حقيقة الحتمية التي يستلزمها العلم والحرية التي يقتضيها الشعور .. كتاب علم النَّفس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حقيقة الحتمية التي يستلزمها العلم والحرية التي يقتضيها الشعور .. كتاب علم النَّفس

    حقيقة الحتمية التي يستلزمها العلم والحرية التي يقتضيها الشعور .. الحرية

    حقيقة الحتمية التي يستلزمها العلم والحرية التي يقتضيها الشعور

    آ - لنبحث أولاً في حقيقة الحتمية التي يستلزمها العلم .

    ان العلم الحديث لا يسلم بمبدأ الآلية الكلية ، أو الميكانيكية المطلقة ، كما سلم به علماء القرن التاسع عشر .

    ١ - فهو يستغنى أولاً عن البحث في العلل ، ويجعل همه البحث في العلائق الثابتة بين الظواهر ، أي في القوانين الطبيعية ( راجع بحث العلة والقانون في المنطق ) . وهـــــو يريد أن يربط الظواهر يجميع الشرائط المتقدمة عليها في الزمان ، أو الموجودة معها في المكان ، لأن هذه الشرائط كثيرة لا يحصى عددها ، ولو حاول الإحاطة بها كلها لما وجد إلى ذلك سبيلا . وهو لا يريد أخيراً أن يدرك كيف تم اجتماع هذه الشرائط ، ولا كيف أدى اجتماعها إلى حدوث الامور الجزئية . فالحادث العلمي مختلف ان الحادث الخام ، لا بل هو كما قيل حادث مجرد حذفت منه جميع اللواحق .

    ثم ان أكثر علماء العصر يقررون أن القوانين العلمية قوانين إحصائية ، ومعنى ذلك أن القوانين العلمية ليست بسيطة إلا بحسب الظاهر ، أما بحسب الحقيقة فهي معادلات متوسطة لعدد كبير من الأحوال الجزئية المتشابهة . لقد تبين للعلماء أن لذرات الغاز مثلاً سرعة عظيمة ، وأن حركاتها تتبدل بالتصادم ، فتتخذ أشكالاً عجيبة ( كما في الحركات البراو فنية ) ، إلا انهم استطاعوا أن يطبقوا حساب الاحتمالات على هذه الحركات ، وأن يستخرجوا منها قانون ( ماريوط ) . فقانون ( ماريوط ) إذن محصلة متوسطة الحركات الذرات المختلفة . وقد قيل أن قانون العدد الأكبر يقلب كثرة الحوادث إلى وحدة النسب او المتوسطات . وكما أن العلم لا يحيط يجميع خواص الفرد ، فهو كذلك لا يريد الاقتصار على معرفة الجزئيات .

    ٢ - وقليل من التفكير في التجارب التي قام بها العلماء يبين لنا أن التنبؤ العلمي محصور في نطاق المنظومات المنغلقة . فإذا حددنا بعض الشروط والأسباب ، وحصرناها في منظومة منغلقة أمكننا أن نتنبأ بالنتائج . ولكن هذا التنبؤ لا يدل على أن اجتماع الشروط ناشيء عن آلية ميكانيكية . إذ لولا العلماء لما تحقق اجتماع هذه الشروط ، ولا تألفت هذه الجمل من العلل والمعلولات .

    ٣ - أضف إلى ذلك أن مبدأ حفظ الطاقة لم يتحقق بعد في جميع ظواهر الكون تحققاً نهائياً مطلقاً . والطبيعيون على ما هم فيه من الحاجة الى هذا المبدأ لا يتعصبون له الآن كثيراً ، ولا يجردونه من كل قيد ، بل يعلنون انه فرضية ضرورية للبحث ، او فرضية ضرورية للتعريف بالمنظومات المنغلقة من القوى ، والمنظومة المنغلقة هي المنظومة التي لا تدخلها قوة جديدة ، ولا تخرج منها ، بل تتبدل من حال الى حال ، ولا يضيع منها شيء ، وإذا كان علماء الطبيعة يطلقون مبدأ حفظ الطاقة على جميع ظواهر الكون ، فهم لا يستطيعون ان يبرهنوا عليه برهانا حقيقياً ، الا داخل المنظومات المنغلقة . فقد يكون الكون منظومة منغلقة ، أي قد يكون خاضعاً بأسره لمبدأ حفظ الطاقة ، فلا يخلق فيه شيء ، ولا يضيع فيه شيء ، وقد يكون على عكس ذلك . ولكننا اذا اقتصرنا على دراسة احوال النفس دون غيرها من الظواهر ، تبين لنا ان مبدأ حفظ الطاقة لا ينطبق عليها تماماً ، لأنه لا يمكن ارجاعها الى العوامل المادية . وقد بينا في أول هذا الكتاب علافة النفس بالجسد ، وقلنا ان النفس ليست عديمة الأثر في الوجود . نعم ان الجسد يمتص الغذاء ويقلبه الى حرارة ثم الى حركة ، ولكن النفس ليست صورة من صور الطاقة ، ولو كانت كذلك لأمكن قياسها ، وبيان معادلها الحركي ، او الكهربائي ، او المغناطيسي .

    و قصارى القول ان العلم لا يستلزم الحتمية الكلية ، وكيف نقرر ان كل جزء من اجزاء الكون مقيد بنظام وقانون ، ونحن لا نعرف من هذا النظام الا اقله ؟ ان علمنا بالحتمية مقصور على المنظومات المنغلقة . فإذا ألفت بعض القوى منظومة منغلقة قلنا أنها ستولد هذه النتيجة او تلك . ولكن تأليف القوى لايتم بصورة آلية . نعم ان العلم يستلزم الحتمية . ولكن الحتمية شيء ، والآلية شيء آخر . وقد بينا في المنطق ان القول بالحتمية الطبيعية ليس من أوليات العقل . وانما هو فرضية ضرورية ، او اقل اذا شئت انه من الأوضاع التي لم يسلم الإنسان بها ، الا ليجعل مفهوم الكون معقولاً . فالحتمية اذن فرضية مشروعة يؤيدها العلم بارتقائه ، لا بل هي مخاطرة جميلة ؛ لن يندم العقل البشري على الأخذ بها ، ولو فكر بالاعراض عنها لخسر سيطرته على الطبيعة ، ولأضاع ادراكه لمعقولية الكون .

    ب - ولنبحث ثانيا في حقيقة الحرية التي يقتضيها الشعور .
    - لقد دل تحليل الفعل الإرادي على أن حرية الإرادة مختلفة عن حرية الاختيار ، وانها ليست ابتداعاً مطلقاً ولا خلق ) للشيء من لا شيء .

    ان الفعل الإرادي فعل معقول ، تلقي النفس فيه على بساط البحث مسألة عملية ، ثم تطلب حلها . فتجد لها أو لاحلا نظريا تستخدم فيه جميع معارفها ، وقوة خيالها ، وابداعها ، وتنظيمها العقلي . ثم تجد لها بعد ذلك حلا عملياً ، فتجمع النزعات ، والميول الكامنة فيها حول تلك المسألة ، وتصوغها في قالب عملي وفقاً لما يمثله لها الخيال . فالفعل الحر مشابه بهذا المعنى للتجريب العلمي ، أو الاختراع الفني ، لا بل هو وظيفة نفسية تركيبية . وما الكشوف العلمية ، والاختراعات الفنية ، إلا ظاهرة من ظواهر الفاعلية النفسية الحرة ، فهي تهدف دائماً إلى تنظيم التصورات ، أو النزعات ، وتركبها تركيباً جديداً في ضوء العقل ، وتستند إلى الحتمية العلمية في سبيل الوصول إلى هذه الغاية . ولولا هذه الفاعلية الحرة لما وجد العلم ، ولما كان للشعور والعقل فائدة .

    وعلى ذلك فالحرية ليست سراً من الأسرار ، ولا قوة عجيبة تفيض عن العالم المجهول . فتشرق على النفس داخل الزمان والمكان ؛ وإنما هي وظيفة نفسية حقيقية يبلغها الانسان بطريق العقل . فالعقل يطلع صاحبه أولاً على قوانين الظواهر ، ثم يبين له كيف يستخدم هذه القوانين لانشاء مركبات جديدة . متفقة غاباته مع . . ومن معرفة القوانين يتألف العلم . والعلم مبني على الحتمية . أما استخدام هذه القوانين في سبيل إنشاء المركبات الجديدة فهو عمل تنظيمي تابع للمثل العليا ؛ لا بل هو عمل فني يدل على أثر الحرية في الوجود . فالانسان إذن حر بمعنى أنه يستطيع أن يذهب بعقله إلى ما وراء العلم ، وأن يتجرد بخياله عن قيود الزمان والمكان ، أن يتخذ الحتمية وسيلة للتغلب على الطبيعة . وهو حر أيضاً لأن الفاعلية النفسية أبعد من أن تنحل إلى الآلية .

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٣١-٠١-٢٠٢٤ ١٢.٤٣_1(2).jpg 
مشاهدات:	18 
الحجم:	111.8 كيلوبايت 
الهوية:	191329 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٣١-٠١-٢٠٢٤ ١٢.٤٥_1.jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	117.8 كيلوبايت 
الهوية:	191330 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٣١-٠١-٢٠٢٤ ١٢.٤٦_1.jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	112.1 كيلوبايت 
الهوية:	191331 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٣١-٠١-٢٠٢٤ ١٢.٤٧_1.jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	26.8 كيلوبايت 
الهوية:	191332

  • #2
    The reality of the inevitability required by science and the freedom required by feeling... freedom

    The truth of the determinism required by science and the freedom required by feeling

    A - Let us first examine the truth about the determinism required by science.

    Modern science does not accept the principle of total mechanism, or absolute mechanics, as scientists of the nineteenth century accepted.

    1 - First, he dispenses with research into causes, and makes his concern to research established relationships between phenomena, that is, in natural laws (see the study of cause and law in logic). He wants to connect phenomena with all the conditions preceding them in time, or existing with them in space, because these conditions are many and incalculable in number, and if he tried to encompass them all, he would not find a way to do so. Finally, he does not want to understand how these conditions came together, nor how their meeting led to the occurrence of partial things. The scientific accident is different from the fact that it is a raw accident. Rather, it is, as was said, an abstract accident from which all suffixes have been deleted.

    Moreover, most contemporary scholars declare that scientific laws are statistical laws, which means that scientific laws are not simple except according to appearance, but according to reality, they are average equations for a large number of similar partial conditions. It has become clear to scientists that gas atoms, for example, have a great speed, and that their movements change when they collide, so they take strange shapes (as in the artistic movements), but they were able to apply probability calculations to these movements, and extract from them (Mariot's) law. Mariott's law is therefore the resultant average of the movements of the different atoms. It has been said that the law of the largest number turns the multiplicity of events into unity of ratios or averages. Just as science does not encompass all of the characteristics of an individual, it also does not want to limit itself to knowledge of particulars.

    2 - A little thought about the experiments carried out by scientists shows us that scientific prediction is limited to the scope of closed systems. If we specify some conditions and causes, and confine them to a closed system, we can predict the results. But this prediction does not indicate that the combination of conditions results from a mechanical mechanism. If it were not for the scholars, the combination of these conditions would not have been achieved, and these sentences would not have been composed of causes and effects.

    3 - In addition, the principle of conservation of energy has not yet been fully and absolutely achieved in all phenomena of the universe. Naturalists, despite their need for this principle, are not very fanatical about it now, nor do they strip it of any restriction. Rather, they declare that it is a necessary hypothesis for research, or a necessary hypothesis for defining closed systems of forces, and a closed system is a system in which no new force enters or exits. Rather, it changes from one state to another, and nothing is lost. If natural scientists apply the principle of conservation of energy to all the phenomena of the universe, they cannot prove it with real proof, except within closed systems. The universe may be a closed system, that is, it may be entirely subject to the principle of energy conservation, so nothing is created in it, and nothing is lost, or it may be the opposite. But if we limit ourselves to studying the conditions of the soul and not other phenomena, it becomes clear to us that the principle of conservation of energy does not apply to it completely, because it cannot be attributed to material factors. At the beginning of this book, we explained the relationship between the soul and the body, and we said that the soul is not without influence in existence. Yes, the body absorbs food and turns it into heat and then into movement, but the soul is not a form of energy, and if it were, it would be possible to measure it, and indicate its kinetic, electrical, or magnetic equivalent.

    The shortest thing to say is that science does not require total determinism, and how do we decide that every part of the universe is bound by a system and a law, when we only know the least of this system? Our knowledge of determinism is limited to closed systems. If some forces create a closed system, we say that they will generate this or that result. But the formation of forces does not happen automatically. Yes, science requires determinism. But determinism is one thing, and mechanism is another. We have shown in logic that the statement of natural determinism is not among the principles of reason. Rather, it is a necessary hypothesis, or less if you like, that it is one of the conditions that man does not accept, except to make the concept of the universe reasonable. Therefore, determinism is a legitimate hypothesis supported by science with its progress. Indeed, it is a beautiful risk. The human mind will not regret adopting it, and if it thought about its consequences, it would lose its control over nature and lose its awareness of the rationality of the universe.

    B - Secondly, let us examine the truth about the freedom that feeling requires.
    The analysis of voluntary action has shown that freedom of will is different from freedom of choice, and that it is not an absolute innovation or creation of something from nothing.

    A voluntary act is a reasonable act, in which the soul presents a practical issue to the table and then seeks its solution. She finds a theoretical solution for her, or not, in which she uses all her knowledge, the power of her imagination, her creativity, and her mental organization. Then she finds a practical solution for it, so she collects the tendencies and inclinations inherent in her regarding that issue, and formulates it in a practical form according to what her imagination represents. Free action is similar in this sense to scientific experimentation or artistic invention. Rather, it is a synthetic psychological function. Scientific discoveries and artistic inventions are nothing but a phenomenon of free psychological activity. They always aim to organize perceptions or tendencies, and synthesize them in a new way in the light of reason, and rely on scientific determinism in order to reach this goal. Were it not for this free activity, science would not exist, and feeling and reason would have no benefit.

    Therefore, freedom is not a secret, nor is it a strange power that emerges from the unknown world. So it shines on the soul within time and space; Rather, it is a real psychological function that a person achieves through the mind. The mind first informs its owner of the laws of phenomena, then shows him how to use these laws to create new compounds. Its forests agree with. . Knowledge of the laws consists of knowledge. Science is based on determinism. Using these laws to create new vehicles is an organizational act that follows ideals. Rather, it is a work of art that demonstrates the effect of freedom on existence. Man is therefore free in the sense that he can go with his mind beyond science, and with his imagination, devoid of the constraints of time and space, and take determinism as a means of overcoming nature. He is also free because psychological activity is far from being reduced to mechanism.

    تعليق

    يعمل...
    X