لبنى بن شقرون في سعي دائم لتنويع الأشكال الفنية والمدارس الفكرية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لبنى بن شقرون في سعي دائم لتنويع الأشكال الفنية والمدارس الفكرية

    لبنى بن شقرون في سعي دائم لتنويع الأشكال الفنية والمدارس الفكرية


    "مرآة الأساتذة" انعكاس معاصر لتجارب رواد التشكيل العالمي.
    الاثنين 2024/02/19

    تجديد فني يستلهم من تجارب الرواد والمؤسسين

    تكشف الفنانة التشكيلية المغربية لبنى بن شقرون في هذا الحوار مع “العرب” كواليس معرضها الفردي الذي انعقد منذ أيام قليلة تحت عنوان “مرآة الأساتذة” برواق منظار الدار البيضاء، وتتحدث عن علاقتها الملهمة بأساتذة الفن عبر التاريخ ورؤيتها للفعل التشكيلي في المغرب.

    الرباط- تطورت الفنون التشكيلية المعاصرة لتصبح لغة تعبيرية حية ومتجددة، تعكس تحولات المجتمع وترسم واقعه بألوان مختلفة وأشكال متعددة. ومن بين الأشكال الفنية البارزة في هذا السياق، يحضر فن الزمن الجميل كواحد من أبرز المدارس الفنية التي شكلت تراثا غنيا ومتنوعا في تاريخ الفنون التشكيلية.

    إن دور الفن التشكيلي المعاصر في تكريم رواد فن الزمن الجميل، يتجلى في عدة جوانب مهمة من بينها الإلهام والتأثير الثقافي، إذ يعمل الفن التشكيلي المعاصر كجسر يربط بين الماضي والحاضر، حيث يستلهم الفنانون المعاصرون أفكارهم وتقنياتهم من التجارب الفنية التقليدية والكلاسيكية، مما يسهم في تخليد إرث الفنانين الذين سبقوهم في عصور سابقة، وفي تجديد الفكر الفني والتقنيات المستخدمة في عملية الإبداع، وهو ما يعزز التفاعل بين الفنانين من مختلف الأجيال ويسهم في إثراء المشهد الفني بمفاهيم وأساليب جديدة.


    رسالتي كفنانة هي الاحتفال بثراء وتنوع الفن عبر العصور، وتشجيع الجمهور على التفكير في استمرارية وتطور الفن


    ويعتبر الفن التشكيلي المعاصر منبرا للتعبير عن الهوية، والتراث الثقافي، فهو يلعب دورا هاما في حفظ وتكريم تراث رواد فن الزمن الجميل، وتأكيد أهميتهم وتأثيرهم على تطور الفنون التشكيلية، كما يساهم في إبراز القيم الجمالية والجودة الفنية التي تميزت بها أعمال رواد فن الزمن الجميل، وهو ما يعكس التقدير والاحترام لتلك القيم ويسهم في تخليد إرثهم الفني.

    وفي هذا السياق، جمعنا حوار مع واحدة من الفنانين التشكيليين المغاربة الملتزمين بالتجديد ومواكبة العصر مع التعبير عن خصوصية الهوية والتراث المغربييْن وهي الفنانة التشكيلية لبنى بن شقرون، التي كان لها معرض فني يحمل في طياته لوحات تكرم رواد الفن تحت عنوان “مرآة الأساتذة”.

    أقامت الفنانة التشكيلية لبنى بن شقرون معرضا فنيا يحمل عنوان “مرآة الأساتذة” في رواق منظار الدار البيضاء في الأسبوع الأول من فبراير الجاري، حيث عرضت لوحات فنية تكرم فيها أساتذة ورواد الفن التشكيلي.

    تكشف الفنانة التشكيلية المغربية لـ”العرب” عن مصادر الإلهام الرئيسية التي كانت سببا في معرض “مرآة الأساتذة” فتقول: “تشمل مصادر الإلهام الرئيسية لهذا المعرض عناصر متنوعة مثل الطبيعة والموسيقى والأدب والتجارب الشخصية، فعلى سبيل المثال تلهمني المناظر الطبيعية المتغيرة باستمرار التي أراها خلال رحلاتي بألوانها وأنماطها وأجوائها الفريدة، كما تثير أشعار أحد الكتّاب المفضلين لدي أو لحنٌ موسيقيٌ معين، العواطف والأفكار التي تتجسد لاحقًا في أعمالي الفنية، وقد أثرت زياراتي المتعددة للمتاحف والفعاليات الثقافية على مساري الفني، وهكذا نشأت فكرة معرضي المرآة للأساتذة، حيث أقدم العرض تكريمًا للأساتذة العظام عبر التاريخ”.

    وفي حديثنا عما يمزها كفنانة تشكيلية في هذا المعرض تقول بن شقرون: “ما يميزني هو التحول، فقد تم إنشاء هذه القطع الفنية باستخدام تقنية مختلطة من التجميع والرسم، ترمز إلى انتقالي من أسلوب تصويري تقليدي إلى نهج تجريبي وتجريدي، ومن خلال استخدام الأشكال العضوية والألوان الزاهية، أعبر في هذا العمل عن رغبتي في الخروج عن الأنماط الفنية المعتادة واستكشاف مجالات إبداعية جديدة”.


    الفن التشكيلي المعاصر يلعب دورا هاما في حفظ وتكريم تراث رواد فن الزمن الجميل، وتأكيد أهميتهم وتأثيرهم على تطور الفنون التشكيلية


    تقول الفنانة المغربية لبنى بن شقرون عن الفنانين الذين تم تكريمهم في هذا المعرض: “اختيارهم كان عملية دقيقة ومدروسة، إذ قمت باختيار الذين كان لعملهم تأثير أكبر على حساسيتي الفنية الخاصة، وظهورهم كان واضحًا في أعمالي التشكيلية، كما حرصت أيضًا على تضمين فنانين أقل شهرة ولكنهم مميزون بالمثل، لإلقاء الضوء على مساهمتهم الراقية في تاريخ الفن”.

    وتضيف حول أهمية التطور الذاتي في ممارسة فنها منوهة: “يلعب التعلم الذاتي دورًا أساسيًا في ممارسة فني، حيث تمكّنتُ من خلاله استكشاف مختلف التقنيات والأساليب والمفاهيم بشكل مستقل، ومن تطوير نهج فني شخصي وأصلي، إذ يتجلى هذا البعد في أعمال المعرض من خلال تنوع الأشكال الفنية، مما يعكس إرادتي المستمرة للتعلم والتجربة والنمو كفنانة”.

    وتشرح “يعد تطوير المهارات من أساسيات تعلمي الذاتي الفني، والشغف الذي أشعر به تجاه الفن، وهذه القدرة الفطرية على التعبير عن مشاعري وأفكاري من خلال لغة بصرية هو مصدر إلهام دائم، إذ شعرتُ منذ صغري بهذا الدافع الإبداعي الذي دفعني لتجربة الألوان والأشكال والملمس، وهذا الشغف الطبيعي دفعني إلى مواصلة تعلمي بشكل مستقل، حيث سعيتُ لتطوير مهاراتي التقنية والجمالية من خلال المراقبة والتجربة والممارسة المستمرة”.

    وتستدرك “أما الصبر فكان دافعًا آخر مهما في رحلتي التعليمية الذاتية، وخاصة في مواجهة التحديات والعقبات التي واجهتها في طريق التعلم الفني، إذ كان إصراري على تجاوز الصعوبات هو ما سمح لي بالتقدم والتحسن بشكل مستمر، بعيدًا عن أن أكون منزعجة من الفشل أو الانتقادات، اخترت أن أنظر إليها كفرص للتعلم والنمو. فكل لوحة غير منتهية، وكل محاولة بلا جدوى سمحت لي باكتساب معرفة جديدة وتحسين مهاراتي، فهذا الصبر الذي يغذيه شغفي بالفن كان دليلي خلال الارتفاعات والانخفاضات في رحلتي الفنية، مما سمح لي بالمضي قدمًا والتميز كفنانة”.

    وتطرقت التشكيلية المغربية إلى أهمية التجارب الشخصية في صقل موهبة الفن حيث قالت: “كانت هناك تجربة شخصية مهمة أثرت بعمق على إحدى إبداعاتي، وهي فقدان شخص عزيز، هذه التجربة العاطفية دعتني إلى استكشاف موضوع الفقدان والحزن من خلال سلسلة من اللوحات التجريدية، فكل فرشاة، وكل درجة لون، تحمل بصمة مشاعري وتجاربي الشخصية، مما يخلق أعمالًا مشحونة بالمعنى والصدق”.


    دور الفن التشكيلي المعاصر في تكريم رواد فن الزمن الجميل، يتجلى في عدة جوانب مهمة من بينها الإلهام والتأثير الثقافي


    وتوضح بن شقرون أن “رابط الحوار البصري بين أجيال الفنانين يكمن في وضع الأعمال الفنية القديمة والمعاصرة بجانب بعضها، إذ أسعى إلى خلق تبادل ديناميكي بين العصور والأنماط الفنية المختلفة، حيث يسلط هذا التجاوز الضوء على التأثيرات المتبادلة والصدى البصري الذي يتجاوز الحدود الزمنية، مما يقدم للمشاهدين تجربة غنية ومحفزة”.

    أما عن آمال لبنى بن شقرون في تفاعل المشاهدين مع هذا التباين بين التقاليد الفنية من الماضي وتعبيرها الفني المعاصر، فهي تقول :”أتمنى أن يتحفز المشاهدون على التفكير في تطور الفن عبر الزمن، وأن يثار لديهم شعور بالفضول والاكتشاف والتقدير، لتنوع الأشكال الفنية والمدارس الفكرية التي ساهمت في تشكيل إرثنا الثقافي المشترك”.

    ولم تنس الحديث عن التحديات التي تواجه الفنان التشكيلي، حيث توضح: “كان تجاوز حدودي واستكشاف تقنيات جديدة تحديًا محفزًا أثناء إنشاء هذا المعرض، إذ كان التجريب مع وسائط مختلفة، واللعب بالملمس والألوان، و الحفاظ على تناغم جمالي، يتطلب عملاً دقيقًا وافتتاحية كبيرة، ولكن بالضبط هذا التحدي الذي سمح لي بالنمو كفنانة وتطوير ممارستي بطريقة معنوية”.

    ويساهم تنوع أبعاد الأعمال في التجربة التي ترغب مشاركتها لبنى بن شقرون مع زوار المعرض من خلال تغيير الأحجام والنسب، فقد عبرت عن ذلك بقولها “أسعى إلى تحفيز تصورهم ودعوتهم لاستكشاف الأعمال المختلفة من زوايا متعددة، حيث يخلق هذا التنوع أيضًا إيقاعًا بصريًا ديناميكيًا في فضاء المعرض، مما يجذب انتباه الجمهور ويدعوهم للانغماس في عالم من المشاعر والأحاسيس الجمالية”.

    وتختم الفنانة المغربية حوارها مع “العرب” بالقول: “تتمثل رسالتي كفنانة في الاحتفال بثراء وتنوع الفن عبر العصور، إذ أتمنى أن يشجع هذا المعرض الجمهور على التفكير في استمرارية وتطور الفن، فضلاً عن قوته العابرة للزمن والمكان في ربط الأفراد، كما أتمنى أن تلهم هذه التجربة الفنية الحوار والتفكير وظهور منظورات جديدة، مما يساهم في إثراء فهمنا الجماعي للفن وحالة الإنسان المتغيرة”.










    عبدالرحيم الشافعي
    كاتب مغربي
يعمل...
X