الدراسة التجريبية لظاهرة التداعي .. تداعي الأفكار
الدراسة التجريبية لظاهرة التداعي
لقد أجرى العلماء عدة تجارب لمعرفة حقيقة التداعي ، واعتمدوا في تجاربهم هذه على الألفاظ ، وذلك أن المجرب يلقي على الشخص كلمة من الكلمات ويطلب منه أن يجيب عنها بكلمة تخطر بباله .
والتجارب التي أجراها العلماء نوعان : تجارب التداعي الحر ، وتجارب التداعي المقيد ( ١ ) . التداعي الحر . وهو أن يتلفظ المجرب أمام الشخص بكلمة واحدة ، ويطلب منه أن يذكر الكلمة أو الكلمات التي تخطر بباله ، أو يطلب منه الاستسلام لخواطره تنساب انسياباً حراً بعد استمداد حركتها من الأصل .
ويشترط في التداعي الحر أن يبتعد المجرب عن جميع المؤثرات ، وأن يجلس مع الشخص الذي يجري تجربته عليه في مكان هادىء .
ثم ان المجرب يستطيع أن يصنف الألفاظ التي حصل عليها ، فيجد فيها مجموعات متشابهة ترجع رابطتها في كثير من الأحيان إلى قوانين التداعي | الأساسية التي ذكرناها . التداعي المقيد - . وهو أن يتلفظ المجرب أمام الشخص بكلمة معينة ، ويطلب منه أن يجيب عنها بكلمة موافقة للقاعدة التي وضعها له . ويشترط في التداعي المقيد أن يعمل الشخص بهذه القاعدة ، كأن يطلب منه أن يجينه بضد عن ضد ( الطويل - القصير ) ، أو بنوع من جنس الفقريات - الأسماك ) ، أو يجنس لنوع ( الكلب ذوات الثدى ) ، أو بكلمة دالة على النوع نفسه ( الكلب - الهر ) ، أو يجزء من كل الغرفة - البيت ) ، أو بكل الجزء ( البيت - المدينة ) الخ .
تأويل هذه التجارب - . إذا أخذنا برأي فلاسفة التداعي كان التداعي الحر والتداعي المقيد ظاهرتين الحقيقة واحدة ، لا تختلف إحداهما عن الاخرى إلا بدرجة تعقيدها . فالتداعي الحر أبسط من التداعي المقيد ، لأن الأول يشترط الجواب عن لفظ بلفظ ، أما الثاني فيشترط بالإضافة إلى ذلك التقيد بقاعدة موضوعة .
وإذا أخذنا برأي الفلاسفة الذين فندوا مذهب التداعي كان التداعي الحر والتداعي المقيد ظاهرتين مختلفتين تماماً . فالتداعي الحر ظاهرة آلية خاضعة لقانون الاقتران والمشابهة . والتداعي المتميد ظاهرة فكرية بالذات تقتضي الانتخاب والانتقاء .
وإذا أخذنا برأي مذهب الصيغ والأشكال ( أي الجشطلية ) الذي يزعم أن إدراك الكل يسبق إدراك أجزائه ، وجدنا التداعي الحر والتداعي المقيد لا يختلفان إلا بدرجة الحرية المفروضة في كل منهما . فالأول ليس أقل تعقيداً من الثاني : وإنما هو نوع من أنواعه : ان في التداعي الحر قيداً أيضاً ، وهو الإجابة عن كلمة بكلمة . ولو كان حراً مطلقاً لما قيد بهذا الشرط ، ولترك الشخص منقاداً الخواطره انقياداً تاماً . تنساب كما تشاء من غير أن تتقيد بالأصل : والفرق بين التداعي الحر والتداعي المقيد ليس في خلو التداعي الحر من كل فكرة موجهة ، وإنما هو في إعطاء الشخص حرية تسمح له بتغيير فكرته الموجهة كما يشاء .
- النتيجة
ينتج مما تقدم أن تداعي الأفكار فاعلية ملازمة للحياة الحرة . ولنبين هذه الحقيقة بإشارة سريعة إلى حياة النبات والحيوان والإنسان . ان النبات لا ينتقل من محل إلى آخر طلباً لغذائه ، وإنما هو ساكن يجد غذاءه بالقرب منه . إن سكونه يغنيه إذن عن إحياء الماضي . على خلاف الحيوان الذي يتحرك ويصادف في حركاته اموراً جديدة لا عهد له بها من قبل فيحتاج إلى المقايسة بين الأحوال الجديدة والأحوال القديمة . ويقتصر في مقايسته هذه على تشابه الأحوال دون وحدتها . لقد ذكر العلماء أن ردود الفعل عند الحيوان محدودة . وأن الأحوال التي يصادفها غير محدودة . فهو إذن يكتفي بالمشابهة البسيطة دون الوحدة العميقة . إن الطير تجتنب الدودة الفاسدة الطعم مهما يكن شكلها ، فإذا وجدت في الدودة احمراراً استدلت به على فساد طعمها ، وأهملت جميع ال الاخرى . فهي إذن تكتفي بالتشابه البسيط ، ولا تتعمق في شرائط المقايسة . ان تداعي الأفكار عند الحيوان آلة خادمة للغريزة ، أما عند الإنسان فهو آلة خاضعة للشخصية والطبع والخلق والميول والنزعات . فإذا كانت مطالب الإنسان عملية كان تداعي الأفكار عنده شبيها بتداعي الحيوان من حيث الحركات التي يستلزمها ، وإذا كانت مطالبه أعلى من مطالب الحيوان ، وأسمى مما تقتضيه شرائط الحياة الطبيعية ، استطاع أن ينتخب من بين صور الشعور المختلفة صورة مطابقة لاستعداداته الفكرية ومشاغله العقلية . لذلك قيل إن تداعي الافكار وظيفة نفسية آلية تخضع لغريزة حفظ البقاء وتتقيد بالشخصية .
الدراسة التجريبية لظاهرة التداعي
لقد أجرى العلماء عدة تجارب لمعرفة حقيقة التداعي ، واعتمدوا في تجاربهم هذه على الألفاظ ، وذلك أن المجرب يلقي على الشخص كلمة من الكلمات ويطلب منه أن يجيب عنها بكلمة تخطر بباله .
والتجارب التي أجراها العلماء نوعان : تجارب التداعي الحر ، وتجارب التداعي المقيد ( ١ ) . التداعي الحر . وهو أن يتلفظ المجرب أمام الشخص بكلمة واحدة ، ويطلب منه أن يذكر الكلمة أو الكلمات التي تخطر بباله ، أو يطلب منه الاستسلام لخواطره تنساب انسياباً حراً بعد استمداد حركتها من الأصل .
ويشترط في التداعي الحر أن يبتعد المجرب عن جميع المؤثرات ، وأن يجلس مع الشخص الذي يجري تجربته عليه في مكان هادىء .
ثم ان المجرب يستطيع أن يصنف الألفاظ التي حصل عليها ، فيجد فيها مجموعات متشابهة ترجع رابطتها في كثير من الأحيان إلى قوانين التداعي | الأساسية التي ذكرناها . التداعي المقيد - . وهو أن يتلفظ المجرب أمام الشخص بكلمة معينة ، ويطلب منه أن يجيب عنها بكلمة موافقة للقاعدة التي وضعها له . ويشترط في التداعي المقيد أن يعمل الشخص بهذه القاعدة ، كأن يطلب منه أن يجينه بضد عن ضد ( الطويل - القصير ) ، أو بنوع من جنس الفقريات - الأسماك ) ، أو يجنس لنوع ( الكلب ذوات الثدى ) ، أو بكلمة دالة على النوع نفسه ( الكلب - الهر ) ، أو يجزء من كل الغرفة - البيت ) ، أو بكل الجزء ( البيت - المدينة ) الخ .
تأويل هذه التجارب - . إذا أخذنا برأي فلاسفة التداعي كان التداعي الحر والتداعي المقيد ظاهرتين الحقيقة واحدة ، لا تختلف إحداهما عن الاخرى إلا بدرجة تعقيدها . فالتداعي الحر أبسط من التداعي المقيد ، لأن الأول يشترط الجواب عن لفظ بلفظ ، أما الثاني فيشترط بالإضافة إلى ذلك التقيد بقاعدة موضوعة .
وإذا أخذنا برأي الفلاسفة الذين فندوا مذهب التداعي كان التداعي الحر والتداعي المقيد ظاهرتين مختلفتين تماماً . فالتداعي الحر ظاهرة آلية خاضعة لقانون الاقتران والمشابهة . والتداعي المتميد ظاهرة فكرية بالذات تقتضي الانتخاب والانتقاء .
وإذا أخذنا برأي مذهب الصيغ والأشكال ( أي الجشطلية ) الذي يزعم أن إدراك الكل يسبق إدراك أجزائه ، وجدنا التداعي الحر والتداعي المقيد لا يختلفان إلا بدرجة الحرية المفروضة في كل منهما . فالأول ليس أقل تعقيداً من الثاني : وإنما هو نوع من أنواعه : ان في التداعي الحر قيداً أيضاً ، وهو الإجابة عن كلمة بكلمة . ولو كان حراً مطلقاً لما قيد بهذا الشرط ، ولترك الشخص منقاداً الخواطره انقياداً تاماً . تنساب كما تشاء من غير أن تتقيد بالأصل : والفرق بين التداعي الحر والتداعي المقيد ليس في خلو التداعي الحر من كل فكرة موجهة ، وإنما هو في إعطاء الشخص حرية تسمح له بتغيير فكرته الموجهة كما يشاء .
- النتيجة
ينتج مما تقدم أن تداعي الأفكار فاعلية ملازمة للحياة الحرة . ولنبين هذه الحقيقة بإشارة سريعة إلى حياة النبات والحيوان والإنسان . ان النبات لا ينتقل من محل إلى آخر طلباً لغذائه ، وإنما هو ساكن يجد غذاءه بالقرب منه . إن سكونه يغنيه إذن عن إحياء الماضي . على خلاف الحيوان الذي يتحرك ويصادف في حركاته اموراً جديدة لا عهد له بها من قبل فيحتاج إلى المقايسة بين الأحوال الجديدة والأحوال القديمة . ويقتصر في مقايسته هذه على تشابه الأحوال دون وحدتها . لقد ذكر العلماء أن ردود الفعل عند الحيوان محدودة . وأن الأحوال التي يصادفها غير محدودة . فهو إذن يكتفي بالمشابهة البسيطة دون الوحدة العميقة . إن الطير تجتنب الدودة الفاسدة الطعم مهما يكن شكلها ، فإذا وجدت في الدودة احمراراً استدلت به على فساد طعمها ، وأهملت جميع ال الاخرى . فهي إذن تكتفي بالتشابه البسيط ، ولا تتعمق في شرائط المقايسة . ان تداعي الأفكار عند الحيوان آلة خادمة للغريزة ، أما عند الإنسان فهو آلة خاضعة للشخصية والطبع والخلق والميول والنزعات . فإذا كانت مطالب الإنسان عملية كان تداعي الأفكار عنده شبيها بتداعي الحيوان من حيث الحركات التي يستلزمها ، وإذا كانت مطالبه أعلى من مطالب الحيوان ، وأسمى مما تقتضيه شرائط الحياة الطبيعية ، استطاع أن ينتخب من بين صور الشعور المختلفة صورة مطابقة لاستعداداته الفكرية ومشاغله العقلية . لذلك قيل إن تداعي الافكار وظيفة نفسية آلية تخضع لغريزة حفظ البقاء وتتقيد بالشخصية .
تعليق