"قفزة أخرى": عن حصار الشباب الغزّي داخل القطاع وخارجه
يوسف الشايب
سينما
لقطة من فيلم "قفزة أخرى"
شارك هذا المقال
حجم الخط
في فيلمه "قفزة أخرى" (2019)، الذي عرض في سينما القصبة في مدينة رام الله، من بين عروض "يلّا غزة" (فعالية سينمائية تضامنية لمخرجين أجانب)، يسلط المخرج الإيطالي إيمانويل جيروسا الضوء على حكاية الشابين الفلسطينيّين، جهاد وعبد الله، اللذين أسسا فريق "غزة باركور". وفي حين بقي الأول في غزة، رحل الثاني إلى إيطاليا، ليعيش في منزل مهجور في ضواحي مدينة فلورنسا.
و"الباركور"، الذي هو مجموعة حركات الوَثب والقفز فوق الحواجز والموانع بأكبر قدر من السرعة والسلاسة بهدف الوصول إلى نقطة محددة، يعد فنّ التغلب على العقبات، ولكنه في قطاع غزة أكثر من ذلك بكثير: إنه شكل من أشكال البقاء، وتعزيز الصمود ببساطة، ففي جغرافيا قطاع غزة، حيث الحصار في كل مكان، تعد هذه الرياضة البهلوانية إحدى الطرق القليلة للشعور بالحرية: القفز، والدوران في الهواء، والمخاطرة.
وفي تغلغله لدواخل الشباب الفلسطيني الذي يمارس تلك الرياضة التي ظهرت لأول مرة في تسعينيات القرن الماضي، في شوارع الضواحي الباريسية الداخلية، وانتقلت إلى غزة عبر عبد اللـه، الذي هاجر من البلاد إلى إيطاليا لاهثًا وراء أحلامه بالشهرة وبمستقبل أفضل، يذهب بنا جيروسا بفيلمه الوثائقي "قفزة أخرى"، إلى حيث التناقضات، فيظهر الأمل بجوار الألم، والواقع إلى جانب الذكريات، بعيدًا عن الشعاراتية والبلاغة السينمائية الفارغة، وبكثير من الحساسية تجاه الوضع المؤلم والمحبط الذي يواجههم.
يتتبع الفيلم المصيرين المتعارضين للصديقين، جهاد وعبد الله، بحيث يعيش الأول في غزة، ويعتني بوالده المريض، ويحلم بالهروب من القطاع المحاصر إلى أوروبا، فيما تمكن الثاني من ذلك، وبات يعيش في إيطاليا، لكنه يحلم بالعودة إلى منزله يومًا ما.
أسس عبد الله فريق "غزة باركور" قبل سنوات عدة، وتولى جهاد قيادته عندما غادر صديقه القطاع مُهاجرًا، مع أنه لم يسامح عبد الله أبدًا على رحيله، حيث "كان من المفترض أن يغادرا معًا"، ولم يتحدثا منذ ذلك الحين.
وهكذا يستمر جهاد في تعليم الأطفال والمراهقين تحت أعين الطائرات الإسرائيلية بدون طيار، في حين أن عبد الله، الذي يريد أن يذهب إلى أبعد من ذلك، ويصبح رياضيًا محترفًا، يقرر المشاركة في مسابقة الباركور الدولية في السويد.
يرافق المخرج الإيطالي الشابين في مكانين مختلفين، ويقارب مصيريهما ونهاية أحلامهما، ارتباطًا بالأوضاع الكارثية التي يعيشها الفلسطيني في قطاع غزة.
تدنو كاميرات الوثائقي من اللاعبين خلال توقفهما عن الجري والقفز، بحيث تلامس دواخلهما، عبر الاستماع إلى حواراتهما وهواجسهما المعلنة، والمعبرة عن أسى وحزن لما هم فيه من حال، وتقترب أكثر وأكثر عبرهما من مدربهما "جهاد"، الذي ترك سفر صديقه وزميله "عبد الله" إلى إيطاليا أثرًا عميقًا وجرحًا كبيرًا في نفسه، وحزنًا على فريق بدأ بالتفكك بعده، وكان عليه إعادة اللحمة إليه من جديد، ورغم انتقاده لرفيق دربه، يسير على الدرب ذاته، ويسعى للحصول على تأشيرة إلى أوروبا كرياضي، وهو ما يتحصل عليه في نهاية المطاف، فيقرّر السفر بعيدًا عن "جحيم غزة"، التي كان يراها "مقبرة لأحلام الشباب"، رغم أنه المعيل الوحيد لوالده المقعد، ووالدته المتعبة، خاصة بعد زواج أشقائه الأكبر منه سنًّا.
وهذا الدنو لا يقتصر على فريق "الباركور" في قطاع غزة، فنراه يُبرز "عبد الله" في فلورنسا الإيطالية، وتحديدًا بالقرب من إحدى محطات قطارتها، وهو يتدرب على القفز، وعبور حواجز إسمنتية شديدة الخطورة، أو متجولًا في الأسواق باحثًا عن عمل يوفر له القليل للصمود، لا سيما لدى أصحاب المتاجر والمطاعم والمقاهي من الفلسطينيين والعرب هناك.
يلتقط الوثائقي تفاصيل صغيرة تكشف أوضاعه السيئة في البلاد التي حلم، بل وقاتل، من أجل أن يطأها بقدميه، بحيث يعيش داخل بيت مهجور، ويتواصل مع أهله في فترات متباعدة، مخفيًا عنهم حقيقة ما يُعانيه في غربته، ويتابع تطورات فريقه في غزة عبر رسائل هاتفية.
ما يؤرق الصديقين في غزة وفلورنسا هو الشعور بالغربة داخل الوطن وخارجه، وهو ما يتتبعه الفيلم في ما وراء الصورة والأحاديث البرّانية، فعبد الله يرفض العودة ويواصل العمل من أجل تحقيق ما هاجر لأجله، رغم شعوره بالوحدة والعزلة، فيما جهاد المحاط بالأهل والأصدقاء يشعر باغتراب داخل وطنه، وهو لا يستطيع تحقيق أحلامه في جغرافيا فلسطينية، يحاصرها الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من خمسة عشر عامًا، وتعيش عدوانًا تلو الآخر، وهو ما تبدى في الفيلم عبر توثيق "مسيرات العودة"، وما تخللها من جرائم أقعدت آلاف الشبّان واليافعين على كراسٍ متحركة تبعًا لإصاباتهم برصاص الاحتلال، أو شظايا قنابله الغازية، أو الصوتية، أو المتفجرة الموجهة إليهم مباشرة.
جهاد يركض ويقفز مع فريقه وسط الركام والهياكل العظمية للمباني التي قصفت في خانيونس، بينما يتدرب عبد الله في أنفاق محطة السكك الحديدية في فلورنسا، أو على ضفاف النهر... تجري الكاميرا خلفهما عن كثب وسط حركات بهلوانية تحبس الأنفاس، وتأثير مذهل وطاقة هائلة، لكن الوجوه الحزينة للبطلين هي حجر الزاوية الحقيقي لهذا الفيلم الوثائقي.
يُظهر الفيلم انعدام الآفاق، والشعور بالسجن، والرغبة في اكتشاف العالم من جهة، وصعوبات الاندماج، والحنين إلى الوطن، ومعرفة عدم القدرة على العودة أبدًا، من جهة أخرى.
وما يزيد من الحزن الغالب على أحداث الوثائقي الإيطالي، إبلاغنا، نحن المشاهدين، في ختام مسيرته، بنبأ تعرض عبد الله لحادث أثناء التدريب أدى إلى عجزه عن الحركة، فيما شلّ الاحتلال أحلام جهاد بمنعه من مغادرة قطاع غزة المحاصر، برغم حصوله على التأشيرة الحلم.
وبقدر ما هو فيلم ذو تأثير طاغ على مستوى السرد البصري، وتسلسل الأحداث رغم توزعها على جغرافيّتين، وأكثر من حياة، والقدرة على نقل شيء من يوميّات الحياة في قطاع غزة، فإن العمل البصري والأبعاد الجمالية لا تقل روعة، فالتصوير المدهش يظهر قدرة كبيرة، لا سيما وأن تصوير حركة الرياضيين يتطلب مهارات إضافية، باعتباره علمًا له قواعده وقوانينه في فنون التصوير السينمائي، بينما ساهم التعاطي بتقنية "البورتريه"، أي تقريب الكاميرا على وجهي عبد الله وجهاد، ومرافقيهم في "قفزة أخرى" في تزويد الفيلم بشحنة إشادة إضافية، تنعكس انبهارًا في دواخل المتلقين، وكانوا كثرًا عند عرضه في رام الله، ما بين فلسطينيين وأجانب من جنسيات متعددة.
يجسد جهاد وعبد الله تناقضات جيل من الفلسطينيين الذين أجبروا على العيش في غزة التي وصفتها النجمة الهوليوودية أنجلينا جولي مؤخرًا بـ"السجن المفتوح"، بحيث يشعرون بأنهم غرباء أينما ذهبوا، حتى في منازلهم، حيث اليأس يرافق ملامح وجوههم، وانطفاء ألق عيون كل من جهاد وعبد الله، اللذين اعتادا على أداء الشقلبات بين الأنقاض، وأعمدة الدخان، أو على مقربة من قطارات سكة الحديد.
لعل الـ"هنا" والـ"هناك" في فيلم "قفزة أخرى" هما محور أساسي فيه لا يمكن إهماله، حيث الـ"هنا" حاضرة في الحالتين، تمامًا كما الـ"هناك".
يوسف الشايب
سينما
لقطة من فيلم "قفزة أخرى"
شارك هذا المقال
حجم الخط
في فيلمه "قفزة أخرى" (2019)، الذي عرض في سينما القصبة في مدينة رام الله، من بين عروض "يلّا غزة" (فعالية سينمائية تضامنية لمخرجين أجانب)، يسلط المخرج الإيطالي إيمانويل جيروسا الضوء على حكاية الشابين الفلسطينيّين، جهاد وعبد الله، اللذين أسسا فريق "غزة باركور". وفي حين بقي الأول في غزة، رحل الثاني إلى إيطاليا، ليعيش في منزل مهجور في ضواحي مدينة فلورنسا.
و"الباركور"، الذي هو مجموعة حركات الوَثب والقفز فوق الحواجز والموانع بأكبر قدر من السرعة والسلاسة بهدف الوصول إلى نقطة محددة، يعد فنّ التغلب على العقبات، ولكنه في قطاع غزة أكثر من ذلك بكثير: إنه شكل من أشكال البقاء، وتعزيز الصمود ببساطة، ففي جغرافيا قطاع غزة، حيث الحصار في كل مكان، تعد هذه الرياضة البهلوانية إحدى الطرق القليلة للشعور بالحرية: القفز، والدوران في الهواء، والمخاطرة.
وفي تغلغله لدواخل الشباب الفلسطيني الذي يمارس تلك الرياضة التي ظهرت لأول مرة في تسعينيات القرن الماضي، في شوارع الضواحي الباريسية الداخلية، وانتقلت إلى غزة عبر عبد اللـه، الذي هاجر من البلاد إلى إيطاليا لاهثًا وراء أحلامه بالشهرة وبمستقبل أفضل، يذهب بنا جيروسا بفيلمه الوثائقي "قفزة أخرى"، إلى حيث التناقضات، فيظهر الأمل بجوار الألم، والواقع إلى جانب الذكريات، بعيدًا عن الشعاراتية والبلاغة السينمائية الفارغة، وبكثير من الحساسية تجاه الوضع المؤلم والمحبط الذي يواجههم.
يتتبع الفيلم المصيرين المتعارضين للصديقين، جهاد وعبد الله، بحيث يعيش الأول في غزة، ويعتني بوالده المريض، ويحلم بالهروب من القطاع المحاصر إلى أوروبا، فيما تمكن الثاني من ذلك، وبات يعيش في إيطاليا، لكنه يحلم بالعودة إلى منزله يومًا ما.
أسس عبد الله فريق "غزة باركور" قبل سنوات عدة، وتولى جهاد قيادته عندما غادر صديقه القطاع مُهاجرًا، مع أنه لم يسامح عبد الله أبدًا على رحيله، حيث "كان من المفترض أن يغادرا معًا"، ولم يتحدثا منذ ذلك الحين.
وهكذا يستمر جهاد في تعليم الأطفال والمراهقين تحت أعين الطائرات الإسرائيلية بدون طيار، في حين أن عبد الله، الذي يريد أن يذهب إلى أبعد من ذلك، ويصبح رياضيًا محترفًا، يقرر المشاركة في مسابقة الباركور الدولية في السويد.
يرافق المخرج الإيطالي الشابين في مكانين مختلفين، ويقارب مصيريهما ونهاية أحلامهما، ارتباطًا بالأوضاع الكارثية التي يعيشها الفلسطيني في قطاع غزة.
تدنو كاميرات الوثائقي من اللاعبين خلال توقفهما عن الجري والقفز، بحيث تلامس دواخلهما، عبر الاستماع إلى حواراتهما وهواجسهما المعلنة، والمعبرة عن أسى وحزن لما هم فيه من حال، وتقترب أكثر وأكثر عبرهما من مدربهما "جهاد"، الذي ترك سفر صديقه وزميله "عبد الله" إلى إيطاليا أثرًا عميقًا وجرحًا كبيرًا في نفسه، وحزنًا على فريق بدأ بالتفكك بعده، وكان عليه إعادة اللحمة إليه من جديد، ورغم انتقاده لرفيق دربه، يسير على الدرب ذاته، ويسعى للحصول على تأشيرة إلى أوروبا كرياضي، وهو ما يتحصل عليه في نهاية المطاف، فيقرّر السفر بعيدًا عن "جحيم غزة"، التي كان يراها "مقبرة لأحلام الشباب"، رغم أنه المعيل الوحيد لوالده المقعد، ووالدته المتعبة، خاصة بعد زواج أشقائه الأكبر منه سنًّا.
"يتتبع الفيلم المصيرين المتعارضين للصديقين، جهاد وعبد الله، بحيث يعيش الأول في غزة، ويعتني بوالده المريض، ويحلم بالهروب من القطاع المحاصر إلى أوروبا، فيما تمكن الثاني من ذلك، وبات يعيش في إيطاليا، لكنه يحلم بالعودة إلى منزله يومًا ما" |
وهذا الدنو لا يقتصر على فريق "الباركور" في قطاع غزة، فنراه يُبرز "عبد الله" في فلورنسا الإيطالية، وتحديدًا بالقرب من إحدى محطات قطارتها، وهو يتدرب على القفز، وعبور حواجز إسمنتية شديدة الخطورة، أو متجولًا في الأسواق باحثًا عن عمل يوفر له القليل للصمود، لا سيما لدى أصحاب المتاجر والمطاعم والمقاهي من الفلسطينيين والعرب هناك.
يلتقط الوثائقي تفاصيل صغيرة تكشف أوضاعه السيئة في البلاد التي حلم، بل وقاتل، من أجل أن يطأها بقدميه، بحيث يعيش داخل بيت مهجور، ويتواصل مع أهله في فترات متباعدة، مخفيًا عنهم حقيقة ما يُعانيه في غربته، ويتابع تطورات فريقه في غزة عبر رسائل هاتفية.
ما يؤرق الصديقين في غزة وفلورنسا هو الشعور بالغربة داخل الوطن وخارجه، وهو ما يتتبعه الفيلم في ما وراء الصورة والأحاديث البرّانية، فعبد الله يرفض العودة ويواصل العمل من أجل تحقيق ما هاجر لأجله، رغم شعوره بالوحدة والعزلة، فيما جهاد المحاط بالأهل والأصدقاء يشعر باغتراب داخل وطنه، وهو لا يستطيع تحقيق أحلامه في جغرافيا فلسطينية، يحاصرها الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من خمسة عشر عامًا، وتعيش عدوانًا تلو الآخر، وهو ما تبدى في الفيلم عبر توثيق "مسيرات العودة"، وما تخللها من جرائم أقعدت آلاف الشبّان واليافعين على كراسٍ متحركة تبعًا لإصاباتهم برصاص الاحتلال، أو شظايا قنابله الغازية، أو الصوتية، أو المتفجرة الموجهة إليهم مباشرة.
"جهاد يركض ويقفز مع فريقه وسط الركام والهياكل العظمية للمباني التي قصفت في خانيونس، بينما يتدرب عبد الله في أنفاق محطة السكك الحديدية في فلورنسا، أو على ضفاف النهر" |
جهاد يركض ويقفز مع فريقه وسط الركام والهياكل العظمية للمباني التي قصفت في خانيونس، بينما يتدرب عبد الله في أنفاق محطة السكك الحديدية في فلورنسا، أو على ضفاف النهر... تجري الكاميرا خلفهما عن كثب وسط حركات بهلوانية تحبس الأنفاس، وتأثير مذهل وطاقة هائلة، لكن الوجوه الحزينة للبطلين هي حجر الزاوية الحقيقي لهذا الفيلم الوثائقي.
يُظهر الفيلم انعدام الآفاق، والشعور بالسجن، والرغبة في اكتشاف العالم من جهة، وصعوبات الاندماج، والحنين إلى الوطن، ومعرفة عدم القدرة على العودة أبدًا، من جهة أخرى.
وما يزيد من الحزن الغالب على أحداث الوثائقي الإيطالي، إبلاغنا، نحن المشاهدين، في ختام مسيرته، بنبأ تعرض عبد الله لحادث أثناء التدريب أدى إلى عجزه عن الحركة، فيما شلّ الاحتلال أحلام جهاد بمنعه من مغادرة قطاع غزة المحاصر، برغم حصوله على التأشيرة الحلم.
وبقدر ما هو فيلم ذو تأثير طاغ على مستوى السرد البصري، وتسلسل الأحداث رغم توزعها على جغرافيّتين، وأكثر من حياة، والقدرة على نقل شيء من يوميّات الحياة في قطاع غزة، فإن العمل البصري والأبعاد الجمالية لا تقل روعة، فالتصوير المدهش يظهر قدرة كبيرة، لا سيما وأن تصوير حركة الرياضيين يتطلب مهارات إضافية، باعتباره علمًا له قواعده وقوانينه في فنون التصوير السينمائي، بينما ساهم التعاطي بتقنية "البورتريه"، أي تقريب الكاميرا على وجهي عبد الله وجهاد، ومرافقيهم في "قفزة أخرى" في تزويد الفيلم بشحنة إشادة إضافية، تنعكس انبهارًا في دواخل المتلقين، وكانوا كثرًا عند عرضه في رام الله، ما بين فلسطينيين وأجانب من جنسيات متعددة.
يجسد جهاد وعبد الله تناقضات جيل من الفلسطينيين الذين أجبروا على العيش في غزة التي وصفتها النجمة الهوليوودية أنجلينا جولي مؤخرًا بـ"السجن المفتوح"، بحيث يشعرون بأنهم غرباء أينما ذهبوا، حتى في منازلهم، حيث اليأس يرافق ملامح وجوههم، وانطفاء ألق عيون كل من جهاد وعبد الله، اللذين اعتادا على أداء الشقلبات بين الأنقاض، وأعمدة الدخان، أو على مقربة من قطارات سكة الحديد.
لعل الـ"هنا" والـ"هناك" في فيلم "قفزة أخرى" هما محور أساسي فيه لا يمكن إهماله، حيث الـ"هنا" حاضرة في الحالتين، تمامًا كما الـ"هناك".