المنصات الرقمية تتقدم على المسرح في اكتشاف المواهب الفنية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المنصات الرقمية تتقدم على المسرح في اكتشاف المواهب الفنية

    المنصات الرقمية تتقدم على المسرح في اكتشاف المواهب الفنية


    تغيير آليات اكتشاف النجوم في مصر يمنح الشباب فرصة تجاوز العقبات.
    الجمعة 2024/01/12

    مواهب لم تمر بالمسرح أولا

    أحدثت المنصات الرقمية تغييرا كبيرا في مواسم العرض الدرامي وعدد حلقات المسلسلات، لكنها إلى جانب كل ذلك بدأت تحدث تغييرات أكبر حيث تقدم فرصا لمواهب مشهورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتكسر العادة السائدة التي كان فيها المسرح هو البيت الأول لصقل المواهب التمثيلية.

    القاهرة- نجح بعض الفنانين في الاستفادة من التوسع الحاصل في المنصات الرقمية العربية، واستثمروا غزارة ما تقدمه من إنتاج، وعوضوا فقر المسرح من خلال توظيف مواهبهم الخاصة للحصول على فرصة قد تأتي بالمزيد من الثقل الفني.

    ويعتبر المسرح المصري على مدار تاريخه “المفرخ” الرئيسي للمواهب الصاعدة في السينما والتلفزيون من خلال أعمال عديدة قدمتها جهات أكاديمية ومسارح حكومية وخاصة، كانت مادة خصبة للاختيار من بين مواهب تصعد إلى خشبة المسرح، وهو ما تراجع مؤخرا مع غزارة الإنتاج الذي تقدمه المنصات الرقمية وتزايد البحث عن وسائل أكثر سرعة لتقديم مواهب فنية جديدة.

    وقدمت منصة “واتش إت” المصرية خلال موسم الشتاء الحالي مجموعة من الأعمال التي لعبت دور البطولة فيها مواهب شابة ظهر بعضها لأول مرة، من بينهم الفنان الشاب علي السبع الذي شارك في مسلسل “زينهم” و”حالة خاصة”، ووئام مجدي التي تظهر أيضا في “حالة خاصة” وكان لها حضور قصير في مسلسل “سوبر ميرو” قبل أربع سنوات.


    أندرو محسن: اكتشاف المواهب انتقل من المسرح إلى مواقع التواصل


    ونجحت الفنانة الشابة نور إيهاب في تسليط الضوء عليها من خلال مشاركتها في حكاية “عيشها بفرحة” ضمن مسلسل “55 مشكلة حب” المعروض أيضا على “واتش إت”، كذلك الوضع بالنسبة إلى الفنان الشاب عمرو ياسين “جونيور” حفيد الفنان الراحل محمود ياسين وهو أحد أبطال نفس العمل، إلى جانب الفنان الشاب أمير عبدالواحد الذي قدم دورا في مسلسل “على باب العمارة” وشارك في دور صغير بمسلسل “الكتيبة 101”.

    وجذب الفنان الشاب يوسف وهبي الأنظار إليه بمشاركته في مسلسل “صوت وصورة” الذي حقق نجاحا جماهيريا واسعًا. كما أن الأعمال الحديثة استطاعت أن تحدث نوعا من التجديد على مستوى الأسماء المشاركة في التأليف والإخراج، وكان المسرح يشكل رافدا مهما لظهورها وانتقالها إلى تقديم أعمال درامية وسينمائية.

    ويتفق البعض من النقاد على أن معايير اختيار الوجوه الشابة اختلفت بشكل كبير عما كان يحدث في الماضي، وأن متابعة المئات من الوجوه الصاعدة في الأعمال المسرحية ومراقبة تطورها الفني لا تتماشيان مع الحاجة السريعة إلى تقديم نماذج فنية جديدة بشكل مستمر على مدار العام في المنصات الرقمية، في وقت لم يعد المسرح يحظى بالزخم الذي كان عليه في سنوات سابقة وأسهم في تشكيل القوى الناعمة.

    وظهرت معايير جديدة في الاختيار، من بينها مدى انتشار الوجوه الصاعدة على مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على تقديم محتويات تجذب شرائح من الشباب تشكل جزءا من جمهور المنصات، وتدخل العوامل التسويقية في عملية الاختيار، والتي لا تقتصر على الموهبة.

    وقال الناقد الفني أندرو محسن إن المسرح الجامعي كان المنتج الرئيسي للمواهب الصاعدة، كما أن الفرق التي كانت تتشكل بين حين وآخر لعبت دورا كبيرا في تقديم مواهب للسينما والتلفزيون، أبرزها فرقة المخرج خالد جلال عبر مركز الإبداع الفني في الأوبرا، وقدمت غالبية الوجوه التي ظهرت في الفترة الماضية، ومازال هذا المركز يقوم بدور معتبر في تقديم الوجوه الصاعدة، مع ظهور مسارات أخرى لتقديم النجوم.


    محمد الشرقاوي: مخرجو أعمال المنصات الرقمية يكتشفون المواهب من المسرح


    وقدم خالد جلال مجموعة من أبرز النجوم على الساحة الفنية الحالية، من بينهم بيومي فؤاد وعلي ربيع وسامح حسين ومحمد فراج، وقبلهم محمد هنيدي وخالد صالح وخالد الصاوي وعمرو عبدالجليل وغيرهم من النجوم الذين يمثلون نحو 80 في المئة من الوجوه التي شاركت في العديد من المسلسلات والأفلام المصرية، بعد أن أسهم في تقديم 80 مسرحية مختلفة.

    وأوضح محسن في تصريح لـ”العرب” أن عملية اكتشاف المواهب انتقلت الآن إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وهناك الكثير من الوجوه الصاعدة تمت الاستعانة بها بعد أن قدمت فيديوهات حظيت بمعدلات مشاهدة مرتفعة، منها طه الدسوقي الذي برع سابقا في تقديم “ست كوم” لكن انتشاره على الإنترنت رشحه للتمثيل، وقبله عمرو وهبة الذي قدم أدوارا متنوعة على يوتيوب لفتت الأنظار إليه.

    وأكد الناقد المصري أن بعض مخرجي الأعمال المقدمة على المنصات الرقمية يتعاملون معها كأداة “تفريخ” للنجوم، بالتالي يكون الاختيار بطريقة أكثر سهولة من الإنترنت أو شركات الكاستينغ، ومثلما تعد مواقع التواصل الاجتماعي أداة لتقديم مواهب شبابية جيدة فإن ذلك لا ينطبق على كل من يقع عليه الاختيار، وهناك اختيارات تجري لمجرد أن الشخصيات لديها متابعون كثيرون على المنصات الرقمية.

    وشدد أندرو على ضرورة التفرقة بين مواهب تملك قدرة على الإضحاك وجذب الجمهور لمدة دقائق معدودة على الإنترنت، وبين وجوه تملك موهبة وتستطيع أن تقدم أدوارا في أعمال تؤثر في الجمهور ولها قدرة على تطوير الموهبة دون أن يخف تأثيرها كما هو الوضع مع بعض الوجوه الصاعدة التي لم تتمكن من الاستمرار، لأن ضعف الموهبة يقود في النهاية إلى تراجع التأثير، والاعتماد على المتابعين على منصات التواصل لن يحقق الهدف التسويقي المنشود، ما يجعل هناك قناعة بأن ما يحدث الآن سوف يتراجع في الفترة المقبلة.

    واستطاعت المنصات أن تثبت قدرتها على لعب دور مكتشف النجوم سواء نجحوا في مواصلة الطريق أم فشلوا، فهناك ظروف عدة تؤثر في المستقبل الفني للشباب قد تكون خارج إطار الحقل الفني، لكن بالنظر إلى النجاحات الجماهيرية التي حققتها أعمال تعتمد على وجوه شابة مثل مسلسلي “بالطو” و”ريفو” فذلك يبرهن على أن المنصات الرقمية التي تطلب وجوها صاعدة قادرة على أن تكون بابا لاكتشاف المواهب.

    وأوضح المشرف على مسرح المواجهة والتجوال بالبيت الفني للمسرح (حكومي) محمد الشرقاوي أن مخرجي الأعمال المعروضة على المنصات الرقمية يقدمون أعمالا على المسارح أيضا لاكتشاف الوجوه الجديدة، ومن لديه الرغبة في اكتشاف وجوه تستحق أن تظهر على الشاشة يدرك أن المسرح هو الفاعل الرئيسي في تقديم المواهب، بفعل الخبرات التي يحصلون عليها من خلال الدراسة في المعهد القومي للمسرح أو من التجارب العملية عبر مشاركاتهم على خشبة المسرح القومي.

    ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن شركات الكاستينغ تستعين بالمواهب التي يقدمها المسرح، وظهر اتجاه خاطئ مؤخرا تسير عليه عملية اكتشاف المواهب، فبعض الشركات لم تعد تعتمد على تقديم نماذج لديها موهبة، وثمة أمور تدخل في عملية الترشيحات ليست لها علاقة بالجوانب الفنية، كما أن اتساع تواجد شركات الكاستينغ جعل بعض القائمين عليها غير مؤهلين للقيام بهذا الدور، وهو ما انتبهت إليه نقابة المهن التمثيلية وتحاول معالجته.


    هل ستنجح هذه المواهب في الاستمرار؟


    وتدخلت نقابة المهن التمثيلية لإيقاف عدد من الوجوه الشبابية التي قدمت أعمالا درامية دون أن تحصل على تراخيص العمل، ما عبر عن مخاوف نقابية من تضرر مواهب تستحق الظهور، ولذلك فالحصول على فرصة يأتي أحيانا من المنصات الرقمية.

    وقد يحدث بروز المنصات الرقمية تغييرا في سبل البحث عن فرص للتمثيل. وبدلا من أن تكون أكاديمية الفنون، وداخلها معهد الفنون المسرحية، هي التي تساعد الطلاب على تقديم مواهبهم قد تبقى مكاتب الكاستينغ التي تقبل عليها المنصات هي السبيل الأول.

    وأشار المخرج المسرحي محمد الشرقاوي في حديثه لـ”العرب” إلى أن المعمل الخاص بتقديم المواهب الصاعدة في مصر منذ عقود طويلة هو المعهد العالي للفنون المسرحية ومسرح الجامعة، فالطلاب يتمرسون بمهنة التمثيل ويعرفون أصولها ويتشكل لديهم الأساس السليم الذي يؤهلهم للاستمرار والتطور.

    وذكر أن هذا الدور تراجع بسبب أبعاد تتعلق بالدراسة العملية داخل المعهد، وبعد أن كان الطالب يدرس مقررات موسعة تتضمن الفلسفة وعلم النفس والسياسة والاقتصاد يجري العمل الآن بنظام الساعات المعتمدة التي تقتصر على عدد قليل من المواد، ويفرز الواقع خريجين يفتقرون إلى الثقافة التي تثقل موهبتهم.

    ويمكن القياس على ذلك من خلال المعارف الثقافية التي يحتاجها الفنانون لتقديم رؤى متكاملة في أعمالهم، وهو أمر بدأ يتراجع بصورة ملحوظة في الفن المصري مع سيطرة النمطية والسطحية على رؤى بعض الوجوه الشابة.



    أحمد جمال
يعمل...
X