أنواع الهوى .. الأهواء
٦ - أنواع الهوى
تنقسم الأهواء بوجه من القسمة إلى ثلاثة أنواع : الأهواء العالية ، والأهواء الخسيسة ، والأهواء المتوسطة ( ١ ) .
١ - الأهواء الخسيسة :
- أحسن مثال يدل على الأهواء الخسيسة هوى مدمن الخمر . ان أثر الارادة في تولد هذا الهوى سلبي لا ايجابي ، لأنها تتقهقر على طول الخط ، ولا تقاوم الميول والنزعات . يشعر شارب الخمر في أول الأمر بلذة وقوة ونشاط ، ثم يغيب عن الوجود فینسی شجونه وآلامه ، ثم تتولد العادة بعد ذلك بالتكرار والادمان . وإذا تولدت صارت شغلا شاغلا . ولذلك كان تولد هذا الهوى شبيها بتولد الأمراض ، لأنه ينشأ عن جرثوم يدخل النفس فيعشش فيها ، ويفرخ ، وينمو ، من غير أن يكون لنا علم بنتائجه المخيفة .
ولكن ما هي نتائج هذه الأهواء ؟
ينشأ عن هذه الأهواء آثار جسدية ونفسية معاً . ولنقتصر الآن على ذكر النفسية منها : الهوى يشوش النفس ، ويفسد نظام الحياة . يكون المرء في حالته الطبيعية معتدلاً ، بيهتم بزوجته وأولاده ، ويفكر في مهنته . وقد يكون عضواً في أحد الأحزاب فيهتم بسياسة بلاده وعمرانها ، ويشارك الجمهور في آرائه وأعماله . ولكنه إذا أصبح مدمن خمر ضاقت دائرة عمله وأضاع كل لذة في تعاطي مهنته ، وخسر كل ميل إلى الاطلاع والبحث ، ولم يبق له إلا رغبة واحدة ، هي شرب الخمر . إن هذا الهوى الخسيس شبيه بالفكرة الثابتة .
٢ - الأهواء العالية :
- مثال ذلك هوى العالم وميله الشديد إلى بعض الموضوعات . ان للارادة تأثيراً في منشأ هذا الهوى . والدليل على ذلك ان العالم كان في أول أمره جاهلا كغيره من عامة الناس ، ثم أخذ . يسعى لاكتساب المعرفة ، ولم يصبح ميله إلى البحث طبيعياً ، الا بعد ان بذل في سبيل ذلك جهداً عظيما . وهذا الجهد يقتضي أن يكون للارادة أثر في تولد هوى العالم . ولا بد دون الشهد من أبر النحل . وكذلك هوى الفنانين من مصورين وموسيقيين ، فهم لا يتوصلون الى اكتساب ملكاتهم الا بعد عدد كبير من التمارين المملة . ومعنى ذلك كله أن الأهواء المقلية والفنية لا تنمو إلا بمعونة الارادة ، وهي : تطرد الميول الأخرى بل تجمعها حول نقطة واحدة وتنميها . نعم انها تستولي على النفس ، ولكنها لا تبعثر الميول ، بل توحدها ، فتجري الحياة النفسية جرياً طبيعياً ، وتحافظ النفس على ألوانها المختلفة . ولا يتضخم من بين الميول كلها إلا ميل واحد ، يتسلط على غيره ، ويوحد الأفكار ، والعواطف ، والاحساسات ، من غير أن ينفرد وحده بالعمل . انظر الى رجل مولع ببعض المسائل العلمية أو السياسية أو الاجتماعية . انه يسمو الى أفق غير فقه الطبيعي . لأن هواه يغني نفسه ، ويولد فيها الحذق ، والفطانة ، والصبر . ويكسبه صفات لا عهد له بها من قبل .
٣ - الأهواء المتوسطة :
- إن بين هذين النوعين من الأهواء نوعاً ثالثاً يسمى بالهوى المتوسط . وهو لا ينشأ عن الاحساس فقط ، كالأهواء الخسيسة ، ولا يقتضى الاتصاف بقوة الارادة كالهوى العالي ، بل يتولد من الاحساس ، و من ملكة أخرى متوسطة بين الاحساس والتأمل ، وهي ملكة الخيال . مثال ذلك العشق ، فان العاشق يبدل صورة المعشوق بخياله ، ويسبغ عليه من نفسه حلة سحرية . إلا أن هذا التبديل ليس علة الهوى وإنما هو نتيجته . ولو بحثت عن العملة الحقيقية لوجدتها في العمل النفسي الخفي الذي خمر الميول وهيأها للتعلق بهذا الشخص دون غيره ، فاذا كانت النفس مستعدة للعشق وجدت في احساس بسيط أو صورة بصرية بسيطة واسطة لبلوغ قصدها فكأن هذا الاحساس مادة كيماوية ألقيت في سائل متحرك فجمدته بسرعة .
إن هذا الهوى يشبه النوع الأول من الأهواء ببعض صفاته فهو قسري ، لأن العاشق كثيراً ما يجهل . حبه ، فتتخمر ميوله وراء حجاب الشعور ، ثم تتفجر كالسيل ، فتوقف عمل الارادة . ثم أن العاشق يغار على معشوقه ولا يريد أن يشاركه فيه أحد ، ولا يفكر في غيره .
وكثيراً ما يكون العاشق أنانياً ، فيريد أن يكون الحب متبادلاً ، وإذا لم يبادله معشوقه بالحب طالب بحقوقه .
وقد يشتمل الحب على ميول شخصية كالرغبة في السيطرة ، أو على ميول شخصية غيرية كحب الذات ، وقد يكون اقتحاماً واستثثاراً وامتلاكا ، وعدوان ارواح على أرواح .
ثم ان هذا الهوى يشبه الأهواء العالية ببعض صفاته الأخرى . لأنه كثيراً ما يولد العزم والاقدام ، وحب التضحية ، والاخلاص . ولذلك قيل انه يغني النفس ، ويزيد قواها الأدبية .
٦ - أنواع الهوى
تنقسم الأهواء بوجه من القسمة إلى ثلاثة أنواع : الأهواء العالية ، والأهواء الخسيسة ، والأهواء المتوسطة ( ١ ) .
١ - الأهواء الخسيسة :
- أحسن مثال يدل على الأهواء الخسيسة هوى مدمن الخمر . ان أثر الارادة في تولد هذا الهوى سلبي لا ايجابي ، لأنها تتقهقر على طول الخط ، ولا تقاوم الميول والنزعات . يشعر شارب الخمر في أول الأمر بلذة وقوة ونشاط ، ثم يغيب عن الوجود فینسی شجونه وآلامه ، ثم تتولد العادة بعد ذلك بالتكرار والادمان . وإذا تولدت صارت شغلا شاغلا . ولذلك كان تولد هذا الهوى شبيها بتولد الأمراض ، لأنه ينشأ عن جرثوم يدخل النفس فيعشش فيها ، ويفرخ ، وينمو ، من غير أن يكون لنا علم بنتائجه المخيفة .
ولكن ما هي نتائج هذه الأهواء ؟
ينشأ عن هذه الأهواء آثار جسدية ونفسية معاً . ولنقتصر الآن على ذكر النفسية منها : الهوى يشوش النفس ، ويفسد نظام الحياة . يكون المرء في حالته الطبيعية معتدلاً ، بيهتم بزوجته وأولاده ، ويفكر في مهنته . وقد يكون عضواً في أحد الأحزاب فيهتم بسياسة بلاده وعمرانها ، ويشارك الجمهور في آرائه وأعماله . ولكنه إذا أصبح مدمن خمر ضاقت دائرة عمله وأضاع كل لذة في تعاطي مهنته ، وخسر كل ميل إلى الاطلاع والبحث ، ولم يبق له إلا رغبة واحدة ، هي شرب الخمر . إن هذا الهوى الخسيس شبيه بالفكرة الثابتة .
٢ - الأهواء العالية :
- مثال ذلك هوى العالم وميله الشديد إلى بعض الموضوعات . ان للارادة تأثيراً في منشأ هذا الهوى . والدليل على ذلك ان العالم كان في أول أمره جاهلا كغيره من عامة الناس ، ثم أخذ . يسعى لاكتساب المعرفة ، ولم يصبح ميله إلى البحث طبيعياً ، الا بعد ان بذل في سبيل ذلك جهداً عظيما . وهذا الجهد يقتضي أن يكون للارادة أثر في تولد هوى العالم . ولا بد دون الشهد من أبر النحل . وكذلك هوى الفنانين من مصورين وموسيقيين ، فهم لا يتوصلون الى اكتساب ملكاتهم الا بعد عدد كبير من التمارين المملة . ومعنى ذلك كله أن الأهواء المقلية والفنية لا تنمو إلا بمعونة الارادة ، وهي : تطرد الميول الأخرى بل تجمعها حول نقطة واحدة وتنميها . نعم انها تستولي على النفس ، ولكنها لا تبعثر الميول ، بل توحدها ، فتجري الحياة النفسية جرياً طبيعياً ، وتحافظ النفس على ألوانها المختلفة . ولا يتضخم من بين الميول كلها إلا ميل واحد ، يتسلط على غيره ، ويوحد الأفكار ، والعواطف ، والاحساسات ، من غير أن ينفرد وحده بالعمل . انظر الى رجل مولع ببعض المسائل العلمية أو السياسية أو الاجتماعية . انه يسمو الى أفق غير فقه الطبيعي . لأن هواه يغني نفسه ، ويولد فيها الحذق ، والفطانة ، والصبر . ويكسبه صفات لا عهد له بها من قبل .
٣ - الأهواء المتوسطة :
- إن بين هذين النوعين من الأهواء نوعاً ثالثاً يسمى بالهوى المتوسط . وهو لا ينشأ عن الاحساس فقط ، كالأهواء الخسيسة ، ولا يقتضى الاتصاف بقوة الارادة كالهوى العالي ، بل يتولد من الاحساس ، و من ملكة أخرى متوسطة بين الاحساس والتأمل ، وهي ملكة الخيال . مثال ذلك العشق ، فان العاشق يبدل صورة المعشوق بخياله ، ويسبغ عليه من نفسه حلة سحرية . إلا أن هذا التبديل ليس علة الهوى وإنما هو نتيجته . ولو بحثت عن العملة الحقيقية لوجدتها في العمل النفسي الخفي الذي خمر الميول وهيأها للتعلق بهذا الشخص دون غيره ، فاذا كانت النفس مستعدة للعشق وجدت في احساس بسيط أو صورة بصرية بسيطة واسطة لبلوغ قصدها فكأن هذا الاحساس مادة كيماوية ألقيت في سائل متحرك فجمدته بسرعة .
إن هذا الهوى يشبه النوع الأول من الأهواء ببعض صفاته فهو قسري ، لأن العاشق كثيراً ما يجهل . حبه ، فتتخمر ميوله وراء حجاب الشعور ، ثم تتفجر كالسيل ، فتوقف عمل الارادة . ثم أن العاشق يغار على معشوقه ولا يريد أن يشاركه فيه أحد ، ولا يفكر في غيره .
وكثيراً ما يكون العاشق أنانياً ، فيريد أن يكون الحب متبادلاً ، وإذا لم يبادله معشوقه بالحب طالب بحقوقه .
وقد يشتمل الحب على ميول شخصية كالرغبة في السيطرة ، أو على ميول شخصية غيرية كحب الذات ، وقد يكون اقتحاماً واستثثاراً وامتلاكا ، وعدوان ارواح على أرواح .
ثم ان هذا الهوى يشبه الأهواء العالية ببعض صفاته الأخرى . لأنه كثيراً ما يولد العزم والاقدام ، وحب التضحية ، والاخلاص . ولذلك قيل انه يغني النفس ، ويزيد قواها الأدبية .
تعليق