عناصر الشخصية .. معرفة النّفْس
عناصر الشخصية
إن الشخصية كثيرة العناصر ، ولكنها بالرغم من كثرة عناصرها واحدة الذات ، لأن النفس ليست مركبة من أجزاء ، منفصلة بعضها عن بعض ، وإنما هي حقيقة واحدة ذات مختلفة ( ۱ ) . واليك فيما يلي بعض عناصر الشخصية .
١ - الاحساسات أو الاساس العضوي - ان فكرة الشخصية مبنية على تصورنا الجسدنا أي على الاحساسات التي نطلع بها عليه ، كإحساس البصر ، والاحساس العضلي ، والحس المشترك وما يشتمل عليه من الاحساسات العضوية التي سمينا بالحساسية العامة .
ان لطبيعة الجسم أثراً في تكوين الشخصية ، فالطول قد يكسب صاحبه سلطانا واعتزازاً ، والقصر قد يضطر صاحبه إلى الحذر والانقياد ، وللقوة البدنية وصحة الجسد ونشاطه أثر في تكوين الشخصية ، حتى لقد أثبت العلماء ان للغدد الصم أثراً فيما يطرأ على الشخصية من تبدل وتغير ، فإذا ازداد افراز الادرينالين مثلاً اصبح الشخص سريع الانفعال ، وإذا ازداد نشاط الغدة الدرقية أصبح الشخص قوياً شجاعاً كثير الاحتمال والنشاط .
ولهيئة الوجه أثر عظيم في الشخصية . والسبب في ذلك ان قسماً كبيراً من انفعالاتنا وأفكارنا يظهر على وجوهنا ، فؤثر الوجه في صلة الناس بنا وفي صلتنا . بهم . والناس على العموم يعلقون خطورة كبيرة على هيئة الوجه أما العميان فيستبدلون بوجه ) صوته وملمس يديه ورائحته . ان للاشخاص عند العميان هيئة سمعية وشعبية ولمسية .
إن لجسدنا وحدة عضوية ؛ لأن الجملة العصبية تنظم انطباعاته وتجمعها ، وهذه الوحدة الأساس الذي تبنى عليه وحدة الشخصية . إذا فقد المجموع العصبي وحدته عند بعض الأنواع الحية فقدت الشعور الواضح بشخصيتها ، ولذلك كانت وحـــدة الشخصية تابعة لمركزية الجملة العصبية . حتى لقد قال ارسطو منذ القدم : ان النفس . صورة الجسد . ولولا اننا أسهبنا آنفاً في بيان علاقة النفس بالجد ( ۱ ) لعدنا إلى بيانها هنا . فلنقتصر اذن على القول : إن قسماً كبيراً من أمراض الشخصية يتولد من اختلال احساس الانسان يحسده . ان خدراً جلدياً بسيطاً ، أو خللا في الحركة طفيفاً ، أو تبدلاً معيناً في الجسد قد يولد خللا في الشخصية . وقد بين العلماء ان أكثر الأمراض العصبية اخلالاً بالحساسية أكثرها توليداً لانقسام الشخصية . حق لقد قال ، ريبو ، وقد غالى في قوله : ( ان كل خلل في الحساسية بولد خللا في الشخصية ) .
٢ - الذكريات أو تصور الماضي - الذكريات من مقومات الشخصية . ولولا الذاكرة لما كان للانسان عقل ولا شخصية ولا شعور . إن الانسان يعيش في الماضي كما يعيش في الحاضر والمستقبل . وقد قيل الحاضر مثقل بالماضي . لكل منا تاريخ يكتبه بأعماله ، ثم يتذكر وقائمه ، فتصبح هذه الذكريات المنطبعة في النفس مرآة لكل ما قام به من الأعمال . فهذا حضر المعركة الفلانية ، وذاك اشترك في احدى الثورات . كل يريد أن يكون بطلاً على شكل من الأشكال ، وقد يقتنع بعضهم بأقل من ذلك ، فيفتخر بأنه من سلالة أحد الأبطال الذين بنوا الممالك أو هدموا العروش ، أو تميزوا بأمر من الأمور .
إن هذا التاريخ يميز شخصيتنا من شخصيات الآخرين ، فإذا أردنا ان نحبب أنفسنا إلى الأشخاص اطلعناه على تاريخ حياتنا أو طلبنا منه أن يروي لنا قصة حياته . شخص من وليست الذكريات الغامضة أقل تأثيراً في الشخصية من هذه الذكريات الواضحة ، حتى لقد دل علم أمراض النفس على أن أمراض الذاكرة تولد في الغالب خللا في الشخصية . إذا انفصلت طائفة من الذكريات عن الشخصية الطبيعية ، ألفت شخصية ثانية تنوب في بعض الأحيان . عن تلك الشخصية البتراء .
٣- تصور الحاضر أو العامل الاجتماعي - إن للعامل الاجتماعي تأثيراً كبيراً في تكون الشخصية . لأن المرء لا يفكر في نفسه فحسب ، بل يفكر في أسرته ، ومهنته ، و بلده ، ووطنه ، ويفكر ايضاً في اسمه ، وشهرته ، وثقة الناس به ، ومنزلته وسلطانه ، و طراز معيشته ، وأصدقائه ، وثروته .
والانسان كما تعلم ، لا يعيش منفرداً ، بل يعيش في وسط اجتماعي ، ينظم فيه نشاطه ، ، ويوحد فيه بين وسائله وغاياته . حق لقد قال ( دوركهايم ) : « ان في كل فرد منا عنصراً لا شخصياً ، وليس هذا العنصر اللاشخصي بأقل خطورة من العنصر الفردي ، لأن العقل ، وهو أساس الشخصية ، ليس فردياً ، وانما هو كلي .
وكلما كان الوسط الاجتماعي أوسع وأرقى ، كانت الشخصية أنمى وأغنى ، لقد كان الانسان الابتدائي مصهوراً في البيئة ، لم يكن له حرية فكرية ، ولا حرية فردية . فلما تقدم المجتمع وازدادت الكثافة الاجتماعية ازداد تقسيم الأعمال ، وتباين الأفراد ، وشعورهم بشخصياتهم المستقلة .
ولحياة الطفل في البيت أثر في شخصيته ، فعلاقته بأبويه ، وصلته بأخوته ، وصلته بالخدم ، كل ذلك إلى اتصافه بصفات خاصة تصحبه حتى الكبر . ثم ان للمدرسة أيضاً أثراً عميقاً في شخصية الطفل ، لأنها عالم جديد يختلف عن عالم الأسرة ، فيها يجد الطفل انداداً أكثر . منه ذكاء ، وأرجح تفكيراً ، وأقوى جسداً ، أو أقل نشاطاً وأضعف علما ، فيباريهم أو يتغلب عليهم أو يخضع لهم . فيؤثر ذلك كله في تكوين شخصيته .
ثم ان لظاهر المرء تأثيراً في شخصيته ، لأنه لا يعلن ما . دائما ، بلى يتلون بحسب الأحوال والظروف ، ويلبس لكل حالة لبوسا . وهذا الثوب الذي يبدله كل يوم مرة أو مرتين أو ثلاثاً ، يدل على خفايا نفسه . فهو يتواضع أمام رئيسه ، ويتكبر أمام خادمه ، ويتحبب إلى أقرانه ، وكلما خاطب فرداً من الأفراد ، أظهر له ناحية من شخصيته ، يسر كان هناك عالماً كبيراً يضم بين جوانحه عدداً غير محدود من العوالم الصغيرة .
٤ - تصور المستقبل - الانسان يعيش في المستقبل كما يعيش في الماضي ، لأنه يتصور للحياة مثلا أعلى ، ثم يبدل الواقع بحسب أحلامه وارادته . فإذا كان شاباً في مقتبل العمر ظن كل شيء ممكناً ، الجهله بالمصاعب . فيريد أن يصير قائداً كبيراً ، وعالما تحريراً ، ومخترعاً عظيما ، لا يقف في طريقه شيء ، ولا تخفى على بصيرته خافية ثم إذا مرت الأعوام إثر الأعوام ، وجد نفسه عاجزاً عن تحقيق جميع الأحلام ، فيقنع بتحقيق حلم واحد منها ؛ ولكنه إذا ما أثقلت الأيام كامله ، أقبل على مهنته يريد النبوغ فيها ، فتدركه الشيخوخة ، وهو لا يزال في منتصف الطريق ، لم يصبح بعد أول خطيب ، ولا أول طبيب في الدنيا ، ولا أول طبيب في عصره أو بلده ؛ فيفكر إذ ذاك في أولاده ، ويعلل نفسه بالأمل والرجاء . وهكذا يعيش الشيخ في المستقبل كما يعيش في الماضي .
وقصارى القول أن هناك ثلاثة عوامل أساسية تؤثر في تكوين الشخصية ، وهي :
العامل الحيوي : وهو مجموع الاحساسات الجسدية .
والعامل النفسي : وهو مجموع الذكريات والتصورات والأفكار .
والعامل الاجتماعي : وهو ما يتصل بنا من آثار الحياة الاجتماعية .
عناصر الشخصية
إن الشخصية كثيرة العناصر ، ولكنها بالرغم من كثرة عناصرها واحدة الذات ، لأن النفس ليست مركبة من أجزاء ، منفصلة بعضها عن بعض ، وإنما هي حقيقة واحدة ذات مختلفة ( ۱ ) . واليك فيما يلي بعض عناصر الشخصية .
١ - الاحساسات أو الاساس العضوي - ان فكرة الشخصية مبنية على تصورنا الجسدنا أي على الاحساسات التي نطلع بها عليه ، كإحساس البصر ، والاحساس العضلي ، والحس المشترك وما يشتمل عليه من الاحساسات العضوية التي سمينا بالحساسية العامة .
ان لطبيعة الجسم أثراً في تكوين الشخصية ، فالطول قد يكسب صاحبه سلطانا واعتزازاً ، والقصر قد يضطر صاحبه إلى الحذر والانقياد ، وللقوة البدنية وصحة الجسد ونشاطه أثر في تكوين الشخصية ، حتى لقد أثبت العلماء ان للغدد الصم أثراً فيما يطرأ على الشخصية من تبدل وتغير ، فإذا ازداد افراز الادرينالين مثلاً اصبح الشخص سريع الانفعال ، وإذا ازداد نشاط الغدة الدرقية أصبح الشخص قوياً شجاعاً كثير الاحتمال والنشاط .
ولهيئة الوجه أثر عظيم في الشخصية . والسبب في ذلك ان قسماً كبيراً من انفعالاتنا وأفكارنا يظهر على وجوهنا ، فؤثر الوجه في صلة الناس بنا وفي صلتنا . بهم . والناس على العموم يعلقون خطورة كبيرة على هيئة الوجه أما العميان فيستبدلون بوجه ) صوته وملمس يديه ورائحته . ان للاشخاص عند العميان هيئة سمعية وشعبية ولمسية .
إن لجسدنا وحدة عضوية ؛ لأن الجملة العصبية تنظم انطباعاته وتجمعها ، وهذه الوحدة الأساس الذي تبنى عليه وحدة الشخصية . إذا فقد المجموع العصبي وحدته عند بعض الأنواع الحية فقدت الشعور الواضح بشخصيتها ، ولذلك كانت وحـــدة الشخصية تابعة لمركزية الجملة العصبية . حتى لقد قال ارسطو منذ القدم : ان النفس . صورة الجسد . ولولا اننا أسهبنا آنفاً في بيان علاقة النفس بالجد ( ۱ ) لعدنا إلى بيانها هنا . فلنقتصر اذن على القول : إن قسماً كبيراً من أمراض الشخصية يتولد من اختلال احساس الانسان يحسده . ان خدراً جلدياً بسيطاً ، أو خللا في الحركة طفيفاً ، أو تبدلاً معيناً في الجسد قد يولد خللا في الشخصية . وقد بين العلماء ان أكثر الأمراض العصبية اخلالاً بالحساسية أكثرها توليداً لانقسام الشخصية . حق لقد قال ، ريبو ، وقد غالى في قوله : ( ان كل خلل في الحساسية بولد خللا في الشخصية ) .
٢ - الذكريات أو تصور الماضي - الذكريات من مقومات الشخصية . ولولا الذاكرة لما كان للانسان عقل ولا شخصية ولا شعور . إن الانسان يعيش في الماضي كما يعيش في الحاضر والمستقبل . وقد قيل الحاضر مثقل بالماضي . لكل منا تاريخ يكتبه بأعماله ، ثم يتذكر وقائمه ، فتصبح هذه الذكريات المنطبعة في النفس مرآة لكل ما قام به من الأعمال . فهذا حضر المعركة الفلانية ، وذاك اشترك في احدى الثورات . كل يريد أن يكون بطلاً على شكل من الأشكال ، وقد يقتنع بعضهم بأقل من ذلك ، فيفتخر بأنه من سلالة أحد الأبطال الذين بنوا الممالك أو هدموا العروش ، أو تميزوا بأمر من الأمور .
إن هذا التاريخ يميز شخصيتنا من شخصيات الآخرين ، فإذا أردنا ان نحبب أنفسنا إلى الأشخاص اطلعناه على تاريخ حياتنا أو طلبنا منه أن يروي لنا قصة حياته . شخص من وليست الذكريات الغامضة أقل تأثيراً في الشخصية من هذه الذكريات الواضحة ، حتى لقد دل علم أمراض النفس على أن أمراض الذاكرة تولد في الغالب خللا في الشخصية . إذا انفصلت طائفة من الذكريات عن الشخصية الطبيعية ، ألفت شخصية ثانية تنوب في بعض الأحيان . عن تلك الشخصية البتراء .
٣- تصور الحاضر أو العامل الاجتماعي - إن للعامل الاجتماعي تأثيراً كبيراً في تكون الشخصية . لأن المرء لا يفكر في نفسه فحسب ، بل يفكر في أسرته ، ومهنته ، و بلده ، ووطنه ، ويفكر ايضاً في اسمه ، وشهرته ، وثقة الناس به ، ومنزلته وسلطانه ، و طراز معيشته ، وأصدقائه ، وثروته .
والانسان كما تعلم ، لا يعيش منفرداً ، بل يعيش في وسط اجتماعي ، ينظم فيه نشاطه ، ، ويوحد فيه بين وسائله وغاياته . حق لقد قال ( دوركهايم ) : « ان في كل فرد منا عنصراً لا شخصياً ، وليس هذا العنصر اللاشخصي بأقل خطورة من العنصر الفردي ، لأن العقل ، وهو أساس الشخصية ، ليس فردياً ، وانما هو كلي .
وكلما كان الوسط الاجتماعي أوسع وأرقى ، كانت الشخصية أنمى وأغنى ، لقد كان الانسان الابتدائي مصهوراً في البيئة ، لم يكن له حرية فكرية ، ولا حرية فردية . فلما تقدم المجتمع وازدادت الكثافة الاجتماعية ازداد تقسيم الأعمال ، وتباين الأفراد ، وشعورهم بشخصياتهم المستقلة .
ولحياة الطفل في البيت أثر في شخصيته ، فعلاقته بأبويه ، وصلته بأخوته ، وصلته بالخدم ، كل ذلك إلى اتصافه بصفات خاصة تصحبه حتى الكبر . ثم ان للمدرسة أيضاً أثراً عميقاً في شخصية الطفل ، لأنها عالم جديد يختلف عن عالم الأسرة ، فيها يجد الطفل انداداً أكثر . منه ذكاء ، وأرجح تفكيراً ، وأقوى جسداً ، أو أقل نشاطاً وأضعف علما ، فيباريهم أو يتغلب عليهم أو يخضع لهم . فيؤثر ذلك كله في تكوين شخصيته .
ثم ان لظاهر المرء تأثيراً في شخصيته ، لأنه لا يعلن ما . دائما ، بلى يتلون بحسب الأحوال والظروف ، ويلبس لكل حالة لبوسا . وهذا الثوب الذي يبدله كل يوم مرة أو مرتين أو ثلاثاً ، يدل على خفايا نفسه . فهو يتواضع أمام رئيسه ، ويتكبر أمام خادمه ، ويتحبب إلى أقرانه ، وكلما خاطب فرداً من الأفراد ، أظهر له ناحية من شخصيته ، يسر كان هناك عالماً كبيراً يضم بين جوانحه عدداً غير محدود من العوالم الصغيرة .
٤ - تصور المستقبل - الانسان يعيش في المستقبل كما يعيش في الماضي ، لأنه يتصور للحياة مثلا أعلى ، ثم يبدل الواقع بحسب أحلامه وارادته . فإذا كان شاباً في مقتبل العمر ظن كل شيء ممكناً ، الجهله بالمصاعب . فيريد أن يصير قائداً كبيراً ، وعالما تحريراً ، ومخترعاً عظيما ، لا يقف في طريقه شيء ، ولا تخفى على بصيرته خافية ثم إذا مرت الأعوام إثر الأعوام ، وجد نفسه عاجزاً عن تحقيق جميع الأحلام ، فيقنع بتحقيق حلم واحد منها ؛ ولكنه إذا ما أثقلت الأيام كامله ، أقبل على مهنته يريد النبوغ فيها ، فتدركه الشيخوخة ، وهو لا يزال في منتصف الطريق ، لم يصبح بعد أول خطيب ، ولا أول طبيب في الدنيا ، ولا أول طبيب في عصره أو بلده ؛ فيفكر إذ ذاك في أولاده ، ويعلل نفسه بالأمل والرجاء . وهكذا يعيش الشيخ في المستقبل كما يعيش في الماضي .
وقصارى القول أن هناك ثلاثة عوامل أساسية تؤثر في تكوين الشخصية ، وهي :
العامل الحيوي : وهو مجموع الاحساسات الجسدية .
والعامل النفسي : وهو مجموع الذكريات والتصورات والأفكار .
والعامل الاجتماعي : وهو ما يتصل بنا من آثار الحياة الاجتماعية .
تعليق