الميول والنزعات ، طبيعة الميول .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الميول والنزعات ، طبيعة الميول .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

    الميول والنزعات ، طبيعة الميول

    الميول والنزعات

    قلنا في تعليل اللذات والآلام أنها ناشئة عن الميول والنزعات ، وأن الانسان لا يطلع على هذه الميول مباشرة ، بل يدركها بوساطة اللذات والآلام ، لأنها خفية واللذات والآلام ظاهرة . وإذا جاوز الرجل الذي يلاحظ نفسه حدود اللذة والألم أتصل باللاشعور والظلمات ، و انقلب يقينه الحسي إلى فرض عقلي . ولذلك كان علماء النفس إذا أرادوا تصنيف الميول يصنفونها بحسب اللذات والآلام . فلا يزالون يضعون وراء كل لذة ميلا ، ووراء كل ألم نزعة حتى ينشئوا القوى الانفعالية ويصوروها بلغة الميول .

    وليس الميل قوة مستقلة عن غيرها من الأحوال النفسية ، وإنما هو حالة عامة تصحب جميع صور الفاعلية . وكثيراً ما يفرق العلماء بين الغرائز والميول ، إلا أنك تجد بعد التحليل أن الميول تنقسم إلى ثلاثة أقسام ، فمنها ما هو غريزي ، ومنها ما هو كبي مستفاد تكيفه العادة ، ومنها ما هو اختياري تقويه الارادة . مثال ذلك ان الأنانية قد تكون نزعة غريزية ، وقد تكون مكتسبة معتادة ، وقد تكون إرادية . فالبحث في الأنانية يرجع إلى دراسة كل من هذه الأقسام الثلاثة . وكذلك المطف فقد يكون غريزياً ، وقد يكون مستفاداً ومكتسباً ، وقد ينشأ عن تأمل واختيار . فليس الميل إذن قوة مستقلة عن الغريزة والعادة والارادة .

    والبحث في الميول الغريزية أدعى إلى الاهتمام من البحث في الميول المكتسبة ، لأن الميول المكتسبة تلقح بالميول الغريزية وتستند اليها . وهي غاية التربية ، لأن المربي في الغالب لا يخلق ميولاً جديدة ، بل ينمي الميول الغريزية أو يعمل على تحويلها .

    ١ - طبيعة الميول

    آ - طبيعتها الحيوية
    لا بد لكل كائن حي من حفظ توازنه في الداخل والخارج ، ولكن هذا التوازن لا يبقى على حال واحدة ابداً ، بل يتبدل بتبدل شروط البيئة . وكلما تبدلت هذه الشروط اضطر الكائن الحي إلى التكيف بحسبها . فتارة يكون تكيفه منفعلا وأخرى يكون فاعلا . فالمنفعل هو انقياد الكائن الحي الجميع شروط البيئة ، والفاعل هو اتخاذه هذه الشروط وسيلة لبلوغ غاياته . والحيوانات لا تستطيع أن تستفيد من شرائط البيئة ، إلا إذا حافظت على توازنها الداخلي بتغذية نسجها ، وتنظيم حركاتها ، وحفظ صورها ، واتساق وظائف أعضائها ، فالغذاء والتناسل هما سبيلا البقاء الفردي والبقاء النوعي . ولا بقاء للكائن الحي إلا إذا قامت جميع اعضائه بوظائفها . ويتولد من القيام بهذه الوظائف حاجات ضرورية لا بقاء للحياة إلا بها ، وهي . ما نسميه بالضرورات الموضوعية .

    كلما ارتقيت في مراتب الحياة ، من أفق أدنى إلى أفق أعلى ، تعددت الحاجات و تنوعت . أنظر إلى حاجات نبات وحيد الحجيرة تجدها مقصورة على التمثيل والتكاثر . أما النبات المالي ، فإن اختلاف أجزائه متناسب مع اختلاف وظائفه ، وتنوع حاجاته ، وكذلك إذا ارتقيت من نبات أدنى إلى نبات أعلى رأيت أن وظائف الحياة تزداد اشتباكا ، والحاجات تزداد تنوعاً وتعدداً ، حتى إذا انتقلت من آخر أفق من عالم النبات إلى أول أفق من عالم الحيوان ، رأيت ما لا عهد لك به من اشتباك الوظائف وتعدد الحاجات .

    والحيوان كما عرفه ارسطو ( نبات متحرك ) وهو ذو أعضاء ، ووظائف ، وحاجات جديدة لا توجد في الكائنات التي دونه كالحاجة إلى الحركة والفاعلية وغيرها . فينعكس أثر هذه الحاجات على النفس ، ويتولد من انعكاسها عليها ميول ونزعات كثيرة ، فالميل اذن صورة نفسية لحاجة طبيعية .

    ومما لا ريب فيه أن معرفة تركيب الجسد معرفة صحيحة تؤدي إلى معرفة حاجاته ونزعاته وميوله . ولا تتم هذه المعرفة إلا في علم الحياة ( البيولوجيا ) ، لأن هذا العلم يدرس تركيب النسج ، ويكشف عن وظائف الأعضاء ، ويبين حاجات الجسد ، وطبائعه ، وأنماط تغذيته ، وشروط بقائه .

    وأولى هذه الحاجات الحاجة إلى التنفس ، وهي من الحاجات التي لا نحس بها في الحالة الطبيعية ، لأن الهواء الذي تحتاج اليه الرئتان متوافر لهما بكثرة ، لا بل هو مجاني ، لكن إذا فسد الهواء ، وأحس المرء بضيق الصدر والإختناق ، اشتدت حاجته إلى التنفس .
    وثانية هذه الحاجات الحاجة إلى الأكل والشرب . وهي السبب في إحساسنا بالجوع والعطش ، ويتصل بها الميل عن الأشياء الضارة ، والشعور بالنفور والتقزز .

    ومنها الحاجة إلى البول والتبرز ، والحاجة إلى الإستدفاء في الشتاء والتبرد في الصيف . ومنها الحاجة إلى المشاركة ، والحاجة إلى تشغيل العضلات ، وتشغيل الحواس · كاللمس والشم والذوق ، والسمع ، والبصر . إن الطفل كثير الحركات ، فهو يمص ، ويلحس ، ويمضغ ويعض ، ويصرف بأسنانه ، ويضحك ، ويبتسم ، ويمكي ، ويركض ، ويستلقي على الأرض . وهذه الحركات تنضم إلى غيرها من المنازع ، فتولد الميل إلى اللعب ، والرياضة ، والرقص .

    ومن الحاجات الطبيعية الحاجة إلى الراحة بعد التعب ، والحاجة إلى النوم بعد السهر والحاجة الجنسية .

    إن ظهور الحاجة الجنسية متأخر على غيره ، مختلفة وهي عن الحب ، لأن الحب يقتضي تفضيل فرد على آخر من أفراد النوع . أما الغريزة الجنسية فلا تفرق بين الأفراد .

    اننا لا نشعر بالنزعات المطابقة لحاجاتنا الطبيعية ، إلا إذا كانت هذه الحاجات مما يمكن تأخير ارضائه ، كالحاجة إلى الأكل والشرب ، أو إلى المشاركة ، أو إلى التناسل . أما الحاجة إلى التنفس ، فإن تكررها على نمط واحد يبطل شعورنا بها .

    ب - طبيعتها النفسية
    لما كنا لا نستطيع الآن أن نرجع إلى علم الحياة لإستنباط الميول والنزعات من حاجات الجسد كان لا بد لنا من الإقتصار على البحث فيها من الوجهة النفسية .
    ولكن الميول كما بينا سابقاً حالات لا شعورية فكيف ندركها ؟ قلنا إنا نعرفها بآثارها كما نعرف القوى الكهربائية بظواهرها . فالميول غائبة عن العيان ، اما اللذات والآلام فهي دلالات صادقة ، واشارات ظاهرة تهدينا اليها . وكذلك الرغائب فهي احسن الظواهر النفسية دلالة على الميول ، لأنها تنشأ عن حاجة وشهوة ، فتدفع الإنسان إلى الفعل مثال ذلك ان الإنسان السوي لا يرغب في الطعام إلا عندما يشعر بالجوع . ومن منا يستطيع أن يعرف . أسباب رغائبه كلها ؟ ان في نفوسنا كثيراً من الرغائب التي لا نجد لها سبباً . الرغبة كما قال افلاطون ابنة ( فورس ) و ( فينيا ) ، أي ابنة الترف والفاقة ، فالترف أبوها والفاقة أمها . هذه تورثها الإحتياج ، وذاك يعللها بالآمال . ومع ذلك فإن الرغبة لا تدل دائماً على وجود ميل خفي وراءها ، وإذا دلت عليه لم يكن بينها وبينه نسبة صحيحة . فقد تكون الرغائب مبهمة ، وقد تكون وهمية كاذبة لا تنطبق على حقيقة ما تنطوي عليه النفس . وكثيراً ما يجهل الإنسان ما يرغب فيه ، وعلى الأخص في أيام الصبا ، حيث تشتبك الأماني وتختلط الأحلام . ومع أن الرغائب قد تكون واضحة ، فالخيال يبعثها على تغيير حقائق موضوعاتها . فالرغائب قد تكون إذن واضحة ، وتكون مع ذلك وهمية كاذبة ، وكثيراً ما يخيل إلى الإنسان ان الشيء الذي يرغب فيه شريف وسام ، ولكنه متى ظفر به ، وأدرك المني ، استولى عليه اليأس ، وساوره الغم ، وتساقطت آماله كأوراق الخريف ، لأنه يجد المثل الأعلى الذي كان يحلم به مخالفاً الواقع ، بعيداً عن الحقيقة ، فتؤلمه تلك السعادة الخيالية التي توهم وجودها وراء أحلامه .

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ٠٩.٠٥_1(2).jpg 
مشاهدات:	20 
الحجم:	109.0 كيلوبايت 
الهوية:	184501 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ٠٩.٠٧_1.jpg 
مشاهدات:	16 
الحجم:	112.8 كيلوبايت 
الهوية:	184502 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ٠٩.٠٨_1.jpg 
مشاهدات:	16 
الحجم:	106.4 كيلوبايت 
الهوية:	184503 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ٠٩.٠٩_1.jpg 
مشاهدات:	24 
الحجم:	160.7 كيلوبايت 
الهوية:	184504

  • #2
    Tendencies and inclinations, the nature of inclinations

    Tendencies and tendencies

    We said in explaining pleasures and pains that they arise from inclinations and inclinations, and that a person does not become aware of these inclinations directly, but rather perceives them through pleasures and pains, because they are hidden and the pleasures and pains are apparent. If the man who observes himself exceeds the limits of pleasure and pain, he comes into contact with the subconscious and the darkness, and his sensory certainty turns into a rational assumption. Therefore, if psychologists wanted to classify inclinations, they would classify them according to pleasures and pains. They still place an inclination behind every pleasure, and an inclination behind every pain, in order to create the emotional forces and portray them in the language of inclinations.

    Inclination is not a force independent of other psychological conditions, but rather it is a general condition that accompanies all forms of agency. Scientists often differentiate between instincts and inclinations, but after analysis you find that inclinations are divided into three categories: some of them are instinctive, some are major and learned, adapted by habit, and some are voluntary and strengthened by the will. For example, selfishness may be an instinctive tendency, it may be acquired and habitual, or it may be voluntary. Research into selfishness is due to the study of each of these three sections. Likewise, mattaf may be instinctive, it may be learned and acquired, or it may arise from contemplation and choice. Therefore, inclination is not a force independent of instinct, habit, and will.

    Research into instinctive inclinations calls for more attention than research into acquired inclinations, because acquired inclinations are fertilized with instinctive inclinations and are based on them. It is the goal of education, because the educator often does not create new inclinations, but rather develops instinctive inclinations or works to transform them.

    1- The nature of tendencies

    A - Its vital nature
    Every living being must maintain its balance inside and outside, but this balance never remains in one state, but rather changes with changes in environmental conditions. Whenever these conditions change, the organism is forced to adapt accordingly. Sometimes his adaptation is passive and at other times it is active. The passive is the organism’s compliance with all the conditions of the environment, and the active is its taking these conditions as a means to achieve its goals. Animals cannot benefit from the conditions of the environment unless they maintain their internal balance by nourishing their tissues, regulating their movements, preserving their forms, and coordinating the functions of their organs. Food and reproduction are the paths to individual survival and species survival. There is no survival for a living organism unless all its organs perform their functions. Performing these functions generates necessary needs without which life cannot survive, which are: What we call objective necessities.

    As you rise through the ranks of life, from a lower to a higher horizon, your needs multiply and diversify. Look at the needs of a single-chamber plant, and you will find that they are limited to representation and reproduction. As for the financial plant, the difference in its parts is proportional to the difference in its functions and the diversity of its needs. Likewise, if you rise from a lower plant to a higher plant, you will see that the functions of life become more closely intertwined, and the needs increase in diversity and multiplicity, until you move from the last horizon of the plant world to the first horizon of the world. Animal, you have seen the clash of functions and multiplicity of needs that you are not familiar with.

    The animal, as Aristotle defined it, is a “moving plant.” It has new organs, functions, and needs that are not found in creatures below it, such as the need for movement, activity, and others. The impact of these needs is reflected on the soul, and many inclinations and inclinations are generated from their reflection. So inclination is a psychological image of a natural need.

    There is no doubt that knowing the structure of the body correctly leads to knowing its needs, tendencies, and inclinations. This knowledge is only achieved in the science of life (biology), because this science studies the structure of tissues, reveals the functions of the organs, and explains the body’s needs, nature, patterns of nutrition, and conditions for its survival.

    The first of these needs is the need to breathe, and it is one of the needs that we do not feel in the normal state, because the air that the lungs need is available to them in abundance, and in fact it is free, but if the air is spoiled, and a person feels chest tightness and suffocation, his need to breathe intensifies.
    The second of these needs is the need to eat and drink. It is the reason we feel hungry and thirsty, and it is related to our inclination towards harmful things and feelings of repulsion and disgust.

    These include the need to urinate and defecate, and the need to keep warm in the winter and cool down in the summer. Among them is the need for participation, the need to operate the muscles, and the need to operate the senses, such as touch, smell, taste, hearing, and sight. The child makes a lot of movements. He sucks, licks, chews, bites, grinds his teeth, laughs, smiles, cries, runs, and lies on the ground. These movements join with other conflicts, generating the tendency to play, sports, and dance.

    Natural needs include the need to rest after being tired, the need to sleep after staying up late, and the sexual need.

    The emergence of the sexual need is later than the other, and it is different from love, because love requires preferring one individual over another member of the species. The sexual instinct does not differentiate between individuals.

    We do not feel the tendencies that correspond to our natural needs, unless these needs are something whose satisfaction can be delayed, such as the need to eat and drink, or to share, or to reproduce. As for the need to breathe, repeating it in one pattern invalidates our feeling of it.

    B - Its psychological nature
    Since we cannot now return to the science of life to deduce inclinations and tendencies from the needs of the body, we must limit ourselves to researching them from the psychological point of view.
    But tendencies, as we explained previously, are subconscious states, so how do we perceive them? We said that we know them by their effects, just as we know electrical forces by their phenomena. Inclinations are absent from sight, but pleasures and pains are true connotations and apparent indications that guide us to them. Likewise, desires are the best psychological phenomena that indicate inclinations, because they arise from need and desire, and they push a person to act. For example, a normal person does not desire food except when he feels hungry. Who among us can know? The reasons for all his desires? We have many desires in our souls for which we cannot find a reason. Desire, as Plato said, is the daughter of (Phorus) and (Phinea), that is, the daughter of luxury and want. Luxury is its father and poverty is its mother. This is caused by need, and the other is explained by hopes. However, desire does not always indicate the presence of a hidden inclination behind it, and if it does indicate it, there is no correct relationship between it and him. Desires may be vague, or they may be illusory and false and do not apply to the reality of what the soul contains. A person often does not know what he desires, especially in the days of youth, when wishes clash and dreams become mixed. Although desires may be clear, imagination prompts them to change the facts of their subjects. Thus, desires may be clear, and yet they are illusory and false, and a person often imagines that the thing he desires is honorable and noble, but when he achieves it and realizes his destiny, despair takes over him, sadness overtakes him, and his hopes fall like autumn leaves, because he finds the ideal that He dreamed of it contrary to reality, far from the truth, and he was hurt by this imaginary happiness that he imagined existed behind his dreams.

    تعليق

    يعمل...
    X