بلال المازني
23/1/2024
أبو عرب حادي العودة.. ذاكرة فلسطين في صوت رجل ثائر
ساعة فضية في قبضة كهل غطي رأسه بكوفية، يضع نظارات شمسية سوداء، لا تبدو ملامحه واضحة، غير أن صوتا من وراء الكاميرا قدمه بإجلال قائلا: لم يكن أحد قادرا على إنجاز ما استطاع رجل واحد إنجازه على مدار أكثر من 60 عاما، فقد أرّخ قضية فلسطين بموهبة شعر شعبي عبقرية، ومن قلب الشتات في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
تبدأ تنكشف ملامح الممثل الذي يجسد هوية الرجل العظيم، حين أنشد قائلا في مشهد تمثيلي:
يا توتة الدار صبرك على الزمان إن جار
لا بد ما نعود مهما طوّل المشوار يا يابا
يا توتة الدار حلفتك برب الكون
لا بد ما نعود مهما طول المشوار يا يابا
ولم يكن الكهل ذو الملامح غير الواضحة سوى طيف الشاعر الفلسطيني الكبير إبراهيم صالح مطر المعروف باسم “أبو عرب”، الذي استحضره فيلم الجزيرة الوثائقية “أبو عرب حادي العودة” للمخرج معتز محمد.
وقد وثق الفيلم على مدى قرابة 52 دقيقة سيرة الزجال والشاعر الشعبي الفلسطيني أبو عرب، وأحيا ذكراه مثلما أحيا الشاعر على مدى أكثر من نصف قرن تفاصيل القضية الفلسطينية بين حروف شعره وألحان قصائده التي حملت محنة بعده عن وطنه، بل محنة آلاف آلاف الفلسطينيين المبعدين قسرا عن أرضهم.
شاعر الثورة الفلسطينية إبراهيم صالح مطر المشهور بـ”أبو عرب”
كما نقل الفيلم مآسي طفولة أبو عرب مع الاحتلال وبدايات توثيقه حكاية فلسطين بأزجاله ومواقفه، خلال التقلبات التي عاشها الفلسطينيون ضمن سياقات دولية قدمت محاولات لحسم الصراع.
ويلقب إبراهيم صالح مطر بشاعر الثورة الفلسطينية. وقد جاء وصفه الأبلغ على لسان الباحث حسين لوباني في الفيلم، حين قال إنه العبقري ذو الصوت الحنون المؤثر، فحين يغني بألم أغنية “يا توتة الدار” يُبكي صوته والدته ووالده الذي كان لا يبكي قط.
تعليق