أنواع الاحساس - ٢ - الإحسَاس
٦ - حاسة التوازن :
- آلة هذه الحاسة ، الأذن الداخلية ، وهي تحتوي على الأقسام الآتية : ( ١ ) المجاري النصف الدائرية ، وهي : ثلاثة : المجرى الأعلى ، والمجرى الأمامي ، والمجرى الأفقي . فالمجرى الأعلى عمودي من الأمام إلى الوراء ، والمجرى الأمامي عمودي " أيضاً ، ولكنه عرضاني من اليمين إلى اليسار ، ثم المجرى الأفقي وهو من الأمام إلى الوراء كالجرى الأعلى . ( ۲ ) القريبتان اللتان تحتويان على بلورات كلسية ناعمة تدعى ( اوتوليت ) . . ( ۳ ) الحلزون ، وتنتهي اليه أطراف العصب السمعي .
لم يعرف العلماء وظيفة هذه الأقسام إلا في الأيام الأخيرة ، وذلك عندما شاهدوا ان فسادها لا يحدث خللا في السمع ، بل يحدث خللا في حركات الحيوان ، يصاب معه بدوار ، يجعله يسقط إلى الامام أو إلى الوراء . وقد اثبتت التجربة اليوم ان توازن الحيوان تابع للمجاري الدائرية والقريبتين ، وهي كلها آلة التوازن : والعصب الحسي الذي ينتهي اليها يتصل بالمخيخ ، وهو مستقل عن الصعب السمعي . ثم ان ( سيون ) ( ١ ) . أثبت ان قطع المجاري الافقية في الضفدعة يجعلها تسبح على خط مستقيم ، وان قطع المجاري العمودية يجعل الضفدعة تقفز بارتجاج .
ان أعضاء التوازن تطلعنا على كل تغير في أوضاع الرأس ومجموع الجسد ، وبالرغم من أن أمور التوازن مختلطة بأمور الحركة واللمس ، فاننا نستطيع فصلها بسهولة . قال ابينفوس : « إذا درت على عقبك وأنت مغمض العينين عدة مرات ، ثم وقفت فجأة ، أحسست بعد وقوفك انك تدور في الجهة المخالفة . ان هذا الاحساس متولد من المجاري الدائرية ، لأن السائل الموجود في المجرى الأفقي يدور برهة بعد الوقوف الفجائي ، فيؤثر دورانه في أعصاب الحس ، وتحدث هذه الأعصاب احساساً مضاداً للأول . وإذا درت بسرعة حول دائرة كبيرة كما تدور أحصنة الخشب في الدوارة شعرت بميل إلى الخروج من الدائرة ، وإذا . صعد بك الرافع ثم وقف فجأة شعرت بميل الى النزول . ان هذه الاحساسات ناشئة عن أعضاء التوازن ( ۲ ) .
من الصعب تربية حاسة التوازن ، إلا أن بعض الحرف تنمي هذه الحاسة تنمية تلقائية كحرفة البناء أو النجار أو البهلوان . ان فساد اعضاء التوازن يحدث دواراً ويولد مرض الخوف من الفضاء ، ( Agoraphobie ) ، وهو يمنع المريض من السير وحده ، لأنه يخاف من الفضاء ، فيستند إلى الجدار حذراً من الوقوع في منتصف الطريق .
٧ - الذوق :
- ان احساس الذوق احساس مبهم . نعم ان العلماء يحاولون تصنيف الطعوم ، ولكنهم لا يأتون بشيء نهائي مقنع ، فمما ذكره ( ابينغوس ) اننا اذا جردنا احساس الذوق من أمور اللمس والروائح امكن تقسيم الطعوم إلى اربعة اقسام أساسية وهي : الحلاوة ، والحموضة ، والملوحة ، والمرارة . ولكن التجربة لم تؤيد بعد هذا التصنيف .
ان نمو حاسة الذوق ليس ضرورياً لكل انسان ، وانما هو ضروري للطاهي ، وبائع الحمر ، وغيرهما من أرباب الحرف الخاصة ، لأن الحكمة تقتضي انتخاب الاطعمة النافعة لا الأطعمة اللذيذة . وربما كان الانسان دون الحيوان في معرفة الطعام النافع لجسمه ، لأنه كثيراً ما يسمم بدنه بالكحول ، والتوابل القوية ، فمن الضروري اذن تعويد حاسة الذوق التلذذ بالأطعمة النافعة ، وخير للانسان أن يخشوشن ، ويزهد في طعامه ، من أن يكون دقيق الذوق ، قليل الاعتدال ، نهما .
ومع ذلك فان حاسة الذوق قد أيقظت فاعلية الانسان ، فدفعته إلى البحث عن المواد الغذائية في المناطق البعيدة لفقدانها في أرضه ، فازدادت المبادلات والاتصالات ، وتقدمت الزراعة والصناعة والتجارة ، واتسمت علائق الناس بعضهم ببعض .
٨ - الشم :
- وأما الشم فانه و ان كان الانسان أبلغ حيلة فيه من سائر الحيوانات الا ان رسوم الروائح في نفسه رسوم ضعيفة ، لأنه يمشي منتصبا ، فلا تتأدى الروائح اليه إلا بعد أن تنتشر وتضعف . ولذلك كان ما يصل منها إلى الحيوانات فوق ما يصل إلى الانسان بكثير ، لأن الحيوانات تبحث عن غذائها في الأرض ، فتبقى آلات الشم عندها قريبة من المشمومات ، ويصبح بذلك ادراكها للروائح قوياً جداً . وبالرغم من اقتران الروائح بالطعوم ، فان الإنسان ابلغ حيلة في التسمم والتنشق ، فيستطيع بذلك أن يفرق بين الروائح ، ويطلع بها على حالة الهواء الذي يستنشقه ، ويعرف اجزاء الروائح الصغيرة الموجودة في التبغ والمسك والكافور ، فآلة الشم اذن آلة تحليل كيماوي لا يستغنى عنها في معرفة تركيب بعض الأجسام وخواصها .
٩ - السمع :
- المسموعات قسمان : ضجة وصوت . فالضجة تحدث عن امواج غير منتظمة ، والصوت يحدث عن أمواج منتظمة . ان علماء الطبيعة يفرقون بين
الأصوات بحسب الارتفاع والشدة والجرس . فالارتفاع ينشأ عن عدد الأمواج ، والشدة تنشأ عن سعتها ، أما الجرس فينشأ عن اختلاف الأصوات الفرعية التي تصحب الصوت الأصلى ، فصوت ( الره ) يختلف مثلا عن صوت ( الدو ) بارتفاعه و ( الره ) في المود ليست ك ( الره ) في الكمان لاختلاف الأصوات الفرعية في كل من هاتين الآلتين . ولذلك كان جرس العود مختلفاً عن جرس الكمان .
والسمع أكثر الحواس السالفة قيمة من الوجهة العقلية ، به ندرك الكلام ونتفاهم ، وهو حاسة فنية ، لا بل هو اساس الموسيقى .
والسمع آلة تحليل تساعد على معرفة عناصر الانغام ، وما تحتوي عليه من أصوات آلية وأصوات طبيعية .
ومن السهل تربية هذه الحاسة بالغناء والموسيقى والانشاد والقراءة . ومما يجب أن يتعوده الأطفال سماع الأصوات الدقيقة ، لأن شدة الأصوات قد تصم آذانهم . وخير تربية للسمع ان تعود الاذن ادراك الأشياء بأصواتها المختلفة ، فتفرق بالسمع بين السيارة والطيارة ، وبين نغمات العيدان واصطحاب الأوتار ، وتعين جهة الجسم المقروع ، وبعده ، وحركته . ان السمع طبيعي ، ولكن حسن الاستماع كسبي .
١٠ - البصر :
- بالبصر ندرك الاشكال والألوان . والألوان التي تدركها العين كثيرة ، حتى لقد قال بعضهم انها تبلغ مليون لون أو أكثر . وبالرغم من كثرة الالوان فاننا نرجمها إلى أجناس أصلية ، ونفرق بينها بحسب نوعها ، ودرجة اشباعها ووضوحها ويمكننا أن نبين ذلك بالشكل التالي ( شكل ٣٤ ) .
لنتصور مثمناً مجسماً ، ولتكن الألوان الأصلية موزعة على سطحه كما ترى في الشكل ولتكن لهذه الألوان التي على سطح المثمن اعظم درجة من الاشباع ، فكلما تقربت من المركز قلت درجة الاشباع ، حق تنتهي إلى الرمادي . وليكن وضوح الألوان تابعاً للمحور العمودي المار بالأسود والأبيض ، فالأسود أكثر الألوان قتاماً والأبيض أكثرها وضوحاً . ان ترتيب الالوان على هذه لنا الصورة الوهمية يوضح مرض ( الدالتونيزم ) ( ۱ ) وهو مرض الالوان . ان المصاب بهذا المرض يخطىء في رؤية بعض الالوان ، فلا يفرق مثلا بين الاحمر والاخضر ، يرى الاحمر أسود ، والاخضر رمادياً واضحاً . وإذا أردنا أن نبين ذلك في الشكل ، قلنا ان المصاب بمرض الدالتونيزم لا يرى من الألوان إلا ما هو على السطح العمودي المحدود بالابيض والازرق والاسود والاصفر .
ثم اننا بالبصر ندرك الاشكال ، ولذلك قيل ان حاسة البصر حاسة هندسية . وهي أكثر الحواس قيمة من الوجهة العقلية ، لانها تمتاز على غيرها بتفهم الاشكال والمسائل العلمية . ولم تتصف دراسة الصوت بالصفات العلمية ، إلا عندما استطاع العلماء أن يرسموا أمواج الصوت على اسطوانة سوداء . هكذا صار في وسع العالم أن يرسم أشكال الظواهر ويقيس صورها ، ويدرس خواصها . فالبصر اذن أحسن آلة للعلم ، ولولاه لما تكاملت الهندسة .
یری ان لتربية حاسة البصر طرائق مختلفة .
فأما أن نربي حاسة الالوان واما ان نربي حاسة الاشكال . ولذلك انقسم المصورون إلى قسمين فمنهم من يرى في الطبيعة ألواناً ومنهم من أشكالاً . لقد كانت الطبيعة في عيني ) دولاكروا ) بقعاً من الالوان فقط . وكانت في عيني ( انغر ( مؤلفة من خطوط و اشكال مختلفة . ان ادراك النور يسبق ادراك الالوان ، فالطفل يحس بالنور قبل أن يفرق بين الالوان . وتصاوير الانسان الاول التي وجدت في الكهوف لا تشتمل على اللون الاخضر واللون الازرق ، بل تشتمل على الاحمر والاسود ومركباتهما ، ولست تجد في العهد القديم وفي كتب هوميروس ذكراً للاخضر والازرق . وأكثر الناس لا يدركون من الالوان إلا عدداً محدوداً ، ويكفيهم ان يعرفوا الالوان الاساسية ، اما معرفة الاشكال فهي ضرورية لكل انسان . ليس كل انسان كعمال السجاد محتاجاً إلى معرفة ألفي لون أو ثلاثة آلاف لون ، لكن كل انسان مضطر إلى تقدير ابعاد الاجسام ، ومسافاتها ، ومعرفة مساواة الخطوط والزوايا ، أو عدم مساواتها . ومن السهل تعويد العين ادراك الاشكال ، والمسافات بممارسة بعض الالعاب التربوية . والرسم يقوي ادراك العين ، كما ان الموسيقى تقوي حاسة السمع .
٦ - حاسة التوازن :
- آلة هذه الحاسة ، الأذن الداخلية ، وهي تحتوي على الأقسام الآتية : ( ١ ) المجاري النصف الدائرية ، وهي : ثلاثة : المجرى الأعلى ، والمجرى الأمامي ، والمجرى الأفقي . فالمجرى الأعلى عمودي من الأمام إلى الوراء ، والمجرى الأمامي عمودي " أيضاً ، ولكنه عرضاني من اليمين إلى اليسار ، ثم المجرى الأفقي وهو من الأمام إلى الوراء كالجرى الأعلى . ( ۲ ) القريبتان اللتان تحتويان على بلورات كلسية ناعمة تدعى ( اوتوليت ) . . ( ۳ ) الحلزون ، وتنتهي اليه أطراف العصب السمعي .
لم يعرف العلماء وظيفة هذه الأقسام إلا في الأيام الأخيرة ، وذلك عندما شاهدوا ان فسادها لا يحدث خللا في السمع ، بل يحدث خللا في حركات الحيوان ، يصاب معه بدوار ، يجعله يسقط إلى الامام أو إلى الوراء . وقد اثبتت التجربة اليوم ان توازن الحيوان تابع للمجاري الدائرية والقريبتين ، وهي كلها آلة التوازن : والعصب الحسي الذي ينتهي اليها يتصل بالمخيخ ، وهو مستقل عن الصعب السمعي . ثم ان ( سيون ) ( ١ ) . أثبت ان قطع المجاري الافقية في الضفدعة يجعلها تسبح على خط مستقيم ، وان قطع المجاري العمودية يجعل الضفدعة تقفز بارتجاج .
ان أعضاء التوازن تطلعنا على كل تغير في أوضاع الرأس ومجموع الجسد ، وبالرغم من أن أمور التوازن مختلطة بأمور الحركة واللمس ، فاننا نستطيع فصلها بسهولة . قال ابينفوس : « إذا درت على عقبك وأنت مغمض العينين عدة مرات ، ثم وقفت فجأة ، أحسست بعد وقوفك انك تدور في الجهة المخالفة . ان هذا الاحساس متولد من المجاري الدائرية ، لأن السائل الموجود في المجرى الأفقي يدور برهة بعد الوقوف الفجائي ، فيؤثر دورانه في أعصاب الحس ، وتحدث هذه الأعصاب احساساً مضاداً للأول . وإذا درت بسرعة حول دائرة كبيرة كما تدور أحصنة الخشب في الدوارة شعرت بميل إلى الخروج من الدائرة ، وإذا . صعد بك الرافع ثم وقف فجأة شعرت بميل الى النزول . ان هذه الاحساسات ناشئة عن أعضاء التوازن ( ۲ ) .
من الصعب تربية حاسة التوازن ، إلا أن بعض الحرف تنمي هذه الحاسة تنمية تلقائية كحرفة البناء أو النجار أو البهلوان . ان فساد اعضاء التوازن يحدث دواراً ويولد مرض الخوف من الفضاء ، ( Agoraphobie ) ، وهو يمنع المريض من السير وحده ، لأنه يخاف من الفضاء ، فيستند إلى الجدار حذراً من الوقوع في منتصف الطريق .
٧ - الذوق :
- ان احساس الذوق احساس مبهم . نعم ان العلماء يحاولون تصنيف الطعوم ، ولكنهم لا يأتون بشيء نهائي مقنع ، فمما ذكره ( ابينغوس ) اننا اذا جردنا احساس الذوق من أمور اللمس والروائح امكن تقسيم الطعوم إلى اربعة اقسام أساسية وهي : الحلاوة ، والحموضة ، والملوحة ، والمرارة . ولكن التجربة لم تؤيد بعد هذا التصنيف .
ان نمو حاسة الذوق ليس ضرورياً لكل انسان ، وانما هو ضروري للطاهي ، وبائع الحمر ، وغيرهما من أرباب الحرف الخاصة ، لأن الحكمة تقتضي انتخاب الاطعمة النافعة لا الأطعمة اللذيذة . وربما كان الانسان دون الحيوان في معرفة الطعام النافع لجسمه ، لأنه كثيراً ما يسمم بدنه بالكحول ، والتوابل القوية ، فمن الضروري اذن تعويد حاسة الذوق التلذذ بالأطعمة النافعة ، وخير للانسان أن يخشوشن ، ويزهد في طعامه ، من أن يكون دقيق الذوق ، قليل الاعتدال ، نهما .
ومع ذلك فان حاسة الذوق قد أيقظت فاعلية الانسان ، فدفعته إلى البحث عن المواد الغذائية في المناطق البعيدة لفقدانها في أرضه ، فازدادت المبادلات والاتصالات ، وتقدمت الزراعة والصناعة والتجارة ، واتسمت علائق الناس بعضهم ببعض .
٨ - الشم :
- وأما الشم فانه و ان كان الانسان أبلغ حيلة فيه من سائر الحيوانات الا ان رسوم الروائح في نفسه رسوم ضعيفة ، لأنه يمشي منتصبا ، فلا تتأدى الروائح اليه إلا بعد أن تنتشر وتضعف . ولذلك كان ما يصل منها إلى الحيوانات فوق ما يصل إلى الانسان بكثير ، لأن الحيوانات تبحث عن غذائها في الأرض ، فتبقى آلات الشم عندها قريبة من المشمومات ، ويصبح بذلك ادراكها للروائح قوياً جداً . وبالرغم من اقتران الروائح بالطعوم ، فان الإنسان ابلغ حيلة في التسمم والتنشق ، فيستطيع بذلك أن يفرق بين الروائح ، ويطلع بها على حالة الهواء الذي يستنشقه ، ويعرف اجزاء الروائح الصغيرة الموجودة في التبغ والمسك والكافور ، فآلة الشم اذن آلة تحليل كيماوي لا يستغنى عنها في معرفة تركيب بعض الأجسام وخواصها .
٩ - السمع :
- المسموعات قسمان : ضجة وصوت . فالضجة تحدث عن امواج غير منتظمة ، والصوت يحدث عن أمواج منتظمة . ان علماء الطبيعة يفرقون بين
الأصوات بحسب الارتفاع والشدة والجرس . فالارتفاع ينشأ عن عدد الأمواج ، والشدة تنشأ عن سعتها ، أما الجرس فينشأ عن اختلاف الأصوات الفرعية التي تصحب الصوت الأصلى ، فصوت ( الره ) يختلف مثلا عن صوت ( الدو ) بارتفاعه و ( الره ) في المود ليست ك ( الره ) في الكمان لاختلاف الأصوات الفرعية في كل من هاتين الآلتين . ولذلك كان جرس العود مختلفاً عن جرس الكمان .
والسمع أكثر الحواس السالفة قيمة من الوجهة العقلية ، به ندرك الكلام ونتفاهم ، وهو حاسة فنية ، لا بل هو اساس الموسيقى .
والسمع آلة تحليل تساعد على معرفة عناصر الانغام ، وما تحتوي عليه من أصوات آلية وأصوات طبيعية .
ومن السهل تربية هذه الحاسة بالغناء والموسيقى والانشاد والقراءة . ومما يجب أن يتعوده الأطفال سماع الأصوات الدقيقة ، لأن شدة الأصوات قد تصم آذانهم . وخير تربية للسمع ان تعود الاذن ادراك الأشياء بأصواتها المختلفة ، فتفرق بالسمع بين السيارة والطيارة ، وبين نغمات العيدان واصطحاب الأوتار ، وتعين جهة الجسم المقروع ، وبعده ، وحركته . ان السمع طبيعي ، ولكن حسن الاستماع كسبي .
١٠ - البصر :
- بالبصر ندرك الاشكال والألوان . والألوان التي تدركها العين كثيرة ، حتى لقد قال بعضهم انها تبلغ مليون لون أو أكثر . وبالرغم من كثرة الالوان فاننا نرجمها إلى أجناس أصلية ، ونفرق بينها بحسب نوعها ، ودرجة اشباعها ووضوحها ويمكننا أن نبين ذلك بالشكل التالي ( شكل ٣٤ ) .
لنتصور مثمناً مجسماً ، ولتكن الألوان الأصلية موزعة على سطحه كما ترى في الشكل ولتكن لهذه الألوان التي على سطح المثمن اعظم درجة من الاشباع ، فكلما تقربت من المركز قلت درجة الاشباع ، حق تنتهي إلى الرمادي . وليكن وضوح الألوان تابعاً للمحور العمودي المار بالأسود والأبيض ، فالأسود أكثر الألوان قتاماً والأبيض أكثرها وضوحاً . ان ترتيب الالوان على هذه لنا الصورة الوهمية يوضح مرض ( الدالتونيزم ) ( ۱ ) وهو مرض الالوان . ان المصاب بهذا المرض يخطىء في رؤية بعض الالوان ، فلا يفرق مثلا بين الاحمر والاخضر ، يرى الاحمر أسود ، والاخضر رمادياً واضحاً . وإذا أردنا أن نبين ذلك في الشكل ، قلنا ان المصاب بمرض الدالتونيزم لا يرى من الألوان إلا ما هو على السطح العمودي المحدود بالابيض والازرق والاسود والاصفر .
ثم اننا بالبصر ندرك الاشكال ، ولذلك قيل ان حاسة البصر حاسة هندسية . وهي أكثر الحواس قيمة من الوجهة العقلية ، لانها تمتاز على غيرها بتفهم الاشكال والمسائل العلمية . ولم تتصف دراسة الصوت بالصفات العلمية ، إلا عندما استطاع العلماء أن يرسموا أمواج الصوت على اسطوانة سوداء . هكذا صار في وسع العالم أن يرسم أشكال الظواهر ويقيس صورها ، ويدرس خواصها . فالبصر اذن أحسن آلة للعلم ، ولولاه لما تكاملت الهندسة .
یری ان لتربية حاسة البصر طرائق مختلفة .
فأما أن نربي حاسة الالوان واما ان نربي حاسة الاشكال . ولذلك انقسم المصورون إلى قسمين فمنهم من يرى في الطبيعة ألواناً ومنهم من أشكالاً . لقد كانت الطبيعة في عيني ) دولاكروا ) بقعاً من الالوان فقط . وكانت في عيني ( انغر ( مؤلفة من خطوط و اشكال مختلفة . ان ادراك النور يسبق ادراك الالوان ، فالطفل يحس بالنور قبل أن يفرق بين الالوان . وتصاوير الانسان الاول التي وجدت في الكهوف لا تشتمل على اللون الاخضر واللون الازرق ، بل تشتمل على الاحمر والاسود ومركباتهما ، ولست تجد في العهد القديم وفي كتب هوميروس ذكراً للاخضر والازرق . وأكثر الناس لا يدركون من الالوان إلا عدداً محدوداً ، ويكفيهم ان يعرفوا الالوان الاساسية ، اما معرفة الاشكال فهي ضرورية لكل انسان . ليس كل انسان كعمال السجاد محتاجاً إلى معرفة ألفي لون أو ثلاثة آلاف لون ، لكن كل انسان مضطر إلى تقدير ابعاد الاجسام ، ومسافاتها ، ومعرفة مساواة الخطوط والزوايا ، أو عدم مساواتها . ومن السهل تعويد العين ادراك الاشكال ، والمسافات بممارسة بعض الالعاب التربوية . والرسم يقوي ادراك العين ، كما ان الموسيقى تقوي حاسة السمع .
تعليق