صفات الشخصية .. معرفة النّفْس
صفات الشخصية
قلنا سابقاً إن الشخصية واحدة بالرغم من كثرة عناصرها ، لأن عناصر الشعور ليست متفرقة أو مبعثرة ، وإنما هي متصلة . فالوحدة إذن أول صفة من صفات الشخصية ،
( ۱ ) راجع « روستان » ص ( ۱۱۰ - ١١٤ ) << Précis de Psychologie >> ثم راجع الموجز في علم النفس لويليم جيمس ص ( ٢٤٩ ) ، قال : ( يتصور الانسان وهو في مقتبل العمر أن جميع هذه الأحوال المتضادة ممكنة . ولكن تحقيق الواحدة منها هو ، على الأقل أو على الأكثر ، حذف للأخرى فمن يرغب أن يكون له أحق وأقوى وأعمق شخصية ، فليدقق في جدول هذه الأحوال ، ولينتخب منها حالة يمثل دوره فيها . فتمحى إذ ذاك جميع الشخصيات الأخرى وتنقلب إلى بخار .. إذا اعتنق الانسان مذهبا غير مذهبه ، أو غير حالا من أحواله ، ولم يهتم بما يقال عنه في أسرته أو ناديه أو جماعته يستبدل بشخصيته الاجتماعية الحاضرة شخصية ثانية ، ويؤمل أن يكون له في حياته الاجتماعية الجديدة حاكم أعدل من القضاة السابقين ، وإذا لم يجد في الحياة الجديدة حاكماً عادلاً ، فكر في الأجيال الآتية وربما اعرض عن حكم الناس ، وفكر في حياة خيالية ليس لحاكمها إلا غاية واحدة ، وهي مشاهدة أعماله .
و معنى الوحدة أن العوامل التي تتألف منها الشخصية لا تضاف بعضها إلى بعض متجاورة بحيث يكون لكل عامل منها استقلال عن غيره ، بل تجتمع وتختلط وتؤلف كلا واحداً لا يتجزأ . وكل عمل يقوم به الإنسان ، وكل فعل من أفعاله انما يصدر عن الجوانب العقلية والإنفعالية والنزوعية من نفسه . فالنفس واحدة وإن اختلفت ظواهرها ، والإنسان يعرف نفسه ويعبر عنها بقوله : ( أنا ) .
أما الصفة الثانية فهي الهوية . وذلك أن الانسان ينسب أفعاله الماضية ، إلى ذات مشتملة عليها اشتمال الجوهر على الأعراض . فيعرف أنه هو هو ، وأنه لا يزال اليوم كما كان في الأمس ، بالرغم من تغير أفعاله وأحواله .
اني أعرف نفسي الحاضرة ، وأعرف اني لا أزال ذلك الشخص الذي مرض ، وأحب وشقي ، وفرح ، وسعد ، واحفظ في نفسي ذكرى ما فعلت ، واسمى بالاسم نفسه وأعد نفسي مسؤولاً عما اقترفت من الذنوب ، وأتحمل جميع النتائج الناجمة عن أفعالي .
رسم ذلك فان هويتي ليست مطلقة ، لأنني أتغير في كل لحظة . فالصحة والمرض ومع . وطبيعة العمل الذي أقوم به ، والأقليم الذي اعيش فيه ، والدار التي أسكنها ، والملابس التي أرتديها ، كل ذلك يوثر في نفسي ويبدل هويتها .
وأما الصفة الثالثة فهي الفاعلية أو التلقائية ، وهي أننا نوسع في كل وقت نطاق شخصيتنا بمشاعر وعواطف جديدة ، لا ندري كيف تنبثق ، ولا كيف نرجعها إلى أحوالنا النفسية القديمة .
فللشخصية إذن ثلاث صفات أساسية ، وهي : الوحدة ، والهوية ، والتلقائية . وليس بين وحدة الشخصية ووحدة الأجسام مماثلة ، لأن لكل من هاتين الوحدتين صفات خاصة تختلف عن صفات الأخرى . انا نتعقل في أحدية الأجسام كثرة ، ونجزىء الجسم إلى أجزاء بسيطة ، ونمتبر كل جزء منها و احداً . إن و ، وحدة النقطة الرياضية مثلاً ، هي اتصافها بعدم الانقسام ، ووحدة الجزء الفرد مشاكلة أيضاً بهذ المعنى لوحدة النقطة - اما وحدة الحياة النفسية فلا تنافيها الكثرة ، لأنها وحدة متشخصة شبيهة بوحدة الحياة ، لا تنقسم إلى أجزاء بسيطة . وإذا توهمت أن لها أجزاء وجدت كل جزء منها ينطوي على الكل ، ولذلك سمينا هذه الوحدة بأحدية الجمع ، أو أحدية الكثرة ( 1 ) .
ثم ان هوية النفس ليست مطلقة كالهوية السارية في جميع الموجودات لا تتغير ولا تتبدل ، وإنما هي هوية كثيرة الأحوال ، متغيرة ، فكما أن وحدة الشخصية لا تنافي الكثرة ، كذلك هويتها لا تنافي التغير . وربما كان الجمع بين الكثرة والوحدة مخالفاً للمنطق ، كالجمع بين الهوية والتغير ، ولكن هذه الألفاظ لا تعبر عن تصور الذات الإنسانية تعبيراً حقيقياً كاملا ، فلينظر كل منا إلى نفسه ، وليلاحظ أحواله الداخلية ، انه متى غاص عليها وجد فيها مزيجاً من الوحدة والكثرة ، ومن الهوية والتغير .
صفات الشخصية
قلنا سابقاً إن الشخصية واحدة بالرغم من كثرة عناصرها ، لأن عناصر الشعور ليست متفرقة أو مبعثرة ، وإنما هي متصلة . فالوحدة إذن أول صفة من صفات الشخصية ،
( ۱ ) راجع « روستان » ص ( ۱۱۰ - ١١٤ ) << Précis de Psychologie >> ثم راجع الموجز في علم النفس لويليم جيمس ص ( ٢٤٩ ) ، قال : ( يتصور الانسان وهو في مقتبل العمر أن جميع هذه الأحوال المتضادة ممكنة . ولكن تحقيق الواحدة منها هو ، على الأقل أو على الأكثر ، حذف للأخرى فمن يرغب أن يكون له أحق وأقوى وأعمق شخصية ، فليدقق في جدول هذه الأحوال ، ولينتخب منها حالة يمثل دوره فيها . فتمحى إذ ذاك جميع الشخصيات الأخرى وتنقلب إلى بخار .. إذا اعتنق الانسان مذهبا غير مذهبه ، أو غير حالا من أحواله ، ولم يهتم بما يقال عنه في أسرته أو ناديه أو جماعته يستبدل بشخصيته الاجتماعية الحاضرة شخصية ثانية ، ويؤمل أن يكون له في حياته الاجتماعية الجديدة حاكم أعدل من القضاة السابقين ، وإذا لم يجد في الحياة الجديدة حاكماً عادلاً ، فكر في الأجيال الآتية وربما اعرض عن حكم الناس ، وفكر في حياة خيالية ليس لحاكمها إلا غاية واحدة ، وهي مشاهدة أعماله .
و معنى الوحدة أن العوامل التي تتألف منها الشخصية لا تضاف بعضها إلى بعض متجاورة بحيث يكون لكل عامل منها استقلال عن غيره ، بل تجتمع وتختلط وتؤلف كلا واحداً لا يتجزأ . وكل عمل يقوم به الإنسان ، وكل فعل من أفعاله انما يصدر عن الجوانب العقلية والإنفعالية والنزوعية من نفسه . فالنفس واحدة وإن اختلفت ظواهرها ، والإنسان يعرف نفسه ويعبر عنها بقوله : ( أنا ) .
أما الصفة الثانية فهي الهوية . وذلك أن الانسان ينسب أفعاله الماضية ، إلى ذات مشتملة عليها اشتمال الجوهر على الأعراض . فيعرف أنه هو هو ، وأنه لا يزال اليوم كما كان في الأمس ، بالرغم من تغير أفعاله وأحواله .
اني أعرف نفسي الحاضرة ، وأعرف اني لا أزال ذلك الشخص الذي مرض ، وأحب وشقي ، وفرح ، وسعد ، واحفظ في نفسي ذكرى ما فعلت ، واسمى بالاسم نفسه وأعد نفسي مسؤولاً عما اقترفت من الذنوب ، وأتحمل جميع النتائج الناجمة عن أفعالي .
رسم ذلك فان هويتي ليست مطلقة ، لأنني أتغير في كل لحظة . فالصحة والمرض ومع . وطبيعة العمل الذي أقوم به ، والأقليم الذي اعيش فيه ، والدار التي أسكنها ، والملابس التي أرتديها ، كل ذلك يوثر في نفسي ويبدل هويتها .
وأما الصفة الثالثة فهي الفاعلية أو التلقائية ، وهي أننا نوسع في كل وقت نطاق شخصيتنا بمشاعر وعواطف جديدة ، لا ندري كيف تنبثق ، ولا كيف نرجعها إلى أحوالنا النفسية القديمة .
فللشخصية إذن ثلاث صفات أساسية ، وهي : الوحدة ، والهوية ، والتلقائية . وليس بين وحدة الشخصية ووحدة الأجسام مماثلة ، لأن لكل من هاتين الوحدتين صفات خاصة تختلف عن صفات الأخرى . انا نتعقل في أحدية الأجسام كثرة ، ونجزىء الجسم إلى أجزاء بسيطة ، ونمتبر كل جزء منها و احداً . إن و ، وحدة النقطة الرياضية مثلاً ، هي اتصافها بعدم الانقسام ، ووحدة الجزء الفرد مشاكلة أيضاً بهذ المعنى لوحدة النقطة - اما وحدة الحياة النفسية فلا تنافيها الكثرة ، لأنها وحدة متشخصة شبيهة بوحدة الحياة ، لا تنقسم إلى أجزاء بسيطة . وإذا توهمت أن لها أجزاء وجدت كل جزء منها ينطوي على الكل ، ولذلك سمينا هذه الوحدة بأحدية الجمع ، أو أحدية الكثرة ( 1 ) .
ثم ان هوية النفس ليست مطلقة كالهوية السارية في جميع الموجودات لا تتغير ولا تتبدل ، وإنما هي هوية كثيرة الأحوال ، متغيرة ، فكما أن وحدة الشخصية لا تنافي الكثرة ، كذلك هويتها لا تنافي التغير . وربما كان الجمع بين الكثرة والوحدة مخالفاً للمنطق ، كالجمع بين الهوية والتغير ، ولكن هذه الألفاظ لا تعبر عن تصور الذات الإنسانية تعبيراً حقيقياً كاملا ، فلينظر كل منا إلى نفسه ، وليلاحظ أحواله الداخلية ، انه متى غاص عليها وجد فيها مزيجاً من الوحدة والكثرة ، ومن الهوية والتغير .
تعليق