قصيدة ​​​​​​​ ياراكب اللي تودع البعد قربي(تراث بدوي)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصيدة ​​​​​​​ ياراكب اللي تودع البعد قربي(تراث بدوي)

    قصة وقصيدة من الماضي
    قصة وقصيدة
    ياراكب اللي تودع البعد قربي



    هذه القصة ينسبها كثيرون إلى نمر بن عدوان امير البلقا ولكن من واقع دراسة لسيرة نمر بن عدوان يتبين لنا انه لم يمر بحياته مثل هذا الموقف، فقصته ولو كانت قريبة بعض الشيء من القصة التي سنوردها إلا انها مختلفة تماما في تفاصيلها، كما انها تنسب الى امرأة نظراً لبيت سيرد بالقصيدة في نهاية القصة، ولكن تبقى تفاصيل القصة لا تتوافق مع شخصية المرأة. والرأي الذي أميل اليه ان صاحبها مجهول الا اسم جديع بن قبلان الذي ورد بالقصيدة مع القصة. ولنستعرض القصة.

    جديع بن قبلان من شيوخ قبيلة عنزة كما يحكى عنه، المهم ان بطل قصتنا شاب قيل ان اباه من شيوخ البادية، هذا الشاب احب فتاة من عرب جديع بن قبلان فوقف ابوها بينها وبينه بعد ان تقدم لخطبتها لسبب أو لآخر، ولم يستطع الشاب الابتعاد عنها بعد ان رحلت قبيلته الى مرابعها بعد ان كانوا يجتمعون بالصيف حول موارد المياه، الشاب بعد ان رحلت قبيلته تركها وعاد الى منازل قبيلة جديع بن قبلان والتجأ الى عجوز بالقبيلة أعطاها مالاً مما معه، واودع عندها فرسه وملابسه واحضرت له ملابس رثة فتنكر بها وقصد مجلس جديع بن قبلان مادحاً، فأراد جديع ان يعطيه، فرفض فسأله عن مطلبه فقال اريد أن اعمل عندك مقابل اكلي وشربي ومبيتي، فعرض عليه عدة مهن فرفضها وسأله عن طبيعة العمل التي تناسبه فقال اصنع القهوة، فضمه عاملاً للقهوة

    واستمر في خدمته، فكان اذا مضى جزء من الليل ونام جديع ومن معه سحب نفسه بهدوء حتى يقترب من بيت محبوبته فيكمن ويعوي كعواء الذئب فتعرفه وتضع طرف عباءتها على النار وترفعها كإشارة له فيقترب ويجلس معها يتحدث حتى بزوغ الفجر فيعود لبيت جديع وينام، وهكذا.

    وفي أحد الأيام فطنت له زوجة جديع، فقالت لزوجها ان المقهوي هذا (أي عامل القهوة) يقوم معكم للعشاء ولكنه يمد يده ولا يرفعها لفمه، واذا نام النجع سحب نفسه باتجاه بيت فلان ويعود مع الفجر، فتعجب جديع من صنيعه ومن فطنة زوجته ايضاً حيث انهم لم يلاحظوا اكله ولحظته المرأة، ولما كانت الليلة التالية انتبه له جديع فاذا كلامها صحيح، ولما نام النجع اخذ جديع يراقبه، فلما سرى الشاب سرى خلفه حتى اذا ما دخل بيت الفتاة جلس بالقرب منهما وقد كان الظلام دامساً فلم يرياه، وكان بينهما وبينه رواق بيت الشعر فجلسا باتجاه بعضهما ولم يلمس كل منهما الآخر، واحضرت له طعام العشاء كالعادة فأكل ولما فرغ أكلت هي، ثم جلسا يتحدثان يشكو كل منهما للآخر فرط الهيام، فسرد عليها قصته وكيف تنكر وأصبح عاملا بعد ان كان أميراً من أجلها، وجديع يسمع. وكان الشاب يحمل معه عصا صغيرة فقال لها المسي طرف العصا وسألمس الطرف الآخر. ولأن حبهما عذري رفضت الفتاة لمس طرف العصا، فقال لها اذا استمرت الحال على ما هي عليه فاني هالك لا محالة، فقالت ان هلكت فلا حاجة لي بالدنيا بعدك، ولكن عليك بجديع بن قبلان فلن يحل مشكلتنا غيره هو الذي يدركني لك بأحد الأحمرين، وهي تقصد أحمر الذهب أو أحمر الدم، فقال لها في هذا الصباح سوف أخبره. هذا كله وجديع يستمع لهما، ولما اقترب الفجر توادعا وعاد كل منهما الى مكانه، وعاد جديع لمخدعه فاذا زوجته تنتظره لتستفسر عن الخبر، فأخبرها بالحكاية وأخبرها أيضاً عن عزمه على تزويجهما لبعضهما بأحد الأحمرين كما قالت، وبينما هما يتحدثان كان الشاب قد عاد لمكانه وأمسك الربابة وأنشد يقول:

    يا راكب اللي تودع البعد قربي
    جدعتين تدني بعيد السرابي


    اليا ارتخت ذرعانها عقب كربي
    حمص وحلب أدنى منازل أقرابي


    يا جديع بن قبلان خان الدهر بي
    خانت لياليها مع أيامها بي


    طير الهوى يا ستر موضى شهربي
    يم الثريا والكواكب رقابي


    يهوم بي يا جديع شرقن وغربي
    والله علم يم الشمال انتحابي


    وبادق من سلك العنكبوت انحدر بي
    ليما على نقرة حضوضا رمى بي


    شوك وعاقول وحلفا بدربي
    تغطلست دنياي والنور غابي


    مالي صديقن يفتهم كود قلبي
    لا قلت له هات التماثيل جابي


    ول يا غريرن بالمحبة كفربي
    لا هو بذابحني ولا أشفى صوابي


    ناح الحمام وجر الألحان طربي
    وطوح غناه بعاليات النوابي


    وكظمت بالأنياب مما استقربي
    ليما غطس في شفتي راس نابي


    جابوا طبيب داربي وافتكر بي
    ولا ظنتي غير الشهادة لقابي



    اختتم الشاب قصيدته ونام في مكانه، وجديع وزوجته يستمعان له ولم ينم جديع بانتظار الصباح.

    ولما كان الصباح لم يوقظ جديع الشاب كالعادة لصنع القهوة فتركه يشبع من النوم، وعمل هو القهوة بنفسه، وأرسل في طلب والد الفتاة. ولما حضر واجتمع المجلس عند جديع أمر أحد الموجودين أن يوقظ الشاب، ولكن الشاب لم يتحرك فقام له جديع وقلبه فإذا هو جثة هامدة، فقد أسلم الروح بعد نهاية قصيدته تأكيدا لآخر بيت فيها، عض جديع على ناجذه وتذكر كلامهما ليلة البارحة، فأرسل أحد خدامه إلى بيت الفتاة يطلب منهم الفأس وكان البدو نادراً ما يستعملونه فقال له إذا سألوك لماذا اخبرهم ان مقهوينا توفي وهو يقصد اخبار الفتاة، وما هي الا لحظات حتى جاءت الفتاة تركض وقد شقت جيبها ناسية الحياء، فأمر جديع الناس أن يبتعدوا عن جثة الشاب ليفسحوا لها المجال، ولما رأته وقعت فوقه جثة هامدة هي أيضاً، فأمر جديع بدفنهما بقبر واحد لأنه لم يستطع جمعهما وهما حيَّان فجمعهما بالقبر.

    يقول الرواة ان هناك موقعاً في نجد اسمه (قبر الخدنا) والخدين هو الحبيب
يعمل...
X