قيمة العادة وفوائدها .. العادة
قيمة العادة وفوائدها
للعادة أثر كبير في حياة الإنسان ، لأنها تحفظ الماضي ، وتهيء المستقبل ، ولذلك كانت أساس تقدم الفرد والنوع معاً ، فتعود فعل ما يجعل ذلك الفعل آليا ، حق لا يحتاج إلى الانتباه ، وفي ذلك فائدة عظيمة ، لأن الأفعال الآلية إذا تمت من تلقاء نفسها تركت عقل المرء حراً طليقاً ، فيذنبه لما هو أسمى منها . وهي تمكن المرء من القيام بعملين في وقت واحد بحيث يصبح العمل الأول عادة راسخة ، ينجزه المرء بصورة آلية ، وينتبه في الوقت نفسه لعمل آخر . وهي توفر على الإنسان جزءاً كبيراً من الوقت ، وتنقذه من التردد ، وتخفف من تعبه وجهده ، وتثبت سلوكه ، وتكسبه المهارة ، والدقة ، والرشاقة ، والسرعة .
وبالرغم من هذه الفوائد فإن للعادة أخطاراً عظيمة ، فقد تصبح سبب الركود والجمود وتمنع المرء من التقدم ، فيصعب عليه تغييرها ، أو تعديلها ، ويؤثر السير في طريقها المعبد . وإذا غير طريقه ، هذا عجز عن التقدم ، وأصبحت حياته حياة آلية محضة تسير على نمط واحد ، هذا ما دعا ( روسو ) ، إلى القول : خير عادات الانسان أن لا يتعود شيئاً .
نعم ان الفضيلة عادة ، ولكن الرذيلة عادة أيضاً ، فالمرء يتعود كل شيء ، ويحب أن يقيد نفسه بما تعوده خوفاً من جهد الإبداع ، وخطر التقدم .
بعض النتائج الخلقية .
- يتبين مما تقدم انه ينبغي لنا أن نكتسب العادات الصالحة ، وأن نجعل الجملة العصبية حليفة لنا ، وأن نتخذ مما حصلنا عليه من العادات رأس مال ثابت ، نعيش بما يغل علينا من ربح وفائدة . لأن الطاقة العصبية إذا تعودت السير في طريق ما ، وارتبطت الخلايا بعضها ببعض ، فليس من السهل عليها أن تغير الطريق الذي فتحته . قال ( بين ) : يجب على المرء لاكتساب عادة جديدة ، أو للتخلص من عادة قديمة ، أن يغتسل كل يوم بماء جديد ، وأن يبدل نفسه بإقدام وقوة وعزم . وأن يجمع الأسباب الباعثة على العمل ، ويربط نفسه بوعود علنية .
ويجب عليه أيضاً أن لا يتراجع إلى الوراء أمام داعي الإرادة ما دامت العادة الجديدة لم تكتب بعد . أن انكساراً واحداً يمحو ألف انتصار ، فخير للإنسان أن يقطع صلته بالعادات السيئة دفعة واحدة ، وأن لا يداريها ، لأن نيران الشهوة سرعان ما تخمد لعدم اضرامها .
والتخلص من العادات السيئة لا يكون بمكافحتها مباشرة فحسب ، بل يكون باكتساب عادات طيبة مضادة لها ، وبالتمرن على تلك العادات الجديدة تمرناً متتابعاً .
قال ( جيمس ) : يجب أن يغتنم المرء أول فرصة لتحقيق كل رغبة من رغائبه ، وأن يصفي لكل انفعال مقارن للعادة الجديدة . فالرغبات ، والعزائم لا تبدل الجملة العصبية إلا إذا أدى تحقيقها إلى إحداث نتائج حركية . وهذا كله يوجب علينا تجنب الأحلام الفارغة التي لا تؤدي إلى الفعل .
وقال أيضاً : يجب على المرء أن يحيي في نفسه ملكة الجمد ، بالتمرن عليها كل يوم ، وان يتعود التقشف ، والبطولة المنظمة ، وأن يرغم نفسه كل يوم يومين على القيام بأمور لا يميل اليها بالطبع . فإذا دقت ساعة الشدائد ، وجد نفسه قادراً على الصبر والمقاومة تلك كفالة الحياة .
وقال أيضاً : لو عرف الشبان أنهم سيصبحون يوماً من الأيام كتلة متحركة من العادت لا نتبهوا لسلوكهم وهم في نضارة الحياة . فالمرء ينسج أقداره بيديه ، وسواء أكان ذلك خيراً ، أم شراً ، فإن خيطه المنسوج لن يحل .
وقد قالت العلماء : ان آثار أفعالنا لا تمحى ، فينبغي للشاب أن يدأب في الحياة من غير أن يفكر في النجاح ، وأن يتعود العمل المستمر ، لأن النجاح ليس صفة ذاتية مقومة للعمل ، وإنما هو نتيجة خارجية تنضم اليه كما تنضم اللذة إلى الفعل .
بعض النتائج التربوية .
- وينبغي للمربي أن يعلم أن العادة قوة هائلة ، وأنه خير له وأبقى ، أن يقاوم اكتساب العادات الجديدة من أن يحارب العادات القديمة ، و أن يكافح العادات السيئة منذ ظهورها . ان رياضة الطفل على العادات الطبيعية ، تبدأ من يوم ميلاده ، وتستمر خلال شبابه ، ففي سني الطفولة يسهل غرس العادات ، أو قدمها ، وكلما كبر الطفل تجمدت عاداته ، وصعب عليه التخلص منها . فالشيوخ محافظون دائما على النظم القديمة ، مستمسكون بعاداتهم ، ومن العسير إقناعهم بتغيير ما تعودوه . لهذا كله كان الشباب عماد التقدم ، وكان الشيوخ عماد الاحتفاظ بهذا التقدم .
والطفل يكتسب أكثر عاداته بالتقليد ، والتلقين ، والإيحاء ، والتدريب ، لذلك كانت التبعة الملقاة على الوالدين والمربين عظيمة جداً . فعلى قدر عناية المربين بتربية الأطفال ، وشعورهم بما عليهم من المسؤولية يكون تقدم المجتمع . وفي الحق ان اهتمام المدارس بغرس العادات الطيبة في نفوس التلاميذ ، يجب أن يكون أعظم من عنايتها بحشو عقولهم بالعلوم لأن القسم الأكبر من هذه العلوم قد ينسى بعد مغادرة المدرسة . أما العادات الطيبة ، في السلوك ، والتفكير ، فتبقى ملازمة للإنسان كل أيام حياته .
قيمة العادة وفوائدها
للعادة أثر كبير في حياة الإنسان ، لأنها تحفظ الماضي ، وتهيء المستقبل ، ولذلك كانت أساس تقدم الفرد والنوع معاً ، فتعود فعل ما يجعل ذلك الفعل آليا ، حق لا يحتاج إلى الانتباه ، وفي ذلك فائدة عظيمة ، لأن الأفعال الآلية إذا تمت من تلقاء نفسها تركت عقل المرء حراً طليقاً ، فيذنبه لما هو أسمى منها . وهي تمكن المرء من القيام بعملين في وقت واحد بحيث يصبح العمل الأول عادة راسخة ، ينجزه المرء بصورة آلية ، وينتبه في الوقت نفسه لعمل آخر . وهي توفر على الإنسان جزءاً كبيراً من الوقت ، وتنقذه من التردد ، وتخفف من تعبه وجهده ، وتثبت سلوكه ، وتكسبه المهارة ، والدقة ، والرشاقة ، والسرعة .
وبالرغم من هذه الفوائد فإن للعادة أخطاراً عظيمة ، فقد تصبح سبب الركود والجمود وتمنع المرء من التقدم ، فيصعب عليه تغييرها ، أو تعديلها ، ويؤثر السير في طريقها المعبد . وإذا غير طريقه ، هذا عجز عن التقدم ، وأصبحت حياته حياة آلية محضة تسير على نمط واحد ، هذا ما دعا ( روسو ) ، إلى القول : خير عادات الانسان أن لا يتعود شيئاً .
نعم ان الفضيلة عادة ، ولكن الرذيلة عادة أيضاً ، فالمرء يتعود كل شيء ، ويحب أن يقيد نفسه بما تعوده خوفاً من جهد الإبداع ، وخطر التقدم .
بعض النتائج الخلقية .
- يتبين مما تقدم انه ينبغي لنا أن نكتسب العادات الصالحة ، وأن نجعل الجملة العصبية حليفة لنا ، وأن نتخذ مما حصلنا عليه من العادات رأس مال ثابت ، نعيش بما يغل علينا من ربح وفائدة . لأن الطاقة العصبية إذا تعودت السير في طريق ما ، وارتبطت الخلايا بعضها ببعض ، فليس من السهل عليها أن تغير الطريق الذي فتحته . قال ( بين ) : يجب على المرء لاكتساب عادة جديدة ، أو للتخلص من عادة قديمة ، أن يغتسل كل يوم بماء جديد ، وأن يبدل نفسه بإقدام وقوة وعزم . وأن يجمع الأسباب الباعثة على العمل ، ويربط نفسه بوعود علنية .
ويجب عليه أيضاً أن لا يتراجع إلى الوراء أمام داعي الإرادة ما دامت العادة الجديدة لم تكتب بعد . أن انكساراً واحداً يمحو ألف انتصار ، فخير للإنسان أن يقطع صلته بالعادات السيئة دفعة واحدة ، وأن لا يداريها ، لأن نيران الشهوة سرعان ما تخمد لعدم اضرامها .
والتخلص من العادات السيئة لا يكون بمكافحتها مباشرة فحسب ، بل يكون باكتساب عادات طيبة مضادة لها ، وبالتمرن على تلك العادات الجديدة تمرناً متتابعاً .
قال ( جيمس ) : يجب أن يغتنم المرء أول فرصة لتحقيق كل رغبة من رغائبه ، وأن يصفي لكل انفعال مقارن للعادة الجديدة . فالرغبات ، والعزائم لا تبدل الجملة العصبية إلا إذا أدى تحقيقها إلى إحداث نتائج حركية . وهذا كله يوجب علينا تجنب الأحلام الفارغة التي لا تؤدي إلى الفعل .
وقال أيضاً : يجب على المرء أن يحيي في نفسه ملكة الجمد ، بالتمرن عليها كل يوم ، وان يتعود التقشف ، والبطولة المنظمة ، وأن يرغم نفسه كل يوم يومين على القيام بأمور لا يميل اليها بالطبع . فإذا دقت ساعة الشدائد ، وجد نفسه قادراً على الصبر والمقاومة تلك كفالة الحياة .
وقال أيضاً : لو عرف الشبان أنهم سيصبحون يوماً من الأيام كتلة متحركة من العادت لا نتبهوا لسلوكهم وهم في نضارة الحياة . فالمرء ينسج أقداره بيديه ، وسواء أكان ذلك خيراً ، أم شراً ، فإن خيطه المنسوج لن يحل .
وقد قالت العلماء : ان آثار أفعالنا لا تمحى ، فينبغي للشاب أن يدأب في الحياة من غير أن يفكر في النجاح ، وأن يتعود العمل المستمر ، لأن النجاح ليس صفة ذاتية مقومة للعمل ، وإنما هو نتيجة خارجية تنضم اليه كما تنضم اللذة إلى الفعل .
بعض النتائج التربوية .
- وينبغي للمربي أن يعلم أن العادة قوة هائلة ، وأنه خير له وأبقى ، أن يقاوم اكتساب العادات الجديدة من أن يحارب العادات القديمة ، و أن يكافح العادات السيئة منذ ظهورها . ان رياضة الطفل على العادات الطبيعية ، تبدأ من يوم ميلاده ، وتستمر خلال شبابه ، ففي سني الطفولة يسهل غرس العادات ، أو قدمها ، وكلما كبر الطفل تجمدت عاداته ، وصعب عليه التخلص منها . فالشيوخ محافظون دائما على النظم القديمة ، مستمسكون بعاداتهم ، ومن العسير إقناعهم بتغيير ما تعودوه . لهذا كله كان الشباب عماد التقدم ، وكان الشيوخ عماد الاحتفاظ بهذا التقدم .
والطفل يكتسب أكثر عاداته بالتقليد ، والتلقين ، والإيحاء ، والتدريب ، لذلك كانت التبعة الملقاة على الوالدين والمربين عظيمة جداً . فعلى قدر عناية المربين بتربية الأطفال ، وشعورهم بما عليهم من المسؤولية يكون تقدم المجتمع . وفي الحق ان اهتمام المدارس بغرس العادات الطيبة في نفوس التلاميذ ، يجب أن يكون أعظم من عنايتها بحشو عقولهم بالعلوم لأن القسم الأكبر من هذه العلوم قد ينسى بعد مغادرة المدرسة . أما العادات الطيبة ، في السلوك ، والتفكير ، فتبقى ملازمة للإنسان كل أيام حياته .
تعليق