تويت
أحمد بورحيمة لـ"العرب": مهرجان المسرح الثنائي ينجح في تعزيز ثقافة المسرح بالإمارات
توجه استثنائي يختار النزول إلى الناس وحثهم على التفاعل مع الفن الرابع.
الاثنين 2024/02/19
الهيئة المديرة صحبة مخرجي العروض المتنافسة
في حوار له مع "العرب" يعيدنا أحمد بورحيمة إلى بدايات تأسيس مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي والتوجه العام الذي تبنته هذه التظاهرة السنوية، واقفا على أهم مكتسباتها وما نجحت في تحقيقه بعد سبع دورات تبادل فيها المسرح الثنائي في الإمارات تجارب ورؤى وخبرات مع غيره من المسرحيين العرب.
يقول الكاتب والمسرحي الفرنسي جيل رونار “نحن نريد المسرح في الحياة والحياة في المسرح”. إنها كلمات ذات مغزى عميق وتحوم حول الحياة كغاية أساسية والمسرح كشريك حتمي لها، لكن التفكير فيها قد يدفعنا إلى تأمل هذه العلاقة الجدلية التي تتطلب بذل جهد كبير من المسرحيين والمتلقين للمسرح من أجل صنع حياة فوق الخشبة ومسرح في تفاصيل الواقع المعيش.
هذا الواقع الذي يزخر بقصص وحكايات تصلح لأن تكون أعمالا مسرحية، بعضها قد يختص بالعلاقة الجدلية بين الأنا والآخر، وهي علاقة عادة ما يتحكم فيها صراع أزلي، إن لم يرافقها طوال رحلتها فإنه يهزها من حين إلى آخر.
وحول هذه العلاقة الثنائية تدور فكرة المسرح الثنائي أو ما يصطلح عليه بالديودراما، وتدور فعاليات مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي الذي أوقد هذا العام شمعته السابعة، مسجلا نجاحا باهرا في استقطاب الجماهير إلى المسرح وخلق علاقة ألفة وتناغم بينها وبين فضاءات العرض المغلقة. يأتي المهرجان في إطار سعي إدارة المسرح بإمارة الشارقة للاحتفاء بمختلف الظواهر المسرحية، وفتح الباب أمام الفنان الإماراتي لتجريب مختلف الأنواع المسرحية، والإطلاع على التجارب المسرحية العربية. ويديره أحمد بورحيمة الصحافي والمسرحي الإماراتي.
أحمد بورحيمة: نقاش مهم نخوضه حول المسرح والمستقبل بحثا عن إجابة على سؤال: كيف سيتصدى المسرح للتقنيات الحديثة؟
يعود بنا بورحيمة في حواره مع “العرب” إلى الأسباب الأولى لتأسيس مهرجان يعنى بالمسرح الثنائي، تحديدا في مدينة دبا الحصن التابعة لإمارة الشارقة، فيقول إن “اختيار أن يكون المسرح الثنائي في دبا الحصن جاء انطلاقا من أن المنطقة تزخر بالمثقفين والمفكرين وهم أهل لتلقي مثل هذه الأنواع من الأعمال وهذه الأنشطة الثقافية وتاريخ المنطقة شاهد على ذلك، ونحن في إدارة المسرح التابعة لهيئة الثقافة والفنون بإمارة الشارقة، نسعى لتنويع الفعاليات والمهرجانات المسرحية، كي نرضي الذائقات الفنية ونخلق جماهير متنوعة تمنح المسرح الإماراتي زخما عربيا ودوليا”.
والمسرح الثنائي الذي يختص به هذا المهرجان تبلور في المنطقة العربية أكثر في السنوات الأخيرة، وهو مسرح يعتمد على المواجهة الأدائية القائمة بين ممثلين فقط، ويرى محدثنا أنه نوع مسرحي “يبنى على تناقض بين شخصيتين والصراع بينهما. هذا أعتقد أنه من أصعب أنواع المسرح، ولكن هذا التنافر يضاعف التحدي أمام الممثلين ويقدم ثقافة مسرحية مختلفة للمتلقي الإماراتي والعربي”.
ويوضح بورحيمة “نحن في هذا المشروع لا ننظر فقط إلى موضوع المسرحية وإنما إلى العوامل الأخرى المساعدة، من أنشطة وبرامج فكرية نستهدف من خلالها الوصول إلى أكبر عدد من الشباب والهيئات التدريسية بالإضافة إلى الملتقى الفكري الذي هو أكبر عمرا من المهرجان”.
ويعتبر مدير المهرجان أن مهرجان المسرح الثنائي بعد سبع دورات أصبح من الممكن القول إنه صار مؤثرا في الجمهور وتحديدا في أبناء دبا الحصن، حيث يقول “لا شك أن للمهرجان تأثيرا كبيرا على الناس. لقد رأيت هذه الأيام إقبالا مكثفا من قبل الجمهور بمختلف شرائحه ومستوياته وأمزجته. ورغم أن بعض العروض كما هو حال عرض الافتتاح جاء ضمن مسرح العبث وكان صعب التلقي للجمهور العادي لكن بقية العروض راعينا فيها نزولنا نحن إلى الجمهور وكسر الفعل النخبوي للمسرح، بحيث يكون المسرح صوت المتلقي وليس نخبويا متعاليا عليه وعلى قدر استطاعة فهمه للعرض المسرحي وتحليله وقراءة مختلف عناصره”.
ويضيف “تفاعل الجمهور مع العروض يثبت أن هناك ثقافة لمواكبة المسرح وكيفية تذوق العروض المسرحية، وحتى وإن انتقدت بعض العروض لكونها تقدم خطابا عنيفا نوعا ما في حين يحضر بين الجمهور أطفال وصغار، فإنني لا أرى أن الأمر يمثل مشكلة، فالطفل لا يركز على النص المنطوق بقدر ما يهتم بحركة الجسد والمؤثرات البصرية وجمالية العرض، لكن موضوعيا هو فعلا من الخطأ أن يحضر الأطفال في مثل هذه العروض، لذلك سنعمل مستقبلا على أن يكون للأطفال حضور في أعمال تتناسب مع شريحتهم العمرية ومستواهم في التفكير، لكننا عموما نفتح المجال لكل من يود حضور العروض لنشر ثقافة المسرح وتعزيزها في المجتمع”.
وينوه بورحيمة “نحن نحاول جذب الجمهور لمواكبة الأنشطة المسرحية سواء في هذا المهرجان أو في مهرجانات أخرى، مثل كرنفال خرفكان للمسرح، الذي يخرج بالعروض من الخشبة والفضاءات المغلقة ليعرضها أمام الشارع ويحوله إلى مسرح كبير، وبموازاة العروض المسرحية نحن ننظم مسابقات عديدة، ونمنح جوائز، ونستفز المتلقي ليشارك ويكتشف الفنان داخله كأن ينافس للفوز بجائزة أفضل قناع للوجه من صنع يديه”.
وكانت فعاليات الدورة السابعة من مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي انطلقت الجمعة مساء وتشارك فيها خمسة عروض مسرحية، حيث يشارك من مصر العرض المسرحي “ورقة طلبات” من إخراج الفنان محمد عادل، ومن الإمارات عرض “بعض الأشياء” من إخراج محمد جمعة، ومن الكويت عرض “أصل الحكاية ” من إخراج فيصل عبيد، ومن المغرب عرض “معلقات” من إخراج محمد الحر، ومن سوريا عرض “لقاء” من إخراج عروة العربي.
وافتُتح المهرجان بعرض العمل الإماراتي “بعض الأشياء”، الذي قدمته فرقة المسرح الحديث بالشارقة، وجسّده خليفة ناصر ورزان نجيب، وكتب نصه فادي جرجس وأخرجه محمد جمعة. ويحكي العمل عن شخصيتين “رجل وامرأة” وقع تبادل لأيديهما، حيث صارت يدا الرجل في جسد المرأة، ولكنه ظل متحكماً فيهما، والعكس صحيح، ليبدو الفعل المجسد من أي واحد منهما مفروضاً عليه من الآخر وليس صادراً عن إرادته. وعبر جملة من المشاهد نفهم أن ثمة اختلافات في تفضيلات كل واحد منهما تجاه مختلف عناصر الحياة.
في ملتقى الشارقة للمسرح يناقش خبراء عرب أهمية المسرح ودوره في تشكيل المستقبل
ويمتلك مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي توجها استثنائيا في اختياره العروض المشاركة؛ حيث تكون من تمويله وإشراف هيئته المديرة، وعن ذلك يقول محدثنا “نحن نختار نصوصا ثم نطلع على الأسماء ذات التجارب المتميزة في مهرجانات عربية ومن جنسيات مختلفة وندخل معها في مفاوضات على مشاريع نصوص ونقدم لها الموارد المالية اللازمة ونفسح لها المجال للاشتغال عليها في بلدانها، ثم تطلع إدارة المهرجان على الأعمال وتقدمها كعروض للمرة الأولى في مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي”.
وفي تقييمه العام لتجربة المهرجان وتطلعاته يقول بورحيمة إن “الإقبال الجماهيري يعني أن المهرجان يسير في طريق ناجح، يعني أننا حققنا جزءا كبيرا من غايتنا، خاصة إذا تأملنا كيف ابتدأنا وكيف كانت الدورة التأسيسية وإلى أين وصلنا اليوم، إلى جانب الحضور العربي الذي يدعم تبادل الثقافات والتجارب الفنية والخبرات، وفي الأخير فإن الفعل الإبداعي وكل تجربة فنية مسرحية لهما مخرجاتهما، هذه المسألة تحتاج إلى القدرة على تذوق الفن المسرحي”.
وفي حديث عن ملتقى الشارقة للمسرح العربي في دورته الثامنة عشرة التي جاءت تحت شعار “المسرح والمستقبل” يقول أحمد بورحيمة إن “جمالية المسرح في شموليته، سبق أن تحدثنا عن المسرح والموسيقى، والمسرح والتاريخ، والمسرح والتكنولوجيا، ونحن اليوم نخوض نقاشا مهما حول المسرح والمستقبل وأعتقد أن أحد أهم التحديات في فن المسرح هو المستقبل، ونحن نبحث عن إجابة على التساؤلات التي تطرح دائما حول كيف سيتصدى المسرح لكل هذه المغريات والتقنيات الحديثة؟”.
ويضيف “يبقى في اعتقادي أن المسرح شكل فني ثابت يمكن أن يستفيد من العوامل المساعدة الأخرى في تطوير نفسه، لكن هل المستقبل الآن أن نقدم عروض شكسبير كما هي؟ الأكيد لا، وهذا هو جوهر البحث. في اعتقادي أننا نحتاج إلى نسف الأفكار وأمور أخرى لأن المسرحيين اليوم أصبحوا يقدمون أشكالا متشابهة رغم اختلافها، هي قد تكون ميزة، كأن نرى المدرسة التونسية أو المدرسة المغربية أو المدرسة الإماراتية، لكننا نستنسخ أعمال بعضنا البعض، لذلك نحتاج إلى إعادة تفكير لجذب الجمهور العادي الذي يحتاج الاطلاع إلى هذه الجماليات والتقنيات الحديثة في السينما والهاتف وتأثيرها في الفعل على خشبة المسرح".
ويضرب الفنان الإماراتي مثالا على الفعل المسرحي في أوروبا فيقول "الآن أصبحنا نرى عروضا تتماهى وتتشابه مع أذواق العامة مثل مسرح المترو أو عروض المسرح التي تكون في عربات المترو ومحيطها، وتسائل المتلقي وتطلب منه اختيار موضوع العرض وفكرته، وهو باختصار ما نحاول القيام به في الشارقة عبر كسر الحواجز الإيطالية والنزول إلى الناس”.
حنان مبروك
صحافية تونسية
توجه استثنائي يختار النزول إلى الناس وحثهم على التفاعل مع الفن الرابع.
الاثنين 2024/02/19
الهيئة المديرة صحبة مخرجي العروض المتنافسة
في حوار له مع "العرب" يعيدنا أحمد بورحيمة إلى بدايات تأسيس مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي والتوجه العام الذي تبنته هذه التظاهرة السنوية، واقفا على أهم مكتسباتها وما نجحت في تحقيقه بعد سبع دورات تبادل فيها المسرح الثنائي في الإمارات تجارب ورؤى وخبرات مع غيره من المسرحيين العرب.
يقول الكاتب والمسرحي الفرنسي جيل رونار “نحن نريد المسرح في الحياة والحياة في المسرح”. إنها كلمات ذات مغزى عميق وتحوم حول الحياة كغاية أساسية والمسرح كشريك حتمي لها، لكن التفكير فيها قد يدفعنا إلى تأمل هذه العلاقة الجدلية التي تتطلب بذل جهد كبير من المسرحيين والمتلقين للمسرح من أجل صنع حياة فوق الخشبة ومسرح في تفاصيل الواقع المعيش.
هذا الواقع الذي يزخر بقصص وحكايات تصلح لأن تكون أعمالا مسرحية، بعضها قد يختص بالعلاقة الجدلية بين الأنا والآخر، وهي علاقة عادة ما يتحكم فيها صراع أزلي، إن لم يرافقها طوال رحلتها فإنه يهزها من حين إلى آخر.
وحول هذه العلاقة الثنائية تدور فكرة المسرح الثنائي أو ما يصطلح عليه بالديودراما، وتدور فعاليات مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي الذي أوقد هذا العام شمعته السابعة، مسجلا نجاحا باهرا في استقطاب الجماهير إلى المسرح وخلق علاقة ألفة وتناغم بينها وبين فضاءات العرض المغلقة. يأتي المهرجان في إطار سعي إدارة المسرح بإمارة الشارقة للاحتفاء بمختلف الظواهر المسرحية، وفتح الباب أمام الفنان الإماراتي لتجريب مختلف الأنواع المسرحية، والإطلاع على التجارب المسرحية العربية. ويديره أحمد بورحيمة الصحافي والمسرحي الإماراتي.
أحمد بورحيمة: نقاش مهم نخوضه حول المسرح والمستقبل بحثا عن إجابة على سؤال: كيف سيتصدى المسرح للتقنيات الحديثة؟يعود بنا بورحيمة في حواره مع “العرب” إلى الأسباب الأولى لتأسيس مهرجان يعنى بالمسرح الثنائي، تحديدا في مدينة دبا الحصن التابعة لإمارة الشارقة، فيقول إن “اختيار أن يكون المسرح الثنائي في دبا الحصن جاء انطلاقا من أن المنطقة تزخر بالمثقفين والمفكرين وهم أهل لتلقي مثل هذه الأنواع من الأعمال وهذه الأنشطة الثقافية وتاريخ المنطقة شاهد على ذلك، ونحن في إدارة المسرح التابعة لهيئة الثقافة والفنون بإمارة الشارقة، نسعى لتنويع الفعاليات والمهرجانات المسرحية، كي نرضي الذائقات الفنية ونخلق جماهير متنوعة تمنح المسرح الإماراتي زخما عربيا ودوليا”.
والمسرح الثنائي الذي يختص به هذا المهرجان تبلور في المنطقة العربية أكثر في السنوات الأخيرة، وهو مسرح يعتمد على المواجهة الأدائية القائمة بين ممثلين فقط، ويرى محدثنا أنه نوع مسرحي “يبنى على تناقض بين شخصيتين والصراع بينهما. هذا أعتقد أنه من أصعب أنواع المسرح، ولكن هذا التنافر يضاعف التحدي أمام الممثلين ويقدم ثقافة مسرحية مختلفة للمتلقي الإماراتي والعربي”.
ويوضح بورحيمة “نحن في هذا المشروع لا ننظر فقط إلى موضوع المسرحية وإنما إلى العوامل الأخرى المساعدة، من أنشطة وبرامج فكرية نستهدف من خلالها الوصول إلى أكبر عدد من الشباب والهيئات التدريسية بالإضافة إلى الملتقى الفكري الذي هو أكبر عمرا من المهرجان”.
ويعتبر مدير المهرجان أن مهرجان المسرح الثنائي بعد سبع دورات أصبح من الممكن القول إنه صار مؤثرا في الجمهور وتحديدا في أبناء دبا الحصن، حيث يقول “لا شك أن للمهرجان تأثيرا كبيرا على الناس. لقد رأيت هذه الأيام إقبالا مكثفا من قبل الجمهور بمختلف شرائحه ومستوياته وأمزجته. ورغم أن بعض العروض كما هو حال عرض الافتتاح جاء ضمن مسرح العبث وكان صعب التلقي للجمهور العادي لكن بقية العروض راعينا فيها نزولنا نحن إلى الجمهور وكسر الفعل النخبوي للمسرح، بحيث يكون المسرح صوت المتلقي وليس نخبويا متعاليا عليه وعلى قدر استطاعة فهمه للعرض المسرحي وتحليله وقراءة مختلف عناصره”.
ويضيف “تفاعل الجمهور مع العروض يثبت أن هناك ثقافة لمواكبة المسرح وكيفية تذوق العروض المسرحية، وحتى وإن انتقدت بعض العروض لكونها تقدم خطابا عنيفا نوعا ما في حين يحضر بين الجمهور أطفال وصغار، فإنني لا أرى أن الأمر يمثل مشكلة، فالطفل لا يركز على النص المنطوق بقدر ما يهتم بحركة الجسد والمؤثرات البصرية وجمالية العرض، لكن موضوعيا هو فعلا من الخطأ أن يحضر الأطفال في مثل هذه العروض، لذلك سنعمل مستقبلا على أن يكون للأطفال حضور في أعمال تتناسب مع شريحتهم العمرية ومستواهم في التفكير، لكننا عموما نفتح المجال لكل من يود حضور العروض لنشر ثقافة المسرح وتعزيزها في المجتمع”.
وينوه بورحيمة “نحن نحاول جذب الجمهور لمواكبة الأنشطة المسرحية سواء في هذا المهرجان أو في مهرجانات أخرى، مثل كرنفال خرفكان للمسرح، الذي يخرج بالعروض من الخشبة والفضاءات المغلقة ليعرضها أمام الشارع ويحوله إلى مسرح كبير، وبموازاة العروض المسرحية نحن ننظم مسابقات عديدة، ونمنح جوائز، ونستفز المتلقي ليشارك ويكتشف الفنان داخله كأن ينافس للفوز بجائزة أفضل قناع للوجه من صنع يديه”.
وكانت فعاليات الدورة السابعة من مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي انطلقت الجمعة مساء وتشارك فيها خمسة عروض مسرحية، حيث يشارك من مصر العرض المسرحي “ورقة طلبات” من إخراج الفنان محمد عادل، ومن الإمارات عرض “بعض الأشياء” من إخراج محمد جمعة، ومن الكويت عرض “أصل الحكاية ” من إخراج فيصل عبيد، ومن المغرب عرض “معلقات” من إخراج محمد الحر، ومن سوريا عرض “لقاء” من إخراج عروة العربي.
وافتُتح المهرجان بعرض العمل الإماراتي “بعض الأشياء”، الذي قدمته فرقة المسرح الحديث بالشارقة، وجسّده خليفة ناصر ورزان نجيب، وكتب نصه فادي جرجس وأخرجه محمد جمعة. ويحكي العمل عن شخصيتين “رجل وامرأة” وقع تبادل لأيديهما، حيث صارت يدا الرجل في جسد المرأة، ولكنه ظل متحكماً فيهما، والعكس صحيح، ليبدو الفعل المجسد من أي واحد منهما مفروضاً عليه من الآخر وليس صادراً عن إرادته. وعبر جملة من المشاهد نفهم أن ثمة اختلافات في تفضيلات كل واحد منهما تجاه مختلف عناصر الحياة.
في ملتقى الشارقة للمسرح يناقش خبراء عرب أهمية المسرح ودوره في تشكيل المستقبل
ويمتلك مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي توجها استثنائيا في اختياره العروض المشاركة؛ حيث تكون من تمويله وإشراف هيئته المديرة، وعن ذلك يقول محدثنا “نحن نختار نصوصا ثم نطلع على الأسماء ذات التجارب المتميزة في مهرجانات عربية ومن جنسيات مختلفة وندخل معها في مفاوضات على مشاريع نصوص ونقدم لها الموارد المالية اللازمة ونفسح لها المجال للاشتغال عليها في بلدانها، ثم تطلع إدارة المهرجان على الأعمال وتقدمها كعروض للمرة الأولى في مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي”.
وفي تقييمه العام لتجربة المهرجان وتطلعاته يقول بورحيمة إن “الإقبال الجماهيري يعني أن المهرجان يسير في طريق ناجح، يعني أننا حققنا جزءا كبيرا من غايتنا، خاصة إذا تأملنا كيف ابتدأنا وكيف كانت الدورة التأسيسية وإلى أين وصلنا اليوم، إلى جانب الحضور العربي الذي يدعم تبادل الثقافات والتجارب الفنية والخبرات، وفي الأخير فإن الفعل الإبداعي وكل تجربة فنية مسرحية لهما مخرجاتهما، هذه المسألة تحتاج إلى القدرة على تذوق الفن المسرحي”.
وفي حديث عن ملتقى الشارقة للمسرح العربي في دورته الثامنة عشرة التي جاءت تحت شعار “المسرح والمستقبل” يقول أحمد بورحيمة إن “جمالية المسرح في شموليته، سبق أن تحدثنا عن المسرح والموسيقى، والمسرح والتاريخ، والمسرح والتكنولوجيا، ونحن اليوم نخوض نقاشا مهما حول المسرح والمستقبل وأعتقد أن أحد أهم التحديات في فن المسرح هو المستقبل، ونحن نبحث عن إجابة على التساؤلات التي تطرح دائما حول كيف سيتصدى المسرح لكل هذه المغريات والتقنيات الحديثة؟”.
ويضيف “يبقى في اعتقادي أن المسرح شكل فني ثابت يمكن أن يستفيد من العوامل المساعدة الأخرى في تطوير نفسه، لكن هل المستقبل الآن أن نقدم عروض شكسبير كما هي؟ الأكيد لا، وهذا هو جوهر البحث. في اعتقادي أننا نحتاج إلى نسف الأفكار وأمور أخرى لأن المسرحيين اليوم أصبحوا يقدمون أشكالا متشابهة رغم اختلافها، هي قد تكون ميزة، كأن نرى المدرسة التونسية أو المدرسة المغربية أو المدرسة الإماراتية، لكننا نستنسخ أعمال بعضنا البعض، لذلك نحتاج إلى إعادة تفكير لجذب الجمهور العادي الذي يحتاج الاطلاع إلى هذه الجماليات والتقنيات الحديثة في السينما والهاتف وتأثيرها في الفعل على خشبة المسرح".
ويضرب الفنان الإماراتي مثالا على الفعل المسرحي في أوروبا فيقول "الآن أصبحنا نرى عروضا تتماهى وتتشابه مع أذواق العامة مثل مسرح المترو أو عروض المسرح التي تكون في عربات المترو ومحيطها، وتسائل المتلقي وتطلب منه اختيار موضوع العرض وفكرته، وهو باختصار ما نحاول القيام به في الشارقة عبر كسر الحواجز الإيطالية والنزول إلى الناس”.
حنان مبروك
صحافية تونسية