أنواع الاحساس - ١ - الإحسَاس
أنواع الاحساس
لنذكر الآن أنواع الاحساس على سبيل التصنيف ، ولنبين حال كل منها . إن القدماء لم يعرفوا من الحواس إلا خمساً ، وهي اللمس ، والذوق ، والشم ، والسمع ، والبصر ، ولكن المتأخرين كشفوا عن اعصاب حسية جديدة ، فقسموا اللمس إلى حواس مختلفة . ووجدوا في الأذن حاسة جديدة سموها حاسة التوازن ، وهكذا أصبح عدد الحواس عند المتأخرين عشرة على الأقل . ولنبحث الآن في كل من هذه الاحساسات على حدته •
۱ - الحس المشترك ( ۲ ) :
- ويسمى أيضاً الحس الباطني . والحس الداخلي ، وهو يتولد من تبدل أحوال الجسم ، ولا سيما تبدل العضلات ، والاعصاب ، والجهاز الهضمي والجهاز التنفسي . وأعضاء الدورة الدموية . ونحن نطلع بوساطته على تعب الاعضاء وانحطاط الاعصاب ، والجوع ، والعطش ، وضيق الصدر ، والاختناق ، وانقباض القلب ، الأحشاء وغير ذلك من الاحساسات ، وقد سمي أيضاً بالحساسية الداخلية العامة وحمى Cénésthenic » لأنه مشترك بين جميع الأعضاء . وهو أقرب إلى الانفعال منه إلى التصور . ولذلك كان من الصعب الاعتماد عليه في معرفة الأعضاء الباطنة معرفة حقيقية .
إن تنمية هذه الحاسة ليست ضرورية ، لأنها تولد كثيراً من الاوهام . نعم إن نمو الحس الداخلي يجعل الإنسان يصف تبدلات اعضائه الباطنية وصفاً دقيقاً ، ولكننا لسنا بحاجة إلى هذا الوصف ، لأن المريض يستطيع أن يعرف من تلقاء نفسه كثيراً مما يجري في داخله فيصف ذلك للطبيب وصفاً محكماً . حتى أن بعض الامراض العصبية يكون مصحوباً بحالة يسمونها هذيان رؤية الذات ( Autoscopic ) .
وإذا كثر اهتمام الانسان باحساسه الباطني إزدادت أوهامه ، وظن نفسه مريضاً ، وسمم حياته بالخوف من مرض خيالي .
٣ - اللمس :
- اللمس أول الحواس ، ولا بد منه لكل حيوان . والأمور التي تلمس هي : الحرارة ، والبرودة ، والرطوبة ، واليبوسة ، والخشونة ، والملاسة ، والضغط ، والثقل ، والخفة ، والصلابة ، واللين ، واللزوجة ، والهشاشة . ولكن العلماء أخرجوا أمور الحرارة والبرودة من الملموسات ، وأثبتوا لها حاسة خاصة . فاللمس إذن حاسة مركبة تشتمل على عناصر مختلفة . وهو كما قلنا أول الحواس ، لأن آلته اعصاب منتشرة في كل نواحي البدن ، ويمكننا أن نعتبر كل حاسة من الحواس نوعاً من استحالة الأعصاب ، فالبصر حالة من أحوال اللمس ، لأن عصبه يتأثر بملامسة أمواج الصوت . ولذلك قال العلماء إن اللمس حوض تتولد منه جميع الحواس ، ولعل التطور لم يولد بعد جميع الحواس الكامنة في البدن .
إن قوة اللمس ناشئة عن كثرة الأعصاب المنتشرة في البدن ، فكلما كان العضو أكثر عصباً كانت قوة اللمس أشد . مثال ذلك أن اطراف الاصابع أشد احساساً من الساعد . والساعد أكثر إحساساً من الظهر . والعلماء يقيسون قوة حاسة اللمس ببيكار ( ويبر ) أو بالاستزيو متر ( شكل ۳۲ ) .
إن نمو الاحساس بالخشونة والملاسة ليس ضرورياً لكل إنسان ، بل هو ضروري لتجار الاقمشة والورق ، فأصحاب المطابع يفرقون بين الورق الخشن والورق الأملس ، كما أن التجار يفرقون بين الأقمشة الصوفية والأقمشة القطنية .
وربما قيل ان كل ماله لمس فله في ذاته حركة . وهذا الامتزاج بين الحركة واللمس يجعل مفارقة اللمس للعناصر العضلية المحركة صعباً جداً ، إلا أن الاحساس بالخشونة والملاسة لا يقتضي الحركة اضطراراً ، وخير طريقة لتربية اللمس ان يجمع بينه وبين الاحساس العضلي ، وتنمية هذا الإحساس الأخير خير واسطة لاتقان الصناعات اليدوية .
( شکل - ۳۲ )
۱ - آلة لقياس عتبة الاحساس وسعته ٢ استزيو متر دو دبوس
٣ - حاسة الحرارة والبرودة :
- كان القدماء يقولون ان حاسة اللمس تدرك أمور الحرارة والبرودة ، ولكن علماء اليوم أثبتوا أن لأمور الحرارة والبرودة حاسة خاصة مستقلة عن حاسة اللمس . وذلك انك إذا نبهت بعض أطراف البدن بمؤثرات دقيقة ، عن وجدت أن الحساسية ليست منتشرة في جميع أجزائه على السواء ، وأن هناك نقاط منفردة تشعر بالحرارة والبرودة ، والثقل ، والضغط ، والألم ، وأن نقاط الحرارة مختلفة عن نقاط البرودة ونقاط الضغط . فإذا أردت أن تعين نقاط البرودة المس بعض النقاط العارية من الشعر ( كظهر اليد بين السبابة والابهام ) فتشعر أولاً بلمس ، ثم تشعر بعد قليل ببرودة .
وقد أثبت ( شارل ريشه ) استقلال حاسة الحرارة والبرودة ، عن حاسة اللمس بتجربته المعروفة . وذلك انه حقن ضفدعة بقليل من الستريكنين فضاعف إحساسها اللمسي ، وأفقدها الاحساس بالتضاد بين الحار والبارد ( ۱ ) . وهذا يدل على أن لهاتين الحاستين آلتين مختلفتين .
( شکل - ۳۳ )
نقاط الضغط والحرارة والبرودة
( نقاط الضغط سوداء ونقاط البرودة بيضاء ، أما النقاط الأخرى فهي نقاط الحرارة ) .
إن حاسة الحرارة والبرودة لا تطلعنا على حرارة الأجسام الخارجية وبرودتها إلا على سبيل الاضافة ، لأن حرارة الأجسام تابعة لحرارة البدن ، فقد يكون الشيء حاراً أو يكون بارداً ، إلا إن حرارته إضافية لا نطلع عليها إلا بواسطة البدن ،
فعلى الانسان أن يشك إذن في هذه الحاسة لأن البدن ليس مقياساً للحرارة .
٤ - حاسة الالم :
- قلنا عند البحث في شروط اللذة والألم ( ص - ٢٠٥ ) ان بعض العلماء يقررون وجود حاسة خاصة يطلقون عليها اسم حاسة الألم . ويمكننا تلخيص أدلتهم كما يلي :
١ - إن الاحساس بالألم متأخر عن الاحساس باللمس والاحساس بالحرارة والبرودة . وهذا يدل على استقلال احساس الألم عن هذين الاحساسين .
٢ - يمكن فصل إحساس الألم عن إحساس اللمس بحقن الجلد ببعض المواد . فاما أن يزول الاحساس بالألم ، ويبقى إحساس اللمس ، وأما أن يزول إحساس اللمس ويبقى إحساس الألم . وكل من هذين المثالين يدل على استقلال إحساس الألم عن غيره من الاحساسات .
٣ - إن الأعصاب الحسية الفاشية في الادمة ، أطرافاً مستقلة تدرك الألم . وقد أثبت العالم الفيسيولوجي ( فون فري Frey ) سنة ١٨٩٤ أن في ظاهر الجلد نقاطاً تدرك الألم كما أن فيه نقاطا لإدراك الحرارة والبرودة .
٤ - حاسة الحركة :
- وهي الحاسة التي نطلع بها على حركات أعضائنا وأوضاعها . والحركة أخت اللمس ، أو هي كما قال بعضهم أخت جميع الحواس ، وهي إما أن تكون حركة انتقال مكان إلى مكان ، وإما أن تكون حركة انقباض و انبساط في الأعضاء . من مثال ذلك حركات اليد ، والرجل ، . ، والاصابع ، انك تطلع عليها بحاسة الحركة . فسواء أكانت الحركة إرادية أم غير إرادية ، فاننا نطلع عليها بغير اللمس ، فنشعر بانبساط أصابعنا وإنقباضها بطريق المفاصل . أو بطريق الأعصاب المنتشرة في العضلات ، ويشبه أن تكون العضلات مركز الاحساس بالتعب ، والتقبض ، والتقلص ، والتشنج ، لأنها تشتمل على بعض الأعصاب الحسية ، ولكنها لا تنفرد وحدها بإحساس الحركة . إن في المفاصل وأغلفتها أعصاباً حسية تجعلنا نشعر أيضاً بالحركات المنفعلة التي لا تقتضي جهداً إراديا . فللحس العضلي إذن شأن في الحركات الارادية ، لأنها تقتضي جهداً عضليا ، أما الحركات التي تنشأ عن سبب خارجي فآلتها أعصاب المفاصل وأوتار العضلات . وجملة القول أن العلماء يسمون هذه الاحساسات عضلية كانت أو مفصلية حاسة الحركة ) Sens Kinesthesique ) . فحاسة الحركة هي إذن آلة الاطلاع على الجهد ، والتعب ، والتشنج ، والمقاومة . وفرقوا بين الاحساس بالمقاومة والاحساس بالضغط ؛ فقالوا إن الأول تابع لحاسة الحركة ، أما الثاني فتابع الحاسة اللمس .
تختلف الحركات باختلاف الأعضاء وباختلاف عدد العضلات المتحركة ، وقوتها ، وتعبها ، كما تختلف أيضاً باختلاف جهة الحركة ومدتها وشدتها .
إذا طويت ساعدي أحسست بحركة في جهة المرفق ، وإذا قبضت سبابتي كمن يريد أن يضغط زياد بندقية أحسست بتعب حادث عن تأثر المفاصل .
لحاسة الحركة تأثير عظيم في توليد تصور المكان ، ولا مجال لذكر هذا التأثير هنا ، لأننا سنعود اليه في فصل الإدراك . فلنقتصر الآن إذن على بيان خطورة هذه الحاسة من الوجهة العملية . إن لهذه الحاسة تأثيراً في إتقان الألعاب الرياضية ، والصنائع اليدوية . انظر إلى لاعب السيف كيف يحرك يده وهو يضرب خصمه . إنه يعرف درجة إنحناء ساعده من غير أن ينظر اليه . ثم أنظر إلى الزالج على الجليد كيف يدفع رجله إلى الأمام . انه يعرف أوضاع نعله واتجاهه ، ويعرف كيف يقرب رجليه ، وكيف يبعدهما ، وكيف يضغط بها فعله ، إن مركز جميع هذه الاحساسات هو مفصل الكعب فوق القدم .
إذا كانت حاسة الحركة غير تامية في الإنسان كان صاحبها أهلا لأن يكون حداداً أو حطاباً ، لا أن يكون جراحاً أو طبيب اسنان .
أنواع الاحساس
لنذكر الآن أنواع الاحساس على سبيل التصنيف ، ولنبين حال كل منها . إن القدماء لم يعرفوا من الحواس إلا خمساً ، وهي اللمس ، والذوق ، والشم ، والسمع ، والبصر ، ولكن المتأخرين كشفوا عن اعصاب حسية جديدة ، فقسموا اللمس إلى حواس مختلفة . ووجدوا في الأذن حاسة جديدة سموها حاسة التوازن ، وهكذا أصبح عدد الحواس عند المتأخرين عشرة على الأقل . ولنبحث الآن في كل من هذه الاحساسات على حدته •
۱ - الحس المشترك ( ۲ ) :
- ويسمى أيضاً الحس الباطني . والحس الداخلي ، وهو يتولد من تبدل أحوال الجسم ، ولا سيما تبدل العضلات ، والاعصاب ، والجهاز الهضمي والجهاز التنفسي . وأعضاء الدورة الدموية . ونحن نطلع بوساطته على تعب الاعضاء وانحطاط الاعصاب ، والجوع ، والعطش ، وضيق الصدر ، والاختناق ، وانقباض القلب ، الأحشاء وغير ذلك من الاحساسات ، وقد سمي أيضاً بالحساسية الداخلية العامة وحمى Cénésthenic » لأنه مشترك بين جميع الأعضاء . وهو أقرب إلى الانفعال منه إلى التصور . ولذلك كان من الصعب الاعتماد عليه في معرفة الأعضاء الباطنة معرفة حقيقية .
إن تنمية هذه الحاسة ليست ضرورية ، لأنها تولد كثيراً من الاوهام . نعم إن نمو الحس الداخلي يجعل الإنسان يصف تبدلات اعضائه الباطنية وصفاً دقيقاً ، ولكننا لسنا بحاجة إلى هذا الوصف ، لأن المريض يستطيع أن يعرف من تلقاء نفسه كثيراً مما يجري في داخله فيصف ذلك للطبيب وصفاً محكماً . حتى أن بعض الامراض العصبية يكون مصحوباً بحالة يسمونها هذيان رؤية الذات ( Autoscopic ) .
وإذا كثر اهتمام الانسان باحساسه الباطني إزدادت أوهامه ، وظن نفسه مريضاً ، وسمم حياته بالخوف من مرض خيالي .
٣ - اللمس :
- اللمس أول الحواس ، ولا بد منه لكل حيوان . والأمور التي تلمس هي : الحرارة ، والبرودة ، والرطوبة ، واليبوسة ، والخشونة ، والملاسة ، والضغط ، والثقل ، والخفة ، والصلابة ، واللين ، واللزوجة ، والهشاشة . ولكن العلماء أخرجوا أمور الحرارة والبرودة من الملموسات ، وأثبتوا لها حاسة خاصة . فاللمس إذن حاسة مركبة تشتمل على عناصر مختلفة . وهو كما قلنا أول الحواس ، لأن آلته اعصاب منتشرة في كل نواحي البدن ، ويمكننا أن نعتبر كل حاسة من الحواس نوعاً من استحالة الأعصاب ، فالبصر حالة من أحوال اللمس ، لأن عصبه يتأثر بملامسة أمواج الصوت . ولذلك قال العلماء إن اللمس حوض تتولد منه جميع الحواس ، ولعل التطور لم يولد بعد جميع الحواس الكامنة في البدن .
إن قوة اللمس ناشئة عن كثرة الأعصاب المنتشرة في البدن ، فكلما كان العضو أكثر عصباً كانت قوة اللمس أشد . مثال ذلك أن اطراف الاصابع أشد احساساً من الساعد . والساعد أكثر إحساساً من الظهر . والعلماء يقيسون قوة حاسة اللمس ببيكار ( ويبر ) أو بالاستزيو متر ( شكل ۳۲ ) .
إن نمو الاحساس بالخشونة والملاسة ليس ضرورياً لكل إنسان ، بل هو ضروري لتجار الاقمشة والورق ، فأصحاب المطابع يفرقون بين الورق الخشن والورق الأملس ، كما أن التجار يفرقون بين الأقمشة الصوفية والأقمشة القطنية .
وربما قيل ان كل ماله لمس فله في ذاته حركة . وهذا الامتزاج بين الحركة واللمس يجعل مفارقة اللمس للعناصر العضلية المحركة صعباً جداً ، إلا أن الاحساس بالخشونة والملاسة لا يقتضي الحركة اضطراراً ، وخير طريقة لتربية اللمس ان يجمع بينه وبين الاحساس العضلي ، وتنمية هذا الإحساس الأخير خير واسطة لاتقان الصناعات اليدوية .
( شکل - ۳۲ )
۱ - آلة لقياس عتبة الاحساس وسعته ٢ استزيو متر دو دبوس
٣ - حاسة الحرارة والبرودة :
- كان القدماء يقولون ان حاسة اللمس تدرك أمور الحرارة والبرودة ، ولكن علماء اليوم أثبتوا أن لأمور الحرارة والبرودة حاسة خاصة مستقلة عن حاسة اللمس . وذلك انك إذا نبهت بعض أطراف البدن بمؤثرات دقيقة ، عن وجدت أن الحساسية ليست منتشرة في جميع أجزائه على السواء ، وأن هناك نقاط منفردة تشعر بالحرارة والبرودة ، والثقل ، والضغط ، والألم ، وأن نقاط الحرارة مختلفة عن نقاط البرودة ونقاط الضغط . فإذا أردت أن تعين نقاط البرودة المس بعض النقاط العارية من الشعر ( كظهر اليد بين السبابة والابهام ) فتشعر أولاً بلمس ، ثم تشعر بعد قليل ببرودة .
وقد أثبت ( شارل ريشه ) استقلال حاسة الحرارة والبرودة ، عن حاسة اللمس بتجربته المعروفة . وذلك انه حقن ضفدعة بقليل من الستريكنين فضاعف إحساسها اللمسي ، وأفقدها الاحساس بالتضاد بين الحار والبارد ( ۱ ) . وهذا يدل على أن لهاتين الحاستين آلتين مختلفتين .
( شکل - ۳۳ )
نقاط الضغط والحرارة والبرودة
( نقاط الضغط سوداء ونقاط البرودة بيضاء ، أما النقاط الأخرى فهي نقاط الحرارة ) .
إن حاسة الحرارة والبرودة لا تطلعنا على حرارة الأجسام الخارجية وبرودتها إلا على سبيل الاضافة ، لأن حرارة الأجسام تابعة لحرارة البدن ، فقد يكون الشيء حاراً أو يكون بارداً ، إلا إن حرارته إضافية لا نطلع عليها إلا بواسطة البدن ،
فعلى الانسان أن يشك إذن في هذه الحاسة لأن البدن ليس مقياساً للحرارة .
٤ - حاسة الالم :
- قلنا عند البحث في شروط اللذة والألم ( ص - ٢٠٥ ) ان بعض العلماء يقررون وجود حاسة خاصة يطلقون عليها اسم حاسة الألم . ويمكننا تلخيص أدلتهم كما يلي :
١ - إن الاحساس بالألم متأخر عن الاحساس باللمس والاحساس بالحرارة والبرودة . وهذا يدل على استقلال احساس الألم عن هذين الاحساسين .
٢ - يمكن فصل إحساس الألم عن إحساس اللمس بحقن الجلد ببعض المواد . فاما أن يزول الاحساس بالألم ، ويبقى إحساس اللمس ، وأما أن يزول إحساس اللمس ويبقى إحساس الألم . وكل من هذين المثالين يدل على استقلال إحساس الألم عن غيره من الاحساسات .
٣ - إن الأعصاب الحسية الفاشية في الادمة ، أطرافاً مستقلة تدرك الألم . وقد أثبت العالم الفيسيولوجي ( فون فري Frey ) سنة ١٨٩٤ أن في ظاهر الجلد نقاطاً تدرك الألم كما أن فيه نقاطا لإدراك الحرارة والبرودة .
٤ - حاسة الحركة :
- وهي الحاسة التي نطلع بها على حركات أعضائنا وأوضاعها . والحركة أخت اللمس ، أو هي كما قال بعضهم أخت جميع الحواس ، وهي إما أن تكون حركة انتقال مكان إلى مكان ، وإما أن تكون حركة انقباض و انبساط في الأعضاء . من مثال ذلك حركات اليد ، والرجل ، . ، والاصابع ، انك تطلع عليها بحاسة الحركة . فسواء أكانت الحركة إرادية أم غير إرادية ، فاننا نطلع عليها بغير اللمس ، فنشعر بانبساط أصابعنا وإنقباضها بطريق المفاصل . أو بطريق الأعصاب المنتشرة في العضلات ، ويشبه أن تكون العضلات مركز الاحساس بالتعب ، والتقبض ، والتقلص ، والتشنج ، لأنها تشتمل على بعض الأعصاب الحسية ، ولكنها لا تنفرد وحدها بإحساس الحركة . إن في المفاصل وأغلفتها أعصاباً حسية تجعلنا نشعر أيضاً بالحركات المنفعلة التي لا تقتضي جهداً إراديا . فللحس العضلي إذن شأن في الحركات الارادية ، لأنها تقتضي جهداً عضليا ، أما الحركات التي تنشأ عن سبب خارجي فآلتها أعصاب المفاصل وأوتار العضلات . وجملة القول أن العلماء يسمون هذه الاحساسات عضلية كانت أو مفصلية حاسة الحركة ) Sens Kinesthesique ) . فحاسة الحركة هي إذن آلة الاطلاع على الجهد ، والتعب ، والتشنج ، والمقاومة . وفرقوا بين الاحساس بالمقاومة والاحساس بالضغط ؛ فقالوا إن الأول تابع لحاسة الحركة ، أما الثاني فتابع الحاسة اللمس .
تختلف الحركات باختلاف الأعضاء وباختلاف عدد العضلات المتحركة ، وقوتها ، وتعبها ، كما تختلف أيضاً باختلاف جهة الحركة ومدتها وشدتها .
إذا طويت ساعدي أحسست بحركة في جهة المرفق ، وإذا قبضت سبابتي كمن يريد أن يضغط زياد بندقية أحسست بتعب حادث عن تأثر المفاصل .
لحاسة الحركة تأثير عظيم في توليد تصور المكان ، ولا مجال لذكر هذا التأثير هنا ، لأننا سنعود اليه في فصل الإدراك . فلنقتصر الآن إذن على بيان خطورة هذه الحاسة من الوجهة العملية . إن لهذه الحاسة تأثيراً في إتقان الألعاب الرياضية ، والصنائع اليدوية . انظر إلى لاعب السيف كيف يحرك يده وهو يضرب خصمه . إنه يعرف درجة إنحناء ساعده من غير أن ينظر اليه . ثم أنظر إلى الزالج على الجليد كيف يدفع رجله إلى الأمام . انه يعرف أوضاع نعله واتجاهه ، ويعرف كيف يقرب رجليه ، وكيف يبعدهما ، وكيف يضغط بها فعله ، إن مركز جميع هذه الاحساسات هو مفصل الكعب فوق القدم .
إذا كانت حاسة الحركة غير تامية في الإنسان كان صاحبها أهلا لأن يكون حداداً أو حطاباً ، لا أن يكون جراحاً أو طبيب اسنان .
تعليق