تداخلات الكتلة واللون في أعمال علي رسن المعروضة في قاعة أكد
منحوتات علي رسن، رغم أنها خرجت من تحت يديه، فهو الآخر، يتعاطف معها كثيرا، وبعمق، ولا يعلم أنها ستكون هكذا.
الاثنين 2024/02/19
ShareWhatsAppTwitterFacebook
توازن بين اللون وكتلة النحت
بغداد- عرض النحات العراقي علي رسن تجربته الجديدة، من خلال معرضه الشخصي السابع، على قاعة أكد للفنون، بعنوان “تداخلات الكتلة واللون”، حيث قدم مجموعة من المنحوتات الجبسية، الـ“نصف بورتريه”، بوضع طبيعي لوجوه شخصية، معلقة في ذاكرته، قد تكون من الواقع، أو من الخيال ما زالت معلقة أو شاخصة أمامه، ومنها منحوتات لوجوه قد بالغ في استطالة رقابهم، كاستطالة أميديو مودلياني في شخصياته المرسومة.
النحات رسن لا يريد هنا أن يقدم بورتريهات أكاديمية واقعية جامدة، كما نحتفل في افتتاح تماثيل لرموزنا الثقافية والفنية، ولكنه أراد أن يقدم شخصياته وفق رؤيته الفكرية المعاصرة، التي اتسمت بمسحة لونية تعبيرية متميزة لكل شخصية من منحوتاته، وكأن ألوانه لا تصلح إلا لوجه البورتريه من الأمام.
◙ رسن لا يريد أن يقدم بورتريهات أكاديمية واقعية جامدة، لكنه أراد أن يقدم شخصياته وفق رؤيته الفكرية المعاصرة
الوجه، أو الرأس هنا، ليس بالضرورة أن يكون شبيها لشخصية ما، بقدر ما يكون رأسا إنسانيا معينا يحمل ما يحمل من الحواس الملموسة، فضلا عن “العقل” الذي لا نعرف بماذا يفكر، وماذا يجول فيه. وبالنفس التي هي الأخرى، التي لا نعرف نواياها الدفينة.
يحاول علي رسن أن يؤسس من مسحة اللون هذه في منحوتاته، دلالة معينة، أو رمزية معلومة ترسخ أو تؤسس إلى تجربة أو أسلوب فني شخصي له، وفق رؤيته بأن يخلق منه توازنا ما بين اللون وكتلة النحت
نفسها، أو ما بين الظل والضوء، عندما يستغنى عن الإضاءة الطبيعية أو الاصطناعية، أو قد يكون اللون بمثابة “ماهية” فكرية يحقق فيها غايته أو خلجاته الشخصية لأسباب خاصة. قد تكون إحساسا جماليا تارة، أو اتخاذ فكرة إنسانية تارة أخرى، أو قد يجمعهما معا في صب أفكاره على الكتلة النحتية.
في كل الحالات المتخذة، هي بالنتيجة هواجس معلنة على الواقع، شئنا أم أبينا، فالوجوه مثلما نراها جميعها ساكنة، هادئة، بريئة، وكأنها في وجل، أو حصار، أو خلف قضبان حديدية، غير مرئية، في دواخلها هواجس إنسانية مكلومة جداً، وكيف لا، والحروب السخيفة المتواصلة، والمأساة، والحرمان، والفقدان، والمعاناة، كلها طاغية، تصرخ وتدان بهمجية معلنة، تسكت يلفها الحزن العميق!!
أعتقد أن منحوتات علي رسن، رغم أنها خرجت من تحت يديه، فهو الآخر، يتعاطف معها كثيرا، وبعمق، ولا يعلم أنها ستكون هكذا، وكأنه يراها أول مرة، ولكنها خرجت من عمق دواخله وهواجسه وإحساسه. قبل أن تستقر على منحوتاته.. التي تنتظر مصيرها القادم..!!
النحات علي رسن منصور، مواليد بغداد 1963، أستاذ مادة فن النحت في كلية الفنون الجميلة – جامعة واسط. عضو في كل من جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين ونقابة الفنانين. أقام معرضه الأول على قاعة حوار بعنوان “معاطف برونزية” العام 1997، ومعرضه الثاني بعنوان “بعد الحرب” على قاعة حوار العام 2004، ومعرضه الثالث في العام 2005 بعنوان “كرسي” على قاعة الأندى للفنون/ عمان، ومعرضه الرابع بعنوان “كرسي” أيضا على قاعة مدارات العام 2009، ومعرضه الخامس تحت عنوان “منحوتات برونزية” على قاعة كلية الفنون الجميلة – جامعة واسط، و”وجوه ملونة” في الكلية نفسها العام 2018.
ومعرضه الآن على قاعة أكد للفنون بعنوان “تداخلات الكتلة واللون”.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
علي إبراهـيم الدليمي
كاتب عراقي
منحوتات علي رسن، رغم أنها خرجت من تحت يديه، فهو الآخر، يتعاطف معها كثيرا، وبعمق، ولا يعلم أنها ستكون هكذا.
الاثنين 2024/02/19
ShareWhatsAppTwitterFacebook
توازن بين اللون وكتلة النحت
بغداد- عرض النحات العراقي علي رسن تجربته الجديدة، من خلال معرضه الشخصي السابع، على قاعة أكد للفنون، بعنوان “تداخلات الكتلة واللون”، حيث قدم مجموعة من المنحوتات الجبسية، الـ“نصف بورتريه”، بوضع طبيعي لوجوه شخصية، معلقة في ذاكرته، قد تكون من الواقع، أو من الخيال ما زالت معلقة أو شاخصة أمامه، ومنها منحوتات لوجوه قد بالغ في استطالة رقابهم، كاستطالة أميديو مودلياني في شخصياته المرسومة.
النحات رسن لا يريد هنا أن يقدم بورتريهات أكاديمية واقعية جامدة، كما نحتفل في افتتاح تماثيل لرموزنا الثقافية والفنية، ولكنه أراد أن يقدم شخصياته وفق رؤيته الفكرية المعاصرة، التي اتسمت بمسحة لونية تعبيرية متميزة لكل شخصية من منحوتاته، وكأن ألوانه لا تصلح إلا لوجه البورتريه من الأمام.
◙ رسن لا يريد أن يقدم بورتريهات أكاديمية واقعية جامدة، لكنه أراد أن يقدم شخصياته وفق رؤيته الفكرية المعاصرة
الوجه، أو الرأس هنا، ليس بالضرورة أن يكون شبيها لشخصية ما، بقدر ما يكون رأسا إنسانيا معينا يحمل ما يحمل من الحواس الملموسة، فضلا عن “العقل” الذي لا نعرف بماذا يفكر، وماذا يجول فيه. وبالنفس التي هي الأخرى، التي لا نعرف نواياها الدفينة.
يحاول علي رسن أن يؤسس من مسحة اللون هذه في منحوتاته، دلالة معينة، أو رمزية معلومة ترسخ أو تؤسس إلى تجربة أو أسلوب فني شخصي له، وفق رؤيته بأن يخلق منه توازنا ما بين اللون وكتلة النحت
نفسها، أو ما بين الظل والضوء، عندما يستغنى عن الإضاءة الطبيعية أو الاصطناعية، أو قد يكون اللون بمثابة “ماهية” فكرية يحقق فيها غايته أو خلجاته الشخصية لأسباب خاصة. قد تكون إحساسا جماليا تارة، أو اتخاذ فكرة إنسانية تارة أخرى، أو قد يجمعهما معا في صب أفكاره على الكتلة النحتية.
في كل الحالات المتخذة، هي بالنتيجة هواجس معلنة على الواقع، شئنا أم أبينا، فالوجوه مثلما نراها جميعها ساكنة، هادئة، بريئة، وكأنها في وجل، أو حصار، أو خلف قضبان حديدية، غير مرئية، في دواخلها هواجس إنسانية مكلومة جداً، وكيف لا، والحروب السخيفة المتواصلة، والمأساة، والحرمان، والفقدان، والمعاناة، كلها طاغية، تصرخ وتدان بهمجية معلنة، تسكت يلفها الحزن العميق!!
أعتقد أن منحوتات علي رسن، رغم أنها خرجت من تحت يديه، فهو الآخر، يتعاطف معها كثيرا، وبعمق، ولا يعلم أنها ستكون هكذا، وكأنه يراها أول مرة، ولكنها خرجت من عمق دواخله وهواجسه وإحساسه. قبل أن تستقر على منحوتاته.. التي تنتظر مصيرها القادم..!!
النحات علي رسن منصور، مواليد بغداد 1963، أستاذ مادة فن النحت في كلية الفنون الجميلة – جامعة واسط. عضو في كل من جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين ونقابة الفنانين. أقام معرضه الأول على قاعة حوار بعنوان “معاطف برونزية” العام 1997، ومعرضه الثاني بعنوان “بعد الحرب” على قاعة حوار العام 2004، ومعرضه الثالث في العام 2005 بعنوان “كرسي” على قاعة الأندى للفنون/ عمان، ومعرضه الرابع بعنوان “كرسي” أيضا على قاعة مدارات العام 2009، ومعرضه الخامس تحت عنوان “منحوتات برونزية” على قاعة كلية الفنون الجميلة – جامعة واسط، و”وجوه ملونة” في الكلية نفسها العام 2018.
ومعرضه الآن على قاعة أكد للفنون بعنوان “تداخلات الكتلة واللون”.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
علي إبراهـيم الدليمي
كاتب عراقي