فاعلية النفس في الانتباه .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فاعلية النفس في الانتباه .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

    فاعلية النفس في الانتباه

    تختلف فاعلية النفس في الانتباه باختلاف أنواعه ، فالانتباه التلقائي يستند إلى قانون ، أما الانتباه الارادي فيقوم على الجهد و فاعلية التركيب . ولنبحث في كل من هذين الاهتمام الأمرين على حدته .

    ۱ - قانون الاهتمام
    - إن قانون الاهتمام قانون الحياة ، لأن الموجود الحي لا يهتم ما - • إلا بما له علاقة بمنفعته الحاضرة ، ولا ينتبه انتباها تلقائياً إلا لما يؤثر فيه ويهيجه .
    ما هي عوامل الاهتمام ؟ لا توقظ الأشياء انتباهنا بطبائعها الحقيقية أو الموضوعية ، بل بما هي عليه بالنسبة الينا ، فقيمتها إذن ذاتية ، وهي تابعة لتأثيرها فينا ، فتارة تولد فينا لذة وإعجابا ورغبة ، وتارة تولد فينا ألما و اشمئزازاً ، أو غضبا ورهبة . فالملائم والمنافي كلاهما باعث على الاهتمام . ويمكن إرجاع الاهتمام إلى العوامل التالية :
    ۱ - القوة - البرق أو الرعد وكل لامع أو متحرك يوقظ الانتباه . فالحالات القوية أدعى إلى الاهتمام من الحالات الضعيفة ، ولذلك كان الانتباه للحاضر أقوى من الانتباه للغائب ، وكثيراً ما نكون غارقين في التأمل ، فنسمع صوت بندقية أو سيارة أو طيارة فيلهينا هذا الصوت عن تأملاتنا ، حتى لقد قال ( باسكال ) : < قد يكون طيران الذبابة أو طنين الحشرة كافيا لتشتيت أفكارنا > .

    ٢ - الغرائز والميول المكتسبة - يختلف الاهتمام باختلاف النزعات الغريزية والميول المكتسبة ، فالجائع لا ينتبه إلا للطعام والعطشان يحسب السراب ماء . كل حاجة عضوية تدل على نزعة غريزية - أما الميول المكتسبة فتتولد من العادة ، والتربية ، وتأثير الحياة الاجتماعية . كل انسان يرغب في الحديث عن مهنته ، ولا يرى الأشياء إلا من زاوية اهتمامه . وإذا كانت الطبيعة تكلم الموسيقار بلغة الألحان ، فهي تكلم المصور بلغة الأشكال والألوان ، والغاب في نظر الحطاب يختلف عنه في نظر الصياد ، أو في نظر السائح التعبان : فنحن لا نرى في الأشياء إلا ما نريد ، ولا نجد فيها الا ما نحب .

    ٣ - المشاغل الحاضرة - اذا شغلك مرض وجدت اعراضه ظاهرة على كل مريض شغلك أم أمر لم تدرك من الأشياء الاما له علاقة به ، فالحزن يقلب بهجة الطبيعة الى ظلام قاتم ، والحب يمنع العاشق من التفكير في غير المعشوق .
    الجهد الارادي وفاعلية التركيب . - قال الفرد ) بينه : ان الانتباه الأرادي يقتضي مؤالفة الذهن لاحدى الحالات الجديدة ، ولا تتم هذه المؤالفة الا بتركيب جديد مختلف عن تداعي الأفكار . لأن التداعي يقتصر على استرجاع المركبات القديمة ، أما الانتباه فيخلق تركيبا جديداً . اذا لاحظنا حادثة من الحوادث ، أو أصغينا الخطيب ، أو فكرنا في معنى من المعاني ؛ فإن فكرنا ينتقل بنفسه الى حالة خاصة ، ويتهيأ لقبول الشيء الجديد ، حق لقد قال ( لامارك ) : ان وظيفة الانتباه ، التحضير والاعداد ، لأن الذهن يستحضر في الانتباه جملة من المعاني والصور ليستقبل بها الشيء الجديد ويوضحه ، ففي الانتباه الحسي ، يرسل الفكر الى الشيء الخارجي جملة من الصور الذهنية ، وفي الانتباه الداخلي يستعين العقل يجملة من الذكريات والأفكار المتعلقة بموضوع البحث . فالانتباه الارادي ليس حالة بسيطة ، وانما هو حالة مركبة تنطبق فيها الارادة على العقل . قال ( هنري برغسون : الانتباه هو إبداع صورة ذهنية نستقبل بها الإدراك الجديد ، أو هو تصور الأمر قبل وقوعه ، أو طلب فرضية من المخيلة تساعدنا على تفهم الشيء الجديد مع ادراك علاقته بقسم من تجاربنا الماضية ، فلا انتباه إذن دون إدراكات سابقة .
    - أثر الإدراكات السابقة : لا ندرك إلا ما نستدرك . . ومعنى ذلك أن الادراك التام الواضح لا يتم الا بالادراكات السابقة المكتسبة . فلا نفهم كلام محدثنا الا اذا كنا نعرف لغته ، واذا جهلنا لغته كانت ألفاظه أصواتاً غامضة ومبهمة ، لا تعيننا على وضع فرضية نستقبل بها هذه الإحساسات السمعية . وكلما سمعنا جملة من متكلم غائب عن نظرنا تخيلنا صورته وخطوطه الوجهية ، فالإدراكات السابقة تساعد إذن على تفهم الشيء الجديد .

    وكثيراً ما ننظر إلى الأشياء من غير أن ننتبه لمعانيها ، فإذا دلنا رجل على ما تشير اليه هذه الأشياء تعجبنا من عدم انتباهنا لها في المرة الاولى . مثال ذلك أننا ننظر إلى الصورة الجديدة من بعيد ، فلا نفهمها ، ولا نعرفها بوضوح ؛ فإذا تقربنا منها وفهمناها ، ثم عدنا إلى المحل الذي كنا فيه وجدناها ظاهرة واضحة وتعجبنا من غموضها الأول . ان هذا الاتضاح ناشيء عن انضمام الإدراكات السابقة إلى الإدراك الحاضر . وهذا يدل على أن المطابقة الحسية وحدها لا تجدي نفعاً إذا لم يكن في النفس فاعلية توضح الاشياء المدركة .

    وعلى ذلك فالناس لا يتذوقون الآثار الفنية والأدبية الجديدة ، إلا إذا ربطوها بإدراكاتهم السابقة . وقد أشار ( ويليم جيمس إلى ذلك فقال : ان القديم وحده ، والحديث وحده ، لا يدعوان إلى الاهتمام ، لأن القديم تافه ، والحديث غير مألوف ، ان القديم لا يخلق الاهتمام ، ولا يوقظ الانتباء ، إلا إذا ألبسته ثوباً جديداً ، وإلباسه هذا الثوب لايتم إلا بانضمام الإدراكات السابقة إلى الإحساسات الحاضرة . ان الدليل مفيد في السياحة ، لأنه يقدم لنا صوراً وإدراكات سابقة نستقبل بها الأشياء الجديدة ، نعم انه يفقد هذه الأشياء الجديدة نضارتها ، إلا أنه يجعلها أكثر وضوحاً ، ويكشف لنا عن كثير من الامور التي لا ننتبه لها . ان البدوي لا يرى في المدينة شيئاً مما يجب أن ينظر اليه ويعجب به ، انه لا ينتبه إلا للأشياء التي يستطيع ربطها بإدراكاته السابقة وصوره الذهنية المألوفة ، وهي أشياء تافهة ، لا يفهم معناها الحقيقي ، ولا يدرك غايتها . دع ان الاهتمام وحده لا يكفي لإيضاح الانتباه ، فقد نهتم بالشيء ونميل اليه من غير أن يكون انتباهنا له واضحاً . مثال ذلك ان أهل المريض وأصدقاءه يهتمون به أكثر من الطبيب ، إلا أنهم لا ينتبهون لأعراض مرضه كما ينتبه لها الطبيب نفسه .

    ينتج مما تقدم أن الانتباه الحقيقي لايتم إلا بفاعلية ذهنية مركبة ، تجعل الإرادة قادرة على جمع عناصر الشعور في الموضوع المدرك ، لتجعله أكثر وضوحاً وأحسن تميزاً ، أضف إلى ذلك ان للهيئة الاجتماعية تأثيراً في هذه الفاعلية الارادية . فهي تؤثر في عناصر الانتباه كما تؤثر في صورته ، ان انتباه الطبيب لأعراض المرض ناشىء عن دراسته لأعراضه ومعرفته بأوصافه . فانتباهه له إذن مكتسب من علمه أي من تأثير الحياة الاجتماعية فيه ، ان التصادم بين نزعاتنا وميولنا الفردية ، وبين التصورات المشتركة الخارجة عنا يخلق لنا في كل يوم مسائل جديدة ، هكذا تتصارع التصورات الجديدة ، والتصورات القديمة ، ويؤدي هذا الصراع إلى تفتح الشعور وانكشافه . فالانتباه الارادي إذن فعل مركب لا فعل بسيط ، لأنه يقتضي اشتراك عناصر الشعور المختلفة في فعل نفسي واحد ، والطفل كالحيوان عاجز عن هذا الجهد التركيبي ، حق ان الراشد نفسه ليحتاج في الانتباه الارادي إلى جهد مضن ولا يستطيع أن يثابر على هذا الانتباه ، إلا ببذل الجهود المتتابعة .

    و قصارى القول : ان دور الانتباه في الحياة العقلية كدور الهوى في الحياة الانفعالية فكما ان الهوى يأخذ بمجامع النفس ، ويوجه الميول كلها إلى موضوع واحد ، كذلك الانتباه الشديد يجمع ملكات العقل كلها في نقطة واحدة ، فليس الانتباه إذن ملكة مستقلة ، أو قوة مفارقة ، وإنما هو فعل تركيبي تشترك فيه جميع عناصر النفس من ذاكرة ، وتخيل وحكم ، واستدلال عقلي ، لايضاح العنصر النفسي الجديد ، وربطه بالتجارب الماضية والادراكات السابقة .

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٨-٠١-٢٠٢٤ ٠٣.٢٩_1(2).jpg 
مشاهدات:	20 
الحجم:	140.5 كيلوبايت 
الهوية:	187716 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٨-٠١-٢٠٢٤ ٠٣.٣١_1.jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	130.4 كيلوبايت 
الهوية:	187717 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٨-٠١-٢٠٢٤ ٠٣.٣٤_1.jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	122.8 كيلوبايت 
الهوية:	187718 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٨-٠١-٢٠٢٤ ٠٣.٣٥_1.jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	149.5 كيلوبايت 
الهوية:	187719

  • #2
    Self-efficacy in attention

    The effectiveness of the soul in attention varies according to its types. Automatic attention is based on a law, while voluntary attention is based on effort and the effectiveness of the structure. Let us examine each of these concerns separately.

    1 - The law of attention
    - The law of attention is the law of life, because a living entity does not care about anything except what is related to its present benefit, and it does not automatically pay attention except to what affects and irritates it.
    What are the factors of interest? Things do not awaken our attention by their real or objective nature, but by what they are in relation to us. Therefore, their value is subjective, and it is dependent on their effect on us. Sometimes they generate pleasure, admiration, and desire in us, and sometimes they generate in us pain and disgust, or anger and dread. The appropriate and the incompatible are both a source of interest. The interest can be attributed to the following factors:
    1 - Power - lightning or thunder and anything bright or moving that awakens attention. Strong situations call for attention than weak situations, and therefore attention to the present is stronger than attention to the absent, and we are often immersed in contemplation, so we hear the sound of a gun, a car, or an airplane, and this sound distracts us from our contemplations. Pascal even said: <It may be the flight of a fly. Or the buzzing of an insect is enough to distract our thoughts.

    2 - Instincts and acquired inclinations - interest varies depending on the instinctive inclinations and acquired inclinations. The hungry person pays attention only to food, while the thirsty considers a mirage to be water. Every organic need indicates an instinctive tendency - while acquired tendencies are born from habit, upbringing, and the influence of social life. Every person wants to talk about his profession, and only sees things from the perspective of his interest. If nature speaks to the musician in the language of melodies, it speaks to the photographer in the language of shapes and colors, and the forest in the eyes of the woodcutter is different from the eyes of the hunter or the tired tourist: we see in things only what we want, and we find in them only what we like.

    3 - Present concerns - If you are preoccupied with an illness whose symptoms are evident in every patient, your preoccupation or something that you do not realize is related to it. Sadness turns the joy of nature into gloomy darkness, and love prevents the lover from thinking about the unloved.
    Voluntary effort and effectiveness of installation. The individual said (he explained): Voluntary attention requires the mind to become accustomed to one of the new situations, and this acquaintance can only take place through a new structure that is different from the association of thoughts. Because association is limited to recalling old compounds, while attention creates a new structure. If we notice an incident, or listen to the preacher, or think about one of its meanings; Our thought moves itself to a special state and prepares to accept the new thing. It is true that Lamarck said: The function of attention is preparation and preparation, because the mind conjures up in attention a set of meanings and images to receive the new thing and clarify it. In sensory attention, thought sends to the thing. The external attention is a group of mental images, and in internal attention the mind uses a group of memories and ideas related to the subject of research. Voluntary attention is not a simple state, but rather a complex state in which the will applies to the mind. Henri Bergson said: Attention is the creation of a mental image with which we receive the new perception, or it is imagining the matter before it happens, or requesting a hypothesis from the imagination that helps us understand the new thing while realizing its relationship to some of our past experiences. Therefore, there is no attention without previous perceptions.
    - The effect of previous perceptions: We only perceive what we realize. . This means that complete and clear perception is only achieved through previous acquired perceptions. We do not understand the words of our interlocutor unless we know his language, and if we are ignorant of his language, his words are ambiguous and ambiguous sounds, which do not help us to formulate a hypothesis with which to receive these auditory sensations. Whenever we hear a sentence from a speaker who is absent from our sight, we imagine his image and facial lines. Previous perceptions then help us understand the new thing.

    We often look at things without paying attention to their meanings. If a man tells us what these things indicate, we are surprised that we did not pay attention to them the first time. An example of this is that we look at the new image from afar, but we do not understand it or know it clearly. If we approach it and understand it, then return to the place we were in, we find it clearly apparent and are amazed at its initial ambiguity. This clarity results from the joining of previous perceptions with the present awareness. This indicates that sensory matching alone is of no use if there is no activity in the soul that clarifies the perceived things.

    Accordingly, people do not appreciate new artistic and literary works unless they link them to their previous perceptions. William James pointed out this and said: The old alone, and the new alone, do not call for attention, because the old is trivial, and the new is unfamiliar. The old does not create interest, nor awaken suspicion, unless you dress it in a new garment, and dressing it with this garment is only complete. By joining previous perceptions with present sensations, the guide is useful in tourism, because it provides us with previous images and perceptions with which we receive new things. Yes, it makes these new things lose their freshness, but it makes them clearer, and reveals to us many things that we do not pay attention to. The Bedouin does not see in the city anything that he should look at and admire. He only pays attention to the things that he can link to his previous perceptions and familiar mental images, and they are trivial things, the true meaning of which he does not understand, nor his purpose. Let attention alone not be enough to clarify attention. We may be interested in something and tend toward it without our attention being clear, for example, the patient's family and friends care more about him than the doctor, but they do not pay attention to the symptoms of his illness as the doctor himself pays attention to them.

    It follows from the above that true attention is achieved only through a complex mental activity that makes the will able to gather the elements of feeling in the perceived object, to make it clearer and better distinguished. In addition, the social body has an influence on this voluntary activity. It affects the elements of attention as well as its image. The doctor’s attention to the symptoms of the disease results from his study of its symptoms and knowledge of its descriptions. His attention to him, then, is gained from his knowledge, that is, from the influence of social life on him, that the clash between our individual tendencies and inclinations, and the common perceptions outside of us, creates new issues for us every day. Thus, new perceptions and old perceptions struggle, and this conflict leads to the opening and revelation of feeling. Voluntary attention, then, is a complex act, not a simple act, because it requires the participation of the various elements of feeling in one psychological act, and the child, like an animal, is incapable of this synthetic effort. It is true that the adult himself requires strenuous effort in voluntary attention, and he cannot persevere in this attention, except by making efforts. Sequential.

    In short, the role of attention in mental life is like the role of passion in emotional life. Just as passion takes hold of the soul and directs all inclinations to one subject, so intense attention brings together all the faculties of the mind at one point. Therefore, attention is not an independent faculty, or a separate force. Rather, it is a synthetic act in which all the elements of the soul participate, including memory, imagination, judgment, and rational reasoning, in order to clarify the new psychological element and link it to past experiences and previous perceptions.

    تعليق

    يعمل...
    X