الليبيّون يتمسكون بموروثهم الفنّي رغم ظهور أنماط جديدة
الموسيقى الليبية استلهم منها محمد عبدالوهاب واستقطبت الفنانين التونسيين.
الخميس 2024/01/11
الأغاني الليبية فن عريق تتوارثه الأجيال
تحافظ الأغنية الليبية إلى اليوم على طابعها الخاص الذي يميزها مقارنة بغيرها على المستويين العربي والمغاربي، خاصة من ناحية الكلمة التي ينظمها شعراء متشبعون بتراثهم وانتمائهم الثقافي، إضافة إلى الألحان والمغنين الذين حولوا القصائد إلى أغان ذات شهرة، ولعل العلاقة الموسيقية بين تونس وليبيا خير دليل على أهمية هذه الأغاني.
تونس - ظلّت الأغنية الليبية صامدة أمام مختلف الأنماط الموسيقية الشرقية والغربية التي غزت الميدان الفني في السنوات الأخيرة، كما حافظت على عشاقها ومستمعيها رغم تنوع المشهد الفني وثرائه.
وتملك ليبيا موسيقى كلاسيكية تنتشر في مختلف ربوع البلاد، فضلا عن استقطابها لذائقة عشاق الفن في الجنوب التونسي خصوصا، بالإضافة إلى تبوئها مكانة هامة في أفراح التونسيين ومناسباتهم، نظرا إلى كونها تجمع بين اللحن الشجي والصورة الشعرية المعبرة والكلمة الهادفة.
فن أصيل
نوال غشّام: الفنّ الليبي متأصّل ونابع من بيئة عربية غير مخترقة فنيا
تشترك تونس وليبيا في العديد من الأغاني خاصة التراثية منها، وكذلك الأغاني المرتبطة بالأعراس كأغنية “غريبة” و”طق العود” وغيرهما، كما أن مدن الجنوب التونسي والمناطق الغربية في ليبيا تتقاسم الموسيقى والألحان والشعر الشعبي ذاته.
ويعود الفضل إلى عدد من الفنانين التونسيين في انتشار الأغاني الليبية ورواجها سواء في تونس أو في العالم العربي، على غرار الفنانة الراحلة ذكرى محمد التي كانت بمثابة “سفيرة” لهذا النمط الغنائي الذي اشتهرت بحسن أدائها له، وهناك مواطنتها الفنانة نوال غشام التي عرفت نجاحا جماهيريا كبيرا في ليبيا.
وترى نوال غشام أن “الفنّ الليبي متأصّل ومتجذّر ونابع من بيئة عربية غير مخترقة فنيا”، مشيرة إلى أن “ليبيا تعد من البلدان التي تُعلي من أهمية الكلمة، شأنها في ذلك شأن الجنوب التونسي، فالليبيون يعتمدون كثيرا في أحاديثهم على الاستعانة بالأبيات الشعرية والكلمات الموزونة”.
وتضيف غشام في حديثها لـ”العرب” أن “ليبيا ترتكز على مجتمع قبلي وبدوي، يعطي قيمة للصحراء والبدو والخيمة”، لافتة إلى أن “الليبيين لديهم تقاليد وعادات خاصة حتى في الأكل واللباس، ومتمسكون جدا بموروثهم الثقافي ولا يريدون إدخال تعديلات عليه”.
ويحافظ أغلب فناني الجيل الجديد في ليبيا، أسوة بجهابذة الفن الليبي الأصيل، على النمط الموسيقي القديم، مقتدين بأسماء فنية وازنة من أمثال المطرب الراحل محمد حسن ومحمد سليم ونوري كمال ومحمد الفرجاني وتونس مفتاح وفاطمة أحمد، وغيرهم.
أغلب فناني الجيل الجديد في ليبيا يحافظون على النمط الموسيقي القديم أسوة بجهابذة الفن الليبي الأصيل
وتضم الساحة الفنية الليبية الحالية العديد من الأسماء اللامعة التي تشق طريقها بجد نحو النجاح، من أمثال أسماء سليم وسمير الكردي ووليد التلاوي والأخوين رمزي وعصام العبيردي وفوزي المزداوي ومفتاح معيليف ومحمد هدية ورمضان ونيس وعصام الطويل وأحمد السوكني وأحلام اليمني وسيراج الشيخي ورمزي أشهوب وحافظ العروي وباسم الفرجاني وأيمن الدرسي وأبوبكر محمد وعلي العبيدي، وآخرين.
ويشتمل التراث الفني الليبي على العديد من الفنون المختلفة مثل الموسيقى والرقص والتمثيل، ولا يزال الشعراء الليبيون يحافظون على التراث الثقافي والأدبي لبلادهم وينظرون إليه نظرة تقدير، كما يلعبون دورا فعالا في إحياء وتعزيز التقاليد الشعرية الغنية في ليبيا، ويحتفلون بالتراث الثقافي للبلاد من خلال أعمالهم.
وبخصوص ذلك تؤكد الفنانة التونسية نوال غشام أن “هناك بعض البلدان والمجتمعات العربية التي من الصعب أن تغيّر أشياء متجذّرة فيها، ومنها ليبيا والخليج العربي والجزائر من بين المناطق التي ظلت متمسكة بأنماطها الفنية والموسيقية”.
وأشارت غشام التي لها صولات وجولات طويلة في الساحة الفنية الليبية إلى نجاحها فنيا في ليبيا في عدة مناسبات، مشددة على المكانة الهامة التي تحظى بها في الساحة الفنية الليبية.
المحافظة على التراث
الليبيون نجحوا في نشر طابعهم الموسيقي الخاص
يعمل الكثير من الشعراء على الحفاظ على اللهجة العربية الليبية في قصائدهم، وتعزيز استخدامها في أشعارهم، وذلك كوسيلة للحفاظ على التراث اللغوي للبلاد. وغالبا ما يركّز هؤلاء على الإضاءة على قضايا مهمة وطرح موضوعات تشدّ المستمع، كالحس الوطني والتاريخ والفولكلور.وكانت “اختيارات الليبيين منذ القدم المحافظة على موروثهم ونجحوا في ذلك بطريقة مميزة”، بحسب الصحبي شعير، الشاعر التونسي الذي ينحدر من مدينة قابس (جنوب شرق البلاد)، لافتا إلى أن “الفنّ الليبي يحمل أصالة عريقة، فالموروث الفني الليبي ثريّ جدا، حيث يوجد التراث الليبي الشرقي في بنغازي وبرقة، وكذلك الجنوبي وفيه اللمسة الأفريقية، والفن الليبي الغربي ويمتدّ حتى الجنوب التونسي”.
ويؤكد شعير لـ”العرب” أن “الأنماط الشعرية وتركيبة القصائد مميزتان جدا في ليبيا مترامية الأطراف، إذ أن هناك اهتماما كبيرا بالصورة الشعرية، لاسيما أن اللهجة كان لها دور هام في المساعدة على ذلك”، كاشفا أن “بعض القصائد تدرّس في الجامعات”.
ويشير إلى عدد من الشعراء الذين تناولوا في كتاباتهم مواضيع متنوعة وحسّاسة جدا، على غرار ضو الميلوسي وجبريل القابسي وعبدالله بالروين وضو عون وحسن الرجماني، مضيفا أن هناك حشدا آخر من الشعراء جدّد الشعر وفرض المفردات الليبية على المستمع العربي مثل علي الكيلاني وعبدالله منصور. ولافت إلى أن هذا النمط ظهر على سبيل المثال في أغنية “غوالي” للفنانة نوال غشام.
الصحبي شعير: الأنماط الشعرية وتركيبة القصائد مميزتان جدا في ليبيا
ويقول صاحب العديد من المشاركات في أبرز التظاهرات الغنائية والشعرية في ربوع ليبيا “توجد أيضا الردود والملاحم الشعرية في ليبيا، فضلا عن الشعر الصخري، بالإضافة إلى امتلاك الليبيين ما يسمى بـ’المرسكاوي’ وهو لحن جميل جدا، اقتبس منه الفنان المصري الراحل محمد عبدالوهاب بعض الجمل الموسيقية، وفيه أيضا شعر عميق جدا من حيث المفردات، كما أن النمط الموسيقي الليبي امتدّ إلى الجنوب التونسي وهو نمط خفيف وغير معقد وسريع الوصول إلى المستمع”.
و”المرسكاوي” هو لون غنائي منتشر في ليبيا وفن الحياة بمختلف تجلياتها، تحول إلى ديوان الواقع الليبي نظرا لقدرته الفائقة على تحمّل مختلف المضامين والمواضيع، وقد استطاع أن يتجاوب مع الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي وأن يواكب كل التحولات التي عرفتها البلاد.
وشدد الشاعر التونسي على أن “الشعراء الليبيين يمتازون بأخلاق عالية، فهم لا يكتبون في الثلب أو الهجاء، ولديهم حمية من النمط الموسيقي الغربي ولا يسمحون بدخول أنماط جديدة إلى بلادهم”، موضحا أن “هناك اختيارات ثقافية وسياسية في ليبيا، حيث أن الجانب السياسي للدولة يحافظ على النمط القبلي والموسيقي ولا يريد تغييره”.
وتعتبر تجربة الفنان الليبي الراحل محمد حسن مهمة جدا في الوطن العربي، وفق شعير، كاشفا أن السلطة بقيادة الرئيس الراحل معمر القذافي كانت تخصص لها أموالا طائلة. وأضاف أن “الشاعران عبدالله منصور وعلي الكيلاني عملا فيما بعد على تطويرها، حيث كوّنا ما يسمى بـ’الجلسة’، وهي ملاحم فنية وشعرية يشارك فيها فنانون من مصر وسوريا وتونس والأردن وغيرهم”.
ويذكر بعض المهتمين بالأغنية الليبية أن الموسيقى الشعبية في ليبيا، والتي تتفرع عنها الموسيقى البدوية والأندلسية والمالوف، كانت تستخدم ضمن أدوات الدعاية التي اهتم بها القذّافي خلال فترة حكمه، مشيرين إلى أنه انتقى مجموعة من المطربين الشعبيين ممن قدموا العشرات من الأغاني الوطنية التي مجدته واحتفلت بإنجازاته الثورية، وميزهم، ومن أبرزهم الفنان الراحل محمد حسن الذي أيّد النظام السابق في ليبيا ودعمه من خلال أغانيه وموسيقاه، التي بينها أغنية “فكر بلادي فكر الكتاب الأخضر… فكر ينادي يا الخوت الله وأكبر”.
خالد هدوي
صحافي تونسي
الموسيقى الليبية استلهم منها محمد عبدالوهاب واستقطبت الفنانين التونسيين.
الخميس 2024/01/11
الأغاني الليبية فن عريق تتوارثه الأجيال
تحافظ الأغنية الليبية إلى اليوم على طابعها الخاص الذي يميزها مقارنة بغيرها على المستويين العربي والمغاربي، خاصة من ناحية الكلمة التي ينظمها شعراء متشبعون بتراثهم وانتمائهم الثقافي، إضافة إلى الألحان والمغنين الذين حولوا القصائد إلى أغان ذات شهرة، ولعل العلاقة الموسيقية بين تونس وليبيا خير دليل على أهمية هذه الأغاني.
تونس - ظلّت الأغنية الليبية صامدة أمام مختلف الأنماط الموسيقية الشرقية والغربية التي غزت الميدان الفني في السنوات الأخيرة، كما حافظت على عشاقها ومستمعيها رغم تنوع المشهد الفني وثرائه.
وتملك ليبيا موسيقى كلاسيكية تنتشر في مختلف ربوع البلاد، فضلا عن استقطابها لذائقة عشاق الفن في الجنوب التونسي خصوصا، بالإضافة إلى تبوئها مكانة هامة في أفراح التونسيين ومناسباتهم، نظرا إلى كونها تجمع بين اللحن الشجي والصورة الشعرية المعبرة والكلمة الهادفة.
فن أصيل
نوال غشّام: الفنّ الليبي متأصّل ونابع من بيئة عربية غير مخترقة فنيا
تشترك تونس وليبيا في العديد من الأغاني خاصة التراثية منها، وكذلك الأغاني المرتبطة بالأعراس كأغنية “غريبة” و”طق العود” وغيرهما، كما أن مدن الجنوب التونسي والمناطق الغربية في ليبيا تتقاسم الموسيقى والألحان والشعر الشعبي ذاته.
ويعود الفضل إلى عدد من الفنانين التونسيين في انتشار الأغاني الليبية ورواجها سواء في تونس أو في العالم العربي، على غرار الفنانة الراحلة ذكرى محمد التي كانت بمثابة “سفيرة” لهذا النمط الغنائي الذي اشتهرت بحسن أدائها له، وهناك مواطنتها الفنانة نوال غشام التي عرفت نجاحا جماهيريا كبيرا في ليبيا.
وترى نوال غشام أن “الفنّ الليبي متأصّل ومتجذّر ونابع من بيئة عربية غير مخترقة فنيا”، مشيرة إلى أن “ليبيا تعد من البلدان التي تُعلي من أهمية الكلمة، شأنها في ذلك شأن الجنوب التونسي، فالليبيون يعتمدون كثيرا في أحاديثهم على الاستعانة بالأبيات الشعرية والكلمات الموزونة”.
وتضيف غشام في حديثها لـ”العرب” أن “ليبيا ترتكز على مجتمع قبلي وبدوي، يعطي قيمة للصحراء والبدو والخيمة”، لافتة إلى أن “الليبيين لديهم تقاليد وعادات خاصة حتى في الأكل واللباس، ومتمسكون جدا بموروثهم الثقافي ولا يريدون إدخال تعديلات عليه”.
ويحافظ أغلب فناني الجيل الجديد في ليبيا، أسوة بجهابذة الفن الليبي الأصيل، على النمط الموسيقي القديم، مقتدين بأسماء فنية وازنة من أمثال المطرب الراحل محمد حسن ومحمد سليم ونوري كمال ومحمد الفرجاني وتونس مفتاح وفاطمة أحمد، وغيرهم.
أغلب فناني الجيل الجديد في ليبيا يحافظون على النمط الموسيقي القديم أسوة بجهابذة الفن الليبي الأصيل
وتضم الساحة الفنية الليبية الحالية العديد من الأسماء اللامعة التي تشق طريقها بجد نحو النجاح، من أمثال أسماء سليم وسمير الكردي ووليد التلاوي والأخوين رمزي وعصام العبيردي وفوزي المزداوي ومفتاح معيليف ومحمد هدية ورمضان ونيس وعصام الطويل وأحمد السوكني وأحلام اليمني وسيراج الشيخي ورمزي أشهوب وحافظ العروي وباسم الفرجاني وأيمن الدرسي وأبوبكر محمد وعلي العبيدي، وآخرين.
ويشتمل التراث الفني الليبي على العديد من الفنون المختلفة مثل الموسيقى والرقص والتمثيل، ولا يزال الشعراء الليبيون يحافظون على التراث الثقافي والأدبي لبلادهم وينظرون إليه نظرة تقدير، كما يلعبون دورا فعالا في إحياء وتعزيز التقاليد الشعرية الغنية في ليبيا، ويحتفلون بالتراث الثقافي للبلاد من خلال أعمالهم.
وبخصوص ذلك تؤكد الفنانة التونسية نوال غشام أن “هناك بعض البلدان والمجتمعات العربية التي من الصعب أن تغيّر أشياء متجذّرة فيها، ومنها ليبيا والخليج العربي والجزائر من بين المناطق التي ظلت متمسكة بأنماطها الفنية والموسيقية”.
وأشارت غشام التي لها صولات وجولات طويلة في الساحة الفنية الليبية إلى نجاحها فنيا في ليبيا في عدة مناسبات، مشددة على المكانة الهامة التي تحظى بها في الساحة الفنية الليبية.
المحافظة على التراث
الليبيون نجحوا في نشر طابعهم الموسيقي الخاص
يعمل الكثير من الشعراء على الحفاظ على اللهجة العربية الليبية في قصائدهم، وتعزيز استخدامها في أشعارهم، وذلك كوسيلة للحفاظ على التراث اللغوي للبلاد. وغالبا ما يركّز هؤلاء على الإضاءة على قضايا مهمة وطرح موضوعات تشدّ المستمع، كالحس الوطني والتاريخ والفولكلور.وكانت “اختيارات الليبيين منذ القدم المحافظة على موروثهم ونجحوا في ذلك بطريقة مميزة”، بحسب الصحبي شعير، الشاعر التونسي الذي ينحدر من مدينة قابس (جنوب شرق البلاد)، لافتا إلى أن “الفنّ الليبي يحمل أصالة عريقة، فالموروث الفني الليبي ثريّ جدا، حيث يوجد التراث الليبي الشرقي في بنغازي وبرقة، وكذلك الجنوبي وفيه اللمسة الأفريقية، والفن الليبي الغربي ويمتدّ حتى الجنوب التونسي”.
ويؤكد شعير لـ”العرب” أن “الأنماط الشعرية وتركيبة القصائد مميزتان جدا في ليبيا مترامية الأطراف، إذ أن هناك اهتماما كبيرا بالصورة الشعرية، لاسيما أن اللهجة كان لها دور هام في المساعدة على ذلك”، كاشفا أن “بعض القصائد تدرّس في الجامعات”.
ويشير إلى عدد من الشعراء الذين تناولوا في كتاباتهم مواضيع متنوعة وحسّاسة جدا، على غرار ضو الميلوسي وجبريل القابسي وعبدالله بالروين وضو عون وحسن الرجماني، مضيفا أن هناك حشدا آخر من الشعراء جدّد الشعر وفرض المفردات الليبية على المستمع العربي مثل علي الكيلاني وعبدالله منصور. ولافت إلى أن هذا النمط ظهر على سبيل المثال في أغنية “غوالي” للفنانة نوال غشام.
الصحبي شعير: الأنماط الشعرية وتركيبة القصائد مميزتان جدا في ليبيا
ويقول صاحب العديد من المشاركات في أبرز التظاهرات الغنائية والشعرية في ربوع ليبيا “توجد أيضا الردود والملاحم الشعرية في ليبيا، فضلا عن الشعر الصخري، بالإضافة إلى امتلاك الليبيين ما يسمى بـ’المرسكاوي’ وهو لحن جميل جدا، اقتبس منه الفنان المصري الراحل محمد عبدالوهاب بعض الجمل الموسيقية، وفيه أيضا شعر عميق جدا من حيث المفردات، كما أن النمط الموسيقي الليبي امتدّ إلى الجنوب التونسي وهو نمط خفيف وغير معقد وسريع الوصول إلى المستمع”.
و”المرسكاوي” هو لون غنائي منتشر في ليبيا وفن الحياة بمختلف تجلياتها، تحول إلى ديوان الواقع الليبي نظرا لقدرته الفائقة على تحمّل مختلف المضامين والمواضيع، وقد استطاع أن يتجاوب مع الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي وأن يواكب كل التحولات التي عرفتها البلاد.
وشدد الشاعر التونسي على أن “الشعراء الليبيين يمتازون بأخلاق عالية، فهم لا يكتبون في الثلب أو الهجاء، ولديهم حمية من النمط الموسيقي الغربي ولا يسمحون بدخول أنماط جديدة إلى بلادهم”، موضحا أن “هناك اختيارات ثقافية وسياسية في ليبيا، حيث أن الجانب السياسي للدولة يحافظ على النمط القبلي والموسيقي ولا يريد تغييره”.
وتعتبر تجربة الفنان الليبي الراحل محمد حسن مهمة جدا في الوطن العربي، وفق شعير، كاشفا أن السلطة بقيادة الرئيس الراحل معمر القذافي كانت تخصص لها أموالا طائلة. وأضاف أن “الشاعران عبدالله منصور وعلي الكيلاني عملا فيما بعد على تطويرها، حيث كوّنا ما يسمى بـ’الجلسة’، وهي ملاحم فنية وشعرية يشارك فيها فنانون من مصر وسوريا وتونس والأردن وغيرهم”.
ويذكر بعض المهتمين بالأغنية الليبية أن الموسيقى الشعبية في ليبيا، والتي تتفرع عنها الموسيقى البدوية والأندلسية والمالوف، كانت تستخدم ضمن أدوات الدعاية التي اهتم بها القذّافي خلال فترة حكمه، مشيرين إلى أنه انتقى مجموعة من المطربين الشعبيين ممن قدموا العشرات من الأغاني الوطنية التي مجدته واحتفلت بإنجازاته الثورية، وميزهم، ومن أبرزهم الفنان الراحل محمد حسن الذي أيّد النظام السابق في ليبيا ودعمه من خلال أغانيه وموسيقاه، التي بينها أغنية “فكر بلادي فكر الكتاب الأخضر… فكر ينادي يا الخوت الله وأكبر”.
خالد هدوي
صحافي تونسي