وداع طويل”.. يوم يغطي ضبابُ الخرف مَنجمَ الذكريات البعيدة
2024/2/2020
عدنان حسين أحمد
ثمّة أفلام سلسة تشبه المياه المتدفقة من الينابيع النائية التي لا تُحدث أيّ صخب أو ضجيج، لكن التماع جداولها الفضيّة تحت خيوط الشمس يخطف الأبصار، ويحرّك المشاعر الكامنة في النفس البشرية التي تتفتّح في حضرة الجمال المتناسق للطبيعة في لحظات توهجها المتفرِّد في الأشهر الربيعية الثلاثة.
هكذا يُبهِرنا فيلم “وداع طويل” للمخرج الياباني “ريوتا ناكانو” رغم قسوة فكرته الرئيسية التي ترتكز على مرض الزهايمر، أو “الخَرَف الكَهْلي” كما يصفه الأطباء والمختصون، حيث تختفي الذكريات شيئا فشيئا، ولا يبقى منها سوى نُتف متناهية الصِغر تظهر على شكل إيماضات خاطفة، تُوحي بأنّ المريض لا يزال يعرف البعض من أهله وذويه الذين يشرئبّون من شريط ذاكرته المعطوبة، ثم يتلاشون بعد لحظات قصيرة.
يُصنِّف النقاد هذا الفيلم الروائي بأنه فيلم عائلي ودرامي، وهو تصنيف دقيق، لكن دقّته ستكتمل لو صنّفناه بأنه فيلم نفسي أيضا، لأن القصة السينمائية تدرس الجوانب النفسية لمجمل الشخصيات الرئيسية والمؤازِرة، وتداعيات هذا المرض على الأبناء والأحفاد.
تعليق