علاقة الفكر باللغة .. الإشارات والرموز واللغة
علاقة الفكر باللغة
ما هي علاقة اللغة بالفكر ؟
بين اللغة والفكر تأثير متبادل .
آ - تأثير الفكر في اللغة :
۱ - الفكر متقدم على اللغة
- لو كانت اللغة كما زعم ( دوبونالد ) شرطاً من شروط الفكر ، أي متقدمة عليه ، لأمكن التعبير عن كل فكرة ، إلا أننا كثيراً ما نشعر بالأفكار تجول في خاطرنا من غير أن نوفق للتعبير عنها ، وقد قال أحدهم : ان الألفاظ ظروف المعاني ، والحق ، أن اللغة نتيجة من نتائج الفكر المنطقي ، وشرط من شروطه ( دولاكروا ؛ اللغة والفكر . - ص ١٠٤ ) ، فالكلام والفكر ينموان ويرتقيان معاً ، إلا أن كثرة المفردات تتبع كثرة المعاني ، وتطور الألفاظ تابع لتطور الفكر .
ان وراء الفكر التأملي نفسه صوراً من المعاني المستقلة عن ا الألفاظ ، حتى لقد بين علماء النفس ، أن لدى الطفل تفكيرا غير لفظي ، وهو تفكير مقارن للعمل ، تنوب الحركات والعادات فيه عن التصورات .
ثم أن هناك فكر أتأملياً ، وفكر أحدسياً ، يتميزان بتقدم الشعور فيها على الألفاظ ، فالفكرة إذن أغنى من اللفظ ؛ ويمكن التعبير عن الفكرة نفسها بألفاظ مختلفة .
٢ - اللغة لا تعبر عن جميع نواحي الفكر
- اللفظ وسيلة لانتقال الفكرة من شخص إلى آخر ، فهو إذن خارجي لا يدل إلا على الناحية الاجتماعية من الفكر ، أما الناحية العميقة منه فإنه لا يعبر عنها ، إذا قلت ) اني . سعيد ( لم تدرك من قولي هذا لون السعادة التي أشعر . بها ، وأنت تقول أنك ( سعيد ) فهل ندرك كلانا معنى واحداً ، نعم اني قد أستعمل الحركات ، والاشارات مع الألفاظ لتجسيم شعوري ، كما يفعل الخطيب عند محاولته التأثير في سامعيه . وفي الإشارات بالطرف ، والحاجب ، واليد ، والرأس ، وغير ذلك من الجوارح ، مرفق كبير ، ومعونة حاضرة في اموريسرها الناس بعضهم إلى بعض ولولا الاشارة لم يتفاهم الناس معنى خاص الخاص ( الجاحظ ) . ولكن مهما يكن عندي من تفنن في ذلك ، فإني أجد نفسي عاجزاً عن التعبير عن فكري تعبيراً تاماً . فأنا لا أعبر إلا عن المعاني العلمية ، والتصورات الموضوعية ؛ والمجردات الرياضية ، أما جوهر الفكر الحقيقي ، فلا سبيل إلى التعبير عنه .
٣ - إن تحليل الألفاظ وحدها لا يطلع العالم النفسي على حقيقة الفكر
- وسبب ذلك أن الفكر متصل ، والألفاظ منفصلة ، فإذا اقتصر علماء النفس على تحليل الألفاظ قصروا عن بلوع الغاية ، لأن اللفظ كما بينا لا يدل إلا على ناحية واحدة من نواحي الفكر وهي الناحية الموضوعية المشتركة بيننا وبين غيرنا .
٤ - مخالفة اللفظ للفكرة
- ان حكم المعاني ، خلاف حكم الألفاظ ، لأن المعاني مبسوطة إلى غير غاية ، وممتدة إلى غير نهاية ، وأسماء المعاني مقصورة معدودة ، ومحصلة محدودة ( الجاحظ ، البيان والتبيين ، جزء ١ ، ص ٦٨ ) .
وتطور المعاني أسرع من تطور الألفاظ ، لأن المعاني تتبدل بتبدل الفكر ، وكثيراً ما تخلو الألفاظ من المعاني ، فيظن الانسان أنه يفكر ، وهو في الحقيقة لا يفكر ، بل ألفاظاً لا يفهم معناها . ويسمون هذه الحالة بالببغائية ( نسبة إلى الببغاء Psittacisme ) ) وكما أنه لا قيمة للورق النقدي ، إلا بالنسبة إلى الذهب المودع في المصرف ، فكذلك لا قيمة للألفاظ إلا بالنسبة إلى المعاني المتصورة في الذهن .
ب - تأثير اللغة في الفكر
- ان حياة الالفاظ تابعة لحياة المعاني ، ولكن اللفظ يؤثر في المعنى ، كما يؤثر المعنى في اللفظ ؛ ولنبين كيفية هذا التأثير .
۱ - ان الالفاظ توضح المعاني لانها آلة تحليل
- قلنا ان المعاني مبسوطة إلى غير هي غاية ، ومبسوطة إلى غير نهاية ، وانها غير ثابتة ، فإذا أردنا التعبير عنها بالالفاظ ، ساقنا اللفظ إلى تحليلها . قال ( كوندياك ) : « نحن لا نستطيع الكلام إلا إذا حللنا الفكر إلى أجزائه المختلفة ، وعبرنا عن هذه الاحزاء واحداً بعد واحد والألفاظ الآلة الوحيدة التي تعيننا على هذا التحليل ( المنطق ، القسم ٣ الفصل - ( ۷ ) ثم قال : ان اللغة طريقة ، والعلم لغة جيدة . وهذا القول الاخير ، لا يخلو من المبالغة ، لان اللغة جملة آلية من الصور المرتبطة بروابط التداعي ، فليس يصح إذن اطلاق هذا القول ، الا اذا اريد به ان بين اللغة ، والفكر ترابطاً وثيقاً .
٢ - الالفاظ تثبت المعاني
- لا يمكن تثبيت دلالات المعاني ، الا بالالفاظ ، وقد شبه ( هاميلتون ) اللفظ بالعقد الذي يبنيه العمال عند حفر النفق ، فكما ان العقد يثبت الرمل والتراب ، كذلك اللفظ يثبت المعنى : قال : ان أكثر المعاني شبيهة بشرار النار ، لا تومض الا لتغيب ، ولا يمكن اظهارها وجمعها وتثبيتها الا بالالفاظ ، وقال أيضاً : ( لا يستولي الجيش على البلاد الا بإقامة الحصون فيها . ان الالفاظ حصون المعاني ) " .
والالفاظ تعين على انتقال المعاني من جيل إلى جيل . قال ( وتني Whitney ) : « لقد استعمل أسلافنا ملكاتهم الفكرية في الملاحظة ، والوصف ، والاستنتاج ، والتصنيف .
ونحن نرث نتائج أعمالهم بطريق الألفاظ . ان المعانى مسكوبة في قوالب من الألفاظ المهيأة . إلا أن . صب المعاني في قوالب الألفاظ لا يخلو من المساوىء ، منها .
آ - ان تثبيت المعاني في قوالب الألفاظ قد يقلبها إلى ( تصورات جامدة ) ، وهذا يؤخر تقدم الفكر وارتقاءه .
ب - قد يكون للألفاظ أثر في انتشار الواقعية الوجودية ) Réalisme ) لأن الألفاظ قوالب حسية تسوق الفكر إلى الاعتقاد ان المعاني المجردة المفرغة فيها موجودة خارج العقل .
٣ - الألفاظ تسبغ على المعاني حلة اجتماعية وتكسبها صفة منطقية :
اللغة آلة التفاهم بين الناس ، وهي اجتماعية بالذات لأنها تجرد الفكر من الطابع الذاتي ، والانفعالي ، فتسبغ عليه حلة اجتماعية تكسبه صفة منطقية ، وقد بين ( هنري برغسون ) أن وراء الألفاظ فكراً لا يمكن التعبير عنه ، فاللغة وإن كانت لا تدرك هذه الناحية العميقة من الفكر ، إلا أنها تجعل ما تعبر عنه من نواحي الفكر الاخرى متصفاً بالوضوح ، والتميز .
ج - اللغة الداخلية والفكر الرمزي
- اقدما زجت اللغة فكر الانسان حق صار لا يفكر إلا بالألفاظ ، أو لا يفكر إلا إذا تكلم في داخله بكلام خفي ، ويسمى هذا الكلام باللغة الداخلية .
وكثيراً ما ينقلب الفكر نفسه إلى ألفاظ ، أو إشارات ، ورموز ، حتى ! لقد سمي ( ليبنز ) هذه الحالة بالفكر الأعمى ، أو الفكر الرمزي ( Pensée aveugle ou Symbolique ) قال ( ليبنز ) :
( يتفق لنا أحياناً - ولا سيما في عملية التحليل الطويل - أن لا ندرك حقيقة الموضوع كله ، فنستبدل بالتركيب الفكري رموزاً نهمل ايضاحها رغبة في الاختصار ، وذلك بتأثير تفكير يسمى بالتفكير الفعلي .. وقد تكون هذه الألفاظ غامضة المعاني ، ناقصة ، إلا أنها تنوب في ذهني عن الأفكار ، لأن ذاكرتي تشهد لي أني أعرف معانيها ، وان ايضاحها هذا الفكر ، بالفكر الأعمى ، أو ليس الآن ضرورياً لأحكامي . وقد تعودت أن اسمي . الفكر الرمزي ، وهو مستعمل في الجبر ، والحساب ، وفي كثير من المواضع ) .
والدليل على ذلك أننا نستعمل ألفاظاً كثيرة من غير أن تكون معانيها حاضرة في أذهاننا . انظر إلى كلمتي ( لوغاريتما ) و ( مشتق ) ، أفلا نستعملها أحياناً من غير أن يكون معناهما حاضراً في الذهن ان هذا يسوق إلى الببغائية التي تكلمنا عنها ، وما أكثر الكتاب الذين يستعملون ألفاظاً شعرية ، ومجازات أدبية تقليدية ، من غير أن يفهموا معانيها ، إذا سألت أحد الكتاب ما معنى شآبيب الرحمة ، والخمائل الوارفة ، والكتيبة الخرساء ، وحنادس الليل التي يستعملها في كتابته لم تجد عنده لهذه المجازات تفسيراً شافيا . لا قيمة للألفاظ إلا بالمعاني . إذا كان اللفظ فارغاً من المعنى انقلب العقل إلى آلة والتفكير إلى عادة فمن الضروري في هذه الحالة أن يتجاوز العقل حجب الألفاظ ، وان يكشف عن المعاني والأمثلة الدالة عليها .
علاقة الفكر باللغة
ما هي علاقة اللغة بالفكر ؟
بين اللغة والفكر تأثير متبادل .
آ - تأثير الفكر في اللغة :
۱ - الفكر متقدم على اللغة
- لو كانت اللغة كما زعم ( دوبونالد ) شرطاً من شروط الفكر ، أي متقدمة عليه ، لأمكن التعبير عن كل فكرة ، إلا أننا كثيراً ما نشعر بالأفكار تجول في خاطرنا من غير أن نوفق للتعبير عنها ، وقد قال أحدهم : ان الألفاظ ظروف المعاني ، والحق ، أن اللغة نتيجة من نتائج الفكر المنطقي ، وشرط من شروطه ( دولاكروا ؛ اللغة والفكر . - ص ١٠٤ ) ، فالكلام والفكر ينموان ويرتقيان معاً ، إلا أن كثرة المفردات تتبع كثرة المعاني ، وتطور الألفاظ تابع لتطور الفكر .
ان وراء الفكر التأملي نفسه صوراً من المعاني المستقلة عن ا الألفاظ ، حتى لقد بين علماء النفس ، أن لدى الطفل تفكيرا غير لفظي ، وهو تفكير مقارن للعمل ، تنوب الحركات والعادات فيه عن التصورات .
ثم أن هناك فكر أتأملياً ، وفكر أحدسياً ، يتميزان بتقدم الشعور فيها على الألفاظ ، فالفكرة إذن أغنى من اللفظ ؛ ويمكن التعبير عن الفكرة نفسها بألفاظ مختلفة .
٢ - اللغة لا تعبر عن جميع نواحي الفكر
- اللفظ وسيلة لانتقال الفكرة من شخص إلى آخر ، فهو إذن خارجي لا يدل إلا على الناحية الاجتماعية من الفكر ، أما الناحية العميقة منه فإنه لا يعبر عنها ، إذا قلت ) اني . سعيد ( لم تدرك من قولي هذا لون السعادة التي أشعر . بها ، وأنت تقول أنك ( سعيد ) فهل ندرك كلانا معنى واحداً ، نعم اني قد أستعمل الحركات ، والاشارات مع الألفاظ لتجسيم شعوري ، كما يفعل الخطيب عند محاولته التأثير في سامعيه . وفي الإشارات بالطرف ، والحاجب ، واليد ، والرأس ، وغير ذلك من الجوارح ، مرفق كبير ، ومعونة حاضرة في اموريسرها الناس بعضهم إلى بعض ولولا الاشارة لم يتفاهم الناس معنى خاص الخاص ( الجاحظ ) . ولكن مهما يكن عندي من تفنن في ذلك ، فإني أجد نفسي عاجزاً عن التعبير عن فكري تعبيراً تاماً . فأنا لا أعبر إلا عن المعاني العلمية ، والتصورات الموضوعية ؛ والمجردات الرياضية ، أما جوهر الفكر الحقيقي ، فلا سبيل إلى التعبير عنه .
٣ - إن تحليل الألفاظ وحدها لا يطلع العالم النفسي على حقيقة الفكر
- وسبب ذلك أن الفكر متصل ، والألفاظ منفصلة ، فإذا اقتصر علماء النفس على تحليل الألفاظ قصروا عن بلوع الغاية ، لأن اللفظ كما بينا لا يدل إلا على ناحية واحدة من نواحي الفكر وهي الناحية الموضوعية المشتركة بيننا وبين غيرنا .
٤ - مخالفة اللفظ للفكرة
- ان حكم المعاني ، خلاف حكم الألفاظ ، لأن المعاني مبسوطة إلى غير غاية ، وممتدة إلى غير نهاية ، وأسماء المعاني مقصورة معدودة ، ومحصلة محدودة ( الجاحظ ، البيان والتبيين ، جزء ١ ، ص ٦٨ ) .
وتطور المعاني أسرع من تطور الألفاظ ، لأن المعاني تتبدل بتبدل الفكر ، وكثيراً ما تخلو الألفاظ من المعاني ، فيظن الانسان أنه يفكر ، وهو في الحقيقة لا يفكر ، بل ألفاظاً لا يفهم معناها . ويسمون هذه الحالة بالببغائية ( نسبة إلى الببغاء Psittacisme ) ) وكما أنه لا قيمة للورق النقدي ، إلا بالنسبة إلى الذهب المودع في المصرف ، فكذلك لا قيمة للألفاظ إلا بالنسبة إلى المعاني المتصورة في الذهن .
ب - تأثير اللغة في الفكر
- ان حياة الالفاظ تابعة لحياة المعاني ، ولكن اللفظ يؤثر في المعنى ، كما يؤثر المعنى في اللفظ ؛ ولنبين كيفية هذا التأثير .
۱ - ان الالفاظ توضح المعاني لانها آلة تحليل
- قلنا ان المعاني مبسوطة إلى غير هي غاية ، ومبسوطة إلى غير نهاية ، وانها غير ثابتة ، فإذا أردنا التعبير عنها بالالفاظ ، ساقنا اللفظ إلى تحليلها . قال ( كوندياك ) : « نحن لا نستطيع الكلام إلا إذا حللنا الفكر إلى أجزائه المختلفة ، وعبرنا عن هذه الاحزاء واحداً بعد واحد والألفاظ الآلة الوحيدة التي تعيننا على هذا التحليل ( المنطق ، القسم ٣ الفصل - ( ۷ ) ثم قال : ان اللغة طريقة ، والعلم لغة جيدة . وهذا القول الاخير ، لا يخلو من المبالغة ، لان اللغة جملة آلية من الصور المرتبطة بروابط التداعي ، فليس يصح إذن اطلاق هذا القول ، الا اذا اريد به ان بين اللغة ، والفكر ترابطاً وثيقاً .
٢ - الالفاظ تثبت المعاني
- لا يمكن تثبيت دلالات المعاني ، الا بالالفاظ ، وقد شبه ( هاميلتون ) اللفظ بالعقد الذي يبنيه العمال عند حفر النفق ، فكما ان العقد يثبت الرمل والتراب ، كذلك اللفظ يثبت المعنى : قال : ان أكثر المعاني شبيهة بشرار النار ، لا تومض الا لتغيب ، ولا يمكن اظهارها وجمعها وتثبيتها الا بالالفاظ ، وقال أيضاً : ( لا يستولي الجيش على البلاد الا بإقامة الحصون فيها . ان الالفاظ حصون المعاني ) " .
والالفاظ تعين على انتقال المعاني من جيل إلى جيل . قال ( وتني Whitney ) : « لقد استعمل أسلافنا ملكاتهم الفكرية في الملاحظة ، والوصف ، والاستنتاج ، والتصنيف .
ونحن نرث نتائج أعمالهم بطريق الألفاظ . ان المعانى مسكوبة في قوالب من الألفاظ المهيأة . إلا أن . صب المعاني في قوالب الألفاظ لا يخلو من المساوىء ، منها .
آ - ان تثبيت المعاني في قوالب الألفاظ قد يقلبها إلى ( تصورات جامدة ) ، وهذا يؤخر تقدم الفكر وارتقاءه .
ب - قد يكون للألفاظ أثر في انتشار الواقعية الوجودية ) Réalisme ) لأن الألفاظ قوالب حسية تسوق الفكر إلى الاعتقاد ان المعاني المجردة المفرغة فيها موجودة خارج العقل .
٣ - الألفاظ تسبغ على المعاني حلة اجتماعية وتكسبها صفة منطقية :
اللغة آلة التفاهم بين الناس ، وهي اجتماعية بالذات لأنها تجرد الفكر من الطابع الذاتي ، والانفعالي ، فتسبغ عليه حلة اجتماعية تكسبه صفة منطقية ، وقد بين ( هنري برغسون ) أن وراء الألفاظ فكراً لا يمكن التعبير عنه ، فاللغة وإن كانت لا تدرك هذه الناحية العميقة من الفكر ، إلا أنها تجعل ما تعبر عنه من نواحي الفكر الاخرى متصفاً بالوضوح ، والتميز .
ج - اللغة الداخلية والفكر الرمزي
- اقدما زجت اللغة فكر الانسان حق صار لا يفكر إلا بالألفاظ ، أو لا يفكر إلا إذا تكلم في داخله بكلام خفي ، ويسمى هذا الكلام باللغة الداخلية .
وكثيراً ما ينقلب الفكر نفسه إلى ألفاظ ، أو إشارات ، ورموز ، حتى ! لقد سمي ( ليبنز ) هذه الحالة بالفكر الأعمى ، أو الفكر الرمزي ( Pensée aveugle ou Symbolique ) قال ( ليبنز ) :
( يتفق لنا أحياناً - ولا سيما في عملية التحليل الطويل - أن لا ندرك حقيقة الموضوع كله ، فنستبدل بالتركيب الفكري رموزاً نهمل ايضاحها رغبة في الاختصار ، وذلك بتأثير تفكير يسمى بالتفكير الفعلي .. وقد تكون هذه الألفاظ غامضة المعاني ، ناقصة ، إلا أنها تنوب في ذهني عن الأفكار ، لأن ذاكرتي تشهد لي أني أعرف معانيها ، وان ايضاحها هذا الفكر ، بالفكر الأعمى ، أو ليس الآن ضرورياً لأحكامي . وقد تعودت أن اسمي . الفكر الرمزي ، وهو مستعمل في الجبر ، والحساب ، وفي كثير من المواضع ) .
والدليل على ذلك أننا نستعمل ألفاظاً كثيرة من غير أن تكون معانيها حاضرة في أذهاننا . انظر إلى كلمتي ( لوغاريتما ) و ( مشتق ) ، أفلا نستعملها أحياناً من غير أن يكون معناهما حاضراً في الذهن ان هذا يسوق إلى الببغائية التي تكلمنا عنها ، وما أكثر الكتاب الذين يستعملون ألفاظاً شعرية ، ومجازات أدبية تقليدية ، من غير أن يفهموا معانيها ، إذا سألت أحد الكتاب ما معنى شآبيب الرحمة ، والخمائل الوارفة ، والكتيبة الخرساء ، وحنادس الليل التي يستعملها في كتابته لم تجد عنده لهذه المجازات تفسيراً شافيا . لا قيمة للألفاظ إلا بالمعاني . إذا كان اللفظ فارغاً من المعنى انقلب العقل إلى آلة والتفكير إلى عادة فمن الضروري في هذه الحالة أن يتجاوز العقل حجب الألفاظ ، وان يكشف عن المعاني والأمثلة الدالة عليها .
تعليق