أبو زيد الهلالي سلامة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أبو زيد الهلالي سلامة


    قصة وقصيدة من الماضي
    قصة وقصيدة
    يقول الهلالي والهلالي سلامه



    هذه القصة ينسبها الرواة إلى “أبو زيد الهلالي سلامة” الفارس والشاعر المعروف. وهناك أيضًا من ينسبها إلى الخلاوي راشد الفلكي المشهور نظرًا لتقارب الأسلوب الشعري بين الاثنين ولتقارب لهجة كل منهما للآخر؛ ولكني أميل إلى أنها للهلالي لأسباب سوف أوردها بعد نهاية القصة

    مر على بني هلال حين من الدهر أصابهم فيه الجوع، فقد شحت المراعي وقل الكلأ والمرعى، فمات أكثر حلالهم وأصاب القبيلة كلها الجوع والعطش فاقترحوا إرسال شخص يستكشف لهم الأراضي ويبحث لهم عن الأرض الطيبة فترحل لها كل القبيلة. وبالفعل نال هذا الاقتراح إجماع كل القبيلة إلا أنهم حاروا فيمن يرسلون وكان بالقبيلة شخص مسنّ –وقيل إنها عجوز- هذا الشخص يؤخذ رأيه فاستشاروه فيمن يرسلون فاشترط عليهم شرطًا قبل أن يقترح من يرسلون وكان شرطة أن ترحل القبيلة كلها مسيرة يوم كامل بدون توقف وبعدها يعلمهم من هو الشخص المناسب. وبالفعل رحلت القبيلة مسيرة يوم كامل بدون توقف وبعد أن نزلوا بالمكان المحدد رجعوا له وسألوه عن الشخص فقال لهم هو أبو زيد الهلالي سلامة، فسألوه عن سبب اختياره له فقال أثناء رحيلينا لاحظت كل أبناء القبيلة فهم يراحون بالركوب بين ورك وورك أثناء الركوب على المطية إلا أبا زيد فقد كان ركوبه على ورك واحد حتى نزل وهذا دليل صبره وجلادته، واختاروه فعلًا وأرسلوه. وقد طلب أن يرافقه اثنان من أبناء القبيلة ورحل هو ورفاقه يبحثون عن المراعي للقبيلة كلها، وطال بهم المسير دون جدوى، وتقطعت مطاياهم، وأصابهم الجوع فكانوا قرب قرية فنزلوا بسوقها ولم يجدوا من يطعمهم، كما لم يوفقوا إلى عمل يرتزقون منه. فاحتاروا بأمرهم. وكان أبو زيد واسع الحيلة داهية فاقترح على رفاقه أن يبيعوه في سوق المدينة على أنه عبد لهم، فقد كان أسمر اللون. وأمام إلحاحه وافقوه على أن يبيعوه ويشتروا بثمنه مطايا وزادًا لهم، ويواصلوا البحث. أما هو فقد قال لهم أنه سيستطيع تخليص نفسه، على شرط أن يواصلوا هم البحث عن المراعي للقبيلة.
    فاتفق الثلاثة ونزلوا سوق المدينة، وباعوه، وقبضوا الثمن كما تم الاتفاق واشتروا بثمنه المطايا والمتاع.

    وقد كان ينوي الهرب من سيده الذي اشتراه؛ إلّا أن هذا السيد كان نبيلًا طيبًا، أولاه ثقته وجعله وكيلًا على أمواله فصعب على أبي زيد أن يخون الأمانة ويهرب، ومن هنا كانت معاناته واستمر في خدمته فترة، وذات مرة كانوا جالسين بمجلس هذا السيد وأبو زيد بالقرب من الدلال يصنع القهوة، فتمنى السيد من يجيد العزف على الربابة ليحلو لهم السمر فعرف أبو زيد أنها فرصته فنهض مسرعًا وأخذ الربابة وأنشد يقول:

    يقول الهلالي والهلالي سلامة
    شوف الفجوج الخاليات تروع

    ويقول الهلالي والهلالي سلامة
    يبغى الطمع وهو واره طموع

    لا بد عقب الوقت من لايح الحيا
    من بارقن يوضي سناه لموع

    لا برقن إلا في حجا مستهلة
    ولا طرقي إلا من وراه نجوع

    ولا ضحك إلا والبكا مردفن له
    ولا شبعة إلا مقتفيها جوع

    ولا يدن إلا ويد الله فوقها
    ولا طايرات إلا وهن وقوع

    ألا يا حمامتين فوق نبنوب دوحة
    وراكن فرقن والحمام ربوع

    حمامتين جعل تبلن بنادر
    حر قطوع وجاري له جوع

    وراكن ما تبكن عليا مظنتي
    لو كان ما يجري لكن دموع

    أبكي عليها لين حفيت نواظري
    ولاني بمن تدبير الإله جزوع

    حشا ما لاق غير الجازي أم محمد
    عليها ثويب الطيلسان لموع

    تنفق كما نفق الوغيد مع أمه
    وتحط الهوى في قلب كل ولوع


    قد يستغرب القارئ من تكرار اسم الشاعر بالبيت بالأول والثاني والكن ذلك لتأكيد أنه الهلالي وليس عبدًا وقد بين للسيد أنه جاء يبغي الطمع فصار الطمع برأسه، عرفه السيد وأنّبه على ما عمل وأطلق سراحه وأغدق عليه الهدايا وعاد أبو زيد لقبيلته.

    أما عن سبب نسب القصة والقصيدة للهلالي بدلًا من الخلاوي حيث أن البعض يرويها على أن مطلعها:

    يقول الخلاوي والخلاوي راشد


    بدلًا من:
    يقول الهلالي والهلالي سلامه


    لأن أبا زيد الهلالي كان أسمر اللون لذلك فهي أقرب للصواب منها إلى أنها للخلاوي، بالإضافة إلى أن سيرة الخلاوي وقصائده لم تتطرق لمثل هذه التجربة التي وقع بها الهلالي ودليلنا على أن الهلالي كان أسمر اللون قصيدة زوجته عليا الهلالية التي أشار لها بقوله الجازي أم محمد، حينما ابعد أبو زيد عنها قالت قصيدة منها أبيات تدلنا على أنه أسمر اللون تقول عليا:
    يا ركب يللي من عقيل تقللوا
    على ضمرن شروى الحنايا نحايل

    على هونكم أوصيكم وصاة تضركم
    يفرح بها راع الثنا والجمايل

    يجيكم “أسود” ما يزر ثوبه
    هبيل يلعب بالقلوب الهبايل


    فقد أشارت إلى أبي زيد بالأسود نظرًا للون بشرته.

    أما الشاهد الثاني فهذان البيتان بين أبي زيد وأحد خصومه حين لم يعرفه يقول له:

    اترك العبد الذي جتنا عام الأول
    وأثاريك مقواد البلا والحرايب


    فأجابه أبو زيد:
    أنا أبا زيد دبوسهم فوق روسهم
    يردون لي شورهم ولو كنت غايب



يعمل...
X