من أعلى اليمين: الكاتبة اللبنانية لينة كريدية ثم المترجم عبد الجليل العربي، ثم المفكر الإيطالي أمبرتو إيكو ثم الكاتبة السورية دعد ديب. وأسفل اليمين: الكاتبة الليبية زينب شاهين، والكاتبة البولندية أولجا توكارتشوك، والكاتب المغربي مصطفى لغتيري، والكاتب التونسي سفيان رجب (مواقع التواصل)
حصاد 2023.. أجمل الكتب التي بقيت راسخة في ذاكرة المبدعين
عبد المجيد دقنيش
باريس – "من لا يقرأ يعيش حياة واحدة حتى لو اجتاز السبعين، أما من يقرأ يعيش 5000 آلاف عام، القراءة أبدية أزلية"، تختصر هذه المقولة الجميلة للكاتب الإيطالي أمبرتو إكو القيمة الحقيقية للقراءة كمعين خصب نابض بالخيال والأفكار والمجازات، وكوكب خاص تستحيل فيه الكلمات والفواصل والقوافي والقصص حيوات جديدة مسكونة بالإبداع، ومسكوبة في المعرفة الموسوعية والتجارب الإنسانية التراكمية الثرية.
ولأن القراءة هي الوجه الآخر لعملة الكتابة النادرة، تبدو ملهمة ومحفّزة ومحرضة للكاتب ودافعه لتجاوز الإرث الأدبي الإنساني حتى يخلق مخيلته المتفردة الخاصة، ويحافظ على أسلوبه في الطيران بين أسراب الأجنحة الكثيرة.
ونحن نودّع سنة ونستقبل أخرى يُطرح سؤال عن أجمل الكتب التي بقيت راسخة في ذاكرة الكتاب والمبدعين، بعد عام من القراءة والبحث والتنقيب والكتابة، وتظل أبواب المعرفة والسؤال مشرعة بحثا عن إجابات طريفة، وحصاد أدبي وثقافي متميز، عن أجمل الكتب والقراءات التي بقيت عالقة في ذهن نخبة من الكتاب والمبدعين العرب في 2023، فضلا عن فعل القراءة وأثرها السحري في المبدع والإنسان عموما. فإلى الاستطلاع:
الكاتب لا شيء دون قراءاته
أشار الكاتب التونسي سفيان رجب أنه في سنة 2023 قرأ كثيرا من الكتب، بعضها للمرة الأولى؛ مثل: روايات الكاتبة البولونية أولغا توكارتشوك، التي شدّته روايتها المتميزة "كتب يعقوب"، وثمّة كتب أخرى أعاد قراءتها وأعاد اكتشافها؛ مثل: رواية "ملحمة الحرافيش" لنجيب محفوظ، وروايات الكاتب الإنجليزي كونراد، وروايات الكاتب الروسي ميخائيل بولغاكوف.
وأضاف قائلا "في هذه السنة قرأت كتبا أخرى في الشعر والفكر، لعل أهمها: كتاب "أطياف ماركس" لجاك دريدا، وهو كتاب ذكي وفيه إشراقات فكرية وفلسفية حارقة، وأشعار بسام حجّار التي عدتُ إليها من خلال أعماله الكاملة. قرأت كذلك كتاب سيوران الخطير "رسالة في التحلّل" بترجمة الشاعر التونسي آدم فتحي، وكتبا كثيرة أخرى بقيت أنوارُها في الذهن."
وأوضح أنه يشعر أنه عاش أكثر من 100 سنة في السنة التي انقضت، وذلك من مِنَح القراءة وهداياها الكثيرة.
وشدد صاحب رواية "قارئة نهج الدباغين" الواصلة أخيرا للقائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية، على أن طبيعة عمله كونه كاتبا تجعل القراءة تمثّل له النبع النابض للأفكار؛ لأنها ملهمة ومحفّزة للكاتب، ودافعه لتجاوز نفسه وتجاوز الإرث الأدبي الإنساني.
ويرى أن القراءة والكتابة هما الميزان الذي يقوم عليه النص الأدبي، ودونه يختلّ ويفقد قوّته وسلطته المعرفيّة، وهي مثل النحلة التي تقتات من الأزهار لتصنع عسلها، أو مثل الطائر الذي يبني عشّه من قشّ الحقل الذي يعيش فيه.
وذكر مقولة الشاعر الفرنسي فيرلان، "الذئب خراف مهضومة"، مشيرا إلى أن الإبداع هو قراءات مهضومة، ومفهوم التّناص الذي فهمه كثير من الكتّاب خطأ يعني هذه الجملة التي كتبها فيرلان.
وخلص سفيان رجب الى أن الكاتب لا شيء دون قراءاته، بشرط أن يمتلك ذهنا هضميّا بالأساس حتى لا يسقط في الانتحال والنقل، وأن تكون له مخيّلة واسعة حتى يحافظ على أسلوبه في الطيران بين أسراب الأجنحة الكثيرة.
تعليق