عندما قام فيودور دوستويفسكي بمعارضته للإمبراطور الروسي نيقولا الأول من خلال قراءته للكتب المحرمّة ودعمه لهذا الأدب حينها ، أمر الإمبراطور نيقولا بالقبض عليه مع العديد من الأدباء آنذاك .
إلا أن هذا الأمر لم يكن طبيعيًا ..
فبعد أن تم القبض على دوستويفسكي
جاء الأمر بأن يقضي ثمانية أشهر من السجن ( حكم ابتدائي ) .. هذا الأمر كان يقضي بسجن فيودور بشكل منعزل ينال فيه “معاملة الصمت” في سجن انفرادي لا يخاطب فيه بشراً ، ولا يكلمه أحد ..
حتى أن السجانين كانوا ينتعلون أحذية مخملية لا تُحدث وقعاً للخطى في أروقة السجن، كيلا يشعر السجين أن هناك بشراً سواه في العالم، ولا يردون عليه صياحه ولا يظهروا عليه عند اعطاءه حصته من الطعام .
أسلموه الى نفسه، ليتكفل الجنون به..
بعد ذلك أتى الحكم النهائي على فيودور
اقتاده السجانون وهو مكبل في السلاسل ، مرتدياً كفنه ، فأمروه أن يحفر قبره بنفسه ، ثم يقف على رأس الحفرة ، أمام فرقه إطلاق النار ، التى أعدت بنادقها وصوبوها الى مقتل من جسده ، بانتظار أمر قائدهم .
لكن تحدث معجزة..
يدخل المشهد جندي مسرع لاهث ، معه أمر بالتراجع عن إعدامه ، ولا يعلم فيودور دوستويفسكي وقتها أنها كانت تمثيلية مرتبة لكسر روحه ، واثقال همّته ، وقتل كل مشاعره !
الإمبراطور يعفو عن كل المحكوم عليهم بالإعدام في هذه اللحظة .. لكنه لم يعفو عن سجنهم .
ينتقل فيودور بعدها الى الأشغال الشاقة بسجن جديد في سيبريا لأربعة أعوام ، طالته فيها أمراض عديدة ..
حتى جاء موعد إطلاق سراحه ..
خرج دوستويفسكي وبعد السجن ، كتب رويات لم يرٓ أحد مثلها قط قبله ، وجدت سبيلها للكهوف المظلمة في النفس الانسانية ، وتعمّقت في أغوار العتمة البشرية ، وتغير بعدها وجه الأدب للأبد