أمين معلوف
مصطفى عطية جمعة
خصوصية الرواية العربية في خريطة الإبداع العالمي
22 - يناير - 2024م
هل الرواية العربية لها خصوصية في خريطة الإبداع العالمي؟ نطرح هذا السؤال، لنناقش سمات الإبداع الروائي العربي، فعندما ننعت الرواية بأنها عربية، فإننا نكسبها هوية عنوانها العروبة: عروبة الإنسان والثقافة والتاريخ والجغرافيا والهوية والحاضر والمستقبل. فليس النعت من باب التمييز لها على مستوى خريطة الرواية العالمية، وإنما هو انتماء متجذر، وإبداع رصين صيغ باللسان العربي، وصار علامة على الرواية العربية الحديثة، على عكس الرواية الغربية التي كُتِبت بلغات عديدة، وحملت ثقافات ظاهرها أنها أوروبية غربية أو أمريكية غربية، إلا أن باطنها ومكوناتها يحوي اختلافات عرقية ولسانية وفكرية وحدودية، بالإضافة إلى كل ما ينبئنا به التاريخ الأوروبي من حروب دموية، وصراعات على النفوذ الاستعماري قديما، والتمدد العالمي حديثا.
من أجل هذا، لا يمكن فهم القضايا الإنسانية في الرواية، دون العودة إلى الواقع السياسي والثقافي والمعرفي والحضاري، ودون التعرض إلى المشكلات الاجتماعية والمجتمعية، ودراسة خصوصية المكان، وما حملته الحقب الزمنية من تغييرات.
فالرواية العربية خلال حقبتها الأولى في النصف الأول من القرن العشرين تختلف في بنيتها وأساليبها وموضوعاتها عن الرواية في مرحلة النضج خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وهي المرحلة التي شهدت أيضا التجريب والتجديد شكلا وأسلوبا، وفي جميع الأحوال كان الإنسان العربي يتغير، حيث ينتشر التعليم، وتتسع الثقافة، وتتحرر أقطاره من الاستعمار، وتختفي أقطار ونظم حكم، وتظهر نظم جديدة، بعضها شهد ثورات، وبعضها الآخر نعم بالاستقرار، وظل الإنسان العربي متواصلا غير منقطع، وكانت الرواية العربية إحدى السبل في دعم هذا التواصل، والإحساس بالهوية المشتركة بين أبناء العروبة. فقرأ أهل المغرب العربي إبداعات المشرق، مثل روايات عبد الرحمن منيف وحنا مينا وإسماعيل فهد إسماعيل، وقرأ المشرق العربي السرد المغاربي مثل روايات محمد شكري والطاهر وطار، وتُرجَمت إلى العربية روايات كتبها عرب مغتربون، آثروا تناول قضايا العالم العربي عامة، وأوطانهم خاصة من خلال لغات عالمية مثل ثلاثية نور الدين فارح الكاتب الصومالي التي صاغها عن الصومال التاريخ والاستعمار والثقافة والمجتمع باللغة الإنكليزية، وقرأوا أيضا ترجمات روايات الطاهر بن جلون (المغرب) وأهداف سويف وألبير قصير (مصر) وأمين معلوف (لبنان). الجميع تذوقوا الفن الروائي العربي بكل ما حمله من عبق المكان، واختلاف الظرف والزمان، لكن حتما كان هناك تقارب بل تشابه في شخصية الإنسان: في النضال ضد الاستعمار، والتوحد إزاء مشكلة فلسطين، ورفض انفصال أقاليم العروبة، أو إشعال الحروب الحدودية، بل وجدوا أن المشكلات الاجتماعية والاقتصادية وقضايا الهجرة والسكان تكاد تتوحد.
تعليق