7/9/2020
سناء نصر الله
نزار قباني.. معركة القصيدة ضد الغزاة والطغاة
نزار قباني أحد أبرز الشعراء المعاصرين، أورثه حب الفن جده أبو خليل القباني الذي كان أحد رواد المسرح، فهو من أدخل المسرح إلى الأدب العربي.
ولد نزار في شهر مارس/آذار عام 1923 لأسرة دمشقية عريقة، وعرف بشعره الرومانسي، فكان يلقب بشاعر الحب والمرأة، لكن نكسة 1967 أثرت فيه كثيرا، فشهد شعره تحولا صارخا.
عمل نزار في السلك الدبلوماسي في دول عدة إلى أن وقع الانقلاب في سوريا عام 1963، فاستلم مجموعة من الضباط البعثيين ومن بينهم حافظ الأسد زمام الحكم في البلاد.
كان نزار دبلوماسيا ناجحا عرف بدماثته الدمشقية الأصيلة، وهذا ما يليق كثيرا بالسلك الدبلوماسي، لكنه قدم استقالته خوفا من أن يُستغل شِعره، ويحجر عليه كشاعر ويمنع من حرية التعبير، فاختار الكلمة الحرة على المنصب رافضا هذا التقييد.
“مخترع المشنقة الأولى”
كتب نزار قباني قصائده بقلمه الثائر وهمه الدمشقي، فقد أبصر قبل غيره تحول وجه دمشق الأموي العريق إلى التشيع، كما أبصر طمس النظام الجديد (نظام عائلة الأسد) لمعالم أمجاد الماضي بأبطاله وشواهده التاريخية.
وقد حمل شعره وجع الأمة العربية عموما وفلسطين على وجه التحديد، لم يختر نزار السياسة لكنها هي التي اختارته، فجاء شعره ثائرا متمردا قويا ضد النظام العربي وأعوانه.
يقول في قصيدته “السيرة الذاتية لسياف عربي”:
أيها الناس:
أنا الأول والأعدل
والأجمل من بين جميع الحاكمين
وأنا بدر الدجى
وبياض الياسمين
وأنا مخترع المشنقة الأولى، وخير المرسلين.
نكسة ١٩٦٧.. رحلة من عالم المرأة الوردي إلى جحيم السياسة
في يونيو/حزيران من عام 1967 هاجمت إسرائيل أربع دول عربية وبدأت تحتل أراضي تلك الدول، لقد شكلت تلك الحرب منعطفا في حياته الشعرية ووجد نفسه ملزما بكتابة الشعر السياسي.
يقول الدكتور محمد الزعبي الذي كان وزير الإعلام في تلك الحقبة: جاءوني بقصيدة نزار “هوامش على دفتر النكسة”، كانت القصيدة مدوية وصارخة تنتقد النظام والجيش والبعث والهزيمة، فأعجبتني وطلبت نشرها في جريدة البعث في الصفحة الأولى وكانت قصيدة هجاء للنظام بشكل لاذع، وكان نشرها تحديا وأعجوبة، وقد صدم الناس عند نشر القصيدة، وكان وقعها مدويا على النظام.
نزار قباني ينعي الأمة العربية بعد هزيمة حرب 1967م
أنعي لكم يا أصدقائي اللغةَ القديمة
والكتبَ القديمة
أنعي لكم..
كلامَنا المثقوبَ كالأحذيةِ القديمة..
ومفرداتِ العهرِ والهجاءِ والشتيمة
أنعي لكم.. أنعى لكم
نهايةَ الفكرِ الذي قادَ إلى الهزيمة
مالحةٌ في فمِنا القصائد
مالحةٌ ضفائرُ النساء
والليلُ والأستارُ والمقاعد
مالحةٌ أمامنا الأشياء.
وقد تحول شعر نزار من شعر المرأة الى شعر السياسة، لأنه لم يعد قادرا على كتابة القصائد الرومانسية بسبب الواقع المؤلم، وقد ذكر ذلك في إحدى قصائده حين قال “مالحة في فمنا القصائد”، فلم تعد للحياة حلاوة في نظره.
فقد كان الجيش الذي قاده وزير الدفاع آنذاك حافظ الأسد عام 1967 على النقيض لجيش يوسف العظمة، كان جيش الأسد مبنيّا على الخيانة والتفريط وعقد الصفقات، أما جيش العظمة فكان متطوعا شعبيا أراد أن يسجل معركة شرف.
تعليق