آكلو لحوم البشر
نسمع كثيرا عن اقوام من بني البشر تأكل لحوم بني البشر ، فهل هذه حقيقة واقعة أو هي بعض الترهات او المبالغات ، ذلك أنه من غير المعقول أن لا يأكل الكلب الكلب ، والنمر النمر ، ويأكل الانسان الانسان .
وان صح هذا ، فهل ينفع لحم الانسان طعاما للانسان ؟
نبدأ بالجواب على الفقرة الاخيرة من السؤال .
تلك التي تسأل عن لحم الانسان ، هل هو طعام صالح للانسان ؟ ونقول بالطبع ، ومن الوجهة النظرية ، ليس اصلح منه طعاما . فالانسان حين يأكل لحم الحيوانات انما يحله ليعود فيؤلف منه لحما وأنسجة واوعية واعضاء هي اعضاء الانسان لا اعضاء الحيوان .
ونقول من الوجهة النظرية ، وهي كذلك من الوجهة المنطقية . وقد قرأت قديما لعالم ينتقد الجنس البشري من الوجهة الاقتصادية في انه لا ينتفع باجسام من يموتون من الناس . انه يتركهم للدود في القبور ، او للنار والحريق عند من يحرقون الموتى . وصح قوله لو انه كان يتحدث عن شيء غير الإنسان . فنحن لا ندفن الأبقار ولا نحرقها ، وحتى الاحصنة نأكل لحومها لاسيما والحرب قائمة . ولكن للانسان قيم انسانية ترجح كل الحجج الاقتصادية . طن واحد من هذه القيم يرجح الف طن من اثقال المنطق جميعها .
اما عن عادة اكل لحوم البشر ، فقد جرى فيها كثير من المبالغات ، ولكن لم تحجب هذه المبالغات الحقيقية الواقعة ، وهي ان اكل لحوم البشر كان على الاقل ممـا مارسته قبائل الانسان . وقد لا يزال منها الى اليوم بقية غير يسيرة تمارسه .
ونذكر من بقاع الارض التي لا تزال توجد فيها هذه القبائل : غينيا الجديدة ، في أواسطها . ونذكر بقايا قليلة من غرب افريقيا واواسطها .. وبقايا في ماليزيا لاسيما في جزائر فيجي Fiji وفي استراليا . وبين المعوريين بنيوزيلندة .. وقبيلة الباتاك Batac في سومطرة وبقايا قبائل في امريكا شمالها وجنوبها .
أما الهدف من أكل لحوم البشر فيختلف من قبيلة لقبيلة ومن حال لحال من
فآكلو لحوم البشر في ماليزيا يسوون بين لحم الانسان ولحم الحيوان من حيث الاستهلاك ، فهم مع المنطق البدائي دون القيم .
والمعوريون في نيوزيلندة يقطعون اجسام القتلى بعد المعارك ويجعلونها اللون الاول في ولائم يقيمونها من بعد نصر .
وقبيلة الباتاك في سومطرة كانت تبيع لحم الانسان في الاسواق كما تبيع لحم الخرفان والابقار ، وكانت هنا فعل مضى .
والفيجيون كان يفخر رؤساؤهم بعدد من يستهلكون من ابدان بشرية ، فيحرصون على حصرها وتسجيلها.
ومن القبائل من أكل اجسام البشر ، لا انتقاما من أربابها ، ولا ازدراء لها ، وانما احتراما وتجلة . و من
ذلك ما حكاه قديما المؤرخ اليوناني الشهير هيرودوتس . قال : ان ملكا احضر نفرا من اليونانيين ، وعرض عليهم مالا كثيرا اذا هم اكلوا ابدان آبائهم عند موتهم . فارتاع هذا النفر ارتياعا كبيرا . ( عادة اليونان ان يحرقوا موتاهم ) .
وبالطبع رفضوا . فعرض الملك مثل هذا المال الكثير على نفر من قبيل آخر من البشر ، اذا هم رضوا بدفن اجسام آبائهم عند موتهم ، أو حرقها . فارتاعوا كذلك . قالوا انهم انما يأكلون اجسام آبائهم احتراما لها وصيانة .
ومن القبائل من اعتقد ان قوة البطل تتركز في قلبه وقوة الحكيم تتركز في رأسه ، فلم يأكلوا الجسم كله ، وانما تخيروا من اعضائه واجزائه كل ما يدر الخير المكنون في هذه الاجزاء عليهم .
وجعلوا من الجماجم مشارب ، اكوابا وكاسات .
امور مستفظعة ، ان يبني الابناء اجسامهم من اجسام الآباء ، اذ يتخذون من لحومهم طعاما .
ومع هذا ، فلو اوغل الفكر في العلم قليلا ، لوجد ان هذه هي سنة الخلق القائمة الدائمة ، ولو انها تجري على اسلوب أخفى . فألوف الالوف الذاهبة من بني الناس ، الذين كانوا في ما سبق من قرون ، ثم بانوا ، الى اي شيء صاروا . ضمتهم ثم خلت المقابر . او بهم عندما تنفست المحارق . واستحالوا ، على تنفست منهم هذا النحو أو ذاك ، الى مواد في تربة أو هواء ، يبني النبات منها سوقه وورقه وثمره ، ومن النبات يبني الحيوان جسمه ، ومن النبات والحيوان يصنع الانسان بدنه ، وهو انما يصنعه من ذرات كانت يوما بعض ابدان آباء له واجداد .
فما الابدان في حقيقتها ، الا أثواب من لحم مستعار ، يحللها ويفككها الموت ، لتعود فتنسج الحياة مما انحلت اليه من اخلاط ، اثوابا جديدة ، لاجيال يأتي بها الزمان جديدة . وهكذا دواليك .
نسمع كثيرا عن اقوام من بني البشر تأكل لحوم بني البشر ، فهل هذه حقيقة واقعة أو هي بعض الترهات او المبالغات ، ذلك أنه من غير المعقول أن لا يأكل الكلب الكلب ، والنمر النمر ، ويأكل الانسان الانسان .
وان صح هذا ، فهل ينفع لحم الانسان طعاما للانسان ؟
نبدأ بالجواب على الفقرة الاخيرة من السؤال .
تلك التي تسأل عن لحم الانسان ، هل هو طعام صالح للانسان ؟ ونقول بالطبع ، ومن الوجهة النظرية ، ليس اصلح منه طعاما . فالانسان حين يأكل لحم الحيوانات انما يحله ليعود فيؤلف منه لحما وأنسجة واوعية واعضاء هي اعضاء الانسان لا اعضاء الحيوان .
ونقول من الوجهة النظرية ، وهي كذلك من الوجهة المنطقية . وقد قرأت قديما لعالم ينتقد الجنس البشري من الوجهة الاقتصادية في انه لا ينتفع باجسام من يموتون من الناس . انه يتركهم للدود في القبور ، او للنار والحريق عند من يحرقون الموتى . وصح قوله لو انه كان يتحدث عن شيء غير الإنسان . فنحن لا ندفن الأبقار ولا نحرقها ، وحتى الاحصنة نأكل لحومها لاسيما والحرب قائمة . ولكن للانسان قيم انسانية ترجح كل الحجج الاقتصادية . طن واحد من هذه القيم يرجح الف طن من اثقال المنطق جميعها .
اما عن عادة اكل لحوم البشر ، فقد جرى فيها كثير من المبالغات ، ولكن لم تحجب هذه المبالغات الحقيقية الواقعة ، وهي ان اكل لحوم البشر كان على الاقل ممـا مارسته قبائل الانسان . وقد لا يزال منها الى اليوم بقية غير يسيرة تمارسه .
ونذكر من بقاع الارض التي لا تزال توجد فيها هذه القبائل : غينيا الجديدة ، في أواسطها . ونذكر بقايا قليلة من غرب افريقيا واواسطها .. وبقايا في ماليزيا لاسيما في جزائر فيجي Fiji وفي استراليا . وبين المعوريين بنيوزيلندة .. وقبيلة الباتاك Batac في سومطرة وبقايا قبائل في امريكا شمالها وجنوبها .
أما الهدف من أكل لحوم البشر فيختلف من قبيلة لقبيلة ومن حال لحال من
فآكلو لحوم البشر في ماليزيا يسوون بين لحم الانسان ولحم الحيوان من حيث الاستهلاك ، فهم مع المنطق البدائي دون القيم .
والمعوريون في نيوزيلندة يقطعون اجسام القتلى بعد المعارك ويجعلونها اللون الاول في ولائم يقيمونها من بعد نصر .
وقبيلة الباتاك في سومطرة كانت تبيع لحم الانسان في الاسواق كما تبيع لحم الخرفان والابقار ، وكانت هنا فعل مضى .
والفيجيون كان يفخر رؤساؤهم بعدد من يستهلكون من ابدان بشرية ، فيحرصون على حصرها وتسجيلها.
ومن القبائل من أكل اجسام البشر ، لا انتقاما من أربابها ، ولا ازدراء لها ، وانما احتراما وتجلة . و من
ذلك ما حكاه قديما المؤرخ اليوناني الشهير هيرودوتس . قال : ان ملكا احضر نفرا من اليونانيين ، وعرض عليهم مالا كثيرا اذا هم اكلوا ابدان آبائهم عند موتهم . فارتاع هذا النفر ارتياعا كبيرا . ( عادة اليونان ان يحرقوا موتاهم ) .
وبالطبع رفضوا . فعرض الملك مثل هذا المال الكثير على نفر من قبيل آخر من البشر ، اذا هم رضوا بدفن اجسام آبائهم عند موتهم ، أو حرقها . فارتاعوا كذلك . قالوا انهم انما يأكلون اجسام آبائهم احتراما لها وصيانة .
ومن القبائل من اعتقد ان قوة البطل تتركز في قلبه وقوة الحكيم تتركز في رأسه ، فلم يأكلوا الجسم كله ، وانما تخيروا من اعضائه واجزائه كل ما يدر الخير المكنون في هذه الاجزاء عليهم .
وجعلوا من الجماجم مشارب ، اكوابا وكاسات .
امور مستفظعة ، ان يبني الابناء اجسامهم من اجسام الآباء ، اذ يتخذون من لحومهم طعاما .
ومع هذا ، فلو اوغل الفكر في العلم قليلا ، لوجد ان هذه هي سنة الخلق القائمة الدائمة ، ولو انها تجري على اسلوب أخفى . فألوف الالوف الذاهبة من بني الناس ، الذين كانوا في ما سبق من قرون ، ثم بانوا ، الى اي شيء صاروا . ضمتهم ثم خلت المقابر . او بهم عندما تنفست المحارق . واستحالوا ، على تنفست منهم هذا النحو أو ذاك ، الى مواد في تربة أو هواء ، يبني النبات منها سوقه وورقه وثمره ، ومن النبات يبني الحيوان جسمه ، ومن النبات والحيوان يصنع الانسان بدنه ، وهو انما يصنعه من ذرات كانت يوما بعض ابدان آباء له واجداد .
فما الابدان في حقيقتها ، الا أثواب من لحم مستعار ، يحللها ويفككها الموت ، لتعود فتنسج الحياة مما انحلت اليه من اخلاط ، اثوابا جديدة ، لاجيال يأتي بها الزمان جديدة . وهكذا دواليك .
تعليق