قصة وقصيدة من الماضي
قصة وقصيدة
يقول ابن عياد وان بات ليله
حجرف الذويبي من قبيلة حرب القبيلة المشهورة في جزيرة العرب... كان حجرف مشهوراً بالكرم، فقد كان ينفق كل ما يملك ولا يبالي إكراماً لضيفه أو لشخص يطلب منه العون... وإذا لم يجد شيئاً يذبح شاة أولاده التي يشربون حليبها أو يذبح مطاياه التي يرتحل عليها، وفي كل مرة كان بنو قومه يجمعون له إبلاً ويعطونه إياها عوضاً لما أتلفه بالكرم.
وكلما جمعوا له من الإبل أو الغنم أتلفه بين ذبيح لصاحب حق من الضيفان وعطية لطالب معروف من العرب ولايزال هذا من فعله حتى يخرج من جميع ماله. وفي أحد الأيام كان حجرف وقبيلته نازلين بالقرب من الماء بالصيف وقد أتلف حجرف ماله كله، وأرادت القبيلة أن تجمع له كالعادة فقال بعضهم... لِمَ لا نعطي حجرف درساً قبل أن نعطيه الإبل لعله أن يمسك على الأقل مطاياه التي يتنقل عليها؟
واتفقت القبيلة كلها على هذا الرأي... وقرروا أن يرحلوا ويتركوه، حتى يعرف مدى حاجته إلى الرواحل التي تحمله، فإذا مرت مدة، أرسلوا له من الإبل ما يحمله وأهله... وفعلاً رحلوا وتركوه وهو ينظر لهم فلم يلتفت إليه أحد حتى بقي في مكانه عند الماء وحيداً.
وفي المساء أخذت زوجته تكثر عليه الكلام واللوم، وتحاول أن تنصحه بأنه لو كانت لديه مطاياه للحق بقبيلته، وهكذا لم ينم حجرف ليلته تلك فهم يريدون منه أن يتخلى عن طبع اشتهر به وعرف من خلاله وهو لا يستطيع وفي الصباح الباكر خرج حجرف من بيته يملأ قلبه الحزن والهم، وقصد إلى مكان مرتع كعادة البدو في ضيقهم يبحثون عن المكان العالي ويبثون حزنهم من خلاله حتى تذهب الهموم فيعود وبعد أن وقف في هذا المكان وتلفت فإذا داب أعمى يقف أمام باب جحره فاتحاً فمه ولا يتحرك وإذا بعصفور يقع على فم الداب ظناً منه أنه غصن شجرة فيلتهمه الداب ويدخل جحره.
وحجرف يراقبه ولم يبرح مكانه حتى جاء وقت العصر ، فإذا بالداب يخرج ثانية ويفتح فمه كالمرة السابقة ويأتي طير آخر ويقع في فمه فيلتهمه ويعود لجحره... أدرك حجرف أن الذي يرزق هذا الداب لن يتركه أبداً... فأنشد يقول:
يقـول ابـن عيـاد وإن بـات ليلـه
مانـي بمسكيـن همومـه تشـايلـه
أنـا اليـا ضاقـت عليـه تفرجـت
يرزقنـي اللـي ما تعـدد فضايلـه
يرزقنـي رزاق الحيـايـا بحجرهـا
لا خايلـت برقـن ولا هـي بحايلـه
ترى رزق غيـري يا ملا ما ينولنـي
ورزقي يجـي لو كل حـي يحايلـه
جميـع ما حشنـا نـدور بـه الثـنا
وما راح منـا عارضنـا الله بدايلـه
نوب نحوش الفود من ديـرة العـدا
ونخـزز اللـي ذاهبـاتـن عدايلـه
خزن بالأيدي ما دفعنـا بـه الثمـن
ثمنها الدما بمطـارد الخيـل سايلـه
مع لابتن فرسان ننطـح بهـا العـدا
كم طامعـن جانـا غنمنـا زمايلـه
وفي المساء بعد أن فرغ حجرف من قصيدته عاد لبيته وإذا هو محاط برعية إبل كاملة فظن أنهم ضيوف واحتار. فعقلها في الصباح ورحل عليها وتبع قبيلته التي تعجبت من حال الذويبي فأين كان وأين أصبح ولما عرفوا القصة لم يعودوا ثانية لمعاتبته على كرمه
قصة وقصيدة
يقول ابن عياد وان بات ليله
حجرف الذويبي من قبيلة حرب القبيلة المشهورة في جزيرة العرب... كان حجرف مشهوراً بالكرم، فقد كان ينفق كل ما يملك ولا يبالي إكراماً لضيفه أو لشخص يطلب منه العون... وإذا لم يجد شيئاً يذبح شاة أولاده التي يشربون حليبها أو يذبح مطاياه التي يرتحل عليها، وفي كل مرة كان بنو قومه يجمعون له إبلاً ويعطونه إياها عوضاً لما أتلفه بالكرم.
وكلما جمعوا له من الإبل أو الغنم أتلفه بين ذبيح لصاحب حق من الضيفان وعطية لطالب معروف من العرب ولايزال هذا من فعله حتى يخرج من جميع ماله. وفي أحد الأيام كان حجرف وقبيلته نازلين بالقرب من الماء بالصيف وقد أتلف حجرف ماله كله، وأرادت القبيلة أن تجمع له كالعادة فقال بعضهم... لِمَ لا نعطي حجرف درساً قبل أن نعطيه الإبل لعله أن يمسك على الأقل مطاياه التي يتنقل عليها؟
واتفقت القبيلة كلها على هذا الرأي... وقرروا أن يرحلوا ويتركوه، حتى يعرف مدى حاجته إلى الرواحل التي تحمله، فإذا مرت مدة، أرسلوا له من الإبل ما يحمله وأهله... وفعلاً رحلوا وتركوه وهو ينظر لهم فلم يلتفت إليه أحد حتى بقي في مكانه عند الماء وحيداً.
وفي المساء أخذت زوجته تكثر عليه الكلام واللوم، وتحاول أن تنصحه بأنه لو كانت لديه مطاياه للحق بقبيلته، وهكذا لم ينم حجرف ليلته تلك فهم يريدون منه أن يتخلى عن طبع اشتهر به وعرف من خلاله وهو لا يستطيع وفي الصباح الباكر خرج حجرف من بيته يملأ قلبه الحزن والهم، وقصد إلى مكان مرتع كعادة البدو في ضيقهم يبحثون عن المكان العالي ويبثون حزنهم من خلاله حتى تذهب الهموم فيعود وبعد أن وقف في هذا المكان وتلفت فإذا داب أعمى يقف أمام باب جحره فاتحاً فمه ولا يتحرك وإذا بعصفور يقع على فم الداب ظناً منه أنه غصن شجرة فيلتهمه الداب ويدخل جحره.
وحجرف يراقبه ولم يبرح مكانه حتى جاء وقت العصر ، فإذا بالداب يخرج ثانية ويفتح فمه كالمرة السابقة ويأتي طير آخر ويقع في فمه فيلتهمه ويعود لجحره... أدرك حجرف أن الذي يرزق هذا الداب لن يتركه أبداً... فأنشد يقول:
يقـول ابـن عيـاد وإن بـات ليلـه
مانـي بمسكيـن همومـه تشـايلـه
أنـا اليـا ضاقـت عليـه تفرجـت
يرزقنـي اللـي ما تعـدد فضايلـه
يرزقنـي رزاق الحيـايـا بحجرهـا
لا خايلـت برقـن ولا هـي بحايلـه
ترى رزق غيـري يا ملا ما ينولنـي
ورزقي يجـي لو كل حـي يحايلـه
جميـع ما حشنـا نـدور بـه الثـنا
وما راح منـا عارضنـا الله بدايلـه
نوب نحوش الفود من ديـرة العـدا
ونخـزز اللـي ذاهبـاتـن عدايلـه
خزن بالأيدي ما دفعنـا بـه الثمـن
ثمنها الدما بمطـارد الخيـل سايلـه
مع لابتن فرسان ننطـح بهـا العـدا
كم طامعـن جانـا غنمنـا زمايلـه
وفي المساء بعد أن فرغ حجرف من قصيدته عاد لبيته وإذا هو محاط برعية إبل كاملة فظن أنهم ضيوف واحتار. فعقلها في الصباح ورحل عليها وتبع قبيلته التي تعجبت من حال الذويبي فأين كان وأين أصبح ولما عرفوا القصة لم يعودوا ثانية لمعاتبته على كرمه