قصيدة ​​​​​​​ يقول المهادي والمهادي مهمل ( تراث شعبي )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصيدة ​​​​​​​ يقول المهادي والمهادي مهمل ( تراث شعبي )


    قصة وقصيدة من الماضي
    قصة وقصيدة
    يقول المهادي والمهادي مهمل



    هذه الحكاية بفصولها وتفاصيلها من أروع الحكايات التي حصلت بتاريخ البادية كلها، ولا شك أن الغالبية قد سمعت عن المهادي وقصيدته ولكن هذه القصة أضاف عليها الرواة بعض الإضافات التي أساسًا لم تمس الجوهر وإنما في بعض التفاصيل وبرأي أن هذه الإضافات جاءت نتيجة تعاطف الرواة مع شخصية المهادي وتأثره من تسلسل الأحداث فتجده لا شعوريا يحاول إنصاف المهادي أو تبرير تصرفه من باب التعاطف معه وكأنه يعرفه؛ لأن القصة أساسًا بالغة التأثير على السامع والراوي بنفس الوقت؛ لذلك فقد جمعت عدة روايات وقربتها وحاولت حذف بعض الإضافات حسب اجتهادي وإليكم القصة

    مهمل المهادي من عبيدة من قحطان، وكان معروفًا في قبيلته، وذا رياسة فيها، شاعر وفارس نشأ ميسور الحال رفيع الجاه. خرج المهادي للغزو بالصحراء ومعه مجموعة من بني قومه. وفي هذه الرحلة تصادف أن مر على قبيلة أخرى من نفس قبيلة قحطان وكما هو معروف فإن قبيلة قحطان قبيلة كبيرة فروعها تشكل بحد ذاتها قبائل مختلفة، المهم أن المهادي صادف في مروره في مرابع القبيلة التي نزل بها مرور فتاة بالغة الجمال لدرجة أن المهادي تأثر بها من أول نظرة، ولم يستطع أن يفارق مضارب قبيلتها.

    أخفى المهادي ما أصابه عن رفاقه، واختلق عذرًا تخلص به من مرافقتهم، وأقنعهم بمواصلة المسير بدون وبقائه هو في مضارب تلك القبيلة وحيدًا، وبهذا العذر تخلص من رفاقه حيث رحلوا وتركوه وبقي هو وحيدًا فبحث عن أكبر في بيت في بيوت القبيلة لأنه عادة ما تكون البيوت الكبار لرؤساء العشائر أو فرسانها أو شخصياتها المعروفة، ونزل ضيفًا على صاحب هذا البتي فأكرمه الإكرام الذي يليق بهذا الضيف وبقي عنده فترة يفكر بالطريقة التي توصله لمعرفة تلك الفتاة التي أسرته من النظرة الأولى وملكت فؤاده، وهذا المهادي يصارع الأفكار وهو ضيف عند هذا الرجل الكريم، فلا يستطيع التكلم مع أحد، ولا هو بصابر حتى يعرفها، فقد رمته بسهم وابتعدت، فكان لا بد وأن يستعين بأحد من نفس هذه القبيلة، فأهل مكة أدرى بشعابها هكذا يقول المثل؛ ولكن كيف يهتدي إلى الشخص الثقة الذي إن أفضى إليه بسره حفظه وأعانه، خصوصًا وهو غريب عن هذه *القبيلة ولا يعرف رجالها، والسجايا الحميدة بالرجال لا يستطيع أن يكتشفها الإنسان بالنظر، فكما يقولون، الرجال مخابر وليست مناظر. فكر المهادي طويلًا واهتدى إلى رأي، هو بالأصح حيلة جهنمية يستكشف بها الرجال حتى يهتدي إلى أوثقهم فيحكي له. قرر أن يجرب صبرهم فالصبور بلا شك يملك صفات أخرى غير الصبر.

    فادعى أنه مصاب بمرض التشنج أو الصرع حيث تأتيه الصرعة ويرتمي على من يجلس قربه؛ ولأنهم لا يعرفونه صدقوا روايته وهذا المهادي يتنقل من واحد إلى واحد ويرتمي عليه وكأنه مصروع، ويتكئ عليه بكوعيه حتى يؤلمه ليختبر صبره، فكان بعضهم يبتعد عنه من مجلس بجواره والبعض الآخر يرميه على الوسادة والبعض الآخر يصبر قليلًا ثم يغر مجلسه. وهكذا حتى جلس ذات مرة بجوار شاب توسم به الخير وتحرى معالم الرجولة بوجهه فاصطنع الصرع وارتمى عليه واتكأ عليه بكوعيه بشدة، وهذا الشاب صابر ساكن لا تصدر منه شكاة، وكلما حاول البعض إزاحته عنه نهرهم قائلًا، هذا ضيف والضيف مدلل فاتركوه.

    أما المهادي فقد عرف أنه وجد ضالته، وحينما أفاق المهادي من صرعه المصطنع، وهدأ القوم، وقام الشاب متجهًا إلى بيته تبعه المهادي وستوقفه بمكان خال من الناس واستحلفه بالله ثم أفضى إليه بسره، وشكا له ما جرى بالتفصيل وأعلمه من هو ووصف له الفتاة الوصف الدقيق الذي جعل الشاب يعرفها، ولما انتهى من حديثه قال له الشاب أتعرف تلك الفتاة لو رأيتها مرة ثانية؟ فأكد له المهادي معرفته لها وحفظه لتقاسيم وجهها.

    فقال له الشاب: هانت! أي سهلت –واصطحبه معه إلى بيته ووقفا بوسط البيت وصاح الشاب: فلانة احضري بالحال! فدخلت وإذا هي ضالة المهادي، فوقع من طوله لشدة تأثره. أما الفتاة فقد عادت لخدرها مسرعة بعد أن رأت أن هناك رجلًا غريبًا كما هي عادة بنات البدو، أما صاحب المهادي فهدأ من روعه وأسقاه ماء، وسأله: أهي ضالتك. قال المهادي: نعم. قال الشاب: هي أختي وقد زوجتك إياها. فكاد المهادي أن يجن لوقع الخبر عليه لأنه لم يتوقع أن يحصل عليها بتلك السهولة. ترك الشاب المهادي في بيته وذهب لوالده وأخبره بالقصة كاملة وكان والده من الرجال المعروفين بحكمتهم وإبائهم ورجولتهم. فلما فرغ الابن من سرد الحكاية، قال له الوالد: أسرع واعقد له عليها لا يفتك به الهيام. وبالفعل عقد له عليها، وبالليلة التالية كان زواجهما، والمهادي يكاد لا يصدق أن تتم العملية بهذه السهولة واليسر والسرعة وقد كانت شبه مستحيلة قبل أيام.

    المهم أنه دخل عليها وخلا البيت إلا من العروسين وأخذ يتقرب منها ويخبرها من هو ويعلمها بمكانته بقبيلته وأنه زعيمها ويعرفها بنفسه ويحاول أن يهدئ من روعها ليستميل قلبها. وأفضى لها بسره أنه رآها وأسرته. كل هذا والعروس تسمع ولا تجيب، والمهادي يتكلم ويتقرب وتزداد نفورًا منه. وكان المهادي فطنًا شديد الذكاء، فقد لمس أن زوجته تضع حاجزًا بينها وبنيه. وتأكد من صدق حدسه حينما لمح دموعها تنهمر من عينيها وهل لا تتكلم، عرف أن وراءها قصة، فتقرب منها واستحلفها بالله ألا تخفي عنه شيئًا، ووعدها ألا يمسها بسوء، وأقنعها بأن تحكي له. فقالت: أنا فتاة يتيمة كفلني عمي وربيت مع ابن عمي معي. كنا صغيرين نلهو مع بعضنا وكبرنا وكبرت محبتنا معنا وقبل حضورك كنت مخطوبة لابن عمي الذي لا أستطيع البعد عنه لحظة ولا يستطيع البعد عني برهة. ولما حضرت انتهى كل شيء وزوجوني إياك. طار صواب المهادي، فقال لها: وأين ابن عمك؟ قالت له: هو مفرج الذي عقد لي عليك وأفهمك أنني أخته وآثرك على نفسه لأنك التجأت له ولأنك ضيفنا.

    كاد المهادي أن يفقد عقله لحسن صنيع ذلك الشاب الذي اتكأ عليه وسكت لفترة طويلة وهو يستعرض ما حصل ولا يكاد يصدق أن تبلغ المروءة في شاب كما بلغت بمفرج. وبعد فترة صمت قال لها: أنت من هذه اللحظة حرام علي كما تحرم أمي عليّ؛ ولكن أرجوك أن تخفي الأمر حتى أخبرك فيما بعد فصنيعهم لي لا ينسى لذا لا أريدك الآن أن تقولي شيئًا.

    هدأ روع الفتاة ونامت ونام هو في مكان آخر. وبقي زوجًا لها أمام الناس عدة أيام وبعدها استسمح أصهاره بالرحيل إلى قبيلته لتدبير شؤونه ومن ثم يعود ليأخذ زوجته، ورحل ولما وصل قبيلته أرسل رسولًا من قبيلته يخبر مفرج بطلاق زوجة المهادي وأنه لما عرف قصتهما آثر طلاقها وأن مروءته قد غسلت تأثير الغرام عليه وأنه سيبقى أسيرًا للمعروف طالما هو حي.

    وتم زواج مفرج من ابنة عمه وعاشا برغد فترة طويلة من الزمن؛ ولكن الزمان لا يترك أحدًا، فقد شح الدهر على مفرج وأصاب أراضي قبيلته القحط والجفاف فهلك الحلال وتبدلت الأحوال، ومسه الجوع، فلم يجد سبيلًا من اللجوء إلى صديقه المهادي خصوصًا وأنه ميسور الحال، وبالفعل ذهب هو وزوجته ابنة عمه وأولاده الثلاثة ونزل عليه ليلًا، وكان المهادي يتمنى هذه اللحظة وينتظرها بفارغ الصبر لكي يرد الجميل.

    فلما نظر حالته عرف فقره، وكان للمهادي زوجتان فأمر صاحبة البيت الكبير من زوجاته أن تخرج من البيت وتترك كل ما فيه للمهادي وزوجته وأولاده ولا تأخذ من البيت شيئًا أبدًا. وبالفعل خرجت من البيت فقط بما عليها من ملابس وتركت كل شيء لزوجة مفرج وقبل خروجها أفهمت زوجة مفرج أن لها ولدًا يلعب مع رفاقه وإذا غلبه النوم جاء قرب والدته ونام ورجتها أن تنتظره حتى يحضر وتخبره بخروج أمه من البيت ليذهب لها.

    وبالفعل انتظرت زوجة مفرج ولد المهادي ولكن انتظارها طال بعض الشيء خصوصًا وأنها متعبة مجهدة من طول السفر وعناء الجوع وقد وجدت المكان المريح فغفت بالنوم بعد أن طال انتظارها وحضر ولد المهادي كالعادة ورفع غطاء أمه ونام معها وتلحف معها بلحافها كعادته ظنًّا منه أنها والدته، في هذه الأثناء كان مفرج يتسامر مع صديقه القديم المهادي ولما غلب عليه النعاس استأذنه لينام فسمح له، وسار معه حتى دله على بيته الذي أصبح ملكًا له.

    دخل مفرج بيته وإذا بالفراش شخصان رفع الغطاء فإذا زوجته نائمة وبجانبها شاب يافع فلم يتمالك نفسه فضرب الفتى الضربة التي شهق بعدها وفارق الحياة.

    نهضت الزوجة مذعورة فإذا الشاب مصروع، فقالت لزوجها قتلت ولد المهادي، فقال: وما الذي جاء به إليك؟ فأعلمته بالقصة فرجع إلى رشده، وأسقط في يديه فماذا يفعل؟

    كان لا بد أن يخبر المهادي فهرول مسرعًا إلى حيث المهادي جالس وأخبره بالحكاية، وهو يكاد يموت حزنًا، هذا والمهادي هادئ ممسك لأعصابه، ولما انتهى من كلامه قال له المهادي هو قضاء الله وقدره ولا مفر من ذلك كل ما أرجوه منك أن لا تخبر أحدًا وتوصي زوجتك بأن تكتم الخبر حتى عن أم الولد، وحمل المهادي ولده ورماه في مكان اللعب حيث كان يلعب مع أقرانه. وفي الصباح انتشر خبر مصرع ابن الأمير فقد كان المهادي أمير قومه وكل لا يجرؤ أن يخبر الأمير خوفًا من اتهامه له بالقتل. ولما وصل الخبر للأمير اصطنع الغضب وشاط وتوعد وطالب القبيلة كلها بالبحث عن القاتل دون جدوى وبالمساء جمع القوم حوله وقال: عليكم أن تدفعوا كلكم دية ولدي، من كل واحد بعير. وبالفعل جمع الدية حوالي سبعمائة بعير أدخلها المهادي ضمن حلاله وأعطى أم الولد منها مئة بعير وقال لمفرج البقية هي لك ولكن اتركها مع حلالي حتى ينسى الناس القصة، وبالفعل بعد مرور مدة عزل الإبل ووهبها لمفرج فنقلته النقلة الكبيرة في حياته من فقير لا يملك قوت يومه إلى أكبر أغنياء القبيلة، ومضت السنون والصديقان مع بعضهما لا يفترقان فإذا دخلت مجلس المهادي حسبت أن مفرج هو صاحب المجلس والمهادي ضيفه والعكس صحيح. مرت السنون على هذه الحال الكل منهم يؤثر صديقه على نفسه؛ ولكن لا بد أن يحصل ما يغير صفاء الحال، وكما يقال دوام الحال من المحال.

    كان للمهادي بنت بارعة الجمال أولع بها ولد مفرج وقد كان هناك سبب يحول بينهما فأخذ يحاولها ويتعرض لها بالغدو والرواح ويحرضها على مواقعته الحرام، والفتاة نقية، فأخبرت والدتها التي أخبرت بدورها المهادي فأمرها المهادي بالسكوت إكرامًا لوالد الشاب مفرج وأمرها أن تجتنبه قدر استطاعتها فنفذت وصية والدها وها هو يطاردها أربع سنوات متتالية وفي السنة الرابعة عيل صبرها فقالت لوالدها إن لم تجد لي حلًّا، فقد يفترسني في أحد الأيام.

    هذا والمهادي لا يستطيع أن يعمل شيئًا إكرامًا لصديقه مفرج، والشاب يزداد رعونة.

    فكان لا بد من فراق جاره وصديقه لكي يمنع جريمة ابنه ولكن كيف يصارحه، وهو الداهية كما عرفنا بالسابق، فاقترح على مفرج أن يلعبا لعبة بالحصى ما يسمى الآن “الدامة” وكان كلما نقل حجرًا قال لمفرج ارحلوا وإلا رحلنا، حتى انتبه مفرج لمقولة جاره، فأسّرها، ولما عاد لزوجته أخبرها بكلمة المهادي: ارحلوا وإلا رحلنا، فقالت له أن هناك أمرًا خطيرًا حصل ولا بد لنا من الرحيل، فاذهب واستأذنه، فذهب واستأذنه ولم يمانع المهادي مع العلم أنه كان في كل سنة يطلب الرحيل ويرفض المهادي؛ إلا هذه المرة قبل بسرعة وكان يريدها، رحل مفرج وهو يبحث عن السر الخطير الذي من أجله قال المهادي كلمته.

    وبعد أن ابتعد عن منازل قبيلة المهادي نزل ليستريح ويفكر بالسبب؛ ولكنه لم يهتد لشيء؛ لذا سرق نفسه ليلًا وامتطى فرسه وقصد المهادي ولما دخل مضارب القبيلة ربط فرسه وتلثم واندس في مكان قريب من مجلس المهادي لعله يعرف سببًا لرغبته برحيله، وجلس يرقب المهادي، فلما انفض المجلس من حوله وجلس وحيدًا، هذا كله ومفرج يراه وهو لا يرى مفرج ومفرج ينتظره حتى يدخل عند زوجته ليسترق السمع لعله يسمع شيئًا من حديثه مع زوجته؛ إلّا أن المهادي لما جلس في مجلسه وحيدًا، تناول ربابته وأخذ يغني ويقول:
    يقول المهادي.. والمهادي.. مهمل
    وبي علة.. كل العرب.. ما درى بها

    أنا وجعتي.. من علة باطنية
    بأقصى الضماير . ما دري.. وين بابها

    تقد الحشا.. قد.. ولا تنثر الدما
    ولا يدري الهلباج.. عما لجابها

    إن أبديتها.. بانت.. لرماقة العدا
    وإن أخفيتها.. ضاق الحشا.. بالتهابها

    ثمان سنين.. وجارنا.. مجرم بنا
    وهو مثل.. واطي جمرة.. ما درى بها

    وطاها بعرش الرجل.. لي ما تمكنت
    من حرها.. ما يبرد الما.. التهابها

    ترى جارنا الماضي.. على كل طلبة
    لو كان.. ما يلقي شهود.. غدا بها

    ويااما احتضينا جارنا.. من كرامة
    بليل.. ولو نبغي الغبا ... ما درى بها

    وياما عطينا جارنا.. من سبية
    لي قادها قوادهم.. ما انثنى بها

    ونرفي خمال الجار.. لو داس زلة
    كما ترفي البيض العذارى.. ثيابها

    ترى عندنا.. شاة القصير.. بها أربع
    يحلف بها عقارها.. ما درى بها

    وبنا ي المهادي . من ثمان كوامل
    تراقي.. وتشدي بالعلا.. من أصابها

    إذا قال منا.. خير.. فرد كلمة
    في مجلس.. خوف الرزايا.. وف يبها

    الأجواد.. وإن قاريتها.. ما تملها
    والانذال.. وإن قاربتها.. عفت ما بها

    الأجواد.. وإن قالوا حديث.. وفوا به
    والأنذال.. منطوق الحكايا.. كذابها

    الأجواد.. مثل العد ... من ورده ارتوى
    والأنذال.. لا تسقي.. ولا ينسقي بها

    الأجواد.. تجعل نيلها ... دو نعرضها
    والأنذال.. تجل نيلها.. في رقابها

    الأجواد.. مثل الزمل.. للشيل يرتكي
    والأنذال.. مثل الحشو.. كثر الرغا بها

    الأجواد.. لو ضعفوا.. وراهم عراشة
    والأنذال.. لو سمنوا.. معايا صلابها

    الأجواد.. يطرد همهم.. طول عزمهم
    والأنذال.. يصبح همهم.. في رقابها

    الأجواد ..تشبه.. قارة مطلحبة
    لي دارها البردان.. يلقى الذرا بها

    الأجواد.. تشبه.. للجبال الذي بها
    شرب.. وظل.. والذي ينهقي بها

    الأجواد.. صندوقين: مسك وعنبر
    ليا فتحت أبوابها.. جاك ما بها

    الأجواد.. مثل البدر.. في ليلة الدجى
    والأنذال.. ظلما . تايه من سرى بها

    الأجواد.. مثل الدر.. من شمخ الذرا
    والأنذال مثل الشري.. مر شرابها

    الأجواد.. وإن حايلتهم ما تحايلوا
    والأنذال أدنى حيلة.. ثم جابها

    الأنذال.. لو غسلوا يديهم.. تنجست
    نجاسة قلوب.. ما يسر الدوا بها

    يا رب.. لا تجعل للأجواد.. نكبة
    من حيث لي ضاع الضعيف التجا بها

    أنا حب نفسي.. يرخص الزاد.. عندها
    يقطعك يا نفس.. جداها هبابها

    لعل نفس.. ما للأجواد.. عندها
    وقار.. عسى ما تهتني.. في شبابها

    عليك بعين العد.. لي جيت وارد
    خل الخباري.. فإن ماها هبابها

    ترى ظبي رمان.. برمان راغب
    والأرزاق بالدنيا وهو ما درى بها

    سقى الحيا.. ما بين تيما وغرب
    شمال.. غميق الجزع.. ملفا هضابها

    سقاها الولي.. من مزنة عقربية
    تنشر دقاق.. وبلها من سحابها

    ليا امطرت ذي.. ساق ذي.. أرعدت ذي
    سنا ذي.. وذي بالويل.. غرق ربابها

    نسف الغثا سيبان ماها.. ليا اصبحت
    يجي الحول.. والما.. ناقع في شعابها

    دار لنا.. ما هي بدار.. لغيرنا
    والأجناب.. لو حنا بعيد.. تهابها

    يذلون.. من دهما دهوم.. نجرها
    نفاجي بها غرات.. من لا درى بها

    ترى الدار كالعذرا.. إلى عاد.. ما بها
    حر.. غيور . كل من جا.. زنى بها

    فياما وطت سمحات الأيدي من الوطا
    نصد عنها.. من دنا.. من هضابها

    تهامية الرجلين.. نجدية الحشا
    عذابي ..من الخلان.. وأنا عذابها

    أريتك.. إلى ما مسنا لجوع والظما
    واحتر.. من الجوزا علينا.. التهابها

    وحمى علينا الرمل.. واستاقد الحصا
    وحمى على روس المبادي.. هضابها

    وطلن عذر.. من ورانا، وشارفن
    عماليق.. مطوي العبايا.. ثيابها

    سقاني بكاس الحب.. در.. منهنه
    عندل.. من البيض العذارى.. أطنابها

    والي سرت منا.. يا سعود بن راشد
    على حرة.. نسل الجديعي.. ضرابها

    فسرها.. وتلفي من سبيع.. قبيلة
    كرام اللحى.. في طوع الأيدي.. لبابها

    فلابد ما نرمي سبيع.. بغارة
    على حرد الأيدي.. معتبين زهابها

    وانا زبون الجاذيات.. مهمل
    إلى عزبوا.. ذود المصاليح.. جابها

    علياه من أولاد المهادي.. غلمة
    ليا اطعنوا.. ما ثمنوا.. في عقابها

    محى الله عجوز من سبيع بن عامر
    ما علمت وغدانها.. في شبابها

    لها ولد.. ما حاش يوم غنيمة
    سوى كلمة عجفا.. تهزا.. وجابها

    يعنونها عسمان الأيدي.. عن الخطا
    محى الله دنيا.. ما خذينا القضا بها

    عيون العدى.. كم نوخن.. من قبيلة
    لي قام بذاخ الأجاعر.. يهابها

    وأنا أظن دار.. شد عنها مفرج
    حقيقة.. دار الخنا.. في خرابها

    وأنا أظن دار.. نزل فيها مفرج
    لابد ينبت.. زعفران.. ترابها

    فتى.. ما يضم المال.. إلا وداعة
    ولو يملك الدنيا.. جميع.. صخا بها

    فتى.. يذبح الكوم المسمن.. وحايل
    ولو قيل يكفي زادها.. ما غدا بها

    رحل جارنا.. ما جاه منا.. رزية
    وإن جتنا منه.. ما جاه منا.. عتابها

    وصلوا على سيد البرايا.. محمد
    ما لعلع القمري.. بعالي هضابها


    كان المهادي يغني على ربابته هذه القصيدة ومفرج يسترق السمع حتى فهم بالضبط ما الذي جعله يقول لجاره إما ارحلوا وإلا رحلنا، لما أتم المهادي قصيدة توجه إلى أهله، وعاد مفرج وركب فرسه باتجاه أهله خارج حدود القبيلة.

    مفرج تأكد أن السبب يكمن في أولاده ولكنهم ثلاثة فأي الثلاثة صاحب الخطيئة، وإلى أين وصلت، فلجأ إلى الحيلة وبدأهم واحدًا تلو الآخر، يقول لهم لما كنا في جيرة المهادي كان لديه ابنة جميلة ولم تتعرضوا لها لو كنت مكانك وفي شبابك لما تركتها خصوصًا وهي بهذا الجمال وأنت بهذا الشباب.

    وأخذ يستدرجهم، أما اثنان منهم فلم يجد ورائهما شيئًا خصوصًا وهما يعرفان ماذا عمل المهادي مع والدهما.

    أما الصغير منهم فأجابه، والله يا والدي لو لم نرحل في ذلك اليوم لأتيتك بخبرها، عرف أنه هو، فقال مفرج: وهل كان ذلك برضاها؟ فقال ولده: لا بل غصبًا عنها. فقال له: وكيف كنت سوف تغتصبها؟ فقال: كنت أنتظرها حتى تخرج وحيدة، وأتربص لها، ثم أهجم عليها، يد فيها خنجري ويد فيها حبل أربطها بالحبل وأهددها بالخنجر، ولن تتكلم حتى أنتهي منها.

    وما إن انتهى الشاب من قصته حتى قام مفرج مسرعًا وسحب سيفه وقطع رأس ولده وفصله عن جثته التي تركها في مكانها.

    وعاد لأهله بالرأس ووضعه بخرج وأمر أحد أبنائه أن يحمله إلى المهادي ويسلم ويرمي الرأس بحجره ويعود دون كلام.

    وبالفعل دخل الولد مجلس المهادي وسلم ورمى الرأس في حجره وعاد دون كلام ولحق أهله.

    تعجب المهادي أيضًا لحسن صنيع مفرج فهذه المرة الثانية التي يغلبه فيها، فلحق به وأقسم عليه أن يعود وأعاده إلى مكانه السابق، وبقيا متجاورين ومتحابين إلى النهاية


يعمل...
X