الغَرِيزَة .. توطئة عامة
۱ - توطئة عامة
ليست غايتنا من البحث في الغريزة دراسة أحوال الحيوان النفسية ، لأن البحث في الغريزة شيء ، ودراسة نفسية الحيوان شيء آخر . نعم ان الأفعال الغريزية كثيرة عند الحيوان ، ولكن الحيوان لا يتحرك بالغريزة وحدها ، بل ربما كانت له أفعال كثيرة لا تنحل الى غرائز . والحيوانات لا تتشابه كلها في أفعالها ، وأحوالها النفسية . ولا يمكن مقارنة النحلة بالسرطان ، ولا السرطان بالضفدع ، ولا الضفدع بالأرنب . فلنقتصر اذن على دراسة الغريزة من حيث هي فاعلية خاصة مشتركة بين الحيوان والإنسان ، ولنقايس بينها وبين الأفعال الميكانيكية من جهة ، وبينها وبين الأفعال العاقلة من جهة اخرى . لعلنا بعد ذلك نهتدي الى معرفة حقيقتها .
تعريف الغريزة .
- قال ( كلاباريد ) : الغريزة فعل نافع يقوم به جميع أفراد النوع على نمط واحد من غير خبرة ، ولا تعلم ، ومن غير اطلاع على غاية الفعل ، أو على علاقة تلك الغاية بالوسائل المؤدية اليها .
وهذا التعريف لا يختلف كثيراً عن تعريف ( رومانس ) ، الا أنه يصف الغريزة من الناحية الداخلية لا الخارجية ، ولو كنا نعلم ما يجري داخل نفس الحيوان عند قيامه بأفعاله الغريزية لقبلنا هذا التعريف ، الا أننا لا ندري هل تعلم الطير ما تهدف اليه من بناء الأعشاش ، أم هي جاهلة به . ؟ و من الصعب على العالم أن يغوص على نفس الحيوان ، وأن يميز الشعوري فيها من اللاشعوري .
فخير لنا اذن أن نقتصر على وصف الفعل الغريزي من الوجهة الخارجية فقط ، وان نعرف الغريزة كما عرفها ( لويد مورغان ) أو ( بيه رون ) . فقد قال ( لويد مورغ رغان ) في كتاب سلوك الحيوان : الغريزة سلوك فطري يشتمل على الأفعال المعقدة التي تحدث من غير خبرة سابقة . وهي تهدف الى ما فيه مصلحة الفرد ، وبقاء جنسه ؛ لا بل هي ناشئة عن تفاعل مؤثرات خارجية ، وداخلية ، مشتركة بين أفراد النوع جميعاً ، قابلة للتغير والتبدل بتأثير الخبرة ، والتجربة .
وقال ( بيه رون Pieron ) : الغريزة نزعة فطرية مشتملة على أفعال نوعية تبلغ درجة الكمال منذ بدايتها دون خبرة سابقة ، وهي تابعة لبعض الشرائط الخارجية المتعلقة بها تعلقاً نسبياً ، إلا أنها مع ذلك كثيرة الصلابة في خطوطها العامة - هذا إذا لم نقل في جميع نواحيها الجزئية - وهذه الصلابة تحول بينها وبين مؤالفة الشروط الجديدة .
تصنيف الغرانز . - تصنف الغرائز أولاً بحسب الغايات التي تتجه اليها . فإما أن تكون فردية ( Individuals ( كالغرائز التي تدفع الحيوان الى البحث عن الغذاء ، والادخار ، وبناء الأوكار . واما أن تكون أهلية ) Domestiques ) كالغرائز التي تدفع الحيوان الى الدفاع عن صغاره .. واما أن تكون اجتماعية ، كغرائز النحل وغيرها .
وقد تصنف أيضاً بحسب درجة تعقدها ، وكيفية نشوئها . وقد تصنف أخيراً كما قسمها ( رومانس ) الى أولية ( Primaires ) ، وثانوية ( Secondaires ) ، وتشكيلية ( Plastiques ) . فالغرائز الأولية ضرورية ، ومطلقة ، . وعامة ، وثابتة ، كفريزة التغذي ، والغرائز الثانوية وليدة التطور ، يرجع تاريخها الى نشأة النوع . فقد اكتسبها الحيوان في الماضي ، ثم توارثتها الأجيال المتتابعة حق أصبحت فطرية ، وهي على التحقيق عادات قديمة ، كفريزة الخوف من الإنسان عند بعض الحيوانات والغرائز التشكيلية مشتقة من الأولية والثانوية مما ، بتأثير العقل ، كغريزة بناء الأوكار ، وحضن البيوض وغير ذلك .
حدود الغريزة .
- أين تبدأ حدود الغريزة ؟ هل تظهر في النبات أم تظهر في الحيوان دون النبات ؟ ان حركات النبات المتسلق التي وصفها ) داروين ( شبيهة بالأفعال الفريزية ، لأن هذا النبات يحرك لوليه كما تحرك الحيوانات الكثيرة الأرجل أطرافها . ولكن العلماء لم يجمعو ابعد على القول بوجود الغريزة للنبات لأن الغريزة عندهم لا توجد الاحيث توجد الألياف العصبية ، غير أن العالم الطبيعي الهندي ( جاغاديس بوز Sir Jagadis Bose ) زعم أن في بعض أنواع النبات أليافاً عصبية ، وانها لذلك متصفة بشيء من الحساسية الغريزية .
ثم أين تنتهي حدود الغريزة ؟ هل تمتد الى الإنسان ؟ لاشك أن للأطفال غرائز شبيهة بغرائز الحيوان ، كفريزة الرضاعة ، والمص ، والعض ، والقضم ، واللحس ، والقبض ولكن هنالك غرائز خاصة بالإنسان ؟ لقد أثبت ) ويليم جيمس ) ذلك بصورة لا تقبل الريب . الا أنه من الصعب في هذه الحالة تحديد ما يرجع من سلوك الإنسان الى الغريزة ، وما يرجع منه الى العادة ، والإدراك .
۱ - توطئة عامة
ليست غايتنا من البحث في الغريزة دراسة أحوال الحيوان النفسية ، لأن البحث في الغريزة شيء ، ودراسة نفسية الحيوان شيء آخر . نعم ان الأفعال الغريزية كثيرة عند الحيوان ، ولكن الحيوان لا يتحرك بالغريزة وحدها ، بل ربما كانت له أفعال كثيرة لا تنحل الى غرائز . والحيوانات لا تتشابه كلها في أفعالها ، وأحوالها النفسية . ولا يمكن مقارنة النحلة بالسرطان ، ولا السرطان بالضفدع ، ولا الضفدع بالأرنب . فلنقتصر اذن على دراسة الغريزة من حيث هي فاعلية خاصة مشتركة بين الحيوان والإنسان ، ولنقايس بينها وبين الأفعال الميكانيكية من جهة ، وبينها وبين الأفعال العاقلة من جهة اخرى . لعلنا بعد ذلك نهتدي الى معرفة حقيقتها .
تعريف الغريزة .
- قال ( كلاباريد ) : الغريزة فعل نافع يقوم به جميع أفراد النوع على نمط واحد من غير خبرة ، ولا تعلم ، ومن غير اطلاع على غاية الفعل ، أو على علاقة تلك الغاية بالوسائل المؤدية اليها .
وهذا التعريف لا يختلف كثيراً عن تعريف ( رومانس ) ، الا أنه يصف الغريزة من الناحية الداخلية لا الخارجية ، ولو كنا نعلم ما يجري داخل نفس الحيوان عند قيامه بأفعاله الغريزية لقبلنا هذا التعريف ، الا أننا لا ندري هل تعلم الطير ما تهدف اليه من بناء الأعشاش ، أم هي جاهلة به . ؟ و من الصعب على العالم أن يغوص على نفس الحيوان ، وأن يميز الشعوري فيها من اللاشعوري .
فخير لنا اذن أن نقتصر على وصف الفعل الغريزي من الوجهة الخارجية فقط ، وان نعرف الغريزة كما عرفها ( لويد مورغان ) أو ( بيه رون ) . فقد قال ( لويد مورغ رغان ) في كتاب سلوك الحيوان : الغريزة سلوك فطري يشتمل على الأفعال المعقدة التي تحدث من غير خبرة سابقة . وهي تهدف الى ما فيه مصلحة الفرد ، وبقاء جنسه ؛ لا بل هي ناشئة عن تفاعل مؤثرات خارجية ، وداخلية ، مشتركة بين أفراد النوع جميعاً ، قابلة للتغير والتبدل بتأثير الخبرة ، والتجربة .
وقال ( بيه رون Pieron ) : الغريزة نزعة فطرية مشتملة على أفعال نوعية تبلغ درجة الكمال منذ بدايتها دون خبرة سابقة ، وهي تابعة لبعض الشرائط الخارجية المتعلقة بها تعلقاً نسبياً ، إلا أنها مع ذلك كثيرة الصلابة في خطوطها العامة - هذا إذا لم نقل في جميع نواحيها الجزئية - وهذه الصلابة تحول بينها وبين مؤالفة الشروط الجديدة .
تصنيف الغرانز . - تصنف الغرائز أولاً بحسب الغايات التي تتجه اليها . فإما أن تكون فردية ( Individuals ( كالغرائز التي تدفع الحيوان الى البحث عن الغذاء ، والادخار ، وبناء الأوكار . واما أن تكون أهلية ) Domestiques ) كالغرائز التي تدفع الحيوان الى الدفاع عن صغاره .. واما أن تكون اجتماعية ، كغرائز النحل وغيرها .
وقد تصنف أيضاً بحسب درجة تعقدها ، وكيفية نشوئها . وقد تصنف أخيراً كما قسمها ( رومانس ) الى أولية ( Primaires ) ، وثانوية ( Secondaires ) ، وتشكيلية ( Plastiques ) . فالغرائز الأولية ضرورية ، ومطلقة ، . وعامة ، وثابتة ، كفريزة التغذي ، والغرائز الثانوية وليدة التطور ، يرجع تاريخها الى نشأة النوع . فقد اكتسبها الحيوان في الماضي ، ثم توارثتها الأجيال المتتابعة حق أصبحت فطرية ، وهي على التحقيق عادات قديمة ، كفريزة الخوف من الإنسان عند بعض الحيوانات والغرائز التشكيلية مشتقة من الأولية والثانوية مما ، بتأثير العقل ، كغريزة بناء الأوكار ، وحضن البيوض وغير ذلك .
حدود الغريزة .
- أين تبدأ حدود الغريزة ؟ هل تظهر في النبات أم تظهر في الحيوان دون النبات ؟ ان حركات النبات المتسلق التي وصفها ) داروين ( شبيهة بالأفعال الفريزية ، لأن هذا النبات يحرك لوليه كما تحرك الحيوانات الكثيرة الأرجل أطرافها . ولكن العلماء لم يجمعو ابعد على القول بوجود الغريزة للنبات لأن الغريزة عندهم لا توجد الاحيث توجد الألياف العصبية ، غير أن العالم الطبيعي الهندي ( جاغاديس بوز Sir Jagadis Bose ) زعم أن في بعض أنواع النبات أليافاً عصبية ، وانها لذلك متصفة بشيء من الحساسية الغريزية .
ثم أين تنتهي حدود الغريزة ؟ هل تمتد الى الإنسان ؟ لاشك أن للأطفال غرائز شبيهة بغرائز الحيوان ، كفريزة الرضاعة ، والمص ، والعض ، والقضم ، واللحس ، والقبض ولكن هنالك غرائز خاصة بالإنسان ؟ لقد أثبت ) ويليم جيمس ) ذلك بصورة لا تقبل الريب . الا أنه من الصعب في هذه الحالة تحديد ما يرجع من سلوك الإنسان الى الغريزة ، وما يرجع منه الى العادة ، والإدراك .
تعليق