هل يمكن التوفيق بين الحرية والحتمية ؟ .. الحرية .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل يمكن التوفيق بين الحرية والحتمية ؟ .. الحرية .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا


    هل يمكن التوفيق بين الحرية والحتمية ؟

    ان فلاسفة العصر لا يريدون أن يضحوا بمعطيات الشعور ، والوجدان في سبيل العلم ، ولا ان يضحوا بالعلم في سبيل الاخلاق . والذي يقربهم من الحق في ذلك ، ويدفيهم من اليقين ان الحقيقة لا تتجزأ ، فإما ان تكون شهادة الشعور صادقة ، وإما ان تكون براهين العلم وحدها . الصحيحة . فإذا كانت شهادة الشعور صادقة ، هي وجب التوفيق وجب تكذيب شهادة الشعور ، لانه بينها وبين العلم ، وإذا كان العلم . وحده صحيحاً ، لا يعقل أن يبنى القول بالحرية على ضرورتها للأخلاق فحسب . فلو كانت الحرية ضرورية الأخلاق ، ومخالفة للعلم لما ترددنا لحظة في الاعراض عنها .

    ولعل السبب في هذا التباين الظاهر بين العلم والشعور يرجع إلى زعم الفلاسفة ان الفعل الحر إبداع من العدم ؛ وان الإنسان خالق لافعاله ، وان الارادة علة اولى . فهم قد جعلوا الحتمية امراً طبيعياً أحاطت به الضرورة . وقالوا إن العلة تحدث المعلول ، والمتقدم يحدث المتأخر بضرورة ميكانيكية ، فمرفوا الحرية بمناقضتها للحتمية ، وعرفوا الحتمية بمناقضتها للحرية ، حتى اصبح التوفيق بينهما محالاً . ولو تعمقنا في دراسة الحتمية التي يقتضيها العلم ، والحرية التي يستلزمها الشعور ، لادركنا ان الفلاسفة قد ركبوا في كل منهما مركباً صعباً ، ان تحليلاً جديداً لمفهومي الحتمية والحرية قد يسهل علينا مشقة التوفيق بينهما .

    ۱ - هل توجد الحرية مع الحتمية في عالم الظواهر .
    - اراد بعض الفلاسفة أن يجمعوا بين الحرية المطلقة ، والحتمية الطبيعية ، فقالوا : ان عالم الظواهر - اي عالم الزمان والمكان - محيط بالحرية والحتمية معاً . والذي حملهم على ذلك انهم علموا ان الإنسان يساق بالطبيعة إلى الآلية والضرورة ، وبالعقل إلى الحرية والاختيار .

    آ - الالية والحرية .
    - فمما قاله ( ديكارت ) : إن النفس تدبر البدن ، كما يسوس الفارس فرسه ، وجوهر النفس هو الفكر ، اما جوهر الجسم فهو الحركة ، وهذه الحركة لا تستلزم ان يكون هناك قوة متجهة إلى جهة معينة ، لانه لا تأثير للجهة ما دامت كمية الحركة في الكون ثابتة . فقد تختلف جهة الحركة ولا يؤثر ذلك في كميتها ، وقد تزيد كميتها وتنقص من غير ان تختلف جهتها . فإذا كانت سرعة المتحرك ثابتة امكن تغيير جهة الحركة من غير ان يؤدي ذلك إلى تغيير كميتها . وعلى ذلك فالنفس لا تستطيع ان تغير كمية الحركة ، إلا انها تستطيع ان تغير جهتها ، فهي تؤثر في الغدة الصنوبرية ، وتغير جهة الأرواح الحيوانية ، وتبدل طريقها من غير ان تبدل كمية الحركة .

    وقد رد ( ليبنز ) على هذا الرأي ، فقال : إن كل حر ركة تقتضي قوة ، وان تغير جهة الحركة لا يتم إلا بإضافة قوة جديدة إلى القوى السابقة ( راجع نظرية المتوازي الاضلاع في تركيب ( القوى ، وإذا صح ذلك سقطت نظرية ( ديكارت ) المشتملة على التوفيق بين الآلية والحرية ، لان النفس لا تستطيع إذ ذاك ان تغير جهة الحركة إلا إذا خلقت قوة مادية جديدة ، وهذا مخالف لمبدأ حفظ الحركة في الكون ، وثبوت كميتها .

    ونحن لا نفهم حتى الآن كيف يؤثر الفكر في المادة ، ولا كيف تغير النفس جهة الحركة ، فما من شيء يضيع في الوجود ، وما من شيء يخلق . وإذا صح ذلك تعذر ان تكون النفس مبدعة لجهة جديدة لاعلاقة لها بما قبلها من القوى ، ووجب القول إن فعلها هذا يرجع إلى قضاء إلهي .

    ب - القوة المطلقة .
    - قال بعضهم ان الحرية أشبه شيء بالقوة المطلقة ( Pouvoir décrochant ) ، وهي القوة اللازمة لتحريك منظومة مؤلفة من عدة اجزاء ، فقد تتجمع الاجزاء ، وتتركب القوى الفاعلة ، ويتولد من تجمعها ، توازن ، إلا أن . التوازن قد يتبدل بإضافة قوة جديدة إلى تلك المنظومة ، كما يتبدل توازن القنبلة فتنطلق ثم تنفجر ، او كما يسقط الجسم المعلق بالخيط فيتولد من سقوطه قوة عظيمة . وعلى ذلك فإن الإنسان إذا اراد ان يؤثر في الطبيعة ، ويستخدمها لاغراضه ، جمع قواها الفاعلة ، ورتب شرائطها ، وجعلها متوازنة ، ثم اضاف اليها قوة جزئية جديدة تبدل توازنها .

    ١ - والفرق بين القوة المطلقة ، والقوة المنطلقة قد يتزايد إلى غير نهاية ، فتكون نسبة القوة المطلقة إلى القوى المنطاقة ، كنسبة الشرارة الصغيرة إلى انفجار مستودع البارود .

    لذلك زعم ( سكرتان - Secrétan ) أن القوة المطلقة قد تتناقص في بعض الشروط إلى غير نهاية ، حق لا يبقى منها شيء ، وتبقى مع ذلك متبوعة بالنتائج نفسها ، فلا غرو اذا حركت الارادة البدن ، وكان عملها هذا غير تابع لسبب خارجي ، لأنها تكون إذ ذاك كالقوة المطلقة الصغيرة التي تتناهى في الصغر حتى تصبح معدومة ، ويكون تأثيرها غير مخالف لمبدأ الآلية . لقد ظن ( سكرتان ) أن هذا الاستدلال الرياضي كاف المجمع بين الحرية والحتمية ، ولكننا إذا تعمقنا في التفكير ، تبين لنا أن هذه الأدلة الرياضية لا تنطبق على المسائل التجريبية ، لأن فكرة القوة المطلقة المعدومة فكرة متناقضة . فلا بد إذن من أن يكون لها مقدار . ولا يمكن خلق هذا المقدار في المذهب الآلي إلا بمعجزة إلهية .

    ٢ - لذلك زعم ( دلبوف ) للتخلص من هذه الشبهة أن الإرادة لا تخلق شيئاً ، وأن عملها مقصور على انتخاب الوقت الذي تنطلق فيه القوى الفاعلة من غير أن تضيف اليها شيئاً جديداً ، ولكن هذا القول لا يقطع مظان الاشتباه ، لأن تأخير وقت الانطلاق ، أو تقديمه يحتاج إلى تبديل العمل الميكانيكي للقوى الفاعلة ، أي يحتاج إلى خلق قوة جديدة وهذا مخالف أيضاً للمذهب الآلي .

    ج - الحرية ومراكز عدم التعين .
    - وقد زعم بعضهم أن في الطبيعة مجموعات من القوى تستطيع أن تولد بعملها . اعدة حركات ممكنة لا ترجيح لإحداها على الاخرى . ويسمون هذه المجموعات : بمراكز عدم التعين . فمما قاله ( بوسينيك - Boussinesq ) : ان في الرياضيات معادلات جبرية مؤلفة من معطيات واحدة ، ومشتملة في الوقت نفسه على حلول مختلفة . فلماذا لا يوجد في الكون مراكز تحقق هذه المعادلات الجبرية ، وتلتقي فيها القوى الفاعلة ، بحيث يتولد من تلاقيها حركات مختلفة متساوية الامكان ، ولكن هل في الكون مكان لمراكز عدم التعين .

    ١ - لم يتردد ( بوترو ) في قبول ذلك . فقد انتقد في كتابه ، جواز قوانين الطبيعة « Contingence des lois de la nature » معنى الضرورة ، ومعنى العلم ، وأثبت بصورة نظرية إمكان مراكز عدم التعين . قال : إن الضرورة التي تشتمل عليها الطبيعة ضرورة نسبية . وفي كل ادق من الوجود عنصر جديد لا ينتج بالضرورة من الافق الأدنى الذي قبله . فالموجود أغنى من الممكن المحض ، إلا أنه جائز ، وليس لقانون الكائنات - أي لقانون السببية ضرورة مطلقة ، أو تحليلية ، لأن المعلول ليس داخلا في العملة ، وإنما هو مشتمل على عنصر جديد لا وجود له فيها . ولولا ذلك لما كان بين المعلول والعلة فرق . وكلما ارتقيت من افق أدنى إلى افق أعلى في مراتب الوجود صادفت هذا العنصر الجديد الجائز . ففي الأجناس العالية عناصر لا وجود لها في الموجود المحض ، وفي المادة المتحركة شيء لا وجود له في الأجناس ، وفي الحياة شيء لا وجود له في المادة الجامدة وفي النفس شيء لا وجود له في الحياة . وفي هذه الدرجة الأخيرة من مراتب الوجود تظهر جائزية الإرادة ، لأن في العزم شيئاً لا تشتمل عليه المناقشة أو الروية . فالبواعث والدوافع ليست إذن علة الفعل ، والحرية أعلى الصور الدالة على جائزية قوانين الطبيعة .

    ۲ - وقد درس ( هنري برغسون ) علاقة الدماغ بالفكر ، فبين أن الدماغ البشري أحد مراكز عدم التعين هذه ، لأنه متصل بعدد كبير من الأعصاب الحسية ، يصدر عنه كبير من الأعصاب المحركة ، فإذا انتقل السيال العصبي من الأعصاب الحسية إلى الأعصاب المحركة ، وسلك في انتقاله طريقاً مخططاً من قبل ولد فعلا منعكساً خالياً من الصور . وإذا وجد السيال العصبي أمامه عدة طرق ممكنة ، وكانت هذه الطرق غير من قبل كان انتقاله هذا مصحوبا بالشعور . ومعنى ذلك أن في الدماغ مراكز عدم التعين ، وأن وظيفة الشعور دفع السيال العصبي إلى انتخاب أحد الخطوط الممكنة . ذلك فإنه لا يمكننا قبول هذه النتائج ، إلا إذا ضربنا بذهب الآلية الكونية عرض الحائط ، وسلمنا بأن كل حادث جائز لا ضروري ، وإذا لم نقبل هذه النتائج وقعنا في الآلية المحضة ، ووجدنا أن الحتمية لا تتفق مع الحرية .

    ٣ - مذهب ( كانت ) : ان عالم الظواهر عالم الضرورة والحتمية ، أما عالم الشيء بذاته ، فهو عالم الحرية والاختيار .

    لما عجز العلماء عن الجمع بين الحرية والتقيد في العالم المحسوس أخرج ( كانت ) الحرية من عالم الظواهر وأرجعها إلى عالم الشيء بذاته . وعالم الظواهر عنده عالم التجربة كما لنا من خلال مقولات العقل . أما عالم الشيء بذاته فهو عالم الحقيقة ، قال : إن عالم الظواهر عالم الضرورة والحتمية ، لأن العقل لا يدرك الظواهر إلا داخل الزمان والمكان ، ولا يصبح الحادث معقولاً عندنا إلا إذا ربطناه بغيره من الحوادث المتقدمة عليه في الزمان ، أو الموجودة معه في المكان . ولا يشذ عن قانون السببية في عالم الظواهر شيء أبداً . بل كل أمر خاضع له ، وكذلك الأفعال الإرادية ، فهي مقيدة كغيرها من الأفعال . قال ( كانت ) : لو أدركنا ما يجري في نفس الإنسان من العوامل ، وأحطنا علما يجميع الظروف التي يواجهها لأدركنا سلوكه المقبل ، وتنبأنا به كما نتنبأ بخسوف القمر او كسوف الشمس ، فلا محل إذن للحرية في عالم الظواهر .

    ولكن عالم الشيء بذاته ليس كعالم الظواهر ، لأنه لا قبلية ، ولا بعدية فيه ، ولا سابق ولا مسبوق ، فلا يمتنع إذن وجود الحرية فيه . لذلك قرر ( كانت ) في نقد العقل المحض إمكان وجود الحرية في عالم الشيء بذاته ، ثم اضطر في نقد العقل العملي إلى الاحتراف بضرورة الحرية من حيث هي مسلمة لازمة للأخلاق . والفعل الخلقي عنده ليس قيداً بما قبله من الرغبات والميول ، وإنما هو فعل معمول يقوم به الإنسان مختاراً ، ولا يبغى من وراء ذلك إلا الخضوع للقانون ، فهو إذن ابتداء مطلق ، ميزانه العقل لا التجربة .

    ولو لم يجعل ( كانت ) الزمان والمكان صورتين أوليتين من صور الحساسية ، متقدمين على التجربة ، لكان التوفيق بين الحرية والحتمية محالاً . إلا أنه : زعم أن الزمان والمكان صورتان قبليتان تابعتان للعقل ، وأن عالم الظواهر - أي عالم الحتمية – ليس عالم اليقين على حين أن عالم الشيء بذاته المشتمل على الحرية هو عالم الحقيقة إذن كيف تتحد الحري بالحتمية ، وكيف تتفق السببية المحسوسة مع السببية المعقولة . لقد علل ( كنت ) هذا الاتحاد بقوله : ان أفعال الإنسان تؤلف سلسلة متصلة الحلقات بعضها مرتبط ببعض ارتباطاً ضروريا . إلا أن مجموع هذه السلسلة تابع لحرية الاختيار . ولما كان عمل الإرادة خارجاً عن الزمان ، كان من الممكن أن نتصوره ساريا في كل فعل جزئي . فالسببية الطبيعية تقتضي أن تكون كل حادثة من حوادث السلسلة تابعة لما قبلها بحسب النظم والقوانين المعلومة ، ولكنها لا تمنع السلسلة بمجموعها من أن تكون تابعة لسبب أولي مفارق . اننا نستطيع أن ننتخب سجيتنا التجريبية دفعة واحدة خارج عالم الظواهر ، ونستطيع أن نختارها بحرية من غير أن نفسد بذلك عمل الأسباب الفاعلة .

    ظلمات هذه النظرية .
    - لا نستطيع أن ندرك قيمة هذه النظرية إلا اذا فصلنا القول فيها على مذهب ( كنت ) نفسه ولما كنا لا نستطيع في علم النفس أن نسهب في الكلام عليها ة صرنا بحثنا فيها الآن على الإشارة الى بعض الظلمات المحيطة بها .

    ۱ - فمن هذه الظلمات انقسام الوجود عند ( كانت ) الى وجودين : وجود ظاهر وه و عالم الظواهر ، ووجود حقيقي ، وهو عالم الشيء بذاته .

    ٢ - ومنها قوله أن الزمان والمكان صورتان أوليتان متقدمتان على التجربة ( راجع نظرية ( كنت ) في ا ادراك ك العالم الخارجي ، ص ٣٤٩ ) .

    ٣ - ومنها قوله أن العلم مقصور على معرفة الظواهر ، لأن الشيء بذاته لا يدرك بالعلم ، ولولا ذلك لما صرح بأنه هجر العلم ليترك في قلبه محملا للإيمان .

    ٤ - ومنها قوله بوجود سبب أولي خارج عن الزمان ، منبث في كل فعل جزئي .

    ٥ - ومنها قوله بتجريد الحرية عن الزمان والمكان ، مع أن الحرية التي نقول بها و نصدق بها ، هي حرية الشعور ، أي الحرية الحقيقية الداخلة في الزمان والمكان .

    وقصارى القول أن ( كانت ) لم ينجح في الجمع بين الحرية والحتمية ، لأنه اعتقد أن الحرية ابتداء أول ، أو خلق الشيء بعد أن لم يكن ، كما اعتقد أيضاً أن الحتمية ارتباط ضروري بين الظواهر ، وأن العلم ليس له الا قيمة نسبية .

    ومعنى ذلك كله أن ( كانت ) قد أخفق في الجمع بين الحرية والحتمية ، كما أخفق من قبل في ذلك ( ديكارت ) و ( ليبنز ) . ولم يتوصل العلماء المعاصرون الى التوفيق بين هذين الأمرين الا بعد أن أعملوا معاول النقد في تهديم الحتمية المطلقة من جهة ، والحرية المطلقة من جهة اخرى .

    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مستند جديد ٣١-٠١-٢٠٢٤ ١٢.٣٥_1.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	102.0 كيلوبايت  الهوية:	191294 اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مستند جديد ٣١-٠١-٢٠٢٤ ١٢.٣٦_1.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	111.0 كيلوبايت  الهوية:	191295 اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مستند جديد ٣١-٠١-٢٠٢٤ ١٢.٣٧_1.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	109.3 كيلوبايت  الهوية:	191296 اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مستند جديد ٣١-٠١-٢٠٢٤ ١٢.٣٩_1.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	120.4 كيلوبايت  الهوية:	191297 اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مستند جديد ٣١-٠١-٢٠٢٤ ١٢.٤٠_1.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	126.8 كيلوبايت  الهوية:	191298

  • #2
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٣١-٠١-٢٠٢٤ ١٢.٤٢_1.jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	94.8 كيلوبايت 
الهوية:	191304 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٣١-٠١-٢٠٢٤ ١٢.٤٣_1.jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	19.8 كيلوبايت 
الهوية:	191305

    Is it possible to reconcile freedom and determinism?

    The contemporary philosophers do not want to sacrifice the data of feeling and conscience for the sake of science, nor do they want to sacrifice science for the sake of morality. What brings them closer to the truth in this matter, and protects them from certainty, is that the truth is indivisible. Either the testimony of feeling is truthful, or it is the evidence of knowledge alone. The correct one. If the testimony of feeling is truthful, it must be reconciled, then the testimony of feeling must be rejected, because it is between it and knowledge, and if knowledge is. If it is true alone, it does not make sense to base the statement about freedom solely on its necessity for morality. If freedom were necessary for morality and contrary to science, we would not hesitate for a moment to turn away from it.

    Perhaps the reason for this apparent discrepancy between knowledge and feeling is due to the philosophers’ claim that free action is creativity from nothing. Man is the creator of his actions, and will is the first cause. They made determinism a natural thing surrounded by necessity. They said that the cause produces the effect, and the prior produces the latter by mechanical necessity, so they defined freedom by its contradiction of determinism, and they defined determinism by its contradiction of freedom, until reconciliation between them became impossible. If we delved into the study of the determinism required by science, and the freedom required by feeling, we would realize that philosophers have combined a difficult complex in each of them, and that a new analysis of the concepts of determinism and freedom may make the difficulty of reconciling them easier for us.

    1 - Does freedom exist with determinism in the world of phenomena?
    Some philosophers wanted to combine absolute freedom and natural determinism. They said: The world of phenomena - that is, the world of time and space - is surrounded by both freedom and determinism. What prompted them to do this is that they knew that man is driven by nature to mechanism and necessity, and by reason to freedom and choice.

    A - Mechanism and freedom.
    From what Descartes said: The soul manages the body, just as a knight drives his horse, and the essence of the soul is thought, but the essence of the body is movement, and this movement does not require that there be a force directed to a specific direction, because the direction has no effect as long as the amount of movement is in The universe is fixed. The direction of movement may differ, but this does not affect its quantity, and its quantity may increase or decrease without its direction changing. If the speed of the mover is constant, it is possible to change the direction of the movement without this leading to a change in its quantity. Accordingly, the soul cannot change the amount of movement, but it can change its direction. It affects the pineal gland, changes the direction of animal spirits, and changes its path without changing the amount of movement.

    Leibniz responded to this opinion, saying: Every movement requires a force, and changing the direction of the movement cannot be accomplished except by adding a new force to the previous forces (see the theory of parallelograms in the composition of forces. If this is true, Descartes’ theory that includes To reconcile mechanism and freedom, because the soul cannot then change the direction of movement unless it creates a new material force, and this contradicts the principle of preserving movement in the universe and fixing its quantity.

    We do not yet understand how thought affects matter, nor how the soul changes the direction of movement, for nothing is lost in existence, and nothing is created. If this is true, it would be impossible for the soul to be creative in a new way that has no relation to the powers that came before it, and it must be said that its action is due to a divine decree.

    B - Absolute power.
    Some of them said that freedom is similar to absolute power (pouvoir décrochant), which is the power necessary to move a system composed of several parts. The parts may come together, and the active forces may be combined, and from their combination a balance is born, except that. The balance may be changed by adding a new force to that system, just as the balance of a bomb changes and it takes off and then explodes, or just as a body suspended by a string falls and a great force is generated from its fall. Accordingly, if a person wants to influence nature and use it for his purposes, he collects its active forces, arranges its conditions, makes it balanced, and then adds to it a new partial force that changes its balance.

    1 - The difference between the absolute force and the released force may increase indefinitely, so the ratio of the absolute force to the zonal forces is like the ratio of a small spark to the explosion of a gunpowder warehouse.

    Therefore, Secrétan claimed that absolute power may decrease in some conditions indefinitely, and indeed nothing remains of it, and yet it remains followed by the same results. Therefore, there is no surprise if the will moves the body, and its action is not dependent on an external cause, because it is when This is like a small absolute force that is so small that it becomes non-existent, and its effect does not contradict the principle of mechanism. Sakrtan thought that this mathematical reasoning was sufficient to combine freedom and determinism, but if we thought deeply, it became clear to us that this mathematical evidence does not apply to experimental issues, because the idea of ​​absolute, non-existent force is a contradictory idea. Therefore, it must have a quantity. According to the mechanistic doctrine, this amount cannot be created except by a divine miracle.

    2 - Therefore, Delbouf claimed, in order to get rid of this suspicion, that the will does not create anything, and that its work is limited to choosing the time at which the active forces are released without adding anything new to them, but this statement does not eliminate the suspicion, because delaying the time of the release, or Introducing it requires changing the mechanical work of the active forces, that is, it requires creating a new force, and this is also contrary to the mechanistic doctrine.

    تعليق


    • #3
      J - Freedom and positions of indeterminacy.
      Some of them claimed that there are groups of forces in nature that can be born through their action. Several possible movements, none of which are preferred over the others. They call these groups: centers of non-recruitment. From what Boussinesq said: In mathematics, there are algebraic equations composed of one piece of data, and at the same time containing different solutions. So why are there no centers in the universe that fulfill these algebraic equations, and where active forces meet, such that different movements of equal potential are generated from their meeting? But is there a place in the universe for centers of indeterminacy?

      1- Botro did not hesitate to accept this. In his book, Contingence des lois de la nature, he criticized the meaning of necessity and the meaning of science, and proved theoretically the possibility of centers of indeterminacy. He said: The necessity contained in nature is a relative necessity. At every subtlest level of existence there is a new element that does not necessarily result from the lowest horizon before it. The existing is richer than the purely possible, except that it is permissible, and the law of beings - that is, the law of causality - does not have an absolute or analytical necessity, because the effect is not included in the coin, but rather includes a new element that does not exist in it. Were it not for that, there would be no difference between the effect and the cause. As you rise from a lower horizon to a higher horizon in the levels of existence, you encounter this new, permissible element. In the higher types there are elements that do not exist in pure existence, and in moving matter there is something that does not exist in the types, and in life there is something that does not exist in inanimate matter, and in the soul there is something that does not exist in life. In this last level of existence, the permissibility of will appears, because there is something in determination that is not included in discussion or deliberation. Motives and motives are not therefore the cause of action, and freedom is the highest form indicating the permissibility of the laws of nature.

      2 - Henri Bergson studied the relationship of the brain to thought, and he showed that the human brain is one of these centers of indeterminacy, because it is connected to a large number of sensory nerves, from which a large number of motor nerves emanate. If the nerve impulse moves from the sensory nerves to the motor nerves, and wires in... Moving along a planned path was born into a reflexive act devoid of images. If the nerve impulse finds several possible paths before it, and these paths were not before, then its transmission will be accompanied by feeling. This means that there are centers of indeterminacy in the brain, and that the function of feeling is to prompt the nervous flow to choose one of the possible lines. This is because we cannot accept these results unless we completely ignore the universal mechanism and accept that every permissible event is not necessary. If we do not accept these results, we fall into pure mechanism and find that determinism is incompatible with freedom.

      3 - Kant’s doctrine: The world of phenomena is the world of necessity and determinism, while the world of the thing itself is the world of freedom and choice.

      When scientists were unable to combine freedom and restriction in the tangible world, Kant took freedom out of the world of phenomena and returned it to the world of the thing itself. For him, the world of phenomena is the world of experience, just as we have it through the categories of the mind. As for the world of the thing itself, it is the world of truth. He said: The world of phenomena is the world of necessity and inevitability, because the mind does not perceive phenomena except within time and space, and an event does not become intelligible to us unless we link it to other events that precede it in time, or that exist with it in space. Nothing deviates from the law of causality in the world of phenomena. Rather, every matter is subject to it, as well as voluntary actions, for they are restricted like other actions. Kant said: If we understood the factors going on in the human soul, and had knowledge of all the circumstances that he faces, we would understand his future behavior and predict it just as we predict a lunar eclipse or a solar eclipse. Therefore, there is no place for freedom in the world of phenomena.

      But the world of the thing itself is not like the world of phenomena, because there is no priority or distance in it, and there is no precedent or precedent, so the existence of freedom in it is not impossible. Therefore, Kant decided in his Critique of Pure Reason the possibility of the existence of freedom in the world of the thing itself, and then in his Criticism of Practical Reason he was forced to professionalize the necessity of freedom insofar as it is a necessary axiom for morality. For him, the moral act is not a restriction on the desires and inclinations that came before it, but rather it is an action carried out by the person voluntarily, and the only goal behind that is submission to the law, so it is an absolute beginning, the balance of which is reason, not experience.

      If Kant had not made time and space two primary forms of sensitivity, prior to experience, reconciliation between freedom and determinism would have been impossible. However, he claimed that time and space are two a priori images subordinate to the mind, and that the world of phenomena - that is, the world of determinism - is not the world of certainty, while the world of the thing itself, which includes freedom, is the world of truth. So how is freedom united with determinism, and how does tangible causality agree with reasonable causality? Kent explained this union by saying: Human actions form a continuous chain of links, some of which are necessarily linked to each other. However, the sum of this series is dependent on freedom of choice. Since the action of the will is outside of time, it is possible to imagine it operating in every partial action. Natural causality requires that each event in the chain of events be subordinate to what came before it according to known systems and laws, but it does not prevent the chain as a whole from being subordinate to a separate primary cause. We can choose our empirical nature at once outside the world of phenomena, and we can choose it freely without thereby corrupting the work of effective causes.

      The darkness of this theory.
      - We cannot realize the value of this theory unless we explain it in detail according to the doctrine of (Kant) himself, and since we are unable in psychology to discuss it at length, we have now discussed it by pointing out some of the darkness surrounding it.

      1 - Among these darknesses is the division of existence according to Kant into two existences: apparent existence, which is the world of phenomena, and real existence, which is the world of the thing itself.

      2 - Among them is his saying that time and space are two primary forms prior to experience (see Kant’s theory of perception of the external world, p. 349).

      3 - Among them is his saying that knowledge is limited to knowledge of phenomena, because the thing itself cannot be comprehended by knowledge. Had it not been for that, he would not have declared that he abandoned knowledge in order to leave in his heart a burden of faith.

      4 - Among them is his saying that there is a primary cause outside of time, emanating in every partial action.

      5 - Among them is his saying that freedom is abstracted from time and place, even though the freedom that we say and believe in is the freedom of feeling, that is, the true freedom that is within time and place.

      In short, Kant did not succeed in combining freedom and determinism, because he believed that freedom was a first beginning, or the creation of a thing after it had not existed. He also believed that determinism was a necessary connection between phenomena, and that science had only a relative value.

      The meaning of all of this is that Kant failed to combine freedom and determinism, just as Descartes and Leibniz had failed before. Contemporary scholars did not reach a reconciliation between these two matters until they used the tools of criticism to destroy absolute determinism on the one hand, and absolute freedom on the other hand.

      تعليق

      يعمل...
      X