القرافي (أحمد بن إدريس ـ)
(… ـ 684 هـ/… ـ 1285م)
أحمد بن إدريس أبي العلاء بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يَلِّيْنَ الصنهاجي (نسباً) البهنسي القرافي، الملقب شهاب الدين أبو العباس. الشيخ الإمام، العالم الرئيس في أصول الفقه المالكي في مصر، البارع في علوم التفسير وعلوم الدين. ولد في مصر في قرية من كورة بوش من صعيد مصر الأسفل تعرف بـ (بَهْفَشِيْم)، وقيل إن أصله من البهنسا، وإن سبب شهرته بالقرافي أنه لما أراد الكاتب أن يثبت اسمه في بيت الدرس كان حينئذٍ غائباً، فلم يعرف اسمه، وكان إذا جاء إلى الدرس يقبل من جهة القرافة (محلة من فسطاط القاهرة) فَكُتب القرافي.
أخذ عن مجموعة من أكابر العلماء مثل الشيخ عز الدين بن عبد السلام الشافعي، وشرف الدين محمد بن عمران الشهير بالشريف الكركي، وقاضي القضاة شمس الدين أبي بكر محمد بن إبراهيم الإدريسي.
درَّس بالمدرسة الصالحية بعد وفاة الشيخ شرف الدين السبكي فكان أحسن من ألقى الدروس وأتقن الخطابة والمنطق، ودرَّس بمدرسة طيبرس التي أنشأها الأمير علاء الدين طيبرس الخازنداري نقيب الجيوش وجعلها مسجداً لله تعالى زيادة في الجامع الأزهر، وقرر بها درساً للفقهاء الشافعية.
وله العديد من المؤلفات المطبوعة منها كتاب «أنوار البروق في أنواء الفروق» في أربعة أجزاء جمع فيه خمسمئة وأربعين قاعدة من القواعد الفقهية، و«الأجوبة الفاخرة في الرد على الأسئلة الفاجرة»؛ كتبه رداً على اليهود والنصارى ورتبه على أبواب، و«الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرف القاضي والإمام» رداً على من اعترض عليه في تفريقه بين الفُتْيَا والحكم؛ وهو مجلد مشتمل على أربعين مسألة، و«شرح تنقيح الفصول»، و«مختصر تنقيح الفصول».
ومنها المخطوط مثل كتاب «الذخيرة» في ستة مجلدات عن الفقه المالكي، وكتاب «الخصائص» في قواعد العربية، و«اليواقيت في أحكام المواقيت»، وأحصي له العديد من الكتب القيمة مثل كتاب «القواعد»، و«التعليقات على المنتخب»، و«تنقيح الفصول في الأصول» أو «التنقيحات» اقتطف فيه عن الإمام سراج الدين الأرموي في كتابه «التحصيل» وتاج الدين الأرموي في كتاب «الحاصل» اللذين يختصران كتاب «المحصول» لـفخر الدين بن عمر الرازي، وأضاف إليه مسائل من كتاب «الإفادة» للقاضي عبد الوهاب المالكي ليضع مقدمات لكتابه «الذخيرة»، وكتاب «الإنفاد في الاعتقاد» و«الامنية في إدراك النية» و«الاستغناء في أحكام الاستثناء»، و«المنجيات والموبقات في الأدعية وما يجوز منها وما يكره وما يحرم»، وله أيضاً «الاستبصار في ما يدرك الأبصار» وهو خمسون مسألة في مذهب المناظر، و«البيان في تعليق الإيمان»، و«العموم ورفعه»، و«الأجوبة عن الأسئلة الواردة على خطب ابن نباته»، و«الاحتمالات المرجوحة»، و«البارز للكفاح في الميدان»، وله شروح على مؤلفات عديدة؛ إذ وضع شرحاً لكتابه «التنقيح»، و«شرح التهذيب»، و«شرح الجلاب»، وله أيضاً شرح لكتاب «الأربعين» لعز الدين الرازي في أصول الدين.
وكان مع تبحره في فنون عدة، من البارعين في عمل التماثيل المتحركة في الآلات الفلكية وغيرها، نُقل عن كتابه «شرح المحصول» قوله: «بلغني أن الملك الكامل وُضع له شمعدان كلما مضى من الليل ساعة انفتح باب منه، وخرج منه شخص يقف في خدمة الملك، فإذا انقضت عشر ساعات طلع الشخص على أعلى الشمعدان، وقال: صبح الله السلطان بالسعادة، فيعلم أن الفجر قد طلع، قال: وعملت أنا شمعداناً، وزدت فيه أن الشمعة يتغير لونها في كل ساعة، وفيه أسد تتغير عيناه من السواد الشديد إلى البياض الشديد إلى الحمرة الشديدة، في كل ساعة لها لون، فإذا طلع الفجر طلع شخص على أعلى الشمعدان، وإصبعه في أذنه يشير إلى الأذان، غير أني عجزت عن صنعة الكلام».
وكان حكيماً حاذقاً، سريع الفهم، أديب المنطق والعقل وكان كثيراً ما يُمثل شعراً:
وإذا جلست إلى الرجال وأشرقت في جو باطنك العلوم الشرد
فاحذر مناظرة الحســـود فإنما تغتاط أنت ويستفيد ويجحد
وكان يردد كثيراً هذه الأبيات:
عتبت على الدنيا لتقديم جاهل وتأخير ذي علم فقالت خذ العذرا
بنو الجهل أبنائي وكل فضيلة فابناؤها أبناء ضُرَّتيَ الأخرى
وتتلمذ له العديد من مشاهير عصره، فتفقه على يده من القضاة الأفاضل عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن خلف بن بدر، وعبد الوهاب بن الحسن، وفخر الدين محمد بن محمد المصري الشافعي، وزين الدين عبد الكافي بن علي السبكي المصري وأخوه يحيى بن علي صدر الدين أبو زكريا، وتقي الدين بن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز.
كما أخذ عنه في الأصول عدد كبير من العلماء من مثل محمد بن محمود بن محمد بن عباد العجلي، ومحمد بن يوسف الجزري المعروف بابن المحوجب، وأبي العباس أحمد بن محمد المقدسي المقرىء الفقيه الحنبلي والنحوي، وشمس الدين محمد بن أحمد المعروف بابن عدلان الكناني المصري شيخ الشافعية، وناصر الدين محمد بن عوض البكري المالكي، ومحمد بن عبد الله البكري القفصي.
وأجمع علماء عصره من الشافعية والمالكية أنه أحد أفضل ثلاثة في زمانه مع ناصر الدين بن منير، وتقي الدين بن دقيق العيد.
توفي بدير الطين ظاهر مصر وهو مدرس في مدرسة الصالحية.
عامر عيسى
(… ـ 684 هـ/… ـ 1285م)
أحمد بن إدريس أبي العلاء بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يَلِّيْنَ الصنهاجي (نسباً) البهنسي القرافي، الملقب شهاب الدين أبو العباس. الشيخ الإمام، العالم الرئيس في أصول الفقه المالكي في مصر، البارع في علوم التفسير وعلوم الدين. ولد في مصر في قرية من كورة بوش من صعيد مصر الأسفل تعرف بـ (بَهْفَشِيْم)، وقيل إن أصله من البهنسا، وإن سبب شهرته بالقرافي أنه لما أراد الكاتب أن يثبت اسمه في بيت الدرس كان حينئذٍ غائباً، فلم يعرف اسمه، وكان إذا جاء إلى الدرس يقبل من جهة القرافة (محلة من فسطاط القاهرة) فَكُتب القرافي.
أخذ عن مجموعة من أكابر العلماء مثل الشيخ عز الدين بن عبد السلام الشافعي، وشرف الدين محمد بن عمران الشهير بالشريف الكركي، وقاضي القضاة شمس الدين أبي بكر محمد بن إبراهيم الإدريسي.
درَّس بالمدرسة الصالحية بعد وفاة الشيخ شرف الدين السبكي فكان أحسن من ألقى الدروس وأتقن الخطابة والمنطق، ودرَّس بمدرسة طيبرس التي أنشأها الأمير علاء الدين طيبرس الخازنداري نقيب الجيوش وجعلها مسجداً لله تعالى زيادة في الجامع الأزهر، وقرر بها درساً للفقهاء الشافعية.
وله العديد من المؤلفات المطبوعة منها كتاب «أنوار البروق في أنواء الفروق» في أربعة أجزاء جمع فيه خمسمئة وأربعين قاعدة من القواعد الفقهية، و«الأجوبة الفاخرة في الرد على الأسئلة الفاجرة»؛ كتبه رداً على اليهود والنصارى ورتبه على أبواب، و«الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرف القاضي والإمام» رداً على من اعترض عليه في تفريقه بين الفُتْيَا والحكم؛ وهو مجلد مشتمل على أربعين مسألة، و«شرح تنقيح الفصول»، و«مختصر تنقيح الفصول».
ومنها المخطوط مثل كتاب «الذخيرة» في ستة مجلدات عن الفقه المالكي، وكتاب «الخصائص» في قواعد العربية، و«اليواقيت في أحكام المواقيت»، وأحصي له العديد من الكتب القيمة مثل كتاب «القواعد»، و«التعليقات على المنتخب»، و«تنقيح الفصول في الأصول» أو «التنقيحات» اقتطف فيه عن الإمام سراج الدين الأرموي في كتابه «التحصيل» وتاج الدين الأرموي في كتاب «الحاصل» اللذين يختصران كتاب «المحصول» لـفخر الدين بن عمر الرازي، وأضاف إليه مسائل من كتاب «الإفادة» للقاضي عبد الوهاب المالكي ليضع مقدمات لكتابه «الذخيرة»، وكتاب «الإنفاد في الاعتقاد» و«الامنية في إدراك النية» و«الاستغناء في أحكام الاستثناء»، و«المنجيات والموبقات في الأدعية وما يجوز منها وما يكره وما يحرم»، وله أيضاً «الاستبصار في ما يدرك الأبصار» وهو خمسون مسألة في مذهب المناظر، و«البيان في تعليق الإيمان»، و«العموم ورفعه»، و«الأجوبة عن الأسئلة الواردة على خطب ابن نباته»، و«الاحتمالات المرجوحة»، و«البارز للكفاح في الميدان»، وله شروح على مؤلفات عديدة؛ إذ وضع شرحاً لكتابه «التنقيح»، و«شرح التهذيب»، و«شرح الجلاب»، وله أيضاً شرح لكتاب «الأربعين» لعز الدين الرازي في أصول الدين.
وكان مع تبحره في فنون عدة، من البارعين في عمل التماثيل المتحركة في الآلات الفلكية وغيرها، نُقل عن كتابه «شرح المحصول» قوله: «بلغني أن الملك الكامل وُضع له شمعدان كلما مضى من الليل ساعة انفتح باب منه، وخرج منه شخص يقف في خدمة الملك، فإذا انقضت عشر ساعات طلع الشخص على أعلى الشمعدان، وقال: صبح الله السلطان بالسعادة، فيعلم أن الفجر قد طلع، قال: وعملت أنا شمعداناً، وزدت فيه أن الشمعة يتغير لونها في كل ساعة، وفيه أسد تتغير عيناه من السواد الشديد إلى البياض الشديد إلى الحمرة الشديدة، في كل ساعة لها لون، فإذا طلع الفجر طلع شخص على أعلى الشمعدان، وإصبعه في أذنه يشير إلى الأذان، غير أني عجزت عن صنعة الكلام».
وكان حكيماً حاذقاً، سريع الفهم، أديب المنطق والعقل وكان كثيراً ما يُمثل شعراً:
وإذا جلست إلى الرجال وأشرقت في جو باطنك العلوم الشرد
فاحذر مناظرة الحســـود فإنما تغتاط أنت ويستفيد ويجحد
وكان يردد كثيراً هذه الأبيات:
عتبت على الدنيا لتقديم جاهل وتأخير ذي علم فقالت خذ العذرا
بنو الجهل أبنائي وكل فضيلة فابناؤها أبناء ضُرَّتيَ الأخرى
وتتلمذ له العديد من مشاهير عصره، فتفقه على يده من القضاة الأفاضل عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن خلف بن بدر، وعبد الوهاب بن الحسن، وفخر الدين محمد بن محمد المصري الشافعي، وزين الدين عبد الكافي بن علي السبكي المصري وأخوه يحيى بن علي صدر الدين أبو زكريا، وتقي الدين بن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز.
كما أخذ عنه في الأصول عدد كبير من العلماء من مثل محمد بن محمود بن محمد بن عباد العجلي، ومحمد بن يوسف الجزري المعروف بابن المحوجب، وأبي العباس أحمد بن محمد المقدسي المقرىء الفقيه الحنبلي والنحوي، وشمس الدين محمد بن أحمد المعروف بابن عدلان الكناني المصري شيخ الشافعية، وناصر الدين محمد بن عوض البكري المالكي، ومحمد بن عبد الله البكري القفصي.
وأجمع علماء عصره من الشافعية والمالكية أنه أحد أفضل ثلاثة في زمانه مع ناصر الدين بن منير، وتقي الدين بن دقيق العيد.
توفي بدير الطين ظاهر مصر وهو مدرس في مدرسة الصالحية.
عامر عيسى