الغزيزة عادة وراثية ، نظرية لامارك وسبنسر .. الغَرِيزَة
الغزيزة عادة وراثية
نظرية لامارك وسبنسر .
- ان رأي ( لامارك ) ، و ( سبنسر ) في الغريزة متمم لرأيهما في تطور الكائنات الحية .
ف ( الامارك ) يعتقد أن الأنواع تنشأ بعضها عن بعض بتحول تدريجي دائم ، وعلة ذلك عنده : أن الحيوان يسعى لموالفة البيئة . فإذا تغيرت شرائط الحياة بذل جهده اموالفة الشرائط الجديدة ، فيبدل هذا الجهد جده ، وتنتقل هذه التغيرات من جيل إلى آخر . فكأن هذه التغيرات عادات جسدية مكتسبة للأفراد ، إلا أنها تنتقل من جيل إلى آخر بالوراثة ، وما كان منها عادة في جيل يصبح بانتقاله إلى الجيل الذي بعده غريزة بالوراثة فالغريزة إذن عادة ثانية .
و ( سبنسر ) يرى أن الحياة تكيف دائم ، ومعنى ذلك أن الكائن الحي يخلق في نفسه خلال حر كته عادات تسهل له مؤالفة المحيط الخارجي موالفة آلية . فإذا كانت هذه المؤالفة ناقصة ، كانت حركة الحيوان مصحوبة بالشعور ، ووإذا كانت تامة كانت حركاته لا شعورية . أما الغريزة عنده . فهي تراث مشترك بين أفراد النوع ، أو هي مجموع العادات التي اكتسبها الأفراد وتوارثوها خلف عن سلف ، لأنها من لوازم الحياة ومطالبها الضرورية .
مبادىء هذه النظرية .
- ان هذه النظرية تجعل العقل حاكما في تكوين الغريزة . نعم ان هناك عادات منفعلة ، قابلة ، لا أثر للعقل والاختيار الإرادي فيها ، كتعود الإقامة في إقليم من الأقاليم ، أو شم رائحة من الروائح ولكن الغرائز لاتتولد من العادات المنفعلة فحسب ، بل تتولد من العادات الفاعلة أيضا ، نعم ان الحيوان إذا تعلم الحياة في إقليم جديد ، أو ألف رائحة من الروائح تبدلت حياته بحسب الشرائط الجديدة ، من غير أن تنقلب هذه العادات الحيوية إلى غرائز ولكن العادات التي تنقلب إلى غرائز هي العادات الفاعلة ، أي الحركات التي أدرك الحيوان نفعها ، فرغب فيها ، وأرادها ، ثم كررها حتى أصبحت آلية تماما .
ينتج من ذلك كله أن نظرية ( لامارك ) تستند إلى مسلمتين :
۱ - ارجاع الغريزة الى أفعال ارادية مدركة .
۲ - وراثة العادات المكتسبة .
ويمكن تلخيص هذه النظرية بقولنا :
ان الغريزة عقل معطل ، أو منحط ( intelligence dégradéc ) .
اعتراض داروین .
- اعترض ( داروين ) على هذه النظرية بقوله :
ان عاملات النحل التي تملك أعجب الغرائز حشرات عواقر ، تولد من ملكة لا تملك غريزة صنع العسل فكيف ترث العاملات هذه الغريزة عن الأجداد ؟ ، لا بل كيف تنقلها إلى الأحفاد ؟ وهي كما بينا حشرات عواقر .
الجواب .
- لو كان ظهور غريزة صنع العسل متأخراً عن انقسام النحل إلى ولود ، وعاقر ، لكان اعتراض ( داروين ) هذا قوياً جداً ، ولكانت العادات التي اكتسبتها الحشرات العاقلة عديمة التأثير في تبديل صفات النوع . إلا أننا نستطيع أن نتصور أن كل نحلة كانت في الأصل ولوداً ، وأن جميع أفراد النحل كانت قادرة على اللقاح ، وعلى صنع الشمع والعسل ، وان رسوخ العادة في النوع ، متقدم على انقسام العمل بين الأفراد ، و اختصاص كل فرد بعمل معين فتكون غريزة صنع العسل في هذه الحالة مشتركة بين جميع الأفراد ، إلا أنها قد تظهر عند قسم ، وتختفي عند الآخر ، ولا عجب في ذلك لأن ظروف الحياة كثير أما تمنع الحيوان من إظهار غرائزه ، أو تحول بينه وبين الاستفادة منها .
اعتراض ثان .
- اعترض العلماء على نظرية ( لامارك ) بقولهم : إن الغرائز العجيبة موجودة لكل حيوان حولي ، أي للحشرات التي لا تعيش إلا عاماً واحداً . وانتي لهـا اكتساب هذه الغرائز العجيبة ، وهي مجردة من قوى العقل . فلو كانت غريزة ( السفكس ) الجراحية متولدة من عادة وراثية ، ناشئة هي نفسها عن أفعال عاقلة ، وعن تجارب ، وخبرات منظمة الوجب القول باتصاف أجداد هذا الحيوان بالذكاء الخارق . أضف إلى ذلك أن تكامل الغرائز يقتضي تجربة ، واختباراً ، وزمانا طويلا ، فكيف يتم للحشرات اكتساب هذه الغرائز ، وهي لا تعيش على الأكثر إلا سنة واحدة ؟ .
فرضية بريه .
- لقد أدرك ( بريه Perrier ) قيمة هذا الاعتراض ، فقال : لاشك أن في الطبيعة حشرات ، وهي حيوانات حولية ، لا تكفي حياتها القصيرة الحاضرة لاكتساب الغرائز المعقدة . إلا أن هذه الحشرات كانت في الدور الأول من حياة الأرض متصفة بالحركة والنشاط ، وكانت تعيش في جو معتدل الحرارة ، وتطير من مكان إلى آخر ، هرباً من شدة البرد ، ومن بطش الحيوانات الضارية ، حتى أن أجسامها كانت عظيمة ، وحياتها طويلة وهادئة ، فلا غرو إذا استطاعت في هذا العصر الذهبي أن تقوم بأفعال عقلية عجيبة ، دع أن هذه الأفعال العقلية تنتقل من جيل إلى آخر بالتقليد ، وتنقلب بالتكرار إلى عادات ، وهذه العادات تولد حركات آلية مستقرة في الأعضاء والأعصاب ، فتصبح بذلك وراثية بعد أن كانت فردية شخصية .
لا شك أن البرد الشديد يقتل معظم الحشرات ، ولكن بعض الحشرات التي أدركت سن البلوغ في فصل الصيف باضت بيوضها قبل آخر الخريف ، فلما أدركها الموت عند مجيء الشتاء لم يؤثر ذلك في حياة النوع ، البقاء البيوض محفوظة . وهكذا أصبحت حياة الحشرات حياة فصلية قصيرة لا تتجاوز بضعة شهور ، وصار كل جيل منفصلا عن الآخر ، فلم يبق أثر للتجربة الشخصية ، والخبرة الفردية ، والتربية ، بل زالت هذه الآثار كلها لقصر حياة الفرد ، وانقلبت إلى حركات آلية موروثة مستقرة في النوع . ولما كان بعض الحشرات يعيش مجتمعاً ، كالنحل والنمل ، كان في وسعه أن يتغلب على الشتاء بالتجائه إلى أكواره ، لقد أدى امتداد حياة هذه الأنواع إلى اكتسابها العلم ، بالتجربة ، والخبرة ، والملاحظة ، و إلى توارثها من بعدها شيئاً مما اكتسبته ، فتولدت من ذلك عادات اجتماعية عجيبة تدل على العقل ، ان غرائز النحل الحاضر آثار دالة على قواه العقلية القديمة .
- الرد على نظرية بريه .
ان للنبات غرائز ، فهل نقول انها متولدة من العقل ؟ لقد بين ( داروین ) ان حركات النباتات المتسلقة ( Plantes grimpantes ( شبيهة بالغرائز ، وأنه من الصعب على العالم المادي أن يرجع هذه الحركات إلى حالات ( التروبيزوم ) . قال : ان بعض النباتات تحرك أطرافها ، كما يحرك الحيوان أرجله ، فتتأثر بالجاذبية الأرضية ، ثم ترتفع ، ثم تتأثر بالنور ، فتنحني أمامه ، أو تبعتد عنه ، وإذا لمست جسما أحاطت به ، وقبضت عليه بقوة ، ثم التفت حوله على شكل لولب ، واتجه ساقها إلى فوق كأنه لولب لين . فهذه الحركات كما قلنا شبيهة بغرائز الحيوان ، لا بل هي غرائز حقيقية ، فهل نقول انها عادات وراثية مصحوبة في الأصل بإرادة ، وعقل ؟ .
جواب كوب .
- لم يتردد ( كوب Cope ) ( ۱ ) وهـو أحد تلاميذ ( لامارك ) ، في قبول هذا الرأي ، ويسمى مذهبه بالمذهب الروحي لقوله بوجود العقل في كل شيء ، أي في الجماد ، والنبات ، والحيوان . فمها قاله : ان النبات حيوان معطل ، وان الكائنات الحية كلها كانت في الأصل قادرة على الحركة ، متصفة بالشعور ، ولكن النبات فقد هذه الصفات عندما التجأ إلى الأرض ، واستقر فيها ، وتمت له أسباب التكيف التام .
ولا يزال هناك نباتات متصفة بالحركة ، كالأشنة ( Algues ) وغيرها ، وهي أثر باق من الماضي ، شاهد على صفات النباتات القديمة ، إلا أن النبات قد أصبح اليوم بعد حبس نفسه في أقفاص خشبية ، خالياً من الشعور ، بعد أن كان في الماضي حيوانا متصفاً بالحركة ، والحرية ، والعقل .
الرد النهائي على هذه النظرية .
- لسنا نريد الآن أن نفند رأي ( بريه ) و ( كوب ) في طول حياة الحشرات القديمة ، أو اتصافها بالعقل ، ولا رأيهما في تقدم عالم النبات على عالم الحيوان في الوجود ، ولكننا نريد أن نقول في ذلك قولاً واحداً وهو : أن هذا الرأي يوقعنا في شبه كثيرة . منها قول ( ساباتيه ) : لو كانت الغريزة متولدة من العقل ، لوجب أن يكون أعقل الحيونات أكثر ما غرائز ، ولكن الواقع يكذب ذلك ، لأن غرائز الحيونات الفقارية أقل من غرائز الحيوانات المفصلية ، وغرائز الإنسان أقل من غرائز الحيوانات الثديية ، فالغريزة لم تتولد إذن من العقل ، وأقل الحيوانات عقلا أكثرها غرائز .
الغزيزة عادة وراثية
نظرية لامارك وسبنسر .
- ان رأي ( لامارك ) ، و ( سبنسر ) في الغريزة متمم لرأيهما في تطور الكائنات الحية .
ف ( الامارك ) يعتقد أن الأنواع تنشأ بعضها عن بعض بتحول تدريجي دائم ، وعلة ذلك عنده : أن الحيوان يسعى لموالفة البيئة . فإذا تغيرت شرائط الحياة بذل جهده اموالفة الشرائط الجديدة ، فيبدل هذا الجهد جده ، وتنتقل هذه التغيرات من جيل إلى آخر . فكأن هذه التغيرات عادات جسدية مكتسبة للأفراد ، إلا أنها تنتقل من جيل إلى آخر بالوراثة ، وما كان منها عادة في جيل يصبح بانتقاله إلى الجيل الذي بعده غريزة بالوراثة فالغريزة إذن عادة ثانية .
و ( سبنسر ) يرى أن الحياة تكيف دائم ، ومعنى ذلك أن الكائن الحي يخلق في نفسه خلال حر كته عادات تسهل له مؤالفة المحيط الخارجي موالفة آلية . فإذا كانت هذه المؤالفة ناقصة ، كانت حركة الحيوان مصحوبة بالشعور ، ووإذا كانت تامة كانت حركاته لا شعورية . أما الغريزة عنده . فهي تراث مشترك بين أفراد النوع ، أو هي مجموع العادات التي اكتسبها الأفراد وتوارثوها خلف عن سلف ، لأنها من لوازم الحياة ومطالبها الضرورية .
مبادىء هذه النظرية .
- ان هذه النظرية تجعل العقل حاكما في تكوين الغريزة . نعم ان هناك عادات منفعلة ، قابلة ، لا أثر للعقل والاختيار الإرادي فيها ، كتعود الإقامة في إقليم من الأقاليم ، أو شم رائحة من الروائح ولكن الغرائز لاتتولد من العادات المنفعلة فحسب ، بل تتولد من العادات الفاعلة أيضا ، نعم ان الحيوان إذا تعلم الحياة في إقليم جديد ، أو ألف رائحة من الروائح تبدلت حياته بحسب الشرائط الجديدة ، من غير أن تنقلب هذه العادات الحيوية إلى غرائز ولكن العادات التي تنقلب إلى غرائز هي العادات الفاعلة ، أي الحركات التي أدرك الحيوان نفعها ، فرغب فيها ، وأرادها ، ثم كررها حتى أصبحت آلية تماما .
ينتج من ذلك كله أن نظرية ( لامارك ) تستند إلى مسلمتين :
۱ - ارجاع الغريزة الى أفعال ارادية مدركة .
۲ - وراثة العادات المكتسبة .
ويمكن تلخيص هذه النظرية بقولنا :
ان الغريزة عقل معطل ، أو منحط ( intelligence dégradéc ) .
اعتراض داروین .
- اعترض ( داروين ) على هذه النظرية بقوله :
ان عاملات النحل التي تملك أعجب الغرائز حشرات عواقر ، تولد من ملكة لا تملك غريزة صنع العسل فكيف ترث العاملات هذه الغريزة عن الأجداد ؟ ، لا بل كيف تنقلها إلى الأحفاد ؟ وهي كما بينا حشرات عواقر .
الجواب .
- لو كان ظهور غريزة صنع العسل متأخراً عن انقسام النحل إلى ولود ، وعاقر ، لكان اعتراض ( داروين ) هذا قوياً جداً ، ولكانت العادات التي اكتسبتها الحشرات العاقلة عديمة التأثير في تبديل صفات النوع . إلا أننا نستطيع أن نتصور أن كل نحلة كانت في الأصل ولوداً ، وأن جميع أفراد النحل كانت قادرة على اللقاح ، وعلى صنع الشمع والعسل ، وان رسوخ العادة في النوع ، متقدم على انقسام العمل بين الأفراد ، و اختصاص كل فرد بعمل معين فتكون غريزة صنع العسل في هذه الحالة مشتركة بين جميع الأفراد ، إلا أنها قد تظهر عند قسم ، وتختفي عند الآخر ، ولا عجب في ذلك لأن ظروف الحياة كثير أما تمنع الحيوان من إظهار غرائزه ، أو تحول بينه وبين الاستفادة منها .
اعتراض ثان .
- اعترض العلماء على نظرية ( لامارك ) بقولهم : إن الغرائز العجيبة موجودة لكل حيوان حولي ، أي للحشرات التي لا تعيش إلا عاماً واحداً . وانتي لهـا اكتساب هذه الغرائز العجيبة ، وهي مجردة من قوى العقل . فلو كانت غريزة ( السفكس ) الجراحية متولدة من عادة وراثية ، ناشئة هي نفسها عن أفعال عاقلة ، وعن تجارب ، وخبرات منظمة الوجب القول باتصاف أجداد هذا الحيوان بالذكاء الخارق . أضف إلى ذلك أن تكامل الغرائز يقتضي تجربة ، واختباراً ، وزمانا طويلا ، فكيف يتم للحشرات اكتساب هذه الغرائز ، وهي لا تعيش على الأكثر إلا سنة واحدة ؟ .
فرضية بريه .
- لقد أدرك ( بريه Perrier ) قيمة هذا الاعتراض ، فقال : لاشك أن في الطبيعة حشرات ، وهي حيوانات حولية ، لا تكفي حياتها القصيرة الحاضرة لاكتساب الغرائز المعقدة . إلا أن هذه الحشرات كانت في الدور الأول من حياة الأرض متصفة بالحركة والنشاط ، وكانت تعيش في جو معتدل الحرارة ، وتطير من مكان إلى آخر ، هرباً من شدة البرد ، ومن بطش الحيوانات الضارية ، حتى أن أجسامها كانت عظيمة ، وحياتها طويلة وهادئة ، فلا غرو إذا استطاعت في هذا العصر الذهبي أن تقوم بأفعال عقلية عجيبة ، دع أن هذه الأفعال العقلية تنتقل من جيل إلى آخر بالتقليد ، وتنقلب بالتكرار إلى عادات ، وهذه العادات تولد حركات آلية مستقرة في الأعضاء والأعصاب ، فتصبح بذلك وراثية بعد أن كانت فردية شخصية .
لا شك أن البرد الشديد يقتل معظم الحشرات ، ولكن بعض الحشرات التي أدركت سن البلوغ في فصل الصيف باضت بيوضها قبل آخر الخريف ، فلما أدركها الموت عند مجيء الشتاء لم يؤثر ذلك في حياة النوع ، البقاء البيوض محفوظة . وهكذا أصبحت حياة الحشرات حياة فصلية قصيرة لا تتجاوز بضعة شهور ، وصار كل جيل منفصلا عن الآخر ، فلم يبق أثر للتجربة الشخصية ، والخبرة الفردية ، والتربية ، بل زالت هذه الآثار كلها لقصر حياة الفرد ، وانقلبت إلى حركات آلية موروثة مستقرة في النوع . ولما كان بعض الحشرات يعيش مجتمعاً ، كالنحل والنمل ، كان في وسعه أن يتغلب على الشتاء بالتجائه إلى أكواره ، لقد أدى امتداد حياة هذه الأنواع إلى اكتسابها العلم ، بالتجربة ، والخبرة ، والملاحظة ، و إلى توارثها من بعدها شيئاً مما اكتسبته ، فتولدت من ذلك عادات اجتماعية عجيبة تدل على العقل ، ان غرائز النحل الحاضر آثار دالة على قواه العقلية القديمة .
- الرد على نظرية بريه .
ان للنبات غرائز ، فهل نقول انها متولدة من العقل ؟ لقد بين ( داروین ) ان حركات النباتات المتسلقة ( Plantes grimpantes ( شبيهة بالغرائز ، وأنه من الصعب على العالم المادي أن يرجع هذه الحركات إلى حالات ( التروبيزوم ) . قال : ان بعض النباتات تحرك أطرافها ، كما يحرك الحيوان أرجله ، فتتأثر بالجاذبية الأرضية ، ثم ترتفع ، ثم تتأثر بالنور ، فتنحني أمامه ، أو تبعتد عنه ، وإذا لمست جسما أحاطت به ، وقبضت عليه بقوة ، ثم التفت حوله على شكل لولب ، واتجه ساقها إلى فوق كأنه لولب لين . فهذه الحركات كما قلنا شبيهة بغرائز الحيوان ، لا بل هي غرائز حقيقية ، فهل نقول انها عادات وراثية مصحوبة في الأصل بإرادة ، وعقل ؟ .
جواب كوب .
- لم يتردد ( كوب Cope ) ( ۱ ) وهـو أحد تلاميذ ( لامارك ) ، في قبول هذا الرأي ، ويسمى مذهبه بالمذهب الروحي لقوله بوجود العقل في كل شيء ، أي في الجماد ، والنبات ، والحيوان . فمها قاله : ان النبات حيوان معطل ، وان الكائنات الحية كلها كانت في الأصل قادرة على الحركة ، متصفة بالشعور ، ولكن النبات فقد هذه الصفات عندما التجأ إلى الأرض ، واستقر فيها ، وتمت له أسباب التكيف التام .
ولا يزال هناك نباتات متصفة بالحركة ، كالأشنة ( Algues ) وغيرها ، وهي أثر باق من الماضي ، شاهد على صفات النباتات القديمة ، إلا أن النبات قد أصبح اليوم بعد حبس نفسه في أقفاص خشبية ، خالياً من الشعور ، بعد أن كان في الماضي حيوانا متصفاً بالحركة ، والحرية ، والعقل .
الرد النهائي على هذه النظرية .
- لسنا نريد الآن أن نفند رأي ( بريه ) و ( كوب ) في طول حياة الحشرات القديمة ، أو اتصافها بالعقل ، ولا رأيهما في تقدم عالم النبات على عالم الحيوان في الوجود ، ولكننا نريد أن نقول في ذلك قولاً واحداً وهو : أن هذا الرأي يوقعنا في شبه كثيرة . منها قول ( ساباتيه ) : لو كانت الغريزة متولدة من العقل ، لوجب أن يكون أعقل الحيونات أكثر ما غرائز ، ولكن الواقع يكذب ذلك ، لأن غرائز الحيونات الفقارية أقل من غرائز الحيوانات المفصلية ، وغرائز الإنسان أقل من غرائز الحيوانات الثديية ، فالغريزة لم تتولد إذن من العقل ، وأقل الحيوانات عقلا أكثرها غرائز .
تعليق