حقيقة الشخصية .. معرفة النّفْس .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حقيقة الشخصية .. معرفة النّفْس .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

    حقيقة الشخصية .. معرفة النّفْس

    حقيقة الشخصية

    للفلاسفة في حقيقة الشخصية مذاهب مختلفة ، فمنهم من ينظر إلى صفات الشخصية التي ذكرناها ، فيقنع من بيان حقيقتها بذكر ( الوحدة ) و ( الهوية ، ومنهم من يقتصر على ملاحظة ( الكثرة » و « التغير ) ، فيقع في مغالط وشبه كثيرة .

    ولنذكر الآن بعض هذه المذاهب :

    ١ - الجوهرية ( Théorie Substantialiste ) - زعم ( ريد ) و ( فيكتور کوزن ) و ( ادولف غارنيه ( وأصحابهم أن ( الأنا ) جوهر حقيقي ذو وحدة وهوية ، وانه مفارق لما يشتمل عليه من العناصر . فالشخصية ليست ما نشعر به في كل لحظة من الاحساسات والعواطف والأفكار ، وانما هي حقيقة مفارقة لا تتبدل بتبدل ما يجري على مسرح الشعور من الأحوال الزائلة . قال ( روايه كولار ) ( ۲ ) : ان لذاتنا وآلامنا وآمالنا ومخاوفنا وكل احساساتنا تجري أمام الشعور كما تجري مياه النهر أمام عيني الواقف على الشاطيء ، ، فـ ( الأنا ، اذن حقيقة جوهرية ، ونحن لا نشعر بهذه الحقيقة شعوراً مباشراً ، لأنها مفارقة لأحوال الشعور ، بل ندركها بالاستدلال العقلي . ان النفس لا تدرك حقيقتها مباشرة ، ولا تصل إلى معرفة ذاتها المغطاة بستار الظواهر إلا بحاكم العقل ، أي بتطبيق مبدأ السببية الذي يعلق حدوث الأعراض على الجوهر الذي يحملها . ونقول في الرد على أصحاب هذا المذهب : اما أن تكون هذه الحقيقة الجوهرية المفارقة غير عالمة بما يجري فيها من الأحوال - وهذا يجعلها هوية غير متغيرة ، وأما أن تكون متصلة بالأحوال الشعورية عالمة بها . فاذا كانت هوية مجردة مفارقة لأحوال الشعور كانت جوفاء خالية من العوامل المكونة لها ، وهذا مخالف لما ذكرناه من صفاتها ، إذ قلنا أن أحديتها وحدة في كثرة . وإذا كانت متصلة بأحوال الشعور ، كانت عارية من الوحدة والهوية ، لأنها انما تتبدل بتبدل هذه الأحوال ، وتتغير بتغيرها .
    ينتج من ذلك أن هذه الحقيقة الجوهرية ليست سوى تجريد محض لا فائدة منه .

    ٠٢ - التجربية ( Théorie empiriste ) لم يلحظ التجريبيون من صفات الشخصية إلا الكثرة والتغير ، كما أن الجوهريين لم ينظروا إلا إلى الوحدة والهوية . قال ) دافيد هيوم ) : « لا يوجد في النفس رسم ثابت . إن الألم ، واللذة ، والحزن ، والسرور ، والاهواء والإحساسات تتعاقب بعضها اثر بعض ، وهي غير موجودة في زمان واحد ، فلا يمكن أن تكون فكرة ( الأنا ، مشتقة منها ولا من غيرها ، فهي إذن غير موجودة ) وقال أيضا : ( أما أنا فاني كلما غصت على أعماق نفسي كشفت عن إدراك جزئي واحد أو غيره ، كادراك الحرارة ، والبرودة ، والنور ، والظلمة ، والحب ، والبغضاء ، والألم ، واللذة ، فلا أستطيع أن أكشف عما في نفسي إلا بالإدراك ، ولا أستطيع أن اشاهد فيها شيئاً غير الإدراك ، ( ١ )

    نقول في نقد هذه النظرية انها تبحث عن الوحدة والهوية حيث لا يوجد لهما أثر . إذا اقتصرت على النظر إلى كثرة عناصر النفس وتباينها ، غاب عنك ارتباطها العميق وتداخلها المتبادل ، وذهلت عن وحدتها ، وإذا بحثت عن عنصر نفسي ثابت لا يتغير أضعت وقتك في البحث عن شيء غير موجود ، لأن هوية الشخصية ليست كهوية الأجسام ، مباينة للهوية السارية فيها ، غير منافية للتغير . وهي تدل على بقاء الماضي في الحاضر ، وتكشف ، في حياة النفس المتجددة عن نزعات ثابتة وأنماط دائمة من الحس والإرادة والتفكير . وتسمى هذه الأنماط الدائمة من الحس والتفكير والإرادة بالخلق أو السجية . ولولا هذه السجية المصحوبة بالذاكرة لما قال علماء النفس بهوية الشخصية . ولا بوحدتها .

    ' و من المذاهب التجريبية الضعيفة مذهب ) ستوارت ميل ) . فهو يقول : إذا قلنا إن النفس جملة من أحوال الشعور فقط وجب علينا أن نتم ذلك بقولنا أن هذه الجملة تعرف نفسها في الماضي والمستقبل : فاما أن نقول أن النفس شيء وأحوال الشعور شيء آخر : واما أن نقول بإمكان معرفة الجملة نفسها من حيث هي جملة . قال : وأظن أن الحكمة تقتضي الأخذ بالأمر كما هو من غير إيضاحه بنظرية ما . وهذا القول دليل على العجز ، لا بل هو اعراض عن فهم وظيفة الذاكرة .

    وجملة القول أن المذهب التجريبي نظر إلى كثرة عناصر النفس ، فظن أنه يمكن الوصول إلى وحدة الشخصية بملاحظة هذه العناصر المتفرقة ، فلم يجد إلى ذلك سبيلا ، ولو فكر التجريبيون في ذلك تفكيراً صحيحاً لعلموا أن الملاحظة النفسية تكشف لنا عن الكل قبل الجزء ، وتطلعنا على تيار الفكر قبل عناصره ، ومن حاول أن يؤلف الشجرة من نشارة الخشب أضاع عمره في هذه المحاولة دون الوصول إلى نتيجة ، لأن الشجرة متقدمة على النشارة لا النشارة على الشجرة ( ١ ) .

    ٣ - نظرية مين دوبيران - زعم ) مين دوبیران ( اننا نطلع على حقيقة الأنا بالحدس لا بالعقل ، وذلك بوساطة الإحساس بالجهد العضلي ، لأن هذا الإحساس الممتاز يكشف لنا عن حقيقتين متضادتين هما الأنا واللا أنا . به تدرك النفس انها علة وانها محدودة بما هو مغاير لها . لقد فندنا هذه النظرية عند البحث في وجود العالم الخارجي ، ونقول الآن انها لا تقطع مظان الاشتباه لان تحليل الإحساس بالجهد لا يدل على أن هناك قوة متجهة من المركز إلى المحيط ، بل يدل على ان هذا الإحساس ، كغيره من الإحساسات ، ناشيء عن الاعصاب المنتشرة في العضلات والمفاصل وسائر أقسام البدن .

    ٤ - نظرية كانت - قال ( كانت ) : ان الشخصية ليست حقيقة جوهرية مفارقة لأحوال الشعور ، كما زعم الجوهريون ، ولا جملة من الوجدانيات والحسيات كما زعم التجريبيون ولكنها صورة الحوادث النفسية ، وإنما كانت الشخصية عنده واحدة ، لأن الأحوال الشعور صورة واحدة تجمع بينها وتحيط بها كما تحيط الاطر بالرسوم أو النور بالاشياء . ليس بين الوجدانيات والحسيات التي تنطبع في النفس وحدة ضرورية وذاتية ، غير انها تكتسب هذه الوحدة بالمعرفة ، فتنتظم الحسيات داخل صورتي الزمان والمكان ، وتترتب النظريات وفقاً لفكرتي العلة ، والمعلول ، والعرض ، والجوهر ، ويبدع العقل ملكة تركيبية عالية يسميها ( كانت ) بـ ( الأنــا ) . وهي توحد جميع عناصر الشعور وتبدع منها شخصاً واحداً .

    ونحن وإن كنا الآن لا نستطيع أن نناقش ( كانت ) في هذه النظرية ، إلا أننا نقول مع ذلك انها وقعت فيما وقع فيه التجريبيون من الخطأ ، وهو ظنهم أن الملاحظة النفسية تطلعنا أولاً على المتفرق من العناصر ، وقد رأينا أن هذه الملاحظة تكشف عن الكل قبل الجزء ، وان الشجرة متقدمة على نشارة الخشب ، وسنعود إلى هذا البحث في علم ما بعد الطبيعة .

    وينبغي للنظرية التي تريد أن توضح حقيقة الشخصية أن تجعل تعليلها محيطا يجميع صفاتها من وحدة ، وهوية ، وكثرة ، وتغير . وكل نظرية تهمل في إيضاحها صفة من هذه الصفات ، لا تكفي لبيان حقيقة الشخصية ، فالجوهرية توضح الوحدة والهوية ، ولكنها لا توضح الكثرة والتغير ، والتجربية توضح الكثرة والتغير ، ولكنها لا توضح الوحدة والهوية . ان الفيلسوف الذي يستخرج الكثرة من الوحدة المطلقة ، والحوادث المتغيرة من الجوهر البسيط الفارغ ، شبيه بالمشعوذ لا بالعالم . وخير طريقة لمعرفة حقيقة الشخصية بصفاتها التي ذكرناها أن ينظر المرء إلى نفسه بالحدس ، لا بالفكرة ، لأن وحدة النفس حقيقة متشخصة لا فكرة مجردة .

    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ١٨.١٦_1(2).jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	122.8 كيلوبايت  الهوية:	186459 اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ١٨.١٨_1.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	112.3 كيلوبايت  الهوية:	186460 اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ١٨.١٩_1.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	122.0 كيلوبايت  الهوية:	186461 اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ١٨.٢٠_1.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	141.0 كيلوبايت  الهوية:	186462

  • #2
    The truth of personality...knowledge of the soul

    Personality truth

    Philosophers have different schools of thought regarding the reality of personality. Some of them look at the characteristics of personality that we mentioned and are satisfied with explaining their reality by mentioning (unity) and (identity), and some of them limit themselves to observing (multiplicity) and “change,” and fall into many fallacies and similarities.

    Let us now mention some of these doctrines:

    1 - Essentialism (Theorie Substantialiste) - Reid, Victor Cousin, Adolphe Garnier and their companions claimed that the ego is a true essence with unity and identity, and that it is separate from the elements it contains. Personality is not what we feel at every moment of life. Feelings, emotions, and thoughts, but they are a paradoxical reality that does not change with the change of what is happening on the stage of feeling of fleeting conditions. He said (Kolar’s ​​novel) (2): Our self, our pains, our hopes, our fears, and all our feelings flow before the feeling, just as the waters of a river flow before the eyes of someone standing on the shore. (The ego, then, is a fundamental reality, and we do not feel this reality directly, because it is separate from the states of feeling. Rather, we perceive it through rational inference. The soul does not realize its reality directly, and does not reach knowledge of its self, which is covered by the veil of phenomena, except by the ruler of reason, that is, by applying the principle of causality, which The occurrence of symptoms depends on the essence that carries them. In response to the proponents of this doctrine, we say: Either this essential, paradoxical reality is not aware of the conditions going on in it - and this makes it an unchanging identity, or it is connected to the emotional states and is aware of them. If it is an abstract identity A paradox of the states of feeling was empty, devoid of the factors that constitute it, and this contradicts what we mentioned about its attributes, since we said that its oneness is unity in multiplicity. If it is connected to states of feeling, it is devoid of unity and identity, because it only changes with the change of these states, and changes with their change.
    It follows that this fundamental truth is nothing but a pure and useless abstraction.

    02 - Empiricism (Theorie empiriste) The empiricists only noticed abundance and change in personality traits, just as the essentialists only looked at unity and identity. David Hume said: “There is no fixed pattern in the soul. Pain, pleasure, sadness, pleasure, whims and sensations follow each other, and they do not exist at one time, so the idea (the ego) cannot be derived from it or from anything else, so it does not exist. He also said: (As for me, I am mortal whenever I delved into the depths of my soul and revealed one partial perception or another, such as the perception of heat, cold, light, darkness, love, hatred, pain, and pleasure. I cannot reveal what is in myself except through perception, and I cannot witness anything in it other than perception. (1) )

    In criticizing this theory, we say that it searches for unity and identity where they have no effect. If you limit yourself to looking at the many and varied elements of the soul, you will miss their deep connection and mutual interpenetration, and you will be astonished by their unity. If you search for a psychological element that is fixed and unchanging, you will waste your time searching for something that does not exist, because the identity of the personality is not like the identity of bodies, distinct from the identity that prevails in them. Not inconsistent with change. It indicates the persistence of the past in the present, and reveals, in the life of the renewed soul, fixed tendencies and permanent patterns of feeling, will, and thinking. These permanent patterns of feeling, thinking, and will are called creation or character. Were it not for this characteristic accompanied by memory, psychologists would not have said about personality identity. Not alone.

    One of the weak empirical doctrines is the doctrine of Stuart Mill. He says: If we say that the soul is only a set of states of feeling, we must complete that by saying that this sentence defines itself in the past and the future. Either we say that the soul is one thing and the states of feeling are another thing: or we say that it is possible to know the sentence itself insofar as it is a sentence. He said: I think that wisdom requires accepting the matter as it is without clarifying it with a theory. This statement is evidence of inability, rather it is a symptom of understanding the function of memory.

    In short, the empiricist school of thought looked at the multiplicity of elements of the soul, and thought that the unity of the personality could be reached by observing these separate elements. However, it did not find a way to do that. If the empiricists had thought about it correctly, they would have known that psychological observation reveals to us the whole before the part, and informs us of the current. Thought comes before its elements, and whoever tries to form a tree from sawdust wastes his life in this attempt without arriving at a result, because the tree comes before the sawdust, not the sawdust before the tree (1).

    3 - Maine Doberin’s Theory - Maine Doberin claimed that we become aware of the truth of the ego through intuition, not through the mind, and that is through the feeling of muscular effort, because this excellent feeling reveals to us two contradictory truths, namely the ego and the non-ego. Through it, the soul realizes that it is a cause and that it is limited to what is different. We have refuted this theory when researching the existence of the external world, and we now say that it does not eliminate suspicion, because analyzing the sensation of effort does not indicate that there is a force directed from the center to the surroundings, but rather indicates that this sensation, like other sensations, arises from the nerves. Spread in muscles, joints and other parts of the body.

    4 - Kant’s theory - Kant said: Personality is not an essential reality separate from the states of feeling, as the essentialists claimed, nor a collection of sentiments and senses as the empiricists claimed, but it is an image of psychological events. Rather, personality was one for him, because the states of feeling are a single image that unites them and surrounds them. With it, just as frames surround drawings or light surrounds things. There is no necessary and subjective unity between the sentiments and senses that are imprinted in the soul, but it acquires this unity through knowledge, so the senses are organized within the two forms of time and space, and theories are arranged according to the ideas of cause and effect, accident and essence, and the mind creates a high synthetic faculty that Kant calls the “ego.” ). It unites all the elements of feeling and creates one person from them.

    Even though we cannot now discuss Kant in this theory, we nevertheless say that it fell into the same error that the empiricists fell into, which is their belief that psychological observation first reveals to us the separate elements, and we have seen that this observation reveals the whole before Part, that the tree is superior to sawdust, and we will return to this research in metaphysics.

    The theory that wants to explain the reality of personality should make its explanation an environment that brings together its attributes of unity, identity, multiplicity, and change. Every theory that neglects to explain one of these characteristics is not sufficient to explain the truth of personality. Essentialism explains unity and identity, but it does not explain multiplicity and change. Empiricism explains multiplicity and change, but it does not explain unity and identity. The philosopher who extracts multiplicity from absolute unity, and changing events from simple, empty essence, is similar to a sorcerer, not a scientist. The best way to know the truth of the personality with its characteristics that we mentioned is for a person to look at himself with intuition, not with the idea, because the unity of the soul is a personal reality and not an abstract idea.

    تعليق

    يعمل...
    X