قره عثمان أوغلو (يعقوب قدري ـ)
(1889 ـ 1974)
يُعد يعقوب قدري قره عثمان أوغلو من مؤسسي الرواية التركية المعاصرة. ولد في القاهرة، وانتقل في السادسة من عمره إلى إزمير برفقة ذويه حيث دخل المدرسة، وبتأثير من أمه المتعلمة أتيح له مطالعة الروايات الفرنسية منذ طفولته المبكرة. وفي مرحلة الدراسة المتوسطة بدأ يقرأ أعمال شعراء الأدب الحديث وروائييه. رحل برفقة أمه في عام 1905 إلى الاسكندرية حيث درس في معهد الأخوة الفرنسي، وعاد ليستقر به المقام في اصطنبول حيث تخرج في كلية الحقوق في عام 1910، وانضم في تلك الفترة إلى جماعة «الفجر الآتي» الأدبية، وأخذ ينشر أوائل نتاجه القصصي والشعري في المجلات الأدبية. شارك في حرب الإنقاذ الوطني عام1921، وانتخب نائباً في البرلمان لدورتين متتاليتين بعد قيام الجمهورية، ودورة ثالثة بين عامي1961ـ1965، وعمل أيضاً سفيراً لبلاده في كل من تيرانا وبراغ ولاهاي وطهران وبرن.
تبنى قره عثمان أوغلو في قصصه المبكرة النزعة العثمانية، وتأثر أسلوبه بموباسان Maupassant، أما لغته فكانت لغة الأدب الحديث المنمقة. لكنه تبنى في مرحلة النضج أفكار تيار الأدب القومي، وحرر لغته من المؤثرات العربية والفارسية، ونحا في موضوعاته منحى واقعياً. تفرّغ في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى لكتابة الرواية، وسعى من خلالها إلى تصوير خصائص مرحلة ما من المراحل التاريخية على ضوء مفهومه الخاص للتاريخ، فألفت رواياته بذلك سجلاً تاريخياً في حقبة زمنية اتسمت بتحولات عاصفة. ومن أهم رواياته في هذه الفترة «ليلة الحكم» (1928)، و«سدوم وعمورة» (1928)، و«الغريب» (1932)، و«أنقرة» (1934)، و«رجل في المنفى» (1937).
يبدو قره عثمان أوغلو في مرحلته الإبداعية الأولى شخصاً متشائماً من العالم بأسره، متعمقاً في خبايا نفسه، بعيداً عن الحركات الفكرية، لا يولي اهتماماً للتحوّلات الاجتماعية التي عاصرها، فهرب من الواقع إلى الماضي، وتنكّر لكل شيء خارج الحضارة اليونانية ـ اللاتينية، بل وصل به الأمر حد إنكار فكرة التقدّم. ويفسر الناقد والمؤرخ شكران كورداكول ذلك قائلاً: إنه «هروب مثقف عثماني يشهد انهيار الامبراطورية». لكن الأمور تغيرت بعد عام 1916، فقد أتاحت له زيارة طويلة لأوربا في ذلك العام قراءة أعمال المفكرين القوميين الفرنسيين، كما تأثر بأعمال ضياء غوك آلب ويونس أمرة. فلقد أخذ يبحث عن وسائل التصالح مع عصره، وينظر إلى قضايا الإنسان والمجتمع من زوايا مختلفة. فتخلّص من ميوله العدمية ومن نزعة الحنين إلى الماضي، وآمن بالإنسان وبمفاهيم الأمة والوطن. ومن أهم أعماله في هذه المرحلة «قصص من الحرب القومية» (1947).
بكر صدقي
(1889 ـ 1974)
يُعد يعقوب قدري قره عثمان أوغلو من مؤسسي الرواية التركية المعاصرة. ولد في القاهرة، وانتقل في السادسة من عمره إلى إزمير برفقة ذويه حيث دخل المدرسة، وبتأثير من أمه المتعلمة أتيح له مطالعة الروايات الفرنسية منذ طفولته المبكرة. وفي مرحلة الدراسة المتوسطة بدأ يقرأ أعمال شعراء الأدب الحديث وروائييه. رحل برفقة أمه في عام 1905 إلى الاسكندرية حيث درس في معهد الأخوة الفرنسي، وعاد ليستقر به المقام في اصطنبول حيث تخرج في كلية الحقوق في عام 1910، وانضم في تلك الفترة إلى جماعة «الفجر الآتي» الأدبية، وأخذ ينشر أوائل نتاجه القصصي والشعري في المجلات الأدبية. شارك في حرب الإنقاذ الوطني عام1921، وانتخب نائباً في البرلمان لدورتين متتاليتين بعد قيام الجمهورية، ودورة ثالثة بين عامي1961ـ1965، وعمل أيضاً سفيراً لبلاده في كل من تيرانا وبراغ ولاهاي وطهران وبرن.
تبنى قره عثمان أوغلو في قصصه المبكرة النزعة العثمانية، وتأثر أسلوبه بموباسان Maupassant، أما لغته فكانت لغة الأدب الحديث المنمقة. لكنه تبنى في مرحلة النضج أفكار تيار الأدب القومي، وحرر لغته من المؤثرات العربية والفارسية، ونحا في موضوعاته منحى واقعياً. تفرّغ في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى لكتابة الرواية، وسعى من خلالها إلى تصوير خصائص مرحلة ما من المراحل التاريخية على ضوء مفهومه الخاص للتاريخ، فألفت رواياته بذلك سجلاً تاريخياً في حقبة زمنية اتسمت بتحولات عاصفة. ومن أهم رواياته في هذه الفترة «ليلة الحكم» (1928)، و«سدوم وعمورة» (1928)، و«الغريب» (1932)، و«أنقرة» (1934)، و«رجل في المنفى» (1937).
يبدو قره عثمان أوغلو في مرحلته الإبداعية الأولى شخصاً متشائماً من العالم بأسره، متعمقاً في خبايا نفسه، بعيداً عن الحركات الفكرية، لا يولي اهتماماً للتحوّلات الاجتماعية التي عاصرها، فهرب من الواقع إلى الماضي، وتنكّر لكل شيء خارج الحضارة اليونانية ـ اللاتينية، بل وصل به الأمر حد إنكار فكرة التقدّم. ويفسر الناقد والمؤرخ شكران كورداكول ذلك قائلاً: إنه «هروب مثقف عثماني يشهد انهيار الامبراطورية». لكن الأمور تغيرت بعد عام 1916، فقد أتاحت له زيارة طويلة لأوربا في ذلك العام قراءة أعمال المفكرين القوميين الفرنسيين، كما تأثر بأعمال ضياء غوك آلب ويونس أمرة. فلقد أخذ يبحث عن وسائل التصالح مع عصره، وينظر إلى قضايا الإنسان والمجتمع من زوايا مختلفة. فتخلّص من ميوله العدمية ومن نزعة الحنين إلى الماضي، وآمن بالإنسان وبمفاهيم الأمة والوطن. ومن أهم أعماله في هذه المرحلة «قصص من الحرب القومية» (1947).
بكر صدقي