تحليل الانتباه .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تحليل الانتباه .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

    تحليل الانتباه

    ان الانتباه مقيد بشروط فيزيولوجية ونفسية .

    الشروط الفيزيولوجية
    - ان الانتباه مصحوب بعوامل فيزيولوجية كثيرة ، من هذه العوامل :
    ۱ - حركات الأعضاء . - الانتباه مصحوب بكثير من الظواهر الحركية ، كتقلص العضلات ، أو تمددها ، أو وقف حركتها ، وتبدل حركات الرأس والوجه والحواس ، في سبيل مؤالفة الشيء الخارجي ومطابقته .

    ان الانتباه الحسي مثلا ، يقتضي مطابقة العينين والاذنين للشيء الخارجي ، فالعين أحديداب عدستها لتحصل على تأثير أوضح وأشد ، وتقلص عضلاتها ، لتجعل محوري البصر متلاقيين في الشيء ، ثم أن اذني الحيوان تتجهان إلى الفريسة ، والهرة تتحفز للوثوب على الفأرة . وقد يتوقف الإنسان عن الحركة في الانتباه الداخلي أو التفكير ، فالحاجبان يهبطان ، وتتشكل بينها غضون عمودية ، والعين تغمض أو تتوارى وراء حجاب الفكر . أما في الانتباه الحسي فتتقلص عضلة الجبهة ، ويرتفع الحاجبان ، وتتشكل فوقها أخاديد أفقية ، والجسد قد يترجم عن انتباه صاحبه بوقف حركاته أو تسكينها ( مثال ذلك سكون المصفي إلى أحد الخطباء ) ، حتى لقد بين الدكتور ( سيمون ) أن للأوضاع الجسدية شأناً عظيماً في انتباه التلاميذ ( ( ۱ ) . وقد يصحب الانتباه الداخلي حركات إيجابية كالذي لا يستطيع التفكر إلا إذا مشى في غرفته ، وكالخطيب الذي لا تسيل قريحته إلا إذا تحرك و استعمل الإشارات . قال جان جاك روسو ) : « إني لا أستطيع التأمل إلا إذا مشيت فإذا وقفت وقفت أفكاري . ان رأسي لا يسير إلا مع رجلي ( ٢ ) ، وقد علل ( ريبو ) ذلك بقوله : ان هذه الحركات ضرورية لإيقاظ الفاعلية الدماغية ، وزيادة جريان الأفكار .

    ۲ - تبدل الدورة الدموية . - ان الانتباه مصحوب بتبدل في الدورة الدموية ، لأن الدم في حالة الانتباه يترك أطراف الجسم ويتجمع في المراكز . حق أنه لشدة تجمعه قد يحدث احتقاناً في المراكز العصبية العاملة . فما بالك إذا كان كل عضو من الأعضاء كمية من الدم تساعده على التجدد .

    ٣ - تبدل النفس . - الانتباه مصحوب أيضاً بتبدل في التنفس . فيقصر الزفير ويطول الشهيق ، ويزيد في ضربات القلب . ان التنفس في الانتباه الشديد شبيه باللهاث في التعب والإعياء .

    الشروط النفسية
    - إذا نظرنا الآن إلى الانتباه من الوجهة النفسية ، رأينا أنه يغير تركيب الشعور ، ويبدل فاعلية النفس .
    ۱ - تغيير تركيب الشعور . - وصف ( ريبو ) الانتباه بقوله انه يضيق مجال الشعور ، ويقلب ظواهره المختلفة إلى فكرة واحدة ( Monoidéisme ) . ان عناصر الشعور في حالة الانتباه أفقر مما هي عليه في الحالة الطبيعية ، لأن التصورات كلها تنقلب إلى تصور واحد ، ويتعذر على الإنسان أن ينتبه لشيئين معاً في وقت واحد .

    هل يمكن الانتباه لشيئين معاً ؟
    - هذه المسألة قديمة ، وقد اختلف العلماء في الجواب عنها . فمنهم من يقول أن الانتباه واحد لا ينقسم ، ومنهم من يقول أن في وسع الإنسان أن ينتبه لشيئين معا . ولنأت الآن ببعض الأمثلة . ان في طاقة الانسان أن يشتغل بأمرين معاً فيقرأ مثلاً ويغني في وقت واحد . ان هذا المثال لا يثبت لنا إمكان الانتباه لشيئين معاً ، لأن الانسان يغني بصورة آلية ، من غير أن يفكر في غنائه . وقد روي عن ( يوليوس قيصر انه كان يملي أربع رسائل معاً ، ويكتب هو نفسه رسالة خامسة في وقت واحد . ان هذا المثال لا يقطع مظان الاشتباه ، بل يدل على أن ( يوليوس قيصر ) كان يقوم بأعمال متتابعة ، فينتقل من أحدها إلى الآخر انتقالاً سريعاً ، حق لقد روي عن نابليون بونابرت ) ( ١ ) أنه كان لا يوجه انتباهه إلا إلى مسألة واحدة ، فإذا انتهى منها انتقل إلى غيرها . إلا أن العلماء قد جاءوا بأمثلة اخرى ، منها أن بعضهم ينشد شعراً من الأشعار بصوت عال ، ويردد شعر راً آخر في داخله ، وأن بعضهم يحل مسألة حسابية كتابية ويحل في الوقت نفسه عملا ذهنياً ثانياً ( ٢ ) .

    لا شك في أن الانتباه التام لشيء من الأشياء يقتضي اتجاه النفس اليه بكل قواها ، ولا خلاف في أن الجمع بين أمرين مما يضعف قوة الانتباه لكل منهما ، إلا أنه في وسع بعض الأشخاص أن يركزوا نشاطهم الفكري في عدة أمور معاً . نعم . أنه يمكن في بعض الأحيان تعليل ذلك بانتقال الفكر بسرعة من أمر إلى آخر ، ولكن من الصعب تعليل جميع الأمثلة التي جاء بها ( بولطان ) و ( وندت ) و ( ستانلي جفونس ) تعليلا تاما إلا بتقدير إمكان الانتباه لشيئين معاً في وقت واحد . ولولا ذلك لكانت كل مقايسة بين أمرين متعذرة .


    ينتج مما تقدم أن الانتباه لا يقلب كثرة الأفكار إلى وحدة مطلقة ، لأن الوحدة التي يؤدي اليها الانتباه ليست سوى وحدة نسبية ، ومعنى ذلك أن الفكرة تصبح إذ ذاك عاملاً من العوامل المنظمة ، تجذب اليها الأفكار والذكريات والرغائب ، وتجمعها في سلك واحد . لذلك قيل إن الانتباه وحدة في كثرة ، أو بالأحرى جمع الحالات نفسية كثيرة في فكرة واحدة منظمة . قال ( رويسن Russen ) : يظن بعضهم أن الانتباه و تضييق لساحة الشعور وتجميع لعناصرها في فكرة واحدة ... والأصح أن يقال أن الفكرة المتميزة التي تضم اليها الذكريات حتى تملأ عتبة الشعور كلها . فالانتباه بهذا المعنى الأخير لا يمنع تعدد الأفكار ( Polyideisme ) ان الانتباه لصورة من الصور النفسية ، يوجب الأفكار والذكريات والرغائب في دائرة واحدة ، فهو إذن كما قلنا وحـــدة ، إلا أن هذه الوحدة ليست وحدة عددية ، وإنما هي وحدة تركيب ، أو تنظيم ، أو قل اذا شئت إنها وحدة في كثرة .

    ۲ - تبدل فاعلية النفس . - إذا حللنا الانتباه بالنسبة إلى فاعلية النفس تبين لنا أنه توقف آني في تيار الاحساسات ، والتصورات ، والعواطف ، والأفكار . إذا قرع باب غرفتي و أنا مستسلم للأحلام ، مستغرق في التأمل ، وقفت سلسلة أحلامي ، وانقطع تيار أفكاري ، ونظرت إلى الباب لأعلم من الطارق ، حق ان الجسد نفسه ليشترك في هذا التوقف . ان الانتباه لصورة من الصور النفسية يلهيني عن الصور الأخرى ، ويوقف تيار أفكاري عن الحركة .
    ولكن هذا التوقف ليس سكونا مطلقاً ، ولا تعطلاً ذاتياً . لأن النفس عند وقوفها ، تتجه إلى الشيء وتطلب منه زيادة وضوح ، كأنها تبغي بذلك كشف الحجاب عن المجهول . فالاتجاه بلا بحث ، أو تفحص ، ليس انتباهاً حقيقياً ، وإنما هو فكرة ثابتة تسيطر على النفس دون فاعلية ، كالطفل الذي يتبع بعينيه حركة الشمعة ، فينقاد لها دون تفحص ولا فاعلية ، لخلو نفسه من كل فكرة . أما الانتباه الحقيقي ، فهو اتجاه وتفحص وبحث . ينتج مما تقدم أن حياتنا الداخلية في حالة الانتباه لا تتوقف عن الحركة . لأن توقف الأحوال النفسية عن الحركة يؤدي إلى فقدان الشعور بها .

    الشروط الاجتماعية . - الحياة الاجتماعية تدفع الأفراد إلى الذهاب في اتجاهات كثيرة . وتخلق لهم في هذه الاتجاهات أهدافاً صناعية ليس في غرائزهم الأولية ما يدفعهم اليها ويحببها اليهم . والفرد يخضع لسلطان المجتمع بتأثير التربية ، فيضيق على غرائزه الخناق ، ويخالف ميوله ، ويجعل انتباهه خاضعاً لإرادته . فالهيئة الاجتماعية تؤثر إذن في الانتباه الإرادي ، لأنها تدعو الفرد إلى التقيد بنظمها ، واتباع مثلها العليا ، فيستيقظ من ركوده ، ويتجه اليها ، ويراقب نفسه ، ويدرك ذاته ؛ ويخالف نزعاته الطبيعية بجهده الإرادي .

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٨-٠١-٢٠٢٤ ٠٣.١٦_1(2).jpg 
مشاهدات:	18 
الحجم:	20.0 كيلوبايت 
الهوية:	187701 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٨-٠١-٢٠٢٤ ٠٣.٢٠_1.jpg 
مشاهدات:	15 
الحجم:	113.6 كيلوبايت 
الهوية:	187702 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٨-٠١-٢٠٢٤ ٠٣.٢١_1.jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	121.1 كيلوبايت 
الهوية:	187703 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٨-٠١-٢٠٢٤ ٠٣.٢٢_1.jpg 
مشاهدات:	14 
الحجم:	126.1 كيلوبايت 
الهوية:	187704 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٨-٠١-٢٠٢٤ ٠٣.٢٣_1.jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	127.2 كيلوبايت 
الهوية:	187705

  • #2
    Attention analysis

    Attention is restricted by physiological and psychological conditions.

    Physiological conditions
    Attention is accompanied by many physiological factors, including:
    1- Organ movements. Attention is accompanied by many motor phenomena, such as muscle contraction, expansion, or cessation of movement, and changing movements of the head, face, and senses, in order to familiarize and match the external object.

    Sensory attention, for example, requires matching the eyes and ears to the external thing. The eye sharpens its lens to obtain a clearer and more intense effect, and its muscles contract, to make the two axes of sight converge on the thing. Then the animal’s ears point toward the prey, and the cat is motivated to jump on the mouse. A person may stop moving in internal attention or thinking. The eyebrows drop, vertical spaces form between them, and the eyes close or hide behind the veil of thought. As for sensory attention, the forehead muscle contracts, the eyebrows rise, and horizontal grooves form above them, and the body may express its owner’s attention by stopping or calming its movements (an example of this is the stillness of a liquidator to a preacher), to the point that Dr. Simon has shown that physical conditions have a great importance in attention. Students ((1). Inner attention may be accompanied by positive movements, such as the one who cannot contemplate unless he walks in his room, and like the orator whose saliva does not flow unless he moves and uses signs. Jean-Jacques Rousseau said: “I cannot contemplate unless I walk, but if I stand My thoughts stopped. My head only moves with my legs (2), and Ribot explained this by saying: These movements are necessary to awaken brain activity and increase the flow of thoughts.

    2- Change in blood circulation. Attention is accompanied by a change in blood circulation, because blood in a state of attention leaves the extremities of the body and collects in the centers. It is true that due to its intense accumulation, it may cause congestion in the working nerve centers. What if each organ had an amount of blood to help it regenerate?

    3- Change of soul. Attention is also accompanied by a change in breathing. The exhalation is shortened, the inhalation is prolonged, and the heart rate increases. Breathing during intense attention is similar to panting when tired and exhausted.

    Psychological conditions
    - If we now look at attention from the psychological point of view, we will see that it changes the structure of feeling and changes the effectiveness of the soul.
    1- Changing the structure of feeling. Ribot described attention by saying that it narrows the field of feeling and turns its various phenomena into a single idea (monoidéisme). The elements of feeling in the state of attention are poorer than in the normal state, because all perceptions are transformed into one perception, and it is impossible for a person to pay attention to two things at the same time.

    Is it possible to pay attention to two things at once?
    This issue is old, and scholars have differed in the answer to it. Some of them say that attention is one and not divided, and some of them say that a person can pay attention to two things at once. Let us now give some examples. It is within the power of a person to engage in two things at once, such as reading and singing at the same time, for example. This example does not prove to us the possibility of paying attention to two things at once, because a person sings automatically, without thinking about his singing. It was reported about Julius Caesar that he used to dictate four letters together, and he himself wrote a fifth letter at the same time. This example does not eliminate the suspicion, but rather indicates that Julius Caesar was carrying out successive actions, moving from one to the other quickly. It is true that it was narrated on the authority of Napoleon Bonaparte (1) that he would only direct his attention to one issue, and when he finished it he would move on to another. However, scholars have come up with other examples, including that some of them recite one of the poems out loud, and repeat another poem within it, and that some of them solve a written arithmetic problem and at the same time solve a second mental work (2).

    There is no doubt that complete attention to a thing requires directing the soul toward it with all its powers, and there is no dispute that combining two things weakens the power of attention to each of them. However, it is possible for some people to focus their intellectual activity on several things at once. Yes . This can sometimes be explained by the rapid movement of thought from one matter to another, but it is difficult to fully explain all the examples provided by Bultan, Wendt, and Stanley Jevons except by appreciating the possibility of paying attention to two things at the same time. Were it not for that, any comparison between two things would be impossible.

    It follows from the above that attention does not turn the multiplicity of thoughts into an absolute unity, because the unity to which attention leads is only a relative unity, and this means that the thought then becomes one of the organizing factors, attracting thoughts, memories, and desires to it, and gathering them into one thread. Therefore, it has been said that attention is unity in multiplicity, or rather, the gathering of many psychological states into one organized idea. Russen said: Some people think that attention is a narrowing of the field of feeling and a gathering of its elements into a single idea... It is more correct to say that the distinct idea to which memories are included fills the entire threshold of feeling. Paying attention to this last meaning does not prevent the multiplicity of ideas (polyideisme). Paying attention to one of the psychological images brings thoughts, memories, and desires into one circle. Therefore, as we said, it is a unit. However, this unit is not a numerical unit, but rather a unit of composition, organization, or wording. If you like, it is unity in multiplicity.

    2- Changing the effectiveness of the soul. - If we analyze attention in relation to the activity of the soul, it becomes clear to us that it is a momentary cessation in the flow of sensations, perceptions, emotions, and ideas. If the door of my room knocks while I am surrendering to dreams, immersed in contemplation, my series of dreams stops, and the flow of my thoughts is interrupted, and I look at the door to know who is knocking, it is true that the body itself participates in this cessation. Paying attention to one of the psychological images distracts me from other images and stops the flow of my thoughts from moving.
    But this cessation is not absolute stillness, nor is it a self-inflicted cessation. Because when the soul stops, it turns to the thing and asks for more clarity from it, as if by doing so it wants to lift the veil from the unknown. Direction without research or examination is not true attention, but rather it is a fixed idea that dominates the soul without effectiveness, like a child who follows with his eyes the movement of a candle, and is led by it without examination or effectiveness, because his soul is devoid of any thought. As for real attention, it is direction, examination, and research. It follows from the above that our inner life in a state of attention does not stop moving. Because the cessation of psychological conditions leads to a loss of feeling for them.

    Social conditions. Social life pushes individuals to go in many directions. In these directions, it creates industrial goals for them, and their primary instincts do not have anything that drives them towards them or makes them attractive to them. The individual submits to the authority of society through the influence of education, which stifles his instincts, opposes his inclinations, and makes his attention subject to his will. The social organization then influences voluntary attention, because it calls on the individual to abide by its systems and follow its ideals, so he wakes up from his stagnation, turns to it, monitors himself, and realizes himself. He contradicts his natural inclinations with his voluntary effort.

    تعليق

    يعمل...
    X