تحديد الذكريات .. الذاكرة
تحديد الذكريات
قلنا عند الكلام على نظرية ( هنري برغسون ان هناك ذاكرتين : ذاكرة حركية ، وذاكرة نفسية محضة ، ثم بينا أن للاستحضار كما للعرفان صورتين : حركية ، ونفسية ، اما تحديد الذكريات فليس له إلا صورة واحدة وهي الصورة النفسية ، لأنه ليس من شأن الذكريات الحركية أن يكون لها تاريخ ، ولكن كيف يتم تحديد الذكريات ؟
لقد شبه ( ريبو ) تحديد الذكريات في الزمان بتحديد مواضع المحسوسات في المكان . قال : إذا أردنا أن نعين البعد المكاني الجسم من الأجسام أضفناه إلى الأشياء المتوسطة بيننا وبينه أو إلى الأشياء المجاورة له ، وإذا أردنا أن نمين البعد الزماني لأمر من الأمور ، أضفناء إلى الحوادث القريبة منه ، ثم حصرناه بين حدين : الأول متقدم ، والثاني متأخر ، ثم قربنا هذين الحدين شيئاً فشيئاً حق نجتمع بالأمر المراد تحديده ، ولنأت بمثال على ذلك : هبني تذكرت الآن أول رحلة لي إلى الاسكندرية فإن تحديد هذه الذكرى لا يتم إلا إذا أضفتها إلى الحوادث القريبة منها . أن أولى رحلاتي إلى الاسكندرية تمت بعد الحرب العالمية الأولى ، وقبل رجلتي الاولى إلى باريز ، أي بعد سنة ۱۹۱۸ وقبل سنة ۱۹۲۱ ، إلا أن بين هذين الحدين مدة طويلة من الزمان تدعوني إلى البحث فيها عن حدين آخرين يكونان أقرب إلى الأمر المراد تحديده ، ولا أزال على هذه الصورة انتقل من حد بعيد إلى حد قريب حق أجتمع بتاريخ الذكرى المراد تحديدها .
غير ان ( هنري برغسون ) ينتقد هذه الطريقة ، ويقول : انه لا يمكن تعيين هذين الحدين إلا بعد معرفة الذكوى المراد تحديدها ، فلولا شعورى المبهم بز من الحادثة لما أمكن حصر ذكراها وتعيين بعدها الزماني وتحديده إلا بالمصادقة . تشترط نظرية ( ريبو ) ان يكون الحدان محيطين بالحادثة ، احدهما قبلها والآخر بعدها ، ولكن كيف يمكنني الاهتداء إلى هذين الحدين ؟ لولا شعوري بز من الحادثة لانتخبت حادثتين واقعتين قبلها أو بعدها من جانب واحد ، فخير وسيلة إذن لتحديد الذكرى هي التعمق فيها ، والكشف بالتدقيق في أجزائها عن حالة معروفة ذات تاريخ معين ، مثال ذلك : إذا تذكرت الآن حديثاً دار بيني وبين أحد أساتذتي تأملت هذه الذكرى ، وتعمقت فيها ، واستحضرت كثيراً من الصور المقارنة لها ، ثم تصورت ملامح ، استاذي ، ورنة صوته ، وحركاته ، وداره التي كنا فيها على ساحل البحر بمدينة بيروت ، والحو الذي قاسيناه في الوصول إلى داره ، فأعلم إذ ذاك . اني كنت هناك في فصل الصيف ، ثم أتذكر موضوع الحديث الذي دار بيننا ، فأجد أنه دار على ( شوقي ) والفراغ الذي تركه في الشعر العربي ، فاحدس ان ذلك كان سنة وفاة شوقي . وهكذا أستعين بالانتباه والعقل على التحديد الزماني ، فلا أصل اليه إلا بتحليل الذكريات نفسها ، لأن الامور المضافة إلى الماضى تتجمع حول اعلام الحوادت ، فتتركب معها ، ويتألف من انضمامها بعضها إلى بعض جمل متسقة لا يمكن الاهتداء إلى تاريخها إلا بالتحليل .
تحديد الذكريات
قلنا عند الكلام على نظرية ( هنري برغسون ان هناك ذاكرتين : ذاكرة حركية ، وذاكرة نفسية محضة ، ثم بينا أن للاستحضار كما للعرفان صورتين : حركية ، ونفسية ، اما تحديد الذكريات فليس له إلا صورة واحدة وهي الصورة النفسية ، لأنه ليس من شأن الذكريات الحركية أن يكون لها تاريخ ، ولكن كيف يتم تحديد الذكريات ؟
لقد شبه ( ريبو ) تحديد الذكريات في الزمان بتحديد مواضع المحسوسات في المكان . قال : إذا أردنا أن نعين البعد المكاني الجسم من الأجسام أضفناه إلى الأشياء المتوسطة بيننا وبينه أو إلى الأشياء المجاورة له ، وإذا أردنا أن نمين البعد الزماني لأمر من الأمور ، أضفناء إلى الحوادث القريبة منه ، ثم حصرناه بين حدين : الأول متقدم ، والثاني متأخر ، ثم قربنا هذين الحدين شيئاً فشيئاً حق نجتمع بالأمر المراد تحديده ، ولنأت بمثال على ذلك : هبني تذكرت الآن أول رحلة لي إلى الاسكندرية فإن تحديد هذه الذكرى لا يتم إلا إذا أضفتها إلى الحوادث القريبة منها . أن أولى رحلاتي إلى الاسكندرية تمت بعد الحرب العالمية الأولى ، وقبل رجلتي الاولى إلى باريز ، أي بعد سنة ۱۹۱۸ وقبل سنة ۱۹۲۱ ، إلا أن بين هذين الحدين مدة طويلة من الزمان تدعوني إلى البحث فيها عن حدين آخرين يكونان أقرب إلى الأمر المراد تحديده ، ولا أزال على هذه الصورة انتقل من حد بعيد إلى حد قريب حق أجتمع بتاريخ الذكرى المراد تحديدها .
غير ان ( هنري برغسون ) ينتقد هذه الطريقة ، ويقول : انه لا يمكن تعيين هذين الحدين إلا بعد معرفة الذكوى المراد تحديدها ، فلولا شعورى المبهم بز من الحادثة لما أمكن حصر ذكراها وتعيين بعدها الزماني وتحديده إلا بالمصادقة . تشترط نظرية ( ريبو ) ان يكون الحدان محيطين بالحادثة ، احدهما قبلها والآخر بعدها ، ولكن كيف يمكنني الاهتداء إلى هذين الحدين ؟ لولا شعوري بز من الحادثة لانتخبت حادثتين واقعتين قبلها أو بعدها من جانب واحد ، فخير وسيلة إذن لتحديد الذكرى هي التعمق فيها ، والكشف بالتدقيق في أجزائها عن حالة معروفة ذات تاريخ معين ، مثال ذلك : إذا تذكرت الآن حديثاً دار بيني وبين أحد أساتذتي تأملت هذه الذكرى ، وتعمقت فيها ، واستحضرت كثيراً من الصور المقارنة لها ، ثم تصورت ملامح ، استاذي ، ورنة صوته ، وحركاته ، وداره التي كنا فيها على ساحل البحر بمدينة بيروت ، والحو الذي قاسيناه في الوصول إلى داره ، فأعلم إذ ذاك . اني كنت هناك في فصل الصيف ، ثم أتذكر موضوع الحديث الذي دار بيننا ، فأجد أنه دار على ( شوقي ) والفراغ الذي تركه في الشعر العربي ، فاحدس ان ذلك كان سنة وفاة شوقي . وهكذا أستعين بالانتباه والعقل على التحديد الزماني ، فلا أصل اليه إلا بتحليل الذكريات نفسها ، لأن الامور المضافة إلى الماضى تتجمع حول اعلام الحوادت ، فتتركب معها ، ويتألف من انضمامها بعضها إلى بعض جمل متسقة لا يمكن الاهتداء إلى تاريخها إلا بالتحليل .
تعليق