عبد الرحمن مهنا..إلى نبض الفن فيني .عائشة عجم مهنا يداك شعلة إبداع الخيال من ذاكرة .

إلى نبض الفن فيني ............. عائشة عجم مهنا

يداك شعلة إبداع الخيال
من ذاكرة خبرت الحياة ..
من الألام وبعض الفرح
نبشتِ ثقافة الدهر .
حكايا الأمم وأساطير الشعوب
من روح ذاكرة تعشقت الطيبة والحكمة مسامها .
من الأمثال وقصص الحياة
التي عاشت معك طوال السنين والأيام .
تفجرت بعد طول زمان ..
كينبوع خرج من قُمقُم مارد الفن فيك
فكنت عنواناً للفن .. والحب والسلام ..
أبدعت ... فأصبحت اُم الفن والفنانين يا أمي ..
ورحلت .....
فأسكنك الله فسيح جنانه والخلود ...
ذاكرة الروح لن تنساك يا أُمي ..
********************،*،*
دخل إلى الحيز الخاص بها بهدوء كمن يدخل إلى معبد .. تأمل بخشوع المتعبد المكان الذي خصص لها في بيت إبنها بدمشق ..كانت لوحاتها مفروشة حولها تُزين المكان كبساط من الفسيفساء . جال بنظراته يتأمل مشهداً فيه سحره الخاص .. عبر عنه بإيماءات من عينيه وحركة رأسه متمتماً ببضع كلمات عبر بها عن دهشته بسحر المكان الذي أضفته الفنانه على هذا الحيز الخاص بها ؛ وهي مستغرقة في عالم إبداعها .
إنتبهت إليه بعد أن فوجئت به .. أنه ليس إبنها ..
أشار إليها بالمتابعة وإبتسامة رضى تعلو وجهه .
تلقت الإشارة منه بخجل شرقي متواضع ؛ أمام سنحة وجه ؛ لم تعتد على رؤيته ؛ مُرحبةً به : أهلا إبني .. إرتبكت قليلاً وتابعت الرسم . إبتسامته أراحت دهشتها قليلاً لرجل غريب أقتحم خلوتُها مع أفاق خيال ذاكرتها .. تركت أقلام التلوين من يدها ..مرحبة به ثانية .. عُرف الضيافة يحتم عليها أن لا تهمل ضيفها ..أهلاً إبني ..لا تواخذني ..جلس أمامها وأخذ أقلام ألوانها يتأملها ومررّر أصابعه على ورقة رسمتها ...
قالت له : الله يُرزقه ؛ إبني جبلي ياهن . إبتسم كي يُشعرها أنه فهم عليها ..كان يتحدث العربية بصعوبة .لكنه يفهم العامية منها بشكل جيد . كان مديراً لعدد من المراكز الثقافية الإسبانية في أكثر من بلد عربي ..
بعد أن أشارت لحفيدتها الكبرى بتقديم واجب الضيافة .. بادرته بالحديث عن قصص رسوماتها وفاضت بالحديث .. شجّعها .. إبتساماته وإشراقة الرضى على وجهه وهو يهزّ برأسه .. كانت سعيدة جداً .. قالت له \ كعادتها عندما يرى أحداً رسومها \ : بس ما تضحك عليّ .. أنا عبّتسلى .
قال لها : كود كود .. هزّ برأسه كمن فهم عليها .
ودّعها بالهدوء الذي قابلها به .. ولم يدعها تقف لتودّعه ..
كان لهذا اللقاء ثمرة .. هو معرض للفنانة عائشه في معهد ثربانتس بدمشق . عام 2002
وقدّمها بهذه الكلمة في بروشور معرضها :

|| تنبثق الطاقة من الروح أحياناً ؛ أكثر ما تنبعث من الجسد ؛ والبرهان على ذلك لحظات تُشارك فيها عائشة عجم مهنا ؛ الرسامة التي تحمل الستة وثمانين عاماً ؛ والتي بدأت فقط بالرسم منذ مدة قصيرة ..
فهي تفرش لزائرها حشد من قصص الخيالة والوحوش والتنانين والشعراء والفرسان والمغنين والمحاربين والسيدات وغيرها .. بحيث تعرض له كل هذه الحكايا التي تحتفظ بها منذ الطفولة الأولى .. مُخزنة في مخيّلتها المشرقة الجليّة .
فأساطير ماقبل الإسلام ؛ وقصص القرأن الكريم والحكايا التي حدثها بها والدها في زمن لم يبقى فيه شاهد عليها إلا ماندر ..
تقفز كلها بين يديها الآن .. لترسمها وتخطها على أكثر أنواع الأوراق إختلافاً ؛ بدون كلل أو توقف للراحة ..
من الودّ أن ترى رسوماتها الفطريّة ؛ ولكن من الودّ أكثر أن تتأملها وهي في منزلها ترسم وتلّون على طاولتها ؛ طاولة تلميذة إبتدائية ؛ مع ألوانها ودفاترها ..
هالة من السلام والطيبة تحيط بعائشة ؛ وهي تنقل عدوى هذه الطيبة إلى كل من يُشاركها فضاءها.. ويكون من الشاكرين لها بغير حدود مَنْ تستقبله في هذا الحيز الخاص بها ..||
كارلوس بارونا
المدير السابق لمعهد ثربانتس بدمشق
"المركز الثقافي الإسباني"

\\\ الصور : بعدسة الفنان الضوئي محمود سالم \\\
التحية لجهودة المشكورة في متابعة الفنانه
خلال مسيرتها بعدسته الضوئية .