عمرك أيها الإنسان وأعمار ما تألف من الحيوان
⏺الأرض تلبس ثوبًا جديدًا من الأحياء كل مائة عام .
● الأعمار الطويلة تتوارث وكذا القصيرة .
● النساء أطول أعمارًا من الرجال .
الاعمار ، وقصرها ، ظاهرة من ظواهر الحياة مألوفة ، وهي غريبة برغم ألفتها .
يطول عمر هذا الرجل ، ولا تدري على التحقيق
لم طال .
ويقصر عمر أخ له ، ولست تدري على التحقيق لم قصر .
ونقول ان الاعمار بيد الله . ولكن الله لما نظم الكون انما جعل له قوانين ، وجعلها ثابتة ، وهي سنن ، وكتاب الله يقول : « ولن تجد لسنة الله تبديلا » .
فالاعمار اذن ، اذ نصفها بأنها بيد الله ، انما نعني انها وفق قوانینه . وعجزنا نحن عن فهم هذه القوانين لتعقدها وتداخلها ، فعدنا نقول ان الاعمار بيد الله .
ومن ظواهر الاعمار الغريبة ان أبا يلد ابنا وهو في سن العشرين ، ثم يموت . ويعيش الابن ليكون شيخا .
وتخال لو يجتمع الاب بابنه ، بعد ستين عاما أو سبعين فتهاب الموقف الذي يكون .
أب فتى من الفتيان ، مــا التحى بعد ، وابن ذو لحية طويلة بيضاء .
وهذا رجل قوي صحيح البنية ، في الثلاثين أو وما هي الاربعين ، تحسب انه يعيش الى أرذل العمر . الا أيام ، أو أسابيع ، حتى تراه جنازة في طريق . لعلها عدوى لم تمهله . أو لعلها سيارة مسرعة في الطريق . فهذا عمر مقصوف .
وهذا رجل ضعیف مریض ، تحسب انه لن يعيش الى غد ، فاذا به يطوي السنين طيا ، قد اخطأته كل أسباب الموت .
عندئذ تتساءل : كيف ينسجم هذا وقوانين سنها . الله . وأي هذه القوانين نتخذ لهذا الذي حدث عنوانا .
انها ظواهر لا حد لها ، لا يكاد يحكمها قانون او قوانين بينة واضحة : رجل سقط فوق رأسه حجر في الطريق فرقد . سابح دخل الى البحر يسبح ثم ماخرج . أهو اعتباط ؟
أحداث كأنها الخبطات تخبطها ناقة عشواء في ظلام ليل . والخبط لا يدخل في سنن .
واذن نعود فنحتمي من جهلنا ، ونعوذ بالله فنقول ان الاعمار بيد الله .
- من الفوضى الظاهرة يحاول الانسان ان يستشف نظاما مرسوما
وأمام هذا الجهل الواضح ، وعلى الرغم من هذا الجهل الفاضح ، يحاول الانسان دائما أن يستشف من ظواهر ، ظاهرها الفوضى ، نظما مسنونة وقواعد مرسومة .
يعينه في ذلك حقائق ثلاث :
أولاها : ان أعمار البشر ، مهما طالت ، فهناك أمد تنتهي عنده .
ثانيتها : ان عمر الفرد الواحد من البشر يكاد يتصل بما ورث عن أبيه اتصالا وثيقا .
ثالثتها : ان عمر الفرد الواحد يتصل بما جرى ويجري في بيئته اتصالا كذلك وثيقا ، كشفت عنه السنون والقرون .
ولنعالج هذه الحقائق الثلاث حقيقة حقيقة .
- امد تنتهي عنده اعمار البشر
ان هذا الأمد يتصل بالخبرة العامة للناس ، اكثر مما يتصل بعلمهم المحقق وطرائق بحثهم الدقيقة .
فانت ان قال لك احد ان من الناس من يعمر مائة عام ، استطاع على الوفر أن يذكر لك اسماء رجال ونساء بلغوا هذه السن ، اخذا مما سجلته سجلات المواليد في الأمم ذات السجلات .
وانت اذ تطلب احصاء عند الأمم ذات الاحصاء ، تجد من امثال انه في انجلترا وويلز ، بین عام ۱۹۳۰ وعام ١٩٤٥ ، مات فيهم ١٦١١ من ذوي الأعمار التي بلغت قرنا او زادت عليه . وتجد أنه قد تسجل في الولايات المتحدة هؤلاء المعمرين ١٦٣١ في عام واحد ، هو عام ١٩٥٦ .
ونسمع ونقرأ في الصحف وغير الصحف عن آخرين بلغوا من الأعمار ١٥۰ عاما ، ولكن في امم لا تكون سجلات المواليد بدأت فيها هكذا قديما . فهي اذن اعمار يثق بها . من يثق ، ويرتاب من يرتاب .
والعلم يقف من هؤلاء غير مصدق ولا مكذب . وحتى او ادعى رجل أو ادعت أمة أن بها من عاش ١٠٠٠ عام ، لم يكن عند العلم وسيلة لتكذيب ، ولكنه مع يشيح بوجهه عن هذا كفرا به وقلة ايمان .
ففي غيبة الدليل في مثل هذه الدعاوى تكون الريبة اسبق . مئات الملايين من الناس لا يكاد يبلغ احدهم السبعين والثمانين حتى يموت ، واذا بلغت قلة نادرة منهم التسعين ، قيل ما اعجب ، لا يكون لحدث خارق كل الخرق ، كان يعيش رجل مائتين او ثلاثمائة من السنين ، الى جانب ذلك وزن يذكر . انها قصة ، ان وقف الى جانبها جرام من تصديق ، وقف الى الجانب الآخر الف طن من تكذيب .
ومع هذا فالايمان قائم بأن كل حي ، بحكم تركيبه وما أودع الله فيه من اصول حياة ، به طاقة مقدرة محدودة لابد من أن تستهلك على الأيام . وبما ان تراكيب الاجسام ، وما أودع فيها من طاقات حياة ، تختلف فتزيد او تنقص ، ولكن في حدود ، فكذلك اعمارها ، تزيد وتنقص في حدود .
انها كالسيارات ، من الصنف الواحد والمصنع . يسير منها في الطريق عشرات ومئات . لها عمر محدود بين عددين من السنين متقاربين ، يزيدها الاستهلاك الشديد في الطريق اقترابا من العمر الصغير ، ويزيدها الاستهلاك القليل في الطريق اقترابا من العمر الكبير .
وقد تقول ، ولكن من السيارات ما يمكن خزنه فيطول عمره . ولكن الجسم الانساني لا يمكن خزنه وتعطيله . ان حياته في الحركة ، وموته في البطالة .
والخلاصة : ان لأعمار البشر عمرا اقصى . لاشك في هذا ، ولو عجز العلم الى اليوم عن كشفه .
- الوراثة تقصر أعمار الناس ، أو تطيلها
وفي داخل حدود لهذا العمر الاقصى ، اتضح من الاحصاءات ان أعمار الناس تطول وتقصر ، لأن العمر الطويل يورث ، وكذلك يورث العمر القصير . وهي احصاءات دراسية أجراها عدد غير قليل من علماء الأمم ، الانجليزي ، والامريكي ، وحتى الصيني .
وفيها درس هؤلاء العلماء اعمار اسر كثيرة ، منها اسر الأمراء ، واسر النابهين من غير الأمراء ، واسر العائلات الشهيرة ، وكان هذا النوع من الأسر بطبيعة الحال مفروضا عليهم ، لأن هذه الأسر هي وحدها التي حفظت شجرة آبائها واجدادها ، ومتى ولدوا ، ومتى ماتوا .
وخرج الاحصائيون بنتائج دلت على ان الوراثة عامل مهم في اطالة الاعمار .
ویوان Yuan ، الباحث الصيني وجد ان الآباء الذين عاشوا الى سن السبعين فما فوقها جاءوا بأولاد عاشوا من السنين اكثر من اولاد جاءوا من آباء عاشوا فقط الى سن الخمسين فما دونها .
وممن أجرى أبحاثا كهذه شركات التأمين على الحياة . وهذا أمر يهمها بطبيعة الحال . وهي أجرت .
هذه البحوث فيما لديها من أعمار رجال أمنوا على حياتهم عندها ، ثم أمن من بعدهم أبناؤهم وذووهم . انها وفيات عندها مكتوبة مرقومة لا شك فيها .
وخرجت كما خرج السابقون على ان الوراثة من أهم العوامل في اطالة الاعمار او تقصيرها .
- البيئة لها أثرها في تقصير الأعمار واطالتها
وهذا أمر من البداهة بمكان فحيث الطعام كاف تطول الأعمار ، وحيث الجوع تقصر الأعمار . والبيئة التي يسودها الجهل والمرض غير البيئة التي يسودها العلم وكالجهل والمرض والفقر ، ثلاثة اشياء مترابطة ، والصحة تعاهدت على انها ان حلت بمكان حلت جميعها معا .
وهذا القول قول اجمال ، يحتاج الى تفصيل .
يحتاج الى احصاء وارقام . وهذا يدخل بنا الى معنى من معاني الأعمار جديد ، له لفظ جديد ، هو ( متوسط الأعمار المنتظرة ) Expectation of life في بيئة متجانسة من الناس ، أو في بلد أو أمة . أو في عهد من العهود أو قرن من الزمان .
- ( متوسط الأعمار المنتظرة ) في مكان من الأرض أو زمان
وهو عدد من السنوات ، نظري ، يخرجه الحساب يحسب من قوائم الوفيات ، في بيئة ما ، يدل في المتوسط على ما يصح أن يرجوه كل فرد فيها من سنوات يعيشها قبل أن يموت .
فاذا قلنا ان متوسط الأعمار المرجوة في امة ما ٦٠ عاما ، كان معنى هذا ان من أفراد هذه الأمة من يموت في الخمسين وفي الثلاثين وما دون ذلك ، ولكن منهم ايضا من يموت في السبعين والخامسة والسبعين والثمانين ، ومتوسط هذه الأعمار لطائفة كبيرة من الناس ، ولدوا في سنة واحدة ، وماتوا في سنوات متعددة ، هذا المتوسط هو ٦٠ عاما .
وهناك « متوسط اعمار منتظرة » يرجى للولائد حين يولدون ، ومتوسط لقوم يرجى وهم في سن العشرة أو العشرين أو الخمسين أو الستين . وفي حساب كل هذه المتوسطات تؤخذ سنوات الوفيات للطائفة التي سبق ان ولدت في هذه السنوات ، العشرة او العشرين او الخمسين الى آخر ما هناك .
ومع هذا ، فالمتوسط الأهم والأخطر ، هو متوسط ما ينتظر لهم من أعمار حين ولادتهم . وهو الرقم من السنين الأكثر ذكرا .
واليك جدولا بمتوسط الأعمار المنتظرة في كل من
الولايات المتحدة ، ثم انجلترا وويلز معا ، في السنوات المذكورة . ولقد نستطيع أن نأتي بمتوسط أعمار في أمم أخرى ، ولكن كفانا هاتان الأمتان مثلا للأمم المتقدمة جميعها .
وأول ما يستفاد من هذه النتائج ارتفاع متوسط الأعمار في الولايات المتحدة وانجلترا وويلز ، تدرجا مع وكذا الحال في الدول المتقدمة في غرب أوروبا .
والسبب في هذا ، أثر البيئة .
فالعلم والتكنية ، وهما بعض البيئة ، رفعا مستوى المعيشة في هذه البلاد •
أما العلم ، فأثره في الصحة ومدافعة الأمراض لا ينكر ومعنى هذا قلة الموتى وزيادة الاحياء . وهذا أحدث ما نسميه اليوم بالانفجار السكاني في العالم فأعمار انه حصاد للموت . الناس زادت ، وعاش من كان يموت قلل منه علم الطب وعلم الوقاية والتوقي .
وأما التكنية فزادت في انتاج الحقل والمصنع ، وزاد . هذا في رخاوة العيش . واذن ففي أطالة الاعمار .
ولقد قدروا كم كان 《 متوسط العمر المنتظر 》 في روما القديمة ، وكذا في اليونان القديمة ، فكان نحوا من ثلاثين عاما . وليس معنى هذا انه لم يكن بينهم من عاش الى السبعين ، مثلا ، وما فوقها .
كذلك ، نلاحظ من الجدول ان النساء أطول أعمارا من الرجال .
⏺الأرض تلبس ثوبًا جديدًا من الأحياء كل مائة عام .
● الأعمار الطويلة تتوارث وكذا القصيرة .
● النساء أطول أعمارًا من الرجال .
الاعمار ، وقصرها ، ظاهرة من ظواهر الحياة مألوفة ، وهي غريبة برغم ألفتها .
يطول عمر هذا الرجل ، ولا تدري على التحقيق
لم طال .
ويقصر عمر أخ له ، ولست تدري على التحقيق لم قصر .
ونقول ان الاعمار بيد الله . ولكن الله لما نظم الكون انما جعل له قوانين ، وجعلها ثابتة ، وهي سنن ، وكتاب الله يقول : « ولن تجد لسنة الله تبديلا » .
فالاعمار اذن ، اذ نصفها بأنها بيد الله ، انما نعني انها وفق قوانینه . وعجزنا نحن عن فهم هذه القوانين لتعقدها وتداخلها ، فعدنا نقول ان الاعمار بيد الله .
ومن ظواهر الاعمار الغريبة ان أبا يلد ابنا وهو في سن العشرين ، ثم يموت . ويعيش الابن ليكون شيخا .
وتخال لو يجتمع الاب بابنه ، بعد ستين عاما أو سبعين فتهاب الموقف الذي يكون .
أب فتى من الفتيان ، مــا التحى بعد ، وابن ذو لحية طويلة بيضاء .
وهذا رجل قوي صحيح البنية ، في الثلاثين أو وما هي الاربعين ، تحسب انه يعيش الى أرذل العمر . الا أيام ، أو أسابيع ، حتى تراه جنازة في طريق . لعلها عدوى لم تمهله . أو لعلها سيارة مسرعة في الطريق . فهذا عمر مقصوف .
وهذا رجل ضعیف مریض ، تحسب انه لن يعيش الى غد ، فاذا به يطوي السنين طيا ، قد اخطأته كل أسباب الموت .
عندئذ تتساءل : كيف ينسجم هذا وقوانين سنها . الله . وأي هذه القوانين نتخذ لهذا الذي حدث عنوانا .
انها ظواهر لا حد لها ، لا يكاد يحكمها قانون او قوانين بينة واضحة : رجل سقط فوق رأسه حجر في الطريق فرقد . سابح دخل الى البحر يسبح ثم ماخرج . أهو اعتباط ؟
أحداث كأنها الخبطات تخبطها ناقة عشواء في ظلام ليل . والخبط لا يدخل في سنن .
واذن نعود فنحتمي من جهلنا ، ونعوذ بالله فنقول ان الاعمار بيد الله .
- من الفوضى الظاهرة يحاول الانسان ان يستشف نظاما مرسوما
وأمام هذا الجهل الواضح ، وعلى الرغم من هذا الجهل الفاضح ، يحاول الانسان دائما أن يستشف من ظواهر ، ظاهرها الفوضى ، نظما مسنونة وقواعد مرسومة .
يعينه في ذلك حقائق ثلاث :
أولاها : ان أعمار البشر ، مهما طالت ، فهناك أمد تنتهي عنده .
ثانيتها : ان عمر الفرد الواحد من البشر يكاد يتصل بما ورث عن أبيه اتصالا وثيقا .
ثالثتها : ان عمر الفرد الواحد يتصل بما جرى ويجري في بيئته اتصالا كذلك وثيقا ، كشفت عنه السنون والقرون .
ولنعالج هذه الحقائق الثلاث حقيقة حقيقة .
- امد تنتهي عنده اعمار البشر
ان هذا الأمد يتصل بالخبرة العامة للناس ، اكثر مما يتصل بعلمهم المحقق وطرائق بحثهم الدقيقة .
فانت ان قال لك احد ان من الناس من يعمر مائة عام ، استطاع على الوفر أن يذكر لك اسماء رجال ونساء بلغوا هذه السن ، اخذا مما سجلته سجلات المواليد في الأمم ذات السجلات .
وانت اذ تطلب احصاء عند الأمم ذات الاحصاء ، تجد من امثال انه في انجلترا وويلز ، بین عام ۱۹۳۰ وعام ١٩٤٥ ، مات فيهم ١٦١١ من ذوي الأعمار التي بلغت قرنا او زادت عليه . وتجد أنه قد تسجل في الولايات المتحدة هؤلاء المعمرين ١٦٣١ في عام واحد ، هو عام ١٩٥٦ .
ونسمع ونقرأ في الصحف وغير الصحف عن آخرين بلغوا من الأعمار ١٥۰ عاما ، ولكن في امم لا تكون سجلات المواليد بدأت فيها هكذا قديما . فهي اذن اعمار يثق بها . من يثق ، ويرتاب من يرتاب .
والعلم يقف من هؤلاء غير مصدق ولا مكذب . وحتى او ادعى رجل أو ادعت أمة أن بها من عاش ١٠٠٠ عام ، لم يكن عند العلم وسيلة لتكذيب ، ولكنه مع يشيح بوجهه عن هذا كفرا به وقلة ايمان .
ففي غيبة الدليل في مثل هذه الدعاوى تكون الريبة اسبق . مئات الملايين من الناس لا يكاد يبلغ احدهم السبعين والثمانين حتى يموت ، واذا بلغت قلة نادرة منهم التسعين ، قيل ما اعجب ، لا يكون لحدث خارق كل الخرق ، كان يعيش رجل مائتين او ثلاثمائة من السنين ، الى جانب ذلك وزن يذكر . انها قصة ، ان وقف الى جانبها جرام من تصديق ، وقف الى الجانب الآخر الف طن من تكذيب .
ومع هذا فالايمان قائم بأن كل حي ، بحكم تركيبه وما أودع الله فيه من اصول حياة ، به طاقة مقدرة محدودة لابد من أن تستهلك على الأيام . وبما ان تراكيب الاجسام ، وما أودع فيها من طاقات حياة ، تختلف فتزيد او تنقص ، ولكن في حدود ، فكذلك اعمارها ، تزيد وتنقص في حدود .
انها كالسيارات ، من الصنف الواحد والمصنع . يسير منها في الطريق عشرات ومئات . لها عمر محدود بين عددين من السنين متقاربين ، يزيدها الاستهلاك الشديد في الطريق اقترابا من العمر الصغير ، ويزيدها الاستهلاك القليل في الطريق اقترابا من العمر الكبير .
وقد تقول ، ولكن من السيارات ما يمكن خزنه فيطول عمره . ولكن الجسم الانساني لا يمكن خزنه وتعطيله . ان حياته في الحركة ، وموته في البطالة .
والخلاصة : ان لأعمار البشر عمرا اقصى . لاشك في هذا ، ولو عجز العلم الى اليوم عن كشفه .
- الوراثة تقصر أعمار الناس ، أو تطيلها
وفي داخل حدود لهذا العمر الاقصى ، اتضح من الاحصاءات ان أعمار الناس تطول وتقصر ، لأن العمر الطويل يورث ، وكذلك يورث العمر القصير . وهي احصاءات دراسية أجراها عدد غير قليل من علماء الأمم ، الانجليزي ، والامريكي ، وحتى الصيني .
وفيها درس هؤلاء العلماء اعمار اسر كثيرة ، منها اسر الأمراء ، واسر النابهين من غير الأمراء ، واسر العائلات الشهيرة ، وكان هذا النوع من الأسر بطبيعة الحال مفروضا عليهم ، لأن هذه الأسر هي وحدها التي حفظت شجرة آبائها واجدادها ، ومتى ولدوا ، ومتى ماتوا .
وخرج الاحصائيون بنتائج دلت على ان الوراثة عامل مهم في اطالة الاعمار .
ویوان Yuan ، الباحث الصيني وجد ان الآباء الذين عاشوا الى سن السبعين فما فوقها جاءوا بأولاد عاشوا من السنين اكثر من اولاد جاءوا من آباء عاشوا فقط الى سن الخمسين فما دونها .
وممن أجرى أبحاثا كهذه شركات التأمين على الحياة . وهذا أمر يهمها بطبيعة الحال . وهي أجرت .
هذه البحوث فيما لديها من أعمار رجال أمنوا على حياتهم عندها ، ثم أمن من بعدهم أبناؤهم وذووهم . انها وفيات عندها مكتوبة مرقومة لا شك فيها .
وخرجت كما خرج السابقون على ان الوراثة من أهم العوامل في اطالة الاعمار او تقصيرها .
- البيئة لها أثرها في تقصير الأعمار واطالتها
وهذا أمر من البداهة بمكان فحيث الطعام كاف تطول الأعمار ، وحيث الجوع تقصر الأعمار . والبيئة التي يسودها الجهل والمرض غير البيئة التي يسودها العلم وكالجهل والمرض والفقر ، ثلاثة اشياء مترابطة ، والصحة تعاهدت على انها ان حلت بمكان حلت جميعها معا .
وهذا القول قول اجمال ، يحتاج الى تفصيل .
يحتاج الى احصاء وارقام . وهذا يدخل بنا الى معنى من معاني الأعمار جديد ، له لفظ جديد ، هو ( متوسط الأعمار المنتظرة ) Expectation of life في بيئة متجانسة من الناس ، أو في بلد أو أمة . أو في عهد من العهود أو قرن من الزمان .
- ( متوسط الأعمار المنتظرة ) في مكان من الأرض أو زمان
وهو عدد من السنوات ، نظري ، يخرجه الحساب يحسب من قوائم الوفيات ، في بيئة ما ، يدل في المتوسط على ما يصح أن يرجوه كل فرد فيها من سنوات يعيشها قبل أن يموت .
فاذا قلنا ان متوسط الأعمار المرجوة في امة ما ٦٠ عاما ، كان معنى هذا ان من أفراد هذه الأمة من يموت في الخمسين وفي الثلاثين وما دون ذلك ، ولكن منهم ايضا من يموت في السبعين والخامسة والسبعين والثمانين ، ومتوسط هذه الأعمار لطائفة كبيرة من الناس ، ولدوا في سنة واحدة ، وماتوا في سنوات متعددة ، هذا المتوسط هو ٦٠ عاما .
وهناك « متوسط اعمار منتظرة » يرجى للولائد حين يولدون ، ومتوسط لقوم يرجى وهم في سن العشرة أو العشرين أو الخمسين أو الستين . وفي حساب كل هذه المتوسطات تؤخذ سنوات الوفيات للطائفة التي سبق ان ولدت في هذه السنوات ، العشرة او العشرين او الخمسين الى آخر ما هناك .
ومع هذا ، فالمتوسط الأهم والأخطر ، هو متوسط ما ينتظر لهم من أعمار حين ولادتهم . وهو الرقم من السنين الأكثر ذكرا .
واليك جدولا بمتوسط الأعمار المنتظرة في كل من
الولايات المتحدة ، ثم انجلترا وويلز معا ، في السنوات المذكورة . ولقد نستطيع أن نأتي بمتوسط أعمار في أمم أخرى ، ولكن كفانا هاتان الأمتان مثلا للأمم المتقدمة جميعها .
وأول ما يستفاد من هذه النتائج ارتفاع متوسط الأعمار في الولايات المتحدة وانجلترا وويلز ، تدرجا مع وكذا الحال في الدول المتقدمة في غرب أوروبا .
والسبب في هذا ، أثر البيئة .
فالعلم والتكنية ، وهما بعض البيئة ، رفعا مستوى المعيشة في هذه البلاد •
أما العلم ، فأثره في الصحة ومدافعة الأمراض لا ينكر ومعنى هذا قلة الموتى وزيادة الاحياء . وهذا أحدث ما نسميه اليوم بالانفجار السكاني في العالم فأعمار انه حصاد للموت . الناس زادت ، وعاش من كان يموت قلل منه علم الطب وعلم الوقاية والتوقي .
وأما التكنية فزادت في انتاج الحقل والمصنع ، وزاد . هذا في رخاوة العيش . واذن ففي أطالة الاعمار .
ولقد قدروا كم كان 《 متوسط العمر المنتظر 》 في روما القديمة ، وكذا في اليونان القديمة ، فكان نحوا من ثلاثين عاما . وليس معنى هذا انه لم يكن بينهم من عاش الى السبعين ، مثلا ، وما فوقها .
كذلك ، نلاحظ من الجدول ان النساء أطول أعمارا من الرجال .
تعليق