة الوجود.
الأربعاء 2024/02/21
فنان حرر نفسه من سلطة الحدود
تقع على عاتق الفنان التشكيلي الفلسطيني مهمات أكثر تعقيدا من غيره من الفنانين. فكونه ابن جغرافيا محتلة إلى اليوم وابن مجتمع ما انفك يتعرض للقتل والتشريد تحت أنظار العالم، فإنه مطالب أكثر من غيره بأن يكون لسان الإنسان الفلسطيني، دون أن يتنازل عن مساره الجمالي والفكري والشعوري. وهذا ما برع فيه قلة من بينهم الفنان الفلسطيني مصطفى الحلاج.
لم يكن مصطفى الحلاج فنانا تشكيليا مألوفا من حيث المزاج والفكرة ومن حيث الحضور والبحث، فهو المتشرد بين الخامة واللوحة، بين المنحوتة والصورة، وبين الواقع والحضور، ناقش الفكرة وانتصر لها بالرمز، أسس وطنه المُشتهى “فلسطينه” التي بناها من أساطير وأخيلة من ملامح وطبيعة من جراح وفينيق قاهر للعدم، عايش النكبة وتعايش مع الواقع الفلسطيني الذي حمله إلى أكثر من مدينة وحطته رحال التشريد في دمشق فكانت الملجأ والملاذ والرحيل الأخير.
مصطفى الحلاج ليس مجرد اسم لفنان رائد في سماء الفن التشكيلي الفلسطيني والعربي، بل هو إنسان تلونت حياته وواقعه ومآسيه كما وطنه فعاش دراما الحضور والغياب وحمل اسمه كصوفي محلق بفنه.
الأسطوري والسريالي
فلسفة الحلاج البصرية وتكويناته الحسية لا تطيق الانشطار بين رغيفين فقد حمل قلبه في رغيف واحد فلسطين
“نحن الفلسطينيين الفنانين مثل أوركسترا، إننا جوقة موسيقية واحدة، لدينا الكثير من الأصدقاء والكثيرون رحلوا، أجسادهم دُفنت في الأرض، لكننا نحملهم في داخلنا، نحن مقبرة متحركة، تحمل كل الأشخاص الذين غادرونا.. ولكنا باقون” يقول مصطفى الحلاج.
هو رائد الفن المعاصر والفن الفطري والطباعة والرمزية الأسطورية، هو نحات احترف مصارعة الأسطورة في علاماتها البصرية كنعاني الحضور ترابي الهوى ناري التوهج عاصف ومتهاطل في لوحاته وأعماله التي خلدته فنانا ورمزا بعث من ثنايا التاريخ، عوالمه الغارقة في ضمير الإنسانية تلعق جراح الرحيل والموت قهرا على عتبات التراب الخالد أثرا، والمتصدر لجحيم الأرض.
لم تكن بيروت محطة عادية في حياة مصطفى الحلاج كانت جحيما لأكثر من 25 لوحة فنية التهمها القصف الإسرائيلي، حملها الحلاج بكل ثقة في الرمز والمعنى وفي جماليات التشويه وأبعاده الإنسانية المتخفية في أنقاضها، والمتشبثة ببعض أدواته التي كان يستعملها ليحافظ على جماليات القبح بين المعنى واللامعنى.
كان يحافظ على تفاصيل ذلك القبح من أجل تجميل صياغاته فيها، وكأنه يحاكي حضورها من جديد ونجاتها التي تجعلها سيدة فرصتها في المشهد، وهنا تكمن حرفية فنان فيلسوف وإنسان تمكن مرات ومرات وبأعماله الفنية من النجاة من الجحيم إلى تاريخه، عابرا بين الغبار والرماد في وطن بات يراه في صورة الأمنيات الضائعة، ولكنه لم يفقد أمل الاستمرار وشغف الفن الذي حلق به بين مصر ولبنان إلى دمشق حيث أكمل بقية حياته وخذلته الفرصة في النجاة من حريق اشتعل في مرسمه فأي علاقة كانت بين الحلاج والنار في مفاهيم الاشتعال حبا للأرض والاشتعال فرارا منها والفناء فيها؟
توظيفات بصرية وتوليفات أسطورية
دون أن يهدأ حركة ونشاطا بحث مصطفى الحلاج عن مكان له أهله لتطوير ذاته الفنية وتجريبه المفهومي ورموزه الحسية وتشكيله العام لفكرة الخلود من خلال الفن تأثرا وتأثيرا وعرضا وتقديما وجرأة وتمريغا للمأساة في ذلك الجحيم الذي خرج فيه وعبر منه.
من خلال رموزه الحسية وانفعالاته التعبيرية كان الحلاج يرى الفن حالة مقاومة لها أطراف أخرى وانبعاثات حياة لا تقدم صورة ماورائية الأبعاد عن الواقع، ولكنها تسمو أبعد عنه بسريالية لها تفاصيلها التي ترتقي فيه به، بتوظيفات بصرية وتوليفات أسطورية جمعت بين التكاملات الفكرية والفلسفية في ملاحم الوجود كنعانية فينيقية فرعونية صاغها أيضا في الحكايات الشعبية وما تناقلته المخيلة العربية في تفاصيل الثقافة الفلسطينية.
تميز الحلاج بأسلوب عنيد في سريالياته التي بحثت في عمق التاريخ هوية وانتماء، وظف الطباعة بالارتكاز على الحفر والرسم المباشر بقلم الرصاص لتنفيذ التصميم أولا على الورق ثم نقله نحو الحرير ليصبغ وتضاف فيه المؤثرات الملونة والفكرة المصاغة بحسب أسلوب الشاشة الحريرية.
ارتجالات الحياة
رموز حسية وانفعالات تعبيرية
دون تفاصيل الموت لم تكن للحلاج فرص إعادة حياكة فكرته عن التشرد والترحال كملحمة إنسانية أعطته ذلك الانطباع الآسر أنه دوما خارج المكان.
فقد تقمص الوجوه والأشخاص والحالات والمحن والانفعالات والتفاعلات بينها وبين المحو والصحو والتكامل والتلاشي، رصدها وجسدها في ارتجالات الحياة والجدارية التي كانت عنوانا للتغريبة الفلسطينية التي توغل فيها أبعد وأعمق، باحثا عن ذاته ومكملا نقصانه في حكاياتها، معتمدا على الكثافة والفراغ في فكرة التهميش والحضور بتحولات ضوئية تسرد الخطوط والأشكال وتمتد في عمق النفسيات والحضور والرؤى والغرابات الميتافيزيقية التي تصارع الفناء الأبدي، ذلك الذي توغل فيه الحلاج بأسطرة التجربة متخلصا من كلاسيكياتها التي عالجت الخير والشر في تفاصيل الانتصار، فقد أراد فك رموز الرحيل ومواقيته ومواعيده اللا معلنة.
الملحمة المصاغة حسب رؤية الحلاج في ارتجالاته هي استنبات آخر لفكرة الخلود والذاكرة لأنه بحث في لوحاته عن أتربة جديدة لزراعة بذور رؤاه التي تتحمل القراءات المتعددة والتآويل المختلفة، القادرة أيضا على أن تتحمل تراكماتها بين الهلع والهدوء وبين الفزع والثبات، فالجدارية بدت مثل مبحث أركيولوجي أسطوري محفور على حجر قديم معقد التشاكيل متوازن بين الثقل والخفة في تراتيب الظل والضوء، وكأنه عدلها عمدا حتى يترك للمتلقي مساحة قراءتها بتآلفات هادئة.
تشكل التنقل بين الأبيض والأسود والرماديات في تفاصيله الحسية داخل الأعمال لغة خاصة ميزته في الفكرة وعمقها البسيط المشتغل بالحكمة، فنان يتربص بواقع يحتفي بالراحلين ويزفه في مسيرتهم نحو الموت وهي جدليات وجودية وحكمة بقاء لا واعية، إنها مثل الدروايش الذين يبحثون عن الحقيقة تلك التي صاغها يوما في شكل مسرحية قصيرة عبّر فيها عن امتزاج الألم في مفهوم واحد لا يخص أحدا بعينه إنما يخص كل شخص في هذا العالم.
أسلوب عنيد في سرياليته
إن فلسفة الحلاج البصرية وتكويناته الحسية لا تطيق الانشطار بين رغيفين، لأنه حمل قلبه في رغيف واحد لكل فلسطينه، فقد حرر الحلاج نفسه من سلطة الحدود، وابتكر لحكاياته نهايات حملت قسوتها، لم يوهم المتلقي ولا الشخوص التي طمسها وأحياها بالمدينة الفاضلة، بل بالغ في تشريدها وكأن رسالته تقول للإنسانية إن المصير الأول والأخير للإنسان يبدأ من فلسطين وينتهي عندها.
إن المتأمل في أعمال مصطفى الحلاج وأسلوبه وتأثيره وتفاصيله وتراجيديا الحضور والغياب في مساره ومسيرته يدرك أنه استطاع أن يخلق جوه الأسطوري وهو يعيد تفكيك فكرة الوجود وماهية الحياة وصراعات المصير والقدر، الذي ربط بينه وبين فلسطينه، فتماهى فيها حد الإنهاك، ولكنه لم يحملها إلا كما أراد لها أن تبقى في خلود المعنى المرتب لشخوصه التي أراد لها النجاة رغم طمسها.
بشرى بن فاطمة
كاتبة باحثة تونسية اختصاص فنون بصرية