تويت
واقعية التغيير المؤسسي
تلك الكفاءات التي يُطلب منها صناعة تغيير حقيقي في المؤسسات، تجد نفسها بين خيارين قد يكون أحلاهما مُرّ .. الخيار الأسهل هو صناعة تغييرات سريعة ظاهرة للجميع والترويج لها لإحداث ضجيجٍ كاف يلفت أنظار الجميع لها .. ومع أول موجة من التحديات أو العوائق تذوب القشرة الرقيقة التي تُغطّي الحقيقة.
الخيار الأصعب، والذي تختاره أغلب الكفاءات المهنية، لأنها تجده الاختيار الوحيد لمن يحترم مسيرته المهنية، هو صناعة التغيير الحقيقي المستدام، والذي يستحيل تحقيقه في فترة زمنية قصيرة مهما كان النمط الإداري المعتمد في منظومة التغيير المطلوبة.
هذا الخيار يجب أن يحظى بدعم من القيادات على مستوى سعة الأفق والانفتاح الذهني والواقعية المهنية، وعندما نتناول الواقعية في طرحنا فهذا يضعنا في مواجهة مباشرة مع التشخيص المؤسسي متعدّد الطبقات والقابل للقياس، كمرحلة أولى للعمل تليها خطط العمل طويلة المدى التي تشمل التعامل مع هيكليات الموظفين والأقسام والإدارات وثقافة العمل السائدة والمعايير ذات الجذور العميقة بفعل طول مدة سريانها.
من أكبر الأخطار التي يواجهها صُنّاع التغيير هو التسرّع في تقييم أدائهم والعشوائية في استعجال النتائج، نمط التفكير هذا يؤذيهم بجرعات إحباط قد تكون كافية لهدم الأسس والقواعد التي تم بناؤها بالفعل !
على أصحاب القرار أن يدركوا واقعية كل مرحلة على حدة وضرورة منحها الوقت الكافي لاحتواء التغيير، هذا بجانب مقاومة الأفراد التلقائية لعملية التغيير تعقبها المقاومة التنظيمية والتي يستهلك التعامل معها الكثير من الوقت والجهد لما تحويه من صراعات الصلاحيات والمصالح والهياكل البيروقراطية وغيرها الكثير.
بوح_السحر