الميول العالية ، الميول الغيرية .. الميول والنزاعات .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الميول العالية ، الميول الغيرية .. الميول والنزاعات .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

    الميول العالية ، الميول الغيرية .. الميول والنزاعات

    ه - الميول العالية
    الميول العالية هي الميول العلمية والجمالية والخلقية ، وقد سميت عالية لانها تسمو بالانسان إلى المثل الأعلى ، فتحبب اليه الحقيقة ، والجمال ، والخير . ليس هدف هذه الميول تحصيل المنفعة الشخصية ، أو تحقيق منفعة الآخرين ، وانما هو بلوغ مثل أعلى مجرد يجاوز الأشياء المحسوسة ويترفع عن منافعها .

    قد يظن أن تعشق المثل العليا ليس ملازماً لطبيعتنا الفردية ، وأن الحياة الاجتماعية هي التي تولد فينا هذه المثل العليا بطريق الثقافة العلمية ، والتربية الفنية ، والتهذيب الأخلاقي . إلا أنه من الصعب علينا أن ننكر أن في الطبيعة الإنسانية ميلا غريزياً إلى الاستعلاء ، يقربها من الخاود ، ويسمو بها إلى حياة روحية مبرأة من كل طابع مادي . وكما يميل الانسان بطبيعته إلى الحقيقة والجمال و الخير ، فكذلك يكره الضلال والقبح والشر ، ويشمئز من الكذب ، ويسخر من الظلم .

    ولنبحث الآن في كل من هذه الميول على حدة .

    ۱ - حب الحقيقة :
    - إن حب الاستطلاع غريزي في الانسان . فالطفل يجد لذة في الاستطلاع ، والاختراع ، والفهم ، وقد يفك أجزاء آلة ليطلع على ما في داخلها ، ويؤلف الأساطير ، ويبني من الطين على الساقية سداً أو جسراً ، ويتخذ من الكراسي قطاراً ، ومن الشجرة محطة ، أن يفهم كل شيء ، فيدهش ، ويتحير ، ويسأل ، حتى لقد سمى ویرید علماء النفس من الطفولة بسن السؤال . وقد قيل إن الطفل شبيه في ذلك بالإنسان الابتدائي ، لأنه يؤلف الأساطير مثله ، فيملأ الكون بالأرواح ، وينسب إلى كل موجود حياة شبيهة بحياته الشخصية .

    ومـع أن غريزة الاستطلاع باقية في الانسان ما بقيت الحياة إلا أنها تتبدل بتبدل السن ومع والبيئة والتربية . وقد يظن أنها غير مقصودة بالذات ، بل مقصودة لشيء آخر غيرها . إلا أن هذه الغايات التي تتجه إليها مختلفة ، والواسطة هي هي . وهذا يدل على أن الانسان يطلب العلم لذاته ، فلا يميل إلى الإطلاع على الأمور ودرك حقائقها بدافع المنفعة ، بل بما وضع في جبلته من الغريزة التي ليس له فيها اختيار ولا حيلة .

    قال أحد فلاسفة العصر الحاضر ( ۱ ) : لم تخلق لنحبس في ذواتنا ، لأن دموعنا أغزر مما تحتاج إليه آلامنا ، وأفراحنا أعظم مما تقتضيه سعادتنا ، ولو انحصر الانسان في الأفق الضيق الذي تحدده المنفعة لاختنق من شدة التضييق عليه . ولذلك فهو يوسع أفقه بالحب والبغضاء ، يوسعه بالإطلاع ، والعلم ، والفلسفة ، والدين ( ۲ ) .

    والبحث عن الحقيقة مصحوب بكثير من العواطف ، كالميل إلى الشك ، والرغبة في اليقين ، والتلذذ بتذوق البراهين ، وغير ذلك من النزعات المكتسبة . إن في العلم قدسية ترفع النفس . فأي سرور زائل يعادل لذة التأمل ، وأي شوق يشبه اشتياق العالم إلى الخلود ؟ يرغب العالم في الاطلاع على حقائق الأمور بنفس متوقدة شوقاً وحنيناً وشوقه إلى الحقيقة شبيه باشتياق العاشق إلى المعشوق . العقل في كلتا الحالتين ، لا يعرف قبلة إلا قبلته ، والقلب في كلتا الحالتين سكران شغوف بما يشغله . مثال ذلك : إن ( ديكارت ) كشف عن طريقته في حال غيبة ، و ( داوي ) رقص في مخبره بعد الكشف عن البوتاسيوم .

    يدلك ذلك على أن الإطلاع على حقائق الأمور مصحوب بعواطف سماها العلماء ا بالمواطف الفكرية . وقد ميز بعضهم هذه العواطف عن غيرها بما فيها من الفتور . وقال انها فقيرة باردة لا تبعث على الحركة . والحق أن لهذه العواطف درجات ، والناس فيها متفاوتون . فقد يعرض الرياضي عن حل المسائل الرياضية ولا يحزن لاعراضه عنها . وقد قيل ان ( لاغرانج ) أصيب بالاشمئزاز من الرياضيات في الخامسة والأربعين من سنه ( ۱۷۸۱ ) واستمر على هذه الحال عشر سنوات كاملة . ولكن بعض العلماء لا يعوقهم عما يريدون عائق ، ولا يقطعهم عن مسائلهم شغل ولا مرض .

    والعواطف الفكرية الشديدة لا تتولد من الاستناد إلى الضرورات العقلية الموثوق بها ، ولا من نظم الأدلة وترتيب البراهين ، بل تنشأ عن ارتفاع حجاب الحس ، والكشف عن حقائق الأمور بالحدس وكلما كان الحجاب الذي يستر الحقيقة عنا اكثف كانت العواطف التي تتولد من هذا الإدراك الغامض أشد وأوضح .

    ونعتقد أن بين المواطف الفكرية والعواطف الدينية صلة قرية ، لان بعض العلماء يتطلعون إلى الحقيقة كما يتطلع المؤمن إلى خالقه إن في العلم لذة تشبه لذة العبادة ، لأن العالم ، إن درس أو بحث عن الحقائق الوضعية ، فهو إنما يبحث عن حقيقة يكلمها بلغة الايمان . يطلب منها العزاء والقوة والنشاط ، ويريد أن يجد فيها عذاب العشق وعذوبته ويتقرب منها خاشعاً ، منكسر النفس صاغراً . ويخيل إليه أنه يجب عليه أن يضحي بنفسه في سبيلها كما ضحى شهداء الديانات بنفوسهم ، ظناً منه أن العالم بطل من أبطال التاريخ ، أو ولي من أولياء الله .

    ولكن ما هي الحقيقة العلمية ؟ هي مجموع ما يستنبطه العالم من القوانين العلمية بالملاحظة والتجريب . فيكشف عن قانون سقوط الاجسام مثلاً ، وعن غيره من القوانين المشتبكة بعضها ببعض ، ويقول لنا : تلك هي الحقيقة الوضعية ، فأي جمال في قانون سقوط الاجسام ،

    لا بل أي جلال في قانون ضغط الغاز . ان الحقيقة التي يهيم بها العالم ليست عذبة بالذات ، بل بعذوبة زائدة على الذات . وقد يكون لحب المجد ، والطمع ، والشهرة ، تأثير في طلب الحقيقة ، إلا أن الحقيقة مستقلة عن الاشخاص ، والعالم الذي يطلب الحقيقة كل أيام حياته إنما يهيم بمثل أعلى انساني لا حد ولا نهاية له .

    ٢ - الميل الى الجمال :
    - لا نريد الآن أن نبحث في الحس الفني على وجه الاسهاب لاننا سنعود إلى هذا البحث في فلسفة الجمال . ونقتصر الآن على القول إن هذا الحس ينطوي على عامل عقلي ، وعامل انفعالي . لان الذوق إنما يتحققه الإنسان في نفسه بالعقل والتجربة ، إلا أنه ملازم أيضاً للفطرة الاصلية . لان الطفل يميز الالوان بعضها عن بعض بالفطرة ، ويتأثر بالنقرات والانغام ، . بالطبع ، ولا يزال هذا الحس ينمو فيه حق يبلغ سن الرشد ، فالإدراك ، والذاكرة ، والحكم ، والخيال ، واللغة ، كلها تؤثر في تطور الحس الفني . وتجعله متبدلاً بتبدل الاشخاص ، فمنهم من يميل إلى التصوير ، ومنهم من يميل إلى الموسيقى ويندر أن تجد رجلا لا يتأثر بلغة الفنون الجميلة ، لانها لغة العواطف .

    فالشاعر يصوغ المعاني التي توحي اليه بها عواطفه ، والموسيقار يسكب أنفاسه وعواطفه الملتهبة في صور من الالحان السحرية .
    وليس المثل الاعلى الذي يصفو له الذوق موجوداً في السماء ، بل هو مقيم على الارض في صدور الناس .
    والعواطف الفنية كثيرة ، منها محبة الجمال ، ومحبة العذوبة ، والسمو ، والروعة والجلال ، وتذوق المجازات والاستعارات والتشبيهات وغير ذلك من الموضوعات التي تتحق فيها صور الجمال .

    ٣ - العواطف الخلقية :
    - العاطفة الخلقية هي الشعور بالواجبات الخلقية التي يقر بها العقل ، أو هي شعور المرء بما يجب أن يكون عليه سلوكه .
    لسنا نريد الآن أن نسهب في الكلام على هذه العواطف ، لاننا سنعود في كتاب الاخلاق إلى البحث في تحليل الوجدان للكشف عن العواطف التي يتضمنها ، ولكننا نقول الآن في ذلك قولاً واحداً ، وهو أن هذه العواطف الخلقية ملازمة للطبيعة الانسانية ، وهي التي تصلها بالمثل الأعلى . إن الانسان يدرك الخير ويميل إليه ، وهذا الخير ، سواء أكان في اللذة أم في الفضيلة ، فإن الانسان لا يرغب فيه إلا لذاته ، لأنه إذا رغب فيه لشيء آخر غيره أصبح هذا الآخر اسمى من الأول .

    قال ( سبينوزا ) في كتاب الأخلاق : « نحن لا نرغب في الشيء لأنه حسن ، بل نستحسنه لأننا نرغب فيه ، فكأني به يريد أن يكون الخير أمراً شخصياً لا وجود له في حقائق الأشياء . على أنه قد يفهم من ذلك أيضاً أن القانون الأخلاقي يختلف باختلاف الأشخاص . ونحن نعتقد أن الخير ليس في الأشياء نفسها ، وإنما هو في النسبة التي بين الأشياء والإنسان ، وهو يتغير بتغير الأشخاص ، ويختلف باختلاف العصور . ومعنى ذلك كله أن للقواعد الأخلاقية أسا نفسية ، وأسسا اجتماعية ، وصلة بالأشياء الخارجية .

    وأول صورة للعاطفة الأخلاقية هي الشعور بالممنوع والمكروه فقد كانت الأشياء في الجماعات الابتدائية منقسمة إلى ممنوع و مطلوب ، وحرام و حلال ، فأدى وجود الممنوعات والمحرمات إلى إيقاظ شعور الانسان بشخصيته وارادته . لقد كان هذا المنع في الجماعات الابتدائية منعاً خارجياً ، فلما ارتقت الحياة الاجتماعية أدى ارتقاؤها إلى استبدال الرادع النفسي الداخلي بالمانع الخارجي ، وصارت النفوس ترجع عن غيها ، لا خوفاً من عقاب ، ولا طمعاً في ثواب ، بل لأن لها منها زاجراً .

    وبديهي أن استبدال الرادع الداخلي بالزاجر الخارجي مصحوب بكثير من العواطف الخلقية ، وهى في الواقع غير مستقلة عن تأثير البيئة الاجتماعية . بل تتبدل بتبدل الجماعات .

    وإذا كان التبدل يقتضي وجود شيء يتبدل ، كان لا بد من أن يكون وراء المواطف الأخلاقية المتبدلة . حس اخلاقي خاص بالانسان يمكنه من ادراك الخير . والدليل على ذلك أن الطفل بفطرته ميال إلى العدالة ، واحترام المقود وهو يقيد نفسه ، في العابه ، بقواعد يحترمها ، وأسس يسير عليها . ولا يصبح الميل إلى العدالة واضحاً إلا بتأثير التربية البيتية والمدرسية .

    ٤ - الحس الديني :
    - للعاطفة الدينية صور مختلفة . فالخوف الذي يشعر به الانسان الابتدائي في الأحراج المظلمة ، والخشوع الذي يحسه أمام الجبال العالية ، واللانهاية التي يامسها في البحر والصحراء ، والروعة التي يجدها في صمت الطبيعة بعد العاصفة ، كل ذلك صور من العاطفة الدينية ، لا تختلف ، في ماهيتها ، عن خشوع الايمان ، وروعة صور العبادة .

    وليس الحس الديني مؤلفاً من الخشية فقط ، وانما هو مؤلف من العطف والحب والثقة بالمعبود المؤمن يخشى الله ، ويحبه ، ويثق به . حق لقد قال ) هنري برغسون ) : إن معنى الايمان الثقة ، لا الخشية ، وإن العاطفة الدينية ليست في الأصل خوفاً ، وانما هي أمان من الخوف ( ۱ ) ، وتسمى هذه العواطف بالعامل الديني الانفعالي .

    وفي الحس الديني عامل عقلي أيضاً لأن الايمان كثيراً ما يكون مصحوباً بالتصورات والنظريات ، والآمال ، والأحلام .
    والعامل الثالث عامل فاعل لان الانسان يعبر عن عاطفته الدينية بالعبادات والطقوس .
    قال ( ويليم جيمس ) إن في الديانة عاملين :
    ١- العامل الاجتماعي ، وهو مجموع العبادات ، والطقوس ، والنظم .
    ۲ - العامل النفسي ، وهو مجموع العقائد الوجدانية ، وما يصحبها من التصورات والعواطف .

    الداخل إلى المعبد يمتحن ضميره ، ثم يصلي ، ويعترف أمام الله بما في نفسه من الأوهام والمتاعب . فيتراءى له أنه ماثل بين يدي خالقه ، وقد جاء ليخفف حزنه ، ويسكن شكواه . وما أكثر العواطف الشعرية التي تتولد في هذا الموقف . لان الاله القادر على كل شيء هو في الوقت نفسه إله الحب ، وإله الحكمة ، فيه تتحد الحقيقة بالجمال والخير ، فالإله اذن حق وجمال وخير ، وكما يوجد في الجمال خير وحق ، كذلك . يوجد في الحق جمال وخير . فالحياة الدينية غنية إذن بكل شيء ؛ لأنها ينبوع العواطف العذبة والأحلام اللذيذة ، وهي تجعلنا نشعر بأن بالقرب من هذا العالم المحسوس الفاني عالماً ثانياً ، لا يلمس باليد ، ولا يسمع بالاذن ، بل يدرك بالخيال ، نلجأ اليه في أيام الشقاء والحزن ، ونرى فيه كل شيء جميلا ونبيلا .

    ليست هذه العواطف الدينية وهما من الأوهام ، وإنما هي حقيقة واقعية ، وهي بالنسبة إلى المؤمن ، شعور بالمطلق واللانهاية ، تؤثر فيها الحياة الاجتماعية كما تتأثر بها ، حتى لقدبين علماء الاجتماع أن حياة الإنسان الإبتدائي حياة دينية محضة . وقال أحدهم إن الإنسان حيوان متدين ، أي أن العاطفة الدينية بالمعنى الواسع الذي ذكرناه عاطفة طبيعية .

    وقد أثرت هذه العاطفة تأثيراً عظيما في تنظيم الجماعات ، وردع العـــامة عن الشر ، ومكافحة الأنانية ، وخلق العاطفة الأخلاقية .

    وإذا ظن بعضهم أن البشرية ستستغني يوماً عن الدين الوضعي ، فإن العاطفة الدينية والشعور باللانهاية ، والتطلع إلى المثل العليا قد يصعب استئصالها من النفس ، وهي طبيعية كالعاطفة الجمالية ، والعاطفة الخلقية ، إلا أن صورها تتبدل بتبدل الزمان والمكان .
    لقد كانت العاطفة الدينية عند الأقوام الإبتدائية منحصرة في نطاق القبيلة ، فكان الإله المعبود إله القبيلة فقط ، وكان لكل قبيلة إله يختلف عن آلهة القبائل الاخرى . إلا أن ارتقاء الفكر البشري جعل الإنسان يفكر في إله واحد ، منزه عن النقص ، وصارت العاطفة الدينية جامعة بين الاجناس ، بعد أن كانت في الحياة الإبتدائية ، باعثة على التفرقة .

    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ٠٩.٤٠_1(2).jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	98.5 كيلوبايت  الهوية:	185407 اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ٠٩.٤٢_1.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	118.4 كيلوبايت  الهوية:	185408 اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ٠٩.٤٢ (1)_1.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	128.2 كيلوبايت  الهوية:	185409 اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ٠٩.٤٣_1.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	118.8 كيلوبايت  الهوية:	185410 اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ٠٩.٤٩_1.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	116.7 كيلوبايت  الهوية:	185411

  • #2
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ٠٩.٥٠_1.jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	107.2 كيلوبايت 
الهوية:	185413 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ٠٩.٥١_1.jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	143.2 كيلوبايت 
الهوية:	185414

    High tendencies, heterosexual tendencies... tendencies and conflicts

    E - High inclinations
    High inclinations are scientific, aesthetic, and moral inclinations. They are called high because they elevate man to the highest ideal, making him endear to truth, beauty, and goodness. The goal of these inclinations is not to achieve personal benefit, or to achieve the benefit of others, but rather to achieve an abstract ideal that transcends tangible things and rises above their benefits.

    It may be thought that the love of ideals is not inherent in our individual nature, and that social life is what generates these ideals in us through scientific culture, artistic education, and moral training. However, it is difficult for us to deny that in human nature there is an instinctive tendency towards arrogance, which brings it closer to the immortal, and elevates it to a spiritual life devoid of any material nature. Just as man is naturally inclined toward truth, beauty, and goodness, so he hates error, ugliness, and evil, disgusts lies, and mocks injustice.

    Let us now examine each of these tendencies separately.

    1- Love of truth:
    Curiosity is instinctive in humans. The child finds pleasure in exploration, invention, and understanding. He may disassemble the parts of a machine to see what is inside it, compose myths, build a dam or a bridge from the clay on the waterwheel, use the chairs as a train, and use the tree as a station, to understand everything, and he is amazed and puzzled. And he asks, so much so that psychologists from childhood have been called the age of questioning. It has been said that the child is similar in that to a primary human, because he composes myths like him, fills the universe with spirits, and attributes to every existing person a life similar to his personal life.

    Although the reconnaissance instinct remains in humans as long as life lasts, it changes with changes in age, environment, and upbringing. It may be thought that it is not intended specifically, but rather intended for something other than it. However, these goals towards which it is directed are different, and the means is the same. This indicates that a person seeks knowledge for his own sake, so he does not tend to learn about things and realize their facts out of benefit, but rather because of the instinct he has in him, over which he has no choice or trick.

    One of the philosophers of the present era (1) said: We were not created to be confined within ourselves, because our tears are more abundant than what our pain requires, and our joys are greater than what our happiness requires. If man was confined to the narrow horizon determined by benefit, he would suffocate due to the severity of the restrictions on him. Therefore, he expands his horizon with love and hatred, expanding it with knowledge, knowledge, philosophy, and religion (2).

    The search for truth is accompanied by many emotions, such as the tendency to doubt, the desire for certainty, the pleasure of savoring evidence, and other acquired tendencies. There is a sanctity in knowledge that elevates the soul. What fleeting pleasure is equivalent to the pleasure of contemplation, and what longing is similar to the world’s longing for eternity? The scientist desires to know the facts of matters with a soul burning with longing and longing, and his longing for the truth is similar to the longing of a lover for the beloved. The mind in both cases knows no kiss except its own, and the heart in both cases is drunk and passionate about what occupies it. For example: Descartes revealed his method during his absence, and Dawes danced in his laboratory after discovering potassium.

    This indicates that knowledge of the facts of matters is accompanied by emotions that scholars have called intellectual emotions. Some of them distinguished these emotions from others because of their apathy. He said that it was poor and cold and did not encourage movement. The truth is that these emotions have degrees, and people differ in them. An athlete may refuse to solve mathematical problems and not be sad because he refuses to do so. It has been said that Lagrange became disgusted with mathematics at the age of forty-five (1781), and he remained in this state for ten full years. But some scholars are not hindered by any obstacle from doing what they want, nor are they interrupted by work or illness.

    Intense intellectual emotions do not arise from relying on reliable rational necessities, nor from organizing evidence and arranging proofs. Rather, they arise from lifting the veil of senses and revealing the truths of matters through intuition. The denser the veil that hides the truth from us, the stronger and clearer the emotions that are generated from this mysterious perception. .

    We believe that there is a close connection between intellectual sentiments and religious sentiments, because some scholars aspire to the truth just as a believer aspires to his Creator. There is a pleasure in knowledge similar to the pleasure of worship, because if a scholar studies or searches for positive truths, he is only searching for a truth that he speaks to in the language of faith. He seeks solace, strength, and activity from her. He wants to find in her the torment and sweetness of love, and approach her in humility, with a broken soul and humility. He imagines that he must sacrifice himself for it, just as the martyrs of religions sacrificed their lives, thinking that the scholar is a hero of history, or a guardian of God.

    But what is scientific truth? It is the sum of the scientific laws that a scientist deduces through observation and experimentation. He reveals the law of the fall of bodies, for example, and other laws that interact with each other, and tells us: This is the positive truth, so what beauty is there in the law of the fall of bodies?

    No, there is no majesty in the law of gas pressure. The truth with which the world wanders is not sweet in itself, but rather with a sweetness in excess of the self. The love of glory, greed, and fame may have an impact on the pursuit of the truth, but the truth is independent of individuals, and the scientist who seeks the truth all the days of his life is guided by a human ideal that has no limit or end.

    2- The tendency towards beauty:
    We do not now want to discuss the artistic sense at length, because we will return to this research in the philosophy of beauty. We limit ourselves now to saying that this feeling involves a mental factor and an emotional factor. Because taste is achieved by a person in himself through reason and experience, but it is also inherent in the original nature. Because the child distinguishes colors from one another by nature, and is affected by clicks and melodies. Of course, this sense continues to grow in him until he reaches adulthood. Perception, memory, judgment, imagination, and language all affect the development of the artistic sense. You make it change as people change. Some of them are drawn to photography, others are drawn to music, and it is rare to find a man who is not influenced by the language of fine arts, because it is the language of emotions.

    The poet formulates the meanings that his emotions suggest to him, and the musician pours his breath and burning emotions into images of magical melodies.
    The ideal that purifies taste does not exist in heaven, but rather resides on earth in the hearts of people.
    There are many artistic emotions, including love of beauty, love of sweetness, sublimity, splendor and majesty, and appreciation for metaphors, metaphors, similes, and other topics in which images of beauty are achieved.

    3- Congenital emotions:
    Congenital emotion is the feeling of moral duties recognized by the mind, or it is a person’s feeling of what his behavior should be.
    We do not want now to dwell on these emotions, because in the book of ethics we will return to researching the analysis of emotions to uncover the emotions that they contain, but we will now say one thing about that, which is that these innate emotions are inherent in human nature, and they are what connect it to the ideal. Man perceives goodness and inclines toward it, and this goodness, whether it is in pleasure or virtue, man desires it only for its own sake, because if he desires it for something other than himself, this other becomes superior to the first.

    تعليق


    • #3
      Spinoza said in the book Ethics: “We do not desire a thing because it is good, but rather we approve of it because we desire it. It is as if he wanted goodness to be a personal matter that does not exist in the realities of things. However, it may also be understood from this that the moral law varies according to different people. We believe that goodness is not in the things themselves, but rather in the ratio between things and people, and it changes with the change of people, and differs according to different eras. The meaning of all of this is that moral rules have a psychological basis, social foundations, and a connection to external things.

      The first form of moral emotion is the feeling of the forbidden and the undesirable. Things in elementary groups were divided into the forbidden and the required, the forbidden and the permissible. The presence of the forbidden and the forbidden led to the awakening of man’s sense of his personality and will. In primary groups, this prohibition was an external prohibition. When social life advanced, its advancement led to the replacement of the internal psychological deterrent with the external one, and souls began to turn away from their wrongdoing, not for fear of punishment, nor for the hope of reward, but because they had a deterrent from it.

      It is obvious that replacing the internal deterrent with the external deterrent is accompanied by many innate emotions, which in reality are not independent of the influence of the social environment. Rather, it changes with the change of groups.

      If change requires the existence of something that changes, it must be behind the changed moral sentiments. A moral sense specific to man that enables him to realize the good. The evidence for this is that the child is naturally inclined towards justice and respecting the ruler, and he restricts himself, in his games, to rules that he respects and principles that he follows. The inclination towards justice does not become clear except through the influence of home and school education.

      4- Religious sense:
      Religious sentiment has different forms. The fear that primitive man feels in the dark forests, the reverence he feels before the high mountains, the infinity that he touches in the sea and the desert, and the awe that he finds in the silence of nature after a storm, are all forms of religious emotion that do not differ, in their essence, from the reverence of faith. And the wonderful images of worship.

      The religious sense is not only composed of fear, but rather it is composed of compassion, love, and trust in the deity. The believer fears God, loves him, and trusts him. It is true that Henri Bergson said: The meaning of faith is trust, not fear, and that religious emotion is not originally fear, but rather safety from fear (1), and these emotions are called the religious emotional factor.

      There is also a mental factor in the religious sense, because faith is often accompanied by perceptions, theories, hopes, and dreams.
      The third factor is an active factor because a person expresses his religious emotion through worship and rituals.
      William James said that there are two factors in religion:
      1- The social factor, which is the sum of worship, rituals, and systems.
      2 - The psychological factor, which is the sum of emotional beliefs and the perceptions and emotions that accompany them.

      The person entering the temple examines his conscience, then prays, and confesses before God the delusions and troubles within himself. It appears to him that he is in the hands of his Creator, and that he has come to alleviate his grief and calm his complaints. How many poetic emotions are generated in this situation. Because the Almighty God is at the same time the God of love and the God of wisdom, in whom truth is united with beauty and goodness. Therefore, God is truth, beauty, and goodness, and just as there is goodness and truth in beauty, so too. There is beauty and goodness in truth. Religious life is therefore rich in everything; Because it is the source of sweet emotions and delicious dreams, and it makes us feel that close to this tangible, mortal world is another world, which cannot be touched with the hand, nor heard with the ear, but rather perceived with the imagination, to which we resort in days of misery and sadness, and in which we see everything beautiful and noble.

      These religious emotions are not illusions, but rather they are a real reality, and for the believer, they are a feeling of absoluteness and infinity, and social life affects them as they are affected by them. So much so that social scientists have shown that the life of primary man is a purely religious life. Someone said that man is a religious animal, meaning that religious emotion in the broad sense we mentioned is a natural emotion.

      This emotion has had a great impact on organizing groups, deterring the public from evil, combating selfishness, and creating moral emotion.

      If some of them think that humanity will one day dispense with positive religion, then religious emotion, the feeling of infinity, and the aspiration for higher ideals may be difficult to eradicate from the soul. It is as natural as aesthetic emotion and moral emotion, except that its forms change with the change of time and place.
      The religious passion of the primary peoples was limited to the tribe. The worshiped god was the god of the tribe only, and each tribe had a god different from the gods of the other tribes. However, the advancement of human thought made man think of one God, beyond imperfection, and religious sentiment became unifying among races, after it had been a source of division in primary life.

      تعليق

      يعمل...
      X