صفات الغريزة ومميزاتها العامة .. الغَرِيزَة
٢ - صفات الغريزة ومميزاتها العامة
لابد في الإحاطة بصفات الغريزة من المقارنة بينها وبين الفعل المنعكس من جهة ، وبينها وبين العقل من جهة اخرى .
آ - الغريزة والفعل المنعكس
ان العلماء يعتقدون أن الغرائز ليست الاسلاسل من الأفعال المنعكسة مرتبطة الحلقات بعضها ببعض ، مثال ذلك : اني اغمض عيني اغماضاً غريزياً عندما يدخلها قليل من الغبار ، وأسمل سعالاً غريزياً عندما تدخل حنجرتي قطرة من الماء ، وأسحب يدي بصورة غريزية أيضاً عندما ألمس جسما محرقاً . ولكن هذه الحركات التي نسبناها إلى الغريزة يسميها علماء الفيزيولوجيا بالأفعال المنعكسة وما الفعل المنعكس في نظر هؤلاء الفيزيولوجيين الاغريزة أولية ، كما أن الغريزة عندهم ليست سوى مجموع من الأفعال المنعكة . نعم ان بين الفعل المنعكس البسيط ، وبين الغرائز المعقدة اختلافاً كبيراً ، ولكن هذا الاختلاف اختلاف في الكم لا اختلاف في الكيف ، ومع ذلك فإن الغريزة تختلف عن الفعل المنعكس بالصفات التالية :
١ - التعقيد . - الفعل المنعكس حركة بسيطة محدودة تنشأ عن مؤثر حسي ، وهو مقصور على عدد معين من العضلات أما الغريزة فمعقدة ، ومشتملة على . حر كات غير محدودة ، وهي تستلزم في الجملة حركة الجسم كله ، أو معظمه ، لا حركة عضو واحد من أعضائه . ان صنع أقراص العسل يتضمن حركات مختلفة معقدة ، أما المنعكس الرضفي ( ١ ) فهو حركة بسيطة على نمط واحد . فالفعل المنعكس إذن أبسط من الغريزة ، لذلك قيل : ان المنعكس حركة ، أما الغريزة فإنها فعل .
ولكن هذا الفرق في التعقيد لا يميز الغريزة عن الفعل المنعكس تمييزاً قاما . ان المؤثر في الفعل المنعكس ، إذا كان شديداً ، أدى إلى حركات تشمل الجسم كله ، فإذا وخزت شخصاً في يده وخز أخفيفاً تقلصت يده وحدها ، أما إذا وخزته وخزاً قويا حاداً ، أدى ذلك إلى اتساع حدقة العين ، وصعود الدم إلى الوجه ، وإفراز الادرينالين ، وتحريك الجسم كله بحركات دفاعية مختلفة .
٢ - الدافع الباطني . قد ينشأ الفعل الفريزي عن مؤثر خارجي ، ولكن المؤثر في هذه الحالة يكون علة عرضية لا علة حقيقية . والأفعال المنعكسة تتوقف عادة على المؤثر الذي يولدها من غير أن يكون لها علاقة بحالة الكائن الحي الباطنية ، في حين أن الغريزة ليست كذلك ، ولذا لا يمكن التنبؤ بنتائجها . فالخطاف مثلا يهاجر قبل مجيء الشتاء ، حتی انه ليميل إلى الهجرة بالرغم من وجوده في أمكنة حارة ، فليس البرد إذن هو الباعث الحقيقي على الهجرة ، وإنما الباعث عليها دافع باطني ، والدجاجة لا تحتضن البيض إلا إذا أحست بدافع داخلي إلى ذلك . وكثيراً ما تتكامل الغريزة بالتقليد . ان غريزة نقد الحب عند الصيصان لا تتكامل إلا بتقليد الدجاج ، أما الفعل المنعكس فلا يحتاج إلى التقليد ، بل يجري على نمط واحد لمجرد حدوث المؤثر الذي يولده .
على أنه لا يجوز لنا ، في جميع الأحوال ، أن تجعل الفعل المنعكس ناشئاً عن عوامل خارجية محضة ، لأنه هو نفسه تابع أيضاً لقابلية الانعكاس الخاصة بالجسد .
وهذا التأثير الباطني يزداد في الأفعال المنعكسة المركبة ، حتى انه ليبلغ نهايته في الأفعال المنعكسة الشرطية مثل إفراز اللعاب ، ومواء الهر عند رؤية أطباق الطعام . أضف إلى ذلك أن الغريزة نفسها قد تتوقف على مؤثر خارجي في كثير من المناسبات ، کا لغضب الذي يظهر عند مصادفة مانع خارجي يحول بين الإنسان وبين تحقيق رغبته .
٣ - الغائية - والغريزة تختلف عن الفعل المنعكس أيضا بغائيتها ، فغاية غريزة التغذي ، والدفاع عن النفس بقاء الفرد ، وغاية الغريزة الجنسية بقاء النوع ، وغاية الغرائز الاجتماعية بقاء المجتمع .
أما الفعل المنعكس فهو كما بينا حر ركة بسيطة ، ليس لها على الأكثر غاية ، نعم ان هذه الحركة قد تكون نافعة لعضو معين ، ولكن نفعها له ليس ذاتياً ، وإنما هو عرضي ، ما منفعة المنعكس الرضفي مثلاً ؟ انه جواب آلي عن مؤثر خارجي لا غير ، وهــــــو قسري بالرغم من جميع المواقع التي تعترضه . إذا تحرك منعكس الحنجرة مثلا ، لم تستطع أن ترده بالرغم من مضرته . وقد يشتد بك العطاس حق يصطدم رأسك يحسم قريب منك ، فالمنعكس لا يتكيف إذن بحسب الظروف الخارجية ، أما الغريزة فقابلة للتغير والتبدل ، وهي تتكيف بحسب العوامل الخارجية ، بالرغم من ثبوتها النسبي . ان العنكبوت ينسج خيوطه على أبعاد المحل الذي يؤمه ، والطيور تستخدم لبناء أعشاشها كل ما تجده في طريقها من المواد ، ولنذكر الآن بعض الأمثلة الدالة على غائية الغريزة .
قلنا أن العناكب تنسج خيوطها على أبعاد الأمكنة التي تكون فيها ، ونضيف الآن إلى ذلك : أنها تستخدم هذه الخيوط لاصطياد الحشرات . وقد ذكر لنا ( فابر Fabre ) ، غريزة عجيبة من غرائز الحشرات تدل على أن للغريزة غاية مستقلة عن منفعة الفرد ، وذلك أن بعض الزنابير ينتخب لتغذية يرقانته فريسة من العنكبوت ، أو النحل ، فيضربها بجمته على عقدها العصبية مرة أو عدة مرات ، حق يخدرها ، ( فالفكس ) الأصفر الجناح يصطاد الجدجد ( Grillon ) ، فيقلبه على ظهره ، ثم يطعنه ثلاث طعنات متتابعة :
الأولى في عنقه ، والثانية في مفصله الخلفي ، والثالثة في جوفه ، حتى إذا توقفت حركة أرجله الست ، أخذه ( الفكس ) إلى جحره ، وتركه هناك ، اصطاد جد جداً ثانياً ، وثالثاً ، ورابعاً ، حتى يملأ منها جحره ، ثم يبيض بيوضه فوقها ، وهي مخدرة ، ثم يغطيها بقليل من الرمل ، وفضلات النبات ، فإذا خرجت اليرقانة من البيضة وهي فوق هذه الحشرات تغذت بلحمها المعد لها . و ( الاموفيل ) يصطاد يرقانة الفراشة ، كما يصطاد ( السفكس ) الجدجد ، إلا أنه لا يطعنها ثلاث طعنات فحسب ، بل يطعنها في جميع مراكزها العصبية ان بعض الحشرات يكتفي بطعنة واحدة ، وبعضها بثلاث طعنات ، وبعضها يحتاج إلى طعنات كثيرة ، ويختلف عدد هذه الطعنات باختلاف المراكز العصبية الواجب تخديرها ، فكان ( السفكس ) جراح ماهر ، أو عالم بالتشريح ، لا يضرب فريسته إلا على قدر الحاجة ، لأنه لا يصطادها لنفسه ، بل لأولاده ، ولو كانت طعناته أقوى ، أو أكثر عدداً ، لقتل الفريسة ، وأفسد لحمها قبل خروج يرقانته من البيضة .
ولكن العلماء يقيدون غائية الغريزة ببعض الشروط . فيقولون أولاً : إن الغائية ليست خاصة بالغريزة وحدها . لأن الفعل المنعكس نفسه قد يتصف بالغائية عند تعقد عناصره واتساقها ، ولأن له في منافع الأعضاء وظيفة ظاهرة ( ١ ) ، ويقولون ثانياً : ان في وصف ( فابر ) لعلم ( السفكس ) مبالغة شديدة ، فقد بين الدكتور ( بكهام ) وزوجه أن ( السفكس ) ليس جراحاً ماهراً ، وان طعناته ليست محكمة ، وان عددها يختلف باختلاف الظروف ، والأحوال ، وان اليرقانة كثيراً ما تموت بدلاً من أن تتخدر ، وان صغار ( الفكس ) كثيراً ما تأكل الدودة الميتة ، من غير أن تفرق بينها وبين الدودة المخدرة . وأيد الدكتور ( رابو ) ( ٢ ) هذه الملاحظة الأخيرة ، فقال : ان حركات ( السفكس ) في هجومه غير منتظمة ، وأنه يطعن فريسته كيفما يتفق له ذلك ، فهو إذن لا يحسب عدد طعناته ، ولا يقدر مسافاتها . وأثبت ( بوفيه ) أيضاً أن أقراص العسل التي تصنعها النحل لیست مسدسات منتظمة الشكل تماما ، وان قليلا من التدقيق يكشف لنا عن كثير من النقص في أشكالها . أضف إلى ذلك أن الغريزة قد تكون في بعض الأحيان مضرة ،
و الدليل على ذلك أن بعض أنواع النمل تربي حيوانات طفيلية تأكل لها صغارها ، وتهدم على هذه الصورة مستعمراتها وقراها ، وبعض الحيوانات الثديية تأكل النبات السام ، فيودي ذلك بحياتها . فكمال الغريزة إذن أسطورة ، ولا وجود لهذه الأساطير إلا في مخيلة الكتاب .
أضف إلى ذلك أن لبعض الأفعال المنعكسة غاية نافعة في قيام الأعضاء بوظائفها . وفي بعض التجارب أن الهرة المنزوع مخها إذا سمعت صوتا اتجهت بعينيها إلى مصدر الصوت وهذا دون شك فعل منعكس غايته حفظ بقاء الحيوان .
٤ - المدة - والغريزة تختلف عن الفعل المنعكس بمدتها ، لأن الفعل المنعكس يبقى ما بقيت الحياة ، أما الغريزة فهي كما قال ( ويليم جيمس ) متقطعة . فإذا لم تصادف عند ظهور المؤثر ما يبرزها ، ويمونها ، ضعفت ، واختفت ، ولم يظهر أثرها . نعم ان هناك غرائز أثبت من غيرها ، كغريزة حفظ البقاء ، وغريزة الاغتذاء . ولكن أكثرها لا يبقى الا اذا انقلب بالتكرار الى عادة ، فالأطفال مثلا يولدون مزودين بميل غريزي الى محاولة التعبير عن شعورهم بالأصوات ، والإشارات ، والكلام ، فإذا لم يجد هذا الميل ما يظهره ، ويدربه ، ضعف ، وتلاشى ، حتى أنه ليعسر على مثل هؤلاء الأطفال أن يتعلموا الكلام فيما بعد . قال ( ويليم جيمس ) : ومن هذه الغرائز ، غريزة الاجتماع ، وهي تسهل علينا تربية الحيوانات ، وتدريبها ، الا أنها اذا اهملت وتركت دون ممارسة ضعفت ، وتلاشت ، وصعب على صاحبها بعد ذلك استرجاعها . ان مزارعي ( آدير ونداك ) يلاقون الأمرين في ارجاع هذه الغريزة الى بعض الحيوانات بعد اختفائها ، فإذا أفلتت بقرة من القطيع واختبأت في الغاب عدة أيام ، ثم أنتجت فيه ولداً ، أصبح عجلها الصغير متوحشاً ، كبقر الوحش ، سريع العدو كالظبي ، لا يمكنك القبض عليه ، الا بالحيلة ، والقسوة .
ان الصوص عند خروجه من البيضة يجري وراء شيء متحرك لا فرق عنده في ذلك بين الإنسان ، والدجاجة التي حضنته . ولكن هذه الغريزة سريعة الزوال ، فإذا عزل الصوص منذ ولادته عن غيره ؟ زالت غريزته هذه بعد عدة أيام . قال ( سبالدينغ ) : رأيت صوصا نصل عن امه عشرة أيام ، فلما جمعناهما امتنع عن الجري وراءها ،
وبالرغم من أن الدجاجة كانت تناديه بنقيقها فإنه كان يبتعد عنها دائماً . ولم تجد جميع الوسائل في إعادة هذه الغريزة اليه ، حتى اننا وضعناه في الليل تحت جناح امه ، فلما طلع الفجر أفلت منها و هرب . وقال أيضاً : لقد أبقيت ثلاثة صيصان عندي ملفقة في ثوب حق بلغت اليوم الرابع من سنها ، فلما أخرجتها إلى النور لم تألفني ، بل كانت تهرب مني كلما تقربت منها ، وكنت قد وضعتها على منضدة بالقرب من نافذتي ، فلما فككت أسرها ، انطلقت نحو زجاج النافذة كالطيور البرية ، حتى أن أحدها اختباً وراء أحد الكتب ، وركن إلى احدى . زوايا الغرفة ، وبقي فيها ساكناً لا يتحرك . ولو لم ألف هذه الصيصان ، أو لو أخرجتها قبل ذلك إلى النور لتبعتني من دون أن تخاف مني .. ومن غرائز البط أنه كلما رأى الماء القى بنفسه فيه ، ولكن هذه الغريزة سريعة الزوال أيضاً . فالبط إذا حرم : ممارستها فقدها ، وكذلك صغار البط فإنها إذا لم تتعود السباحة في الماء منذ أيامها الأولى أضاعت هذه الغريزة .
ومما قاله ( ويليم جيمس ) : تولد الحيوانات الثديية متصفة بغريزة الرضاعة ، ثم تتعود بعد ذلك امتصاص الثدي ، وقد تدوم هذه العادة إلى ما بعد سني الفطام الطبيعي . إلا أن غريزة الرضاعة هذه موقتة تماماً ، لأنك إذا عودت الطفل ، لأمر ما ، التغذي بطريقة اخرى ، صعب عليك بعد ذلك إرضاعه . ان غريزة الرضاعة تختفي إذن بسرعة ) وأحسن دليل على ذلك سهولة الفطام في جميع الأنواع الحيوانية .. ما أكثر التصورات المتتابعة التي تلوح في ذهن كل من الشاب ، والكهل ، وما أسرع زوالها . ففي سني الطفولة يستبدل المرء بألعابه المبددة ألعابا رياضية منظمة ، فإذا اجتاز هذه المرحلة ، ولم يتصل بأقرانه ، ولم يتعلم قذف الطابة ، أو تجذيف القارب ، أو ركوب الخيل ، أو التزحلق ، أو الصيد ، أو السباحة ، أصبح على الأغلب فيما بقي من مراحل العمر حلس بيته ، لا يتعلم من هذا شيئا ، وان وجد من الوقت متسماً لذلك ، لأنه يتقاعس دائماً أمام الجهد الذي تستلزمه التمارين الاولى ، في حين أن الشاب يقدم عليها بكل حماسة وقوة . والغريزة الجنسية نفسها قد تزول بعد الامتناع الطويل ، لأن استمرارها تابع للعادات المكتسبة في سني فاعليتها التامة . لا تتعود النفس التمادي في الفسق والفجور ، إلا بتأثير الرفيق السوء ، وعفاف الشباب يسهل على المرء عفة الكهولة . ان أعظم قواعد التربية خطورة أن تضرب الحديد وهو حار ، وأن تستفيد من أمواج الحماسة الأولى التي تنقل التلاميذ من موضوع إلى آخر ، قبل تضاؤلها واختفائها .
ان مبدأ الاهتمام الذي أشار اليه كثير من علماء التربية يستند إلى هذه الملاحظات التي ذكرها ( ويليم جيمس ) : وهي أن كل اهتمام يفي بحاجة من الحاجات ، وكل حاجة فهي مقابلة لغريزة من الغرائز ، فإثارة الاهتمام في نفس ا الطفل ترجع إلى إيقاظ نزعاته الغريزية بصورة مباشرة ، أو غير مباشرة ، وإيقاظ هذه النزعات ، وتمرينها ، وتثبيتها ، يؤدي في النتيجة إلى نمو الطفل .
ان انقطاع الغريزة وزوالها أمر واقعي ، ولكن بعض علماء النفس المحدثين يزعمون أن الغريزة التي لم يثبتها التمرين لا تزول تماماً . عن النفس ، بل تبقى كامنة فيها ، وأن الغريزة التي حالت الظروف دون ظهورها لا تطرح تماماً ، بل تبقى ذات فاعلية خفية . ان ظروف الحياة تضطرنا أحيانا إلى كبت هذه الغرائز ، ولكن هذا الكبت لا يمنع الغريزة من الظهور ثائرة علينا . ان السد الذي نقيمه في وجه التيار قد يوقف جريان الماء مدة من الزمان ، ولكن الماء المتجمع قد يهدم السد ، ويحرف جميع الموانع التي أقمناها في طريقه . لقد درس ( فرويد ) بهذه الطريقة تاريخ الغريزة الجنسية ، و درس تلاميذه أيضاً الغرائز الاخرى ، وسنقتصر الآن على الإشارة إلى دراسة ( بوفيه ) لغريزة الكفاح .
قال ( بوفيه ) : ان الطفل يحب العراك كسائر الحيوانات ، ويسمى ميله إلى العراك بغريزة الكفاح . انه يتمرن بألعابه على المعارك التي ستعرضها عليه الحياة ، فلو اتبع غرائزة الطبيعية لصار مكافحاً ، إلا أنه لا يترك على حالته الطبيعية ، بل يمنع من ممارسة غريزته ، وهذا المنع يسوقه إلى تحويل غريزته ، ونقلها وتصعيدها ، فيله و بالألعاب العنيفة ، ويحب كفاح الثيران ، وصراع الرياضيين ، وقد يميل إلى التقشف ، أو يناضل في سبيل المثل الأعلى .
ان هذا التأويل رائع جداً ، ولكنه لا يبطل ملاحظات ( جيمس ) بل يتممها ، ولو سلمنا بمذهب ( فرويد ) كما هو دون تعديل لما منعنا ذلك من القول : إن الغريزة لاتبقى على حالها إلا إذا برزت في الوقت المناسب ، وثبتت اقدامها بالتمرين ، والممارسة .
٢ - صفات الغريزة ومميزاتها العامة
لابد في الإحاطة بصفات الغريزة من المقارنة بينها وبين الفعل المنعكس من جهة ، وبينها وبين العقل من جهة اخرى .
آ - الغريزة والفعل المنعكس
ان العلماء يعتقدون أن الغرائز ليست الاسلاسل من الأفعال المنعكسة مرتبطة الحلقات بعضها ببعض ، مثال ذلك : اني اغمض عيني اغماضاً غريزياً عندما يدخلها قليل من الغبار ، وأسمل سعالاً غريزياً عندما تدخل حنجرتي قطرة من الماء ، وأسحب يدي بصورة غريزية أيضاً عندما ألمس جسما محرقاً . ولكن هذه الحركات التي نسبناها إلى الغريزة يسميها علماء الفيزيولوجيا بالأفعال المنعكسة وما الفعل المنعكس في نظر هؤلاء الفيزيولوجيين الاغريزة أولية ، كما أن الغريزة عندهم ليست سوى مجموع من الأفعال المنعكة . نعم ان بين الفعل المنعكس البسيط ، وبين الغرائز المعقدة اختلافاً كبيراً ، ولكن هذا الاختلاف اختلاف في الكم لا اختلاف في الكيف ، ومع ذلك فإن الغريزة تختلف عن الفعل المنعكس بالصفات التالية :
١ - التعقيد . - الفعل المنعكس حركة بسيطة محدودة تنشأ عن مؤثر حسي ، وهو مقصور على عدد معين من العضلات أما الغريزة فمعقدة ، ومشتملة على . حر كات غير محدودة ، وهي تستلزم في الجملة حركة الجسم كله ، أو معظمه ، لا حركة عضو واحد من أعضائه . ان صنع أقراص العسل يتضمن حركات مختلفة معقدة ، أما المنعكس الرضفي ( ١ ) فهو حركة بسيطة على نمط واحد . فالفعل المنعكس إذن أبسط من الغريزة ، لذلك قيل : ان المنعكس حركة ، أما الغريزة فإنها فعل .
ولكن هذا الفرق في التعقيد لا يميز الغريزة عن الفعل المنعكس تمييزاً قاما . ان المؤثر في الفعل المنعكس ، إذا كان شديداً ، أدى إلى حركات تشمل الجسم كله ، فإذا وخزت شخصاً في يده وخز أخفيفاً تقلصت يده وحدها ، أما إذا وخزته وخزاً قويا حاداً ، أدى ذلك إلى اتساع حدقة العين ، وصعود الدم إلى الوجه ، وإفراز الادرينالين ، وتحريك الجسم كله بحركات دفاعية مختلفة .
٢ - الدافع الباطني . قد ينشأ الفعل الفريزي عن مؤثر خارجي ، ولكن المؤثر في هذه الحالة يكون علة عرضية لا علة حقيقية . والأفعال المنعكسة تتوقف عادة على المؤثر الذي يولدها من غير أن يكون لها علاقة بحالة الكائن الحي الباطنية ، في حين أن الغريزة ليست كذلك ، ولذا لا يمكن التنبؤ بنتائجها . فالخطاف مثلا يهاجر قبل مجيء الشتاء ، حتی انه ليميل إلى الهجرة بالرغم من وجوده في أمكنة حارة ، فليس البرد إذن هو الباعث الحقيقي على الهجرة ، وإنما الباعث عليها دافع باطني ، والدجاجة لا تحتضن البيض إلا إذا أحست بدافع داخلي إلى ذلك . وكثيراً ما تتكامل الغريزة بالتقليد . ان غريزة نقد الحب عند الصيصان لا تتكامل إلا بتقليد الدجاج ، أما الفعل المنعكس فلا يحتاج إلى التقليد ، بل يجري على نمط واحد لمجرد حدوث المؤثر الذي يولده .
على أنه لا يجوز لنا ، في جميع الأحوال ، أن تجعل الفعل المنعكس ناشئاً عن عوامل خارجية محضة ، لأنه هو نفسه تابع أيضاً لقابلية الانعكاس الخاصة بالجسد .
وهذا التأثير الباطني يزداد في الأفعال المنعكسة المركبة ، حتى انه ليبلغ نهايته في الأفعال المنعكسة الشرطية مثل إفراز اللعاب ، ومواء الهر عند رؤية أطباق الطعام . أضف إلى ذلك أن الغريزة نفسها قد تتوقف على مؤثر خارجي في كثير من المناسبات ، کا لغضب الذي يظهر عند مصادفة مانع خارجي يحول بين الإنسان وبين تحقيق رغبته .
٣ - الغائية - والغريزة تختلف عن الفعل المنعكس أيضا بغائيتها ، فغاية غريزة التغذي ، والدفاع عن النفس بقاء الفرد ، وغاية الغريزة الجنسية بقاء النوع ، وغاية الغرائز الاجتماعية بقاء المجتمع .
أما الفعل المنعكس فهو كما بينا حر ركة بسيطة ، ليس لها على الأكثر غاية ، نعم ان هذه الحركة قد تكون نافعة لعضو معين ، ولكن نفعها له ليس ذاتياً ، وإنما هو عرضي ، ما منفعة المنعكس الرضفي مثلاً ؟ انه جواب آلي عن مؤثر خارجي لا غير ، وهــــــو قسري بالرغم من جميع المواقع التي تعترضه . إذا تحرك منعكس الحنجرة مثلا ، لم تستطع أن ترده بالرغم من مضرته . وقد يشتد بك العطاس حق يصطدم رأسك يحسم قريب منك ، فالمنعكس لا يتكيف إذن بحسب الظروف الخارجية ، أما الغريزة فقابلة للتغير والتبدل ، وهي تتكيف بحسب العوامل الخارجية ، بالرغم من ثبوتها النسبي . ان العنكبوت ينسج خيوطه على أبعاد المحل الذي يؤمه ، والطيور تستخدم لبناء أعشاشها كل ما تجده في طريقها من المواد ، ولنذكر الآن بعض الأمثلة الدالة على غائية الغريزة .
قلنا أن العناكب تنسج خيوطها على أبعاد الأمكنة التي تكون فيها ، ونضيف الآن إلى ذلك : أنها تستخدم هذه الخيوط لاصطياد الحشرات . وقد ذكر لنا ( فابر Fabre ) ، غريزة عجيبة من غرائز الحشرات تدل على أن للغريزة غاية مستقلة عن منفعة الفرد ، وذلك أن بعض الزنابير ينتخب لتغذية يرقانته فريسة من العنكبوت ، أو النحل ، فيضربها بجمته على عقدها العصبية مرة أو عدة مرات ، حق يخدرها ، ( فالفكس ) الأصفر الجناح يصطاد الجدجد ( Grillon ) ، فيقلبه على ظهره ، ثم يطعنه ثلاث طعنات متتابعة :
الأولى في عنقه ، والثانية في مفصله الخلفي ، والثالثة في جوفه ، حتى إذا توقفت حركة أرجله الست ، أخذه ( الفكس ) إلى جحره ، وتركه هناك ، اصطاد جد جداً ثانياً ، وثالثاً ، ورابعاً ، حتى يملأ منها جحره ، ثم يبيض بيوضه فوقها ، وهي مخدرة ، ثم يغطيها بقليل من الرمل ، وفضلات النبات ، فإذا خرجت اليرقانة من البيضة وهي فوق هذه الحشرات تغذت بلحمها المعد لها . و ( الاموفيل ) يصطاد يرقانة الفراشة ، كما يصطاد ( السفكس ) الجدجد ، إلا أنه لا يطعنها ثلاث طعنات فحسب ، بل يطعنها في جميع مراكزها العصبية ان بعض الحشرات يكتفي بطعنة واحدة ، وبعضها بثلاث طعنات ، وبعضها يحتاج إلى طعنات كثيرة ، ويختلف عدد هذه الطعنات باختلاف المراكز العصبية الواجب تخديرها ، فكان ( السفكس ) جراح ماهر ، أو عالم بالتشريح ، لا يضرب فريسته إلا على قدر الحاجة ، لأنه لا يصطادها لنفسه ، بل لأولاده ، ولو كانت طعناته أقوى ، أو أكثر عدداً ، لقتل الفريسة ، وأفسد لحمها قبل خروج يرقانته من البيضة .
ولكن العلماء يقيدون غائية الغريزة ببعض الشروط . فيقولون أولاً : إن الغائية ليست خاصة بالغريزة وحدها . لأن الفعل المنعكس نفسه قد يتصف بالغائية عند تعقد عناصره واتساقها ، ولأن له في منافع الأعضاء وظيفة ظاهرة ( ١ ) ، ويقولون ثانياً : ان في وصف ( فابر ) لعلم ( السفكس ) مبالغة شديدة ، فقد بين الدكتور ( بكهام ) وزوجه أن ( السفكس ) ليس جراحاً ماهراً ، وان طعناته ليست محكمة ، وان عددها يختلف باختلاف الظروف ، والأحوال ، وان اليرقانة كثيراً ما تموت بدلاً من أن تتخدر ، وان صغار ( الفكس ) كثيراً ما تأكل الدودة الميتة ، من غير أن تفرق بينها وبين الدودة المخدرة . وأيد الدكتور ( رابو ) ( ٢ ) هذه الملاحظة الأخيرة ، فقال : ان حركات ( السفكس ) في هجومه غير منتظمة ، وأنه يطعن فريسته كيفما يتفق له ذلك ، فهو إذن لا يحسب عدد طعناته ، ولا يقدر مسافاتها . وأثبت ( بوفيه ) أيضاً أن أقراص العسل التي تصنعها النحل لیست مسدسات منتظمة الشكل تماما ، وان قليلا من التدقيق يكشف لنا عن كثير من النقص في أشكالها . أضف إلى ذلك أن الغريزة قد تكون في بعض الأحيان مضرة ،
و الدليل على ذلك أن بعض أنواع النمل تربي حيوانات طفيلية تأكل لها صغارها ، وتهدم على هذه الصورة مستعمراتها وقراها ، وبعض الحيوانات الثديية تأكل النبات السام ، فيودي ذلك بحياتها . فكمال الغريزة إذن أسطورة ، ولا وجود لهذه الأساطير إلا في مخيلة الكتاب .
أضف إلى ذلك أن لبعض الأفعال المنعكسة غاية نافعة في قيام الأعضاء بوظائفها . وفي بعض التجارب أن الهرة المنزوع مخها إذا سمعت صوتا اتجهت بعينيها إلى مصدر الصوت وهذا دون شك فعل منعكس غايته حفظ بقاء الحيوان .
٤ - المدة - والغريزة تختلف عن الفعل المنعكس بمدتها ، لأن الفعل المنعكس يبقى ما بقيت الحياة ، أما الغريزة فهي كما قال ( ويليم جيمس ) متقطعة . فإذا لم تصادف عند ظهور المؤثر ما يبرزها ، ويمونها ، ضعفت ، واختفت ، ولم يظهر أثرها . نعم ان هناك غرائز أثبت من غيرها ، كغريزة حفظ البقاء ، وغريزة الاغتذاء . ولكن أكثرها لا يبقى الا اذا انقلب بالتكرار الى عادة ، فالأطفال مثلا يولدون مزودين بميل غريزي الى محاولة التعبير عن شعورهم بالأصوات ، والإشارات ، والكلام ، فإذا لم يجد هذا الميل ما يظهره ، ويدربه ، ضعف ، وتلاشى ، حتى أنه ليعسر على مثل هؤلاء الأطفال أن يتعلموا الكلام فيما بعد . قال ( ويليم جيمس ) : ومن هذه الغرائز ، غريزة الاجتماع ، وهي تسهل علينا تربية الحيوانات ، وتدريبها ، الا أنها اذا اهملت وتركت دون ممارسة ضعفت ، وتلاشت ، وصعب على صاحبها بعد ذلك استرجاعها . ان مزارعي ( آدير ونداك ) يلاقون الأمرين في ارجاع هذه الغريزة الى بعض الحيوانات بعد اختفائها ، فإذا أفلتت بقرة من القطيع واختبأت في الغاب عدة أيام ، ثم أنتجت فيه ولداً ، أصبح عجلها الصغير متوحشاً ، كبقر الوحش ، سريع العدو كالظبي ، لا يمكنك القبض عليه ، الا بالحيلة ، والقسوة .
ان الصوص عند خروجه من البيضة يجري وراء شيء متحرك لا فرق عنده في ذلك بين الإنسان ، والدجاجة التي حضنته . ولكن هذه الغريزة سريعة الزوال ، فإذا عزل الصوص منذ ولادته عن غيره ؟ زالت غريزته هذه بعد عدة أيام . قال ( سبالدينغ ) : رأيت صوصا نصل عن امه عشرة أيام ، فلما جمعناهما امتنع عن الجري وراءها ،
وبالرغم من أن الدجاجة كانت تناديه بنقيقها فإنه كان يبتعد عنها دائماً . ولم تجد جميع الوسائل في إعادة هذه الغريزة اليه ، حتى اننا وضعناه في الليل تحت جناح امه ، فلما طلع الفجر أفلت منها و هرب . وقال أيضاً : لقد أبقيت ثلاثة صيصان عندي ملفقة في ثوب حق بلغت اليوم الرابع من سنها ، فلما أخرجتها إلى النور لم تألفني ، بل كانت تهرب مني كلما تقربت منها ، وكنت قد وضعتها على منضدة بالقرب من نافذتي ، فلما فككت أسرها ، انطلقت نحو زجاج النافذة كالطيور البرية ، حتى أن أحدها اختباً وراء أحد الكتب ، وركن إلى احدى . زوايا الغرفة ، وبقي فيها ساكناً لا يتحرك . ولو لم ألف هذه الصيصان ، أو لو أخرجتها قبل ذلك إلى النور لتبعتني من دون أن تخاف مني .. ومن غرائز البط أنه كلما رأى الماء القى بنفسه فيه ، ولكن هذه الغريزة سريعة الزوال أيضاً . فالبط إذا حرم : ممارستها فقدها ، وكذلك صغار البط فإنها إذا لم تتعود السباحة في الماء منذ أيامها الأولى أضاعت هذه الغريزة .
ومما قاله ( ويليم جيمس ) : تولد الحيوانات الثديية متصفة بغريزة الرضاعة ، ثم تتعود بعد ذلك امتصاص الثدي ، وقد تدوم هذه العادة إلى ما بعد سني الفطام الطبيعي . إلا أن غريزة الرضاعة هذه موقتة تماماً ، لأنك إذا عودت الطفل ، لأمر ما ، التغذي بطريقة اخرى ، صعب عليك بعد ذلك إرضاعه . ان غريزة الرضاعة تختفي إذن بسرعة ) وأحسن دليل على ذلك سهولة الفطام في جميع الأنواع الحيوانية .. ما أكثر التصورات المتتابعة التي تلوح في ذهن كل من الشاب ، والكهل ، وما أسرع زوالها . ففي سني الطفولة يستبدل المرء بألعابه المبددة ألعابا رياضية منظمة ، فإذا اجتاز هذه المرحلة ، ولم يتصل بأقرانه ، ولم يتعلم قذف الطابة ، أو تجذيف القارب ، أو ركوب الخيل ، أو التزحلق ، أو الصيد ، أو السباحة ، أصبح على الأغلب فيما بقي من مراحل العمر حلس بيته ، لا يتعلم من هذا شيئا ، وان وجد من الوقت متسماً لذلك ، لأنه يتقاعس دائماً أمام الجهد الذي تستلزمه التمارين الاولى ، في حين أن الشاب يقدم عليها بكل حماسة وقوة . والغريزة الجنسية نفسها قد تزول بعد الامتناع الطويل ، لأن استمرارها تابع للعادات المكتسبة في سني فاعليتها التامة . لا تتعود النفس التمادي في الفسق والفجور ، إلا بتأثير الرفيق السوء ، وعفاف الشباب يسهل على المرء عفة الكهولة . ان أعظم قواعد التربية خطورة أن تضرب الحديد وهو حار ، وأن تستفيد من أمواج الحماسة الأولى التي تنقل التلاميذ من موضوع إلى آخر ، قبل تضاؤلها واختفائها .
ان مبدأ الاهتمام الذي أشار اليه كثير من علماء التربية يستند إلى هذه الملاحظات التي ذكرها ( ويليم جيمس ) : وهي أن كل اهتمام يفي بحاجة من الحاجات ، وكل حاجة فهي مقابلة لغريزة من الغرائز ، فإثارة الاهتمام في نفس ا الطفل ترجع إلى إيقاظ نزعاته الغريزية بصورة مباشرة ، أو غير مباشرة ، وإيقاظ هذه النزعات ، وتمرينها ، وتثبيتها ، يؤدي في النتيجة إلى نمو الطفل .
ان انقطاع الغريزة وزوالها أمر واقعي ، ولكن بعض علماء النفس المحدثين يزعمون أن الغريزة التي لم يثبتها التمرين لا تزول تماماً . عن النفس ، بل تبقى كامنة فيها ، وأن الغريزة التي حالت الظروف دون ظهورها لا تطرح تماماً ، بل تبقى ذات فاعلية خفية . ان ظروف الحياة تضطرنا أحيانا إلى كبت هذه الغرائز ، ولكن هذا الكبت لا يمنع الغريزة من الظهور ثائرة علينا . ان السد الذي نقيمه في وجه التيار قد يوقف جريان الماء مدة من الزمان ، ولكن الماء المتجمع قد يهدم السد ، ويحرف جميع الموانع التي أقمناها في طريقه . لقد درس ( فرويد ) بهذه الطريقة تاريخ الغريزة الجنسية ، و درس تلاميذه أيضاً الغرائز الاخرى ، وسنقتصر الآن على الإشارة إلى دراسة ( بوفيه ) لغريزة الكفاح .
قال ( بوفيه ) : ان الطفل يحب العراك كسائر الحيوانات ، ويسمى ميله إلى العراك بغريزة الكفاح . انه يتمرن بألعابه على المعارك التي ستعرضها عليه الحياة ، فلو اتبع غرائزة الطبيعية لصار مكافحاً ، إلا أنه لا يترك على حالته الطبيعية ، بل يمنع من ممارسة غريزته ، وهذا المنع يسوقه إلى تحويل غريزته ، ونقلها وتصعيدها ، فيله و بالألعاب العنيفة ، ويحب كفاح الثيران ، وصراع الرياضيين ، وقد يميل إلى التقشف ، أو يناضل في سبيل المثل الأعلى .
ان هذا التأويل رائع جداً ، ولكنه لا يبطل ملاحظات ( جيمس ) بل يتممها ، ولو سلمنا بمذهب ( فرويد ) كما هو دون تعديل لما منعنا ذلك من القول : إن الغريزة لاتبقى على حالها إلا إذا برزت في الوقت المناسب ، وثبتت اقدامها بالتمرين ، والممارسة .
تعليق