حقيقة الغريزة .. الغَرِيزَة
حقيقة الغريزة
للفلاسفة في حقيقة الغريزة مذاهب مختلفة ، فمنهم من يرجع الغريزة إلى العقل لمشابهتها إياه في بعض مظاهرها الكاملة ، ومنهم من يرجعها إلى الأفعال المنعكسة لمشابهتها إياها في آليتها ، وفي افقها الأدنى ، ومنهم من يجعل الغريزه مظهراً من مظاهر اندفاعة الحياة ( Elan vital ) ، ولنبحث الآن في كل مذهب من هذه المذاهب على حدته .
آ - إرجاع الغريزة إلى العقل
نظرية كوندياك ، وهيوم ، وفاللاس ، وبين
الغريزة عند ( كوندياك ) ، و ( هيوم ) ، عادة فردية زال عنها أثر العقل بتكرار الفعل . اخذ بفكرة ( كوندياك ) هـذه علماء نفسيون كـ ( اسكندر ) بين ) ، وعلماء طبيعيون ك ( فاللاس ) ، وزعموا جميعاً أن الأفعال الغريزية عادات فردية مكتسبة ، بالإرادة ، والعقل ، فلا فرق إذن بينها وبين العادات الاخرى ، إلا أن الحيوان يشعر في أول الأمر بالاحتياج ، فيقوم ببعض الأفعال المطابقة لاحتياجه ، ثم يكررها على نمط واحد فترسخ فيه ، وتصبح عادات آلية .
لقد كان ( باسكال ) يقول : إن العادة طبيعة ثانية ، أما هؤلاء العلماء فيقولون بخلاف ذلك ، أن الطبيعة عادة ثانية . فإن قيل لهم ان العادة مكتسبة ، والغريزة فطرية ، قالوا ان الغريزة ليست فطرية . قد يخيل الينا أن الطيور تصنع أعشاشها على نمط واحد كغيرها من أبناء جنسها ، وان الأحفاد تتبع الأجداد في ذلك من غير تبديل ولا تغيير ، ولا اكتساب ، ولا تعلم ، إلا أن هذا الظن بعيد عن الحقيقة ، لأن المشاهدات تكذبه ، فالطيور عندما تولد في الأقفاص لا تبني أعشاشها على طريقة النوع ، بل تقتصر على جمع المواد ، وتكويمها بعضها فوق بعض من غير ترتيب ، وهي كذلك لا تغرد تغريداً طبيعياً شبيها بتغريد النوع ، بل تقلد في ذلك أصوات الطيور المجاورة لها .
ولكننا إذا أنعمنا النظر في رأي ( كوندياك ، وفاللاس ، وبين ) وجدناه بعيداً عن الحقيقة ، لأن الأمثلة التي جاؤوا بها لا تثبت اكتساب الفرد للغريزة ، بل تدل على أن بعض الأفعال الغريزية في الحيوانات العالية تقبل التغير والتبدل بتأثير الخبرة ، والتربية . إذا دلتها التجربة على ضرورة القيام ببعض الأفعال ، أكثرت منها ودأبت في اتباع طريقها حتى تصل إلى غايتها ، ومن أفعال الحيوان ما هو مكتسب ، ومنها ما هو في غنى عن كل اكتساب وتعلم ، كالأفعال الغريزية المتصلة بأساس الحياة . لقد صفر ( كوندياك ) أثر الوراثة ، وعظم أثر التقليد في تكوين الغريزة ، ولكن التقليد لا يفسر تكوين الغرائز عند الحشرات . إن أكثر الحشرات تموت قبل خروج صغارها من البيوض ، وقبل أن يتصل الجيل اللاحق بالجيل السابق ، فلا مجال في هذه الحالة للتربية والتقليد . ولا يعقل أن يصل الفرد يجهده الشخصي ، وإبداعه ، إلى اختراع جميع الأفعال التي اخترعها أجداده ، لأنه يمكن السؤال حينئذ كيف تتفق هذه الاختراعات المختلفة ، وتتشابه ، وتجيء كلها على نمط واحد ؟ فلا محيد إذن من القول ان الغريزة وراثية ، وإذا كان لابد من القول انها عادة ، فإن هذه العادة يجب أن تكون وراثية ، لا فردية .
حقيقة الغريزة
للفلاسفة في حقيقة الغريزة مذاهب مختلفة ، فمنهم من يرجع الغريزة إلى العقل لمشابهتها إياه في بعض مظاهرها الكاملة ، ومنهم من يرجعها إلى الأفعال المنعكسة لمشابهتها إياها في آليتها ، وفي افقها الأدنى ، ومنهم من يجعل الغريزه مظهراً من مظاهر اندفاعة الحياة ( Elan vital ) ، ولنبحث الآن في كل مذهب من هذه المذاهب على حدته .
آ - إرجاع الغريزة إلى العقل
نظرية كوندياك ، وهيوم ، وفاللاس ، وبين
الغريزة عند ( كوندياك ) ، و ( هيوم ) ، عادة فردية زال عنها أثر العقل بتكرار الفعل . اخذ بفكرة ( كوندياك ) هـذه علماء نفسيون كـ ( اسكندر ) بين ) ، وعلماء طبيعيون ك ( فاللاس ) ، وزعموا جميعاً أن الأفعال الغريزية عادات فردية مكتسبة ، بالإرادة ، والعقل ، فلا فرق إذن بينها وبين العادات الاخرى ، إلا أن الحيوان يشعر في أول الأمر بالاحتياج ، فيقوم ببعض الأفعال المطابقة لاحتياجه ، ثم يكررها على نمط واحد فترسخ فيه ، وتصبح عادات آلية .
لقد كان ( باسكال ) يقول : إن العادة طبيعة ثانية ، أما هؤلاء العلماء فيقولون بخلاف ذلك ، أن الطبيعة عادة ثانية . فإن قيل لهم ان العادة مكتسبة ، والغريزة فطرية ، قالوا ان الغريزة ليست فطرية . قد يخيل الينا أن الطيور تصنع أعشاشها على نمط واحد كغيرها من أبناء جنسها ، وان الأحفاد تتبع الأجداد في ذلك من غير تبديل ولا تغيير ، ولا اكتساب ، ولا تعلم ، إلا أن هذا الظن بعيد عن الحقيقة ، لأن المشاهدات تكذبه ، فالطيور عندما تولد في الأقفاص لا تبني أعشاشها على طريقة النوع ، بل تقتصر على جمع المواد ، وتكويمها بعضها فوق بعض من غير ترتيب ، وهي كذلك لا تغرد تغريداً طبيعياً شبيها بتغريد النوع ، بل تقلد في ذلك أصوات الطيور المجاورة لها .
ولكننا إذا أنعمنا النظر في رأي ( كوندياك ، وفاللاس ، وبين ) وجدناه بعيداً عن الحقيقة ، لأن الأمثلة التي جاؤوا بها لا تثبت اكتساب الفرد للغريزة ، بل تدل على أن بعض الأفعال الغريزية في الحيوانات العالية تقبل التغير والتبدل بتأثير الخبرة ، والتربية . إذا دلتها التجربة على ضرورة القيام ببعض الأفعال ، أكثرت منها ودأبت في اتباع طريقها حتى تصل إلى غايتها ، ومن أفعال الحيوان ما هو مكتسب ، ومنها ما هو في غنى عن كل اكتساب وتعلم ، كالأفعال الغريزية المتصلة بأساس الحياة . لقد صفر ( كوندياك ) أثر الوراثة ، وعظم أثر التقليد في تكوين الغريزة ، ولكن التقليد لا يفسر تكوين الغرائز عند الحشرات . إن أكثر الحشرات تموت قبل خروج صغارها من البيوض ، وقبل أن يتصل الجيل اللاحق بالجيل السابق ، فلا مجال في هذه الحالة للتربية والتقليد . ولا يعقل أن يصل الفرد يجهده الشخصي ، وإبداعه ، إلى اختراع جميع الأفعال التي اخترعها أجداده ، لأنه يمكن السؤال حينئذ كيف تتفق هذه الاختراعات المختلفة ، وتتشابه ، وتجيء كلها على نمط واحد ؟ فلا محيد إذن من القول ان الغريزة وراثية ، وإذا كان لابد من القول انها عادة ، فإن هذه العادة يجب أن تكون وراثية ، لا فردية .
تعليق