العطف والرأفة ، الميول الغيرية .. الميول والنزاعات .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العطف والرأفة ، الميول الغيرية .. الميول والنزاعات .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

    العطف والرأفة ، الميول الغيرية .. الميول والنزاعات

    ٢ - العطف والرأفة
    - العطف هو القدرة على مشاركة الآخرين فيما يشعرون به . إن أبسط شكل للعطف هو العدوى ، وهي أن يكرر الفرد أفعال الآخرين ، وحركاتهم وأحوالهم تلقائياً دون تفكير وإرادة وتسمى عدوى الحركات والأفعال بالعدوى العضوية . وهي موجودة أيضا في عالم الحيوان ، كمثل الكلب الذي ينبح لدي سماعه نباح غيره من الكلاب . وكمثل الحشرات التي يقلد بعضها بعضاً تقليداً تلقائياً ، فتشترك كلها في عمل واحد . وقد دلت ملاحظات العلماء على أن العمل الفردي ينتشر من نحلة إلى أخرى ، فيشترك فيه لفيف من النحل . وأثبتوا أيضاً أن هذه العدوى أساس التعاون في عالم الحيوان . وكثيراً ما يبعث فرار جندي واحد على هرب رفاقه وانكسار الجيش كله . فالضحك والتثاؤب ، والسعال ، والتصفيق ، والمجاراة في السير ، كل ذلك ينتقل بالعدوى . و شبيه بذلك أيضاً ظواهر العدوى الموجودة في بعض الأمراض العصبية . فإذا أحدثت حركة أمام المريض أعاد تلك الحركة نفسها ، فيرفع يده اليسرى عندما ترفع يدك اليمنى ، كأنك مرآة حقيقية يقلد صورته فيها ، ولذلك سمي هذا التقليد بالتقليد و الشفاف ) لأن الشخص يعيد الحركة التي تحدثها أمامه ، كما يحاكي خيال المرآة حركات الواقف أمامها ، وإذا ألقى على هذا الشخص سؤال أعاده من غير أن يجيب عنه . وتسمى هذه الحالة بالصداء ( Echolalie ) لان الشخص يعيد الكلام الذي سمعه ، كالببغاء . إن المرض لم يخلق هنا شيئاً جديداً ، بل انتزع التصورات من النفس ليعيدها إلى حالتها الإبتدائية الخالية من التصور ، لقد كانت هذه التصورات المختلفة عقبة في سبيل التقليد وكان تصور حركة من الحركات في الحالة الطبيعية لا يبعث على إتيانها ، لان التصورات الاخرى الموجودة في النفس كانت تقيد تلك الحركة . وتمنع الجسم من القيام بها ، ولكن لما خلا ذهن المريض من التصور ازداد ميله إلى تقليد الاحوال التي يشاهدها عند غيره ، لان المرض يرجع الراشد إلى حالة الطفولة ، فالإنسان يميل إذن بفطرته إلى تكرار حركات الآخرين ،

    ويمكن الإنتقال من عدوى الحركات والافعال إلى عدوى الاحوال النفسية ، لقد رأينا في بحث الهيجان كيف يبعث تقليد الحركات الظاهرة على الشعور بما تنطوي عليه نفس المقلد ( ص - ٢٥١ ) وكيف يمكن توليد الخشوع بالركوع ، والخوف بالهرب ، ثم كيف ينتقل الخوف بالعدوى كما ينتقل الغضب والحزن والسرور ، وكما تدل العدوى العضوية على العطف الجسدي ، فكذلك تدل العدوى النفسية على العطف النفسي .

    ولنبحث الآن في شروط العطف والرأفة .

    العطف أصل الميول الاجتماعية كلها . فنحن نميل إلى مشاركة الناس في مسراتهم وأفراحهم ، وإلى مشاطرتهم آلامهم وهمومهم ، وقد ننسى نفوسنا لمحة من الزمن ، فلا نفكر إلا في الذين محضناهم الود والعطف والرأفة ، فنحب ما يحبون ، ونرغب فيما يرغبون فيه ، كان عواطفنا وعواطفهم قد امتزجت بعضها ببعض حتى اصبحت عواطف شخص واحد

    والعطف الحقيقى لا يقتضي المشاركة في الحزن والسرور فحسب ، بل يقتضي المؤازرة بالجهد والفعل ، فإذا اقتصرنا على الشعور بما غشي غيرنا من النوائب ، وبما أصابهم من حوادث الدهر كان عطفنا عطفاً كاذباً ، لان العطف الحقيقى يجعلني شريكك بالفعل ، لا دفع عنك ما دهمك ، وأنصرك على ما ألم بك .

    ولذلك كان العطف الحقيقي مؤلفاً من عنصرين أحدهما انفعالي ، والآخر فاعل ، فالإنفعالي هو الشعور بما عوا الآخرين من حوادث الدهر ، أما الفاعل فهو مؤازرتهم ومعاونتهم على تحمل ما ألم بهم من الشقاء .

    وكثيراً ما يتغلب هذا العنصر الانفعالي على العنصر الفاعل . مثال ذلك أن الحضارة الحديثة قد أدت إلى ارتقاء العواطف الغيرية حتى صار الإنسان شريك الانسان في الشعور بما حل به ، يسره • ابتهاج أخيه ، ويحزن لما يؤلمه ، ويشعر أن الانسان صديق الانسان في السراء والضراء ، لا فرق بين عربي وأعجمي ، ولا ميزة لأحدهما على الآخر . ولكن ارتقاء هذا العنصر الانفعالي لم يبعث على ارتقاء العنصر الفاعل ، لأن عطفنا على المساكين لا يتعدى طور الشعور بما أصابهم . قال ( موكسيون ) ( ۱ ) : ( لا يؤدي عطف الطبقات في أوربة إلا إلى إحسان سريع التقهقر أمام داعي التضحية ، فالأناني المثقف ليس عديم الشعور بالرأفة ، ولكنه لا يحمل نفسه ما يستطيع به تخفيف آلام الآخرين . وكم رجل حركته الرأفة ، فندب حظ المجرم البائس ، وتساقطت عبراته حزناً على الفقير المظلوم ، ومع ذلك فإن رأفته السطحية لم تبعثه على معاونة مواطنيه ، ولا على انقاذ أصدقائه من الخطر المحدق بهم .

    ما هي العوامل المؤثرة في العطف ؟

    إن العوامل التي تؤثر في العطف كثيرة نذكر منها ما يلي :
    آ - حالة الجملة العصبية : ان لعطفنا كما لغيره من انفعالاتنا علاقة بجملتنا العصبية ، وهو يتبدل بحسب نشاطها أو انحطاطها وركودها ، فتارة تبعثنا حالتنا العصبية على مشاركة الناس في حزنهم وسرورهم ، وتارة تجفف عواطفنا ، وتنضب ينابيع الرأفة الكامنة في قلوبنا .

    ب - تأثير المخيلة : للمخيلة تأثير في العطف لا يقل خطورة عن تأثير الجملة العصبية ، فكلما كان الخيال أوسع كان الشعور بما غشي اصدقاءنا من النوائب أشد ، وأوضح ، وأدعى إلى الاهتمام بهم ، ونحن لا نرثي إلا لحال الذين دهمهم من الحوادث ما دهمنا ، نحن اليهم ونعطف عليهم أكثر من غيرهم ، لأننا نحيي بالذاكرة صورة ماضينا ، و ، ونجسم بالمخيلة ما وقع لنا ، ونقابله بما نشاهد ، فتنبجس من قلوبنا عاطفة الرأفة والحنين ، وهذا يتطلب درجة عالية من الخيال والتفكير لا توجد للأطفال ، ولذلك كان الطفل دون الراشد في العطف على البؤساء ، وأقل منه حنيناً اليهم ، وتوجداً لهم . وقد يقسو على الحيوان والانسان ولا يدرك معنى الألم الذي سببه لهما . ولو وضعنا أمام رجلين صورة تمثل فقيراً انتقل من نعمى العيش إلى البؤس ، لاختلف كل منهما عن أخيه في إدراك معاني تلك الصورة . فاذا كان الأول واسع الخيال ، استعرض أحوال ذلك الفقير المسكين من البداية إلى النهاية ، وشاركه في كل دور من أدوار حياته فيا غشيه من الحزن ، وما حل به من الشقاء . وإذا كان ضيق الخيال اقتصر في تصوره على إدراك ما شاهده بحواسه ( ۱ ) .

    و المرء يهيجه منظر الحزن أكثر مما يؤثر فيه منظر النضارة والسعادة ، وتؤثر فيه الواقعات القريبة أكثر مما تؤثر فيه الواقعات البعيدة ، ويعطف على أقاربه وأحبابه أكثر مما يعطف على الغرباء . ولذلك كان الفراق في بعض الأحيان باعثاً على السلوان .

    ج -- تأثير المثل الأعلى : إن تطور العطف تابع أيضاً لتطور المثل الأعلى . فإذا كان المثل الأعلى القاسية كانت الرأفة متقطعة ، فلا تتغلب على القسوة برهة ، إلا لتنتصر القسوة عليها . لقد كان ( أخيل ) يبكي عند المساء على ذكرى والده ، فإذا هو يضحي في اليوم الثاني بأثني عشر رجلا من طروادة لروح ) بطر وقل ) . - وإذا كان المثل الأعلى يضع الحكمة فوق القوة كانت الرأفة أوسع نطاقاً وأكثر دواما واتصالاً . وهذا الانتقال من القسوة إلى الرحمة تجده بارزاً في اخلاق ابطال الأوديسة أيضاً . لا تنقلب الرأفة إلى محبة حقيقية إلا حينما يتطلع الناس إلى المثل العليا الانسانية ، ويتوقون إلى اعتبار الانسان أخاً للانسان في الواجبات والحقوق معاً .

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ٠٩.٣١_1(2).jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	148.5 كيلوبايت 
الهوية:	185390 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ٠٩.٣٣_1.jpg 
مشاهدات:	10 
الحجم:	120.2 كيلوبايت 
الهوية:	185391 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ٠٩.٣٤_1.jpg 
مشاهدات:	10 
الحجم:	119.9 كيلوبايت 
الهوية:	185392 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ٠٩.٣٥_1.jpg 
مشاهدات:	10 
الحجم:	146.3 كيلوبايت 
الهوية:	185393

  • #2
    Kindness and compassion, altruistic tendencies... tendencies and conflicts

    2- Kindness and compassion
    Compassion is the ability to share what others feel. The simplest form of sympathy is contagion, which is when an individual repeats the actions, movements and conditions of others automatically without thinking or will. Contagion of movements and actions is called organic contagion. It also exists in the animal world, such as a dog that barks when it hears other dogs barking. Like insects that imitate each other automatically, they all participate in one action. Scientists' observations have indicated that individual work spreads from one bee to another, with a group of bees participating in it. They also proved that this infection is the basis of cooperation in the animal world. The escape of one soldier often causes his companions to flee and the entire army to flee. Laughing, yawning, coughing, clapping, and keeping pace with walking are all transmitted by infection. This is also similar to the infection phenomena found in some neurological diseases. If you make a movement in front of the patient, he repeats that same movement, and he raises his left hand when you raise your right hand, as if you were a real mirror in which he imitates his image. This is why this imitation is called imitation and transparent) because the person repeats the movement you make in front of him, just as the imagination of a mirror imitates the movements of the person standing in front of it. He asked this person a question, which he repeated without answering it. This condition is called echolalia because the person repeats the words he heard, like a parrot. The disease did not create anything new here, but rather it took the perceptions from the soul to return it to its initial state devoid of perception. These different perceptions were an obstacle to imitation, and imagining one of the movements in the natural state did not encourage it to occur, because the other perceptions present in the soul were Restrict that movement. It prevents the body from doing it, but when the patient’s mind is devoid of imagination, his tendency to imitate the conditions that he sees in others increases, because the disease returns the adult to the state of childhood, so the person tends by nature to repeat the movements of others.

    It is possible to move from the contagion of movements and actions to the contagion of psychological states. We have seen in the study of agitation how imitation of apparent movements inspires a feeling of what is contained within the soul of the imitator (p. 251) and how reverence can be generated by bowing, and fear by fleeing, then how fear is transmitted by contagion just as anger is transmitted. Sadness and happiness. Just as an organic infection indicates physical compassion, so a psychological infection indicates psychological compassion.

    Let us now examine the conditions of kindness and compassion.

    Sympathy is the root of all social tendencies. We tend to share with people their pleasures and joys, and to share with them their pains and worries, and we may forget our own selves for a moment, so we only think about those whom we have embraced with love, kindness, and compassion. We love what they love, and desire what they desire. It is as if our emotions and their emotions have mixed with each other until they become emotions. One person

    True compassion does not only require participation in sadness and happiness, but rather requires support with effort and action. If we limit ourselves to feeling the misfortunes that have befallen others, and the events of time that have befallen them, then our compassion is false compassion, because true compassion makes me your partner in reality, and does not protect you from what has befallen you, and support you. For what happened to you.

    Therefore, true compassion was composed of two elements, one of which was emotional, and the other was active. The emotional one is feeling what others have suffered from the events of time, while the active one is supporting them and helping them bear the misery that befell them.

    This emotional element often overpowers the active element. An example of this is that modern civilization has led to the rise of altruistic emotions to the point that man has become a partner with man in feeling what has befallen him. He is pleased with his brother’s joy, saddened by what hurts him, and feels that man is a friend of man in good times and bad. There is no difference between an Arab and a non-Arab, and there is no advantage for either of them over The other. But the rise of this emotional element did not cause the rise of the active element, because our compassion for the poor does not go beyond the stage of feeling what has befallen them. Moxion (1) said: “The sympathy of the classes in Europe only leads to benevolence that quickly retreats in the face of the need for sacrifice. The educated selfish person is not devoid of compassion, but he does not carry within himself anything by which he can alleviate the pain of others. How many a man is moved by compassion, and the criminal’s lot is lamented.” The miserable man, and his expressions of sadness fell on the poor, oppressed person, yet his superficial compassion did not inspire him to help his fellow citizens, nor to save his friends from the danger facing them.

    What are the factors affecting affection?

    There are many factors that affect kindness, including the following:
    A - The state of the nervous system: Our compassion, like our other emotions, has a relationship with our nervous system, and it changes according to its activity or its decline and stagnation. Sometimes our nervous state encourages us to share with people in their sadness and happiness, and at other times it dries up our emotions and depletes the springs of compassion hidden in our hearts.

    B - The effect of imagination: Imagination has an effect on sympathy that is no less dangerous than the effect of the nervous system. The broader the imagination is, the stronger, clearer and clearer the feeling of the calamities that befell our friends, and calls for concern for them. We only pity the condition of those who have been affected by the accidents that have befallen us. We treat them and have compassion for them more than others, because we revive in memory an image of our past, and we embody in our imagination what happened to us, and we confront it with what we see, so the emotion of compassion and nostalgia rises from our hearts, and this requires a high degree of imagination and thinking that is not found in children, and therefore the child was inferior to the adult in compassion. For the miserable people, and he is less longing for them and caring for them. He may be cruel to animals and humans and not realize the meaning of the pain he caused them. If we put in front of two men a picture representing a poor person who has gone from a comfortable life to misery, each of them would differ from his brother in understanding the meanings of that picture. If the first person had a wide imagination, he reviewed the conditions of that poor person from beginning to end, and shared with him every stage of his life, as he was overwhelmed with sadness and the misery that befell him. If the imagination was limited, his imagination would be limited to perceiving what he saw with his senses (1).

    A person is aroused by the sight of sadness more than by the sight of freshness and happiness, and close events affect him more than distant events, and he is more compassionate toward his relatives and loved ones than he is toward strangers. Therefore, separation was sometimes a source of solace.

    C - The influence of the ideal: The development of compassion is also dependent on the development of the ideal. If the ideal of cruelty is intermittent compassion, it does not overcome cruelty for a moment, unless cruelty triumphs over it. Achilles was crying in the evening over the memory of his father, and on the second day he sacrificed twelve men from Troy to the spirit of Batr and Qal. If the ideal places wisdom above strength, then compassion will be broader in scope, more permanent, and more continuous. This transition from cruelty to mercy is also prominent in the morals of the Odyssey heroes. Compassion does not turn into true love except when people aspire to the highest human ideals and yearn to consider man as a brother to man in both duties and rights.

    تعليق

    يعمل...
    X