الشمس أم الحياة .. قصة الخَلق ..
الشمس أم الحياة
ما بدأت أكتب في خلق الله ، حتى سألت نفسي :
كم يعرف القارىء من خلق الله ؟
كم يعرف المدني من مخلوقات الله ؟
- الرجل المدني يعرف القليل الأقل من مخلوقات الله
ان رجل المدينة ، الذي نشأ بها ، واقتصر عيشه و تجواله فيها ، يعرف القليل الأقل من مخلوقات الله .
انه يعرف الكثير من بني الانسان ، وهؤلاء خلق واحد .
ويعرف ما استأنس الانسان من حيوان ، من حيوانات تجر الأثقال ، وحيوانات تحرث الأرض ، وحيوانات تألف انه البيت .
ومن الطير عرف العصفور . وكل طير صغير عند الرجل المدني عصفور . وعرف الغراب ، وعرف الحدأة وعرف الصقر . وتسأله عن الفرق بين الحدأة والصقر فلا يدري . وعرف طيورا أخرى ، تأتي حينا وتختفي حينا ، لها أشكال ، ولها ألوان ، وتسأله عنها فلا يكاد يعرف لها اسما ولا لها موطنا .
والسمك يعرف الرجل المدني منه ما أكل . وأغلب الظن انه عرفه طعما مطبوخا ، لا حيوانا حيا درى في البحر كيف هذا السمك يعيش .
والحشرات ، قل علم الرجل المدني بها ، والمرأة المدنية ، بحكم أن المدينة تحد من نشاط الحشر . فالطفل يعرف الذباب والبعوض ، ويعرف الصرصور والخنفساء و من أطفال المدينة من لم ير البق عمره •
وجعلوا للرجل المدنى ، والمرأة المدنية ، والطفل المدني والطفلة ، حدائق جمعت بين شتى الحيوانات ، مما تیسر جمعه من شتيت الأصناف ففي حدائق الحيوانات عرف الرجل المدنى ما الأسد ، وما النمر ، وما الفهد ، وما الذئب ، وما الفيل ، وما وحيد القرن ، وعرف صنوفا من الغزلان والوعل ، ورأى الثعابين صنوفا ، والعناكب أنواعا ، والعقارب . ورأى الطير أحجاما وألوانا والأسماك رآها تسبح في ماء ووعاء أشبه ما يكون بمائها ووعائها في الطبيعة .
فهذا هو الرجل المدني رجل المدينة . رجل خرجت به الحياة الاصطناعية عن حياة الطبع ، فهو لم يمارس العيش حيوانا بين حيوانات .
- ورجل القرية كم عرف من مخلوقات الله
ورجل الريف ، رجل القرية ، أقرب الى مخلوقات رجل المدينة . وحتى على القلة مما يرى من الحيوانات ، هو مارس العيش مع ما عنده منها ممارسة قريبة وثيقة ، وعرف منها بسبب ذلك ، لا أشكالا وألوانا فحسب ، ولكنه عرف حياتها في شتى وجوهها ، وعلى وحين تهبط ، وعند الولادة وعند الموت .
والنبات الحي عرف منه القروي الشيء الكثير . انه نبته ، وحضر نشأته وحضر أزهاره وأثماره ، وحضر ما فعل الزمن به من خير ومن شر . ولعله بسبب ذلك كان القروي بالنبات أعرف ، ولظواهر الحياة فيه أفهم .
- ما الذي نقصده بخلق الله
ومع هذا فالذي نقصده في هذه الدراسة بخلق الله ، ليس المخلوقات القليلة التي أطلع عليها الرجل المدني ، ولا المخلوقات الأكثر التي عرفها وألفها الرجل القروي ، ولكن المخلوقات بجملتها التي بثها باثها في مئات شتيت المناطق والأرجاء على ظهر هذه الأرض . الألوف من الأنواع التي تنبض بالحياة فوق سطح الأرض ، أو في جوف الماء ، أو في جو من هواء . وعلى رأسها جميعا أنت وأنا : رأس الخلائق جميعا ، على ما نعرف ، الإنسان .
- أحياء الأرض الى انقراض
الانسان ، منذ تحضّر ، وكلما تحضر ، باعد ويباعد بين نفسه وبين مخلوقات الله ، الا ما احتاج اليه منها لعيشه ، أو لراحته أو للهوه ، والا ما فرضته هي عليه أجناسها فلم يستطع منه خلاصا .
وكأني بالانسان قد ملأ الأرض من ذريته اعدادا ، وملأها حضارة ، فطارد بذلك أكثر حيوان البر ، وأكثر نبات البر ، فان استبقى منهما شيئا ، فنماذج في حدائق ، متاحف حية ، تعرف الخلف من أصناف الأحياء بما هي . كان عرف السلف وقد يسمع طفل بني الناس بعد قرنين عن كثير مما يعرف الآن من صنوف حيوان ونبات ويسأل عنها ، فيقال له انها انقرضت ، الا نسخا حية احتفظوا بها حتى لا يضيع هذا العلم كله من الكون . والا صورا فوتغرافية زانوا بها حوائط متاحف للتاريخ الطبيعي ، في هذه العاصمة ، أو في تلك ، أو في هذه الجامعة القريبة ، أو تلك الأخرى البعيدة .
وعندما نقل أحياء الأرض ، نقل تبعا لذلك أحياء الهواء .
والبحار يحمي أحياءها من تمدد الانسان بمدنيته ، ماؤها . الا أن تسهل سكنى الماء ، وتؤلف ، وتريح ، وهيهات .
الشمس أم الحياة
ما بدأت أكتب في خلق الله ، حتى سألت نفسي :
كم يعرف القارىء من خلق الله ؟
كم يعرف المدني من مخلوقات الله ؟
- الرجل المدني يعرف القليل الأقل من مخلوقات الله
ان رجل المدينة ، الذي نشأ بها ، واقتصر عيشه و تجواله فيها ، يعرف القليل الأقل من مخلوقات الله .
انه يعرف الكثير من بني الانسان ، وهؤلاء خلق واحد .
ويعرف ما استأنس الانسان من حيوان ، من حيوانات تجر الأثقال ، وحيوانات تحرث الأرض ، وحيوانات تألف انه البيت .
ومن الطير عرف العصفور . وكل طير صغير عند الرجل المدني عصفور . وعرف الغراب ، وعرف الحدأة وعرف الصقر . وتسأله عن الفرق بين الحدأة والصقر فلا يدري . وعرف طيورا أخرى ، تأتي حينا وتختفي حينا ، لها أشكال ، ولها ألوان ، وتسأله عنها فلا يكاد يعرف لها اسما ولا لها موطنا .
والسمك يعرف الرجل المدني منه ما أكل . وأغلب الظن انه عرفه طعما مطبوخا ، لا حيوانا حيا درى في البحر كيف هذا السمك يعيش .
والحشرات ، قل علم الرجل المدني بها ، والمرأة المدنية ، بحكم أن المدينة تحد من نشاط الحشر . فالطفل يعرف الذباب والبعوض ، ويعرف الصرصور والخنفساء و من أطفال المدينة من لم ير البق عمره •
وجعلوا للرجل المدنى ، والمرأة المدنية ، والطفل المدني والطفلة ، حدائق جمعت بين شتى الحيوانات ، مما تیسر جمعه من شتيت الأصناف ففي حدائق الحيوانات عرف الرجل المدنى ما الأسد ، وما النمر ، وما الفهد ، وما الذئب ، وما الفيل ، وما وحيد القرن ، وعرف صنوفا من الغزلان والوعل ، ورأى الثعابين صنوفا ، والعناكب أنواعا ، والعقارب . ورأى الطير أحجاما وألوانا والأسماك رآها تسبح في ماء ووعاء أشبه ما يكون بمائها ووعائها في الطبيعة .
فهذا هو الرجل المدني رجل المدينة . رجل خرجت به الحياة الاصطناعية عن حياة الطبع ، فهو لم يمارس العيش حيوانا بين حيوانات .
- ورجل القرية كم عرف من مخلوقات الله
ورجل الريف ، رجل القرية ، أقرب الى مخلوقات رجل المدينة . وحتى على القلة مما يرى من الحيوانات ، هو مارس العيش مع ما عنده منها ممارسة قريبة وثيقة ، وعرف منها بسبب ذلك ، لا أشكالا وألوانا فحسب ، ولكنه عرف حياتها في شتى وجوهها ، وعلى وحين تهبط ، وعند الولادة وعند الموت .
والنبات الحي عرف منه القروي الشيء الكثير . انه نبته ، وحضر نشأته وحضر أزهاره وأثماره ، وحضر ما فعل الزمن به من خير ومن شر . ولعله بسبب ذلك كان القروي بالنبات أعرف ، ولظواهر الحياة فيه أفهم .
- ما الذي نقصده بخلق الله
ومع هذا فالذي نقصده في هذه الدراسة بخلق الله ، ليس المخلوقات القليلة التي أطلع عليها الرجل المدني ، ولا المخلوقات الأكثر التي عرفها وألفها الرجل القروي ، ولكن المخلوقات بجملتها التي بثها باثها في مئات شتيت المناطق والأرجاء على ظهر هذه الأرض . الألوف من الأنواع التي تنبض بالحياة فوق سطح الأرض ، أو في جوف الماء ، أو في جو من هواء . وعلى رأسها جميعا أنت وأنا : رأس الخلائق جميعا ، على ما نعرف ، الإنسان .
- أحياء الأرض الى انقراض
الانسان ، منذ تحضّر ، وكلما تحضر ، باعد ويباعد بين نفسه وبين مخلوقات الله ، الا ما احتاج اليه منها لعيشه ، أو لراحته أو للهوه ، والا ما فرضته هي عليه أجناسها فلم يستطع منه خلاصا .
وكأني بالانسان قد ملأ الأرض من ذريته اعدادا ، وملأها حضارة ، فطارد بذلك أكثر حيوان البر ، وأكثر نبات البر ، فان استبقى منهما شيئا ، فنماذج في حدائق ، متاحف حية ، تعرف الخلف من أصناف الأحياء بما هي . كان عرف السلف وقد يسمع طفل بني الناس بعد قرنين عن كثير مما يعرف الآن من صنوف حيوان ونبات ويسأل عنها ، فيقال له انها انقرضت ، الا نسخا حية احتفظوا بها حتى لا يضيع هذا العلم كله من الكون . والا صورا فوتغرافية زانوا بها حوائط متاحف للتاريخ الطبيعي ، في هذه العاصمة ، أو في تلك ، أو في هذه الجامعة القريبة ، أو تلك الأخرى البعيدة .
وعندما نقل أحياء الأرض ، نقل تبعا لذلك أحياء الهواء .
والبحار يحمي أحياءها من تمدد الانسان بمدنيته ، ماؤها . الا أن تسهل سكنى الماء ، وتؤلف ، وتريح ، وهيهات .
تعليق