فاعلية النفس في الانتباه
تختلف فاعلية النفس في الانتباه باختلاف أنواعه ، فالانتباه التلقائي يستند إلى قانون ، أما الانتباه الارادي فيقوم على الجهد و فاعلية التركيب . ولنبحث في كل من هذين الاهتمام الأمرين على حدته .
۱ - قانون الاهتمام
- إن قانون الاهتمام قانون الحياة ، لأن الموجود الحي لا يهتم ما - • إلا بما له علاقة بمنفعته الحاضرة ، ولا ينتبه انتباها تلقائياً إلا لما يؤثر فيه ويهيجه .
ما هي عوامل الاهتمام ؟ لا توقظ الأشياء انتباهنا بطبائعها الحقيقية أو الموضوعية ، بل بما هي عليه بالنسبة الينا ، فقيمتها إذن ذاتية ، وهي تابعة لتأثيرها فينا ، فتارة تولد فينا لذة وإعجابا ورغبة ، وتارة تولد فينا ألما و اشمئزازاً ، أو غضبا ورهبة . فالملائم والمنافي كلاهما باعث على الاهتمام . ويمكن إرجاع الاهتمام إلى العوامل التالية :
۱ - القوة - البرق أو الرعد وكل لامع أو متحرك يوقظ الانتباه . فالحالات القوية أدعى إلى الاهتمام من الحالات الضعيفة ، ولذلك كان الانتباه للحاضر أقوى من الانتباه للغائب ، وكثيراً ما نكون غارقين في التأمل ، فنسمع صوت بندقية أو سيارة أو طيارة فيلهينا هذا الصوت عن تأملاتنا ، حتى لقد قال ( باسكال ) : < قد يكون طيران الذبابة أو طنين الحشرة كافيا لتشتيت أفكارنا > .
٢ - الغرائز والميول المكتسبة - يختلف الاهتمام باختلاف النزعات الغريزية والميول المكتسبة ، فالجائع لا ينتبه إلا للطعام والعطشان يحسب السراب ماء . كل حاجة عضوية تدل على نزعة غريزية - أما الميول المكتسبة فتتولد من العادة ، والتربية ، وتأثير الحياة الاجتماعية . كل انسان يرغب في الحديث عن مهنته ، ولا يرى الأشياء إلا من زاوية اهتمامه . وإذا كانت الطبيعة تكلم الموسيقار بلغة الألحان ، فهي تكلم المصور بلغة الأشكال والألوان ، والغاب في نظر الحطاب يختلف عنه في نظر الصياد ، أو في نظر السائح التعبان : فنحن لا نرى في الأشياء إلا ما نريد ، ولا نجد فيها الا ما نحب .
٣ - المشاغل الحاضرة - اذا شغلك مرض وجدت اعراضه ظاهرة على كل مريض شغلك أم أمر لم تدرك من الأشياء الاما له علاقة به ، فالحزن يقلب بهجة الطبيعة الى ظلام قاتم ، والحب يمنع العاشق من التفكير في غير المعشوق .
الجهد الارادي وفاعلية التركيب . - قال الفرد ) بينه : ان الانتباه الأرادي يقتضي مؤالفة الذهن لاحدى الحالات الجديدة ، ولا تتم هذه المؤالفة الا بتركيب جديد مختلف عن تداعي الأفكار . لأن التداعي يقتصر على استرجاع المركبات القديمة ، أما الانتباه فيخلق تركيبا جديداً . اذا لاحظنا حادثة من الحوادث ، أو أصغينا الخطيب ، أو فكرنا في معنى من المعاني ؛ فإن فكرنا ينتقل بنفسه الى حالة خاصة ، ويتهيأ لقبول الشيء الجديد ، حق لقد قال ( لامارك ) : ان وظيفة الانتباه ، التحضير والاعداد ، لأن الذهن يستحضر في الانتباه جملة من المعاني والصور ليستقبل بها الشيء الجديد ويوضحه ، ففي الانتباه الحسي ، يرسل الفكر الى الشيء الخارجي جملة من الصور الذهنية ، وفي الانتباه الداخلي يستعين العقل يجملة من الذكريات والأفكار المتعلقة بموضوع البحث . فالانتباه الارادي ليس حالة بسيطة ، وانما هو حالة مركبة تنطبق فيها الارادة على العقل . قال ( هنري برغسون : الانتباه هو إبداع صورة ذهنية نستقبل بها الإدراك الجديد ، أو هو تصور الأمر قبل وقوعه ، أو طلب فرضية من المخيلة تساعدنا على تفهم الشيء الجديد مع ادراك علاقته بقسم من تجاربنا الماضية ، فلا انتباه إذن دون إدراكات سابقة .
- أثر الإدراكات السابقة : لا ندرك إلا ما نستدرك . . ومعنى ذلك أن الادراك التام الواضح لا يتم الا بالادراكات السابقة المكتسبة . فلا نفهم كلام محدثنا الا اذا كنا نعرف لغته ، واذا جهلنا لغته كانت ألفاظه أصواتاً غامضة ومبهمة ، لا تعيننا على وضع فرضية نستقبل بها هذه الإحساسات السمعية . وكلما سمعنا جملة من متكلم غائب عن نظرنا تخيلنا صورته وخطوطه الوجهية ، فالإدراكات السابقة تساعد إذن على تفهم الشيء الجديد .
وكثيراً ما ننظر إلى الأشياء من غير أن ننتبه لمعانيها ، فإذا دلنا رجل على ما تشير اليه هذه الأشياء تعجبنا من عدم انتباهنا لها في المرة الاولى . مثال ذلك أننا ننظر إلى الصورة الجديدة من بعيد ، فلا نفهمها ، ولا نعرفها بوضوح ؛ فإذا تقربنا منها وفهمناها ، ثم عدنا إلى المحل الذي كنا فيه وجدناها ظاهرة واضحة وتعجبنا من غموضها الأول . ان هذا الاتضاح ناشيء عن انضمام الإدراكات السابقة إلى الإدراك الحاضر . وهذا يدل على أن المطابقة الحسية وحدها لا تجدي نفعاً إذا لم يكن في النفس فاعلية توضح الاشياء المدركة .
وعلى ذلك فالناس لا يتذوقون الآثار الفنية والأدبية الجديدة ، إلا إذا ربطوها بإدراكاتهم السابقة . وقد أشار ( ويليم جيمس إلى ذلك فقال : ان القديم وحده ، والحديث وحده ، لا يدعوان إلى الاهتمام ، لأن القديم تافه ، والحديث غير مألوف ، ان القديم لا يخلق الاهتمام ، ولا يوقظ الانتباء ، إلا إذا ألبسته ثوباً جديداً ، وإلباسه هذا الثوب لايتم إلا بانضمام الإدراكات السابقة إلى الإحساسات الحاضرة . ان الدليل مفيد في السياحة ، لأنه يقدم لنا صوراً وإدراكات سابقة نستقبل بها الأشياء الجديدة ، نعم انه يفقد هذه الأشياء الجديدة نضارتها ، إلا أنه يجعلها أكثر وضوحاً ، ويكشف لنا عن كثير من الامور التي لا ننتبه لها . ان البدوي لا يرى في المدينة شيئاً مما يجب أن ينظر اليه ويعجب به ، انه لا ينتبه إلا للأشياء التي يستطيع ربطها بإدراكاته السابقة وصوره الذهنية المألوفة ، وهي أشياء تافهة ، لا يفهم معناها الحقيقي ، ولا يدرك غايتها . دع ان الاهتمام وحده لا يكفي لإيضاح الانتباه ، فقد نهتم بالشيء ونميل اليه من غير أن يكون انتباهنا له واضحاً . مثال ذلك ان أهل المريض وأصدقاءه يهتمون به أكثر من الطبيب ، إلا أنهم لا ينتبهون لأعراض مرضه كما ينتبه لها الطبيب نفسه .
ينتج مما تقدم أن الانتباه الحقيقي لايتم إلا بفاعلية ذهنية مركبة ، تجعل الإرادة قادرة على جمع عناصر الشعور في الموضوع المدرك ، لتجعله أكثر وضوحاً وأحسن تميزاً ، أضف إلى ذلك ان للهيئة الاجتماعية تأثيراً في هذه الفاعلية الارادية . فهي تؤثر في عناصر الانتباه كما تؤثر في صورته ، ان انتباه الطبيب لأعراض المرض ناشىء عن دراسته لأعراضه ومعرفته بأوصافه . فانتباهه له إذن مكتسب من علمه أي من تأثير الحياة الاجتماعية فيه ، ان التصادم بين نزعاتنا وميولنا الفردية ، وبين التصورات المشتركة الخارجة عنا يخلق لنا في كل يوم مسائل جديدة ، هكذا تتصارع التصورات الجديدة ، والتصورات القديمة ، ويؤدي هذا الصراع إلى تفتح الشعور وانكشافه . فالانتباه الارادي إذن فعل مركب لا فعل بسيط ، لأنه يقتضي اشتراك عناصر الشعور المختلفة في فعل نفسي واحد ، والطفل كالحيوان عاجز عن هذا الجهد التركيبي ، حق ان الراشد نفسه ليحتاج في الانتباه الارادي إلى جهد مضن ولا يستطيع أن يثابر على هذا الانتباه ، إلا ببذل الجهود المتتابعة .
و قصارى القول : ان دور الانتباه في الحياة العقلية كدور الهوى في الحياة الانفعالية فكما ان الهوى يأخذ بمجامع النفس ، ويوجه الميول كلها إلى موضوع واحد ، كذلك الانتباه الشديد يجمع ملكات العقل كلها في نقطة واحدة ، فليس الانتباه إذن ملكة مستقلة ، أو قوة مفارقة ، وإنما هو فعل تركيبي تشترك فيه جميع عناصر النفس من ذاكرة ، وتخيل وحكم ، واستدلال عقلي ، لايضاح العنصر النفسي الجديد ، وربطه بالتجارب الماضية والادراكات السابقة .
تختلف فاعلية النفس في الانتباه باختلاف أنواعه ، فالانتباه التلقائي يستند إلى قانون ، أما الانتباه الارادي فيقوم على الجهد و فاعلية التركيب . ولنبحث في كل من هذين الاهتمام الأمرين على حدته .
۱ - قانون الاهتمام
- إن قانون الاهتمام قانون الحياة ، لأن الموجود الحي لا يهتم ما - • إلا بما له علاقة بمنفعته الحاضرة ، ولا ينتبه انتباها تلقائياً إلا لما يؤثر فيه ويهيجه .
ما هي عوامل الاهتمام ؟ لا توقظ الأشياء انتباهنا بطبائعها الحقيقية أو الموضوعية ، بل بما هي عليه بالنسبة الينا ، فقيمتها إذن ذاتية ، وهي تابعة لتأثيرها فينا ، فتارة تولد فينا لذة وإعجابا ورغبة ، وتارة تولد فينا ألما و اشمئزازاً ، أو غضبا ورهبة . فالملائم والمنافي كلاهما باعث على الاهتمام . ويمكن إرجاع الاهتمام إلى العوامل التالية :
۱ - القوة - البرق أو الرعد وكل لامع أو متحرك يوقظ الانتباه . فالحالات القوية أدعى إلى الاهتمام من الحالات الضعيفة ، ولذلك كان الانتباه للحاضر أقوى من الانتباه للغائب ، وكثيراً ما نكون غارقين في التأمل ، فنسمع صوت بندقية أو سيارة أو طيارة فيلهينا هذا الصوت عن تأملاتنا ، حتى لقد قال ( باسكال ) : < قد يكون طيران الذبابة أو طنين الحشرة كافيا لتشتيت أفكارنا > .
٢ - الغرائز والميول المكتسبة - يختلف الاهتمام باختلاف النزعات الغريزية والميول المكتسبة ، فالجائع لا ينتبه إلا للطعام والعطشان يحسب السراب ماء . كل حاجة عضوية تدل على نزعة غريزية - أما الميول المكتسبة فتتولد من العادة ، والتربية ، وتأثير الحياة الاجتماعية . كل انسان يرغب في الحديث عن مهنته ، ولا يرى الأشياء إلا من زاوية اهتمامه . وإذا كانت الطبيعة تكلم الموسيقار بلغة الألحان ، فهي تكلم المصور بلغة الأشكال والألوان ، والغاب في نظر الحطاب يختلف عنه في نظر الصياد ، أو في نظر السائح التعبان : فنحن لا نرى في الأشياء إلا ما نريد ، ولا نجد فيها الا ما نحب .
٣ - المشاغل الحاضرة - اذا شغلك مرض وجدت اعراضه ظاهرة على كل مريض شغلك أم أمر لم تدرك من الأشياء الاما له علاقة به ، فالحزن يقلب بهجة الطبيعة الى ظلام قاتم ، والحب يمنع العاشق من التفكير في غير المعشوق .
الجهد الارادي وفاعلية التركيب . - قال الفرد ) بينه : ان الانتباه الأرادي يقتضي مؤالفة الذهن لاحدى الحالات الجديدة ، ولا تتم هذه المؤالفة الا بتركيب جديد مختلف عن تداعي الأفكار . لأن التداعي يقتصر على استرجاع المركبات القديمة ، أما الانتباه فيخلق تركيبا جديداً . اذا لاحظنا حادثة من الحوادث ، أو أصغينا الخطيب ، أو فكرنا في معنى من المعاني ؛ فإن فكرنا ينتقل بنفسه الى حالة خاصة ، ويتهيأ لقبول الشيء الجديد ، حق لقد قال ( لامارك ) : ان وظيفة الانتباه ، التحضير والاعداد ، لأن الذهن يستحضر في الانتباه جملة من المعاني والصور ليستقبل بها الشيء الجديد ويوضحه ، ففي الانتباه الحسي ، يرسل الفكر الى الشيء الخارجي جملة من الصور الذهنية ، وفي الانتباه الداخلي يستعين العقل يجملة من الذكريات والأفكار المتعلقة بموضوع البحث . فالانتباه الارادي ليس حالة بسيطة ، وانما هو حالة مركبة تنطبق فيها الارادة على العقل . قال ( هنري برغسون : الانتباه هو إبداع صورة ذهنية نستقبل بها الإدراك الجديد ، أو هو تصور الأمر قبل وقوعه ، أو طلب فرضية من المخيلة تساعدنا على تفهم الشيء الجديد مع ادراك علاقته بقسم من تجاربنا الماضية ، فلا انتباه إذن دون إدراكات سابقة .
- أثر الإدراكات السابقة : لا ندرك إلا ما نستدرك . . ومعنى ذلك أن الادراك التام الواضح لا يتم الا بالادراكات السابقة المكتسبة . فلا نفهم كلام محدثنا الا اذا كنا نعرف لغته ، واذا جهلنا لغته كانت ألفاظه أصواتاً غامضة ومبهمة ، لا تعيننا على وضع فرضية نستقبل بها هذه الإحساسات السمعية . وكلما سمعنا جملة من متكلم غائب عن نظرنا تخيلنا صورته وخطوطه الوجهية ، فالإدراكات السابقة تساعد إذن على تفهم الشيء الجديد .
وكثيراً ما ننظر إلى الأشياء من غير أن ننتبه لمعانيها ، فإذا دلنا رجل على ما تشير اليه هذه الأشياء تعجبنا من عدم انتباهنا لها في المرة الاولى . مثال ذلك أننا ننظر إلى الصورة الجديدة من بعيد ، فلا نفهمها ، ولا نعرفها بوضوح ؛ فإذا تقربنا منها وفهمناها ، ثم عدنا إلى المحل الذي كنا فيه وجدناها ظاهرة واضحة وتعجبنا من غموضها الأول . ان هذا الاتضاح ناشيء عن انضمام الإدراكات السابقة إلى الإدراك الحاضر . وهذا يدل على أن المطابقة الحسية وحدها لا تجدي نفعاً إذا لم يكن في النفس فاعلية توضح الاشياء المدركة .
وعلى ذلك فالناس لا يتذوقون الآثار الفنية والأدبية الجديدة ، إلا إذا ربطوها بإدراكاتهم السابقة . وقد أشار ( ويليم جيمس إلى ذلك فقال : ان القديم وحده ، والحديث وحده ، لا يدعوان إلى الاهتمام ، لأن القديم تافه ، والحديث غير مألوف ، ان القديم لا يخلق الاهتمام ، ولا يوقظ الانتباء ، إلا إذا ألبسته ثوباً جديداً ، وإلباسه هذا الثوب لايتم إلا بانضمام الإدراكات السابقة إلى الإحساسات الحاضرة . ان الدليل مفيد في السياحة ، لأنه يقدم لنا صوراً وإدراكات سابقة نستقبل بها الأشياء الجديدة ، نعم انه يفقد هذه الأشياء الجديدة نضارتها ، إلا أنه يجعلها أكثر وضوحاً ، ويكشف لنا عن كثير من الامور التي لا ننتبه لها . ان البدوي لا يرى في المدينة شيئاً مما يجب أن ينظر اليه ويعجب به ، انه لا ينتبه إلا للأشياء التي يستطيع ربطها بإدراكاته السابقة وصوره الذهنية المألوفة ، وهي أشياء تافهة ، لا يفهم معناها الحقيقي ، ولا يدرك غايتها . دع ان الاهتمام وحده لا يكفي لإيضاح الانتباه ، فقد نهتم بالشيء ونميل اليه من غير أن يكون انتباهنا له واضحاً . مثال ذلك ان أهل المريض وأصدقاءه يهتمون به أكثر من الطبيب ، إلا أنهم لا ينتبهون لأعراض مرضه كما ينتبه لها الطبيب نفسه .
ينتج مما تقدم أن الانتباه الحقيقي لايتم إلا بفاعلية ذهنية مركبة ، تجعل الإرادة قادرة على جمع عناصر الشعور في الموضوع المدرك ، لتجعله أكثر وضوحاً وأحسن تميزاً ، أضف إلى ذلك ان للهيئة الاجتماعية تأثيراً في هذه الفاعلية الارادية . فهي تؤثر في عناصر الانتباه كما تؤثر في صورته ، ان انتباه الطبيب لأعراض المرض ناشىء عن دراسته لأعراضه ومعرفته بأوصافه . فانتباهه له إذن مكتسب من علمه أي من تأثير الحياة الاجتماعية فيه ، ان التصادم بين نزعاتنا وميولنا الفردية ، وبين التصورات المشتركة الخارجة عنا يخلق لنا في كل يوم مسائل جديدة ، هكذا تتصارع التصورات الجديدة ، والتصورات القديمة ، ويؤدي هذا الصراع إلى تفتح الشعور وانكشافه . فالانتباه الارادي إذن فعل مركب لا فعل بسيط ، لأنه يقتضي اشتراك عناصر الشعور المختلفة في فعل نفسي واحد ، والطفل كالحيوان عاجز عن هذا الجهد التركيبي ، حق ان الراشد نفسه ليحتاج في الانتباه الارادي إلى جهد مضن ولا يستطيع أن يثابر على هذا الانتباه ، إلا ببذل الجهود المتتابعة .
و قصارى القول : ان دور الانتباه في الحياة العقلية كدور الهوى في الحياة الانفعالية فكما ان الهوى يأخذ بمجامع النفس ، ويوجه الميول كلها إلى موضوع واحد ، كذلك الانتباه الشديد يجمع ملكات العقل كلها في نقطة واحدة ، فليس الانتباه إذن ملكة مستقلة ، أو قوة مفارقة ، وإنما هو فعل تركيبي تشترك فيه جميع عناصر النفس من ذاكرة ، وتخيل وحكم ، واستدلال عقلي ، لايضاح العنصر النفسي الجديد ، وربطه بالتجارب الماضية والادراكات السابقة .
تعليق